السلالة الرعب الهندية: هل اجتاحت العراق فعلاً؟

مصطفى ملا هذال

2021-05-09 01:48

يصحى سكان الهند يوميا على عشرات المشاهد لحرق الجثث المصابة بالسلالة الهندية المتحورة، التي يطلق عليها "بي.1. 617" B.1.617) ، والتي تم رصدها أول مرة في البلاد بشهر نيسان الماضي، فلا تزال السلالة الجديدة تفتك بآلاف البشر دون القدرة على وقفها من الانتقال كالنار بالهشيم في الأجساد.

السلالة الجديدة تثير المخاوف لأنها تختلف عن السلالات السابقة كونها تمثل تحورا جديدا للفيروس، وبالتالي يصعب على الجهاز المناعي التعرف عليها وإنتاج أجسام مضادة لمقاومتها، كما ان خطورتها تزداد لأنها تقع في جزء مهم داخل البروتين الشائك للفيروس الذي يخترق الجهاز المناعي ويصعب التعرف عليه لمهاجمته، أضف الى ذلك ان السلالة الهندية تختلف عن السلالات الأخرى لأنها سريعة الانتشار والتكاثر داخل الجسم.

ولم تعلن منظمة الصحة العالمية أن السلالة الهندية "مثيرة للقلق" كما فعلت إزاء سلالات متحورة أخرى تم رصدها أول مرة في بريطانيا والبرازيل وجنوب إفريقيا، لكن المنظمة قالت في 27 أبريل إن تتبع تسلسل جينوم سلالة "بي.1. 617" يشير إلى معدل نمو أعلى من السلالات الأخرى في الهند.

على إثر ذلك أغلقت اغلب الدول قنوات التواصل مع الهند، وعلقت رحلاتها الجوية ومنعت رعاياها من السفر من والى الهند، لتقليل الخطر الذي يسببه الفيروس المتحور، لأنها لا تزال تعاني من آثار السلالات السابقة ولم تتمكن من الوقوف على حقيقتها، اذ تجري مراكز الأبحاث دراساتها لإيجاد اللقاحات التي تقضي عليه وليس التي تقلل من إمكانية الإصابة.

في العراق تشير الانباء الواردة الى وجود إصابة تم رصدها في محافظة ذي قار، ما يعني ان البلاد وفق الوضع الصحي الحالي مقبلة على كارثة صحية، وسط التخوف الكبير الذي زُرع في قلوب المواطنين من المصابين وغيرهم، مع تأخر الحصول على اللقاح في الأيام الأخيرة الماضية، مع استمرار الدعوات من قبل الجهات الصحية بضرورة الوصول الى المناعة المجتمعية أي تلقيح نسبة 70%، بالمئة من المواطنين.

يحق للمواطنين في العراق ان يصابوا بذعر بعد التحور الأخير الذي وصل اليه الفيروس، ذلك لعدة أسباب، منها عدم ثقة المواطنين بالمنظومة الصحية القائمة في البلاد، فهم يعلمون جيدا حالة الإهمال التي سينالها المريض عند رقوده في الردهات المخصصة لعزل المصابين.

طبعا هذا لا ينسف جهود بعض الجهات التي عملت على انشاء مراكز نموذجية لاحتواء المصابين بالفيروس، لكن تبقى هذه المراكز غير قادرة على استيعاب الاعداد المتزايدة بشكل يومي، مع اكتفاء حكومي بما تم بناءه، اذ يفسر ذلك العجز وحالة التخبط في التعامل مع الملف الخطير.

ما زاد الطين بلة حادثة مستشفى ابن الخطيب التي راح ضحيتها العشرات من الشهداء والجرحى، اذ عرّت النظام الصحي المتردي في العراق، ومدى الاستخفاف بحياة الافراد، الى درجة توقف إجراءات السلامة كافة في واحدة من أقدم المستشفيات في العاصمة بغداد، وتحتضن اعداد كبيرة من المصابين.

يضاعف من حالة الخطر والخوف هو تجاهل الإجراءات الاحترازية من قبل المواطنين، مثل التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامة، اذ تعد من أكثر العوامل التي تساعد او تؤدي الى انتقال السلالة الهندية عن طريق أحد الوافدين، وبالنتيجة الانتشار الواسع.

أضف الى ذلك حالة الصراع بين الدول المنتجة للقاحات، والاتهامات التي توجهها كل منها الى الأخرى، ما يجعل الحاجة قائمة والقلق يستمر في بعض الأحيان، لتأمين الاحتياجات اللازمة من اللقاح الفعّال، بعد اقناع الافراد على اخذه بصورة طوعية من قبل الجهات المعنية في البلاد.

فمتى تتولد القناعة المجتمعية لأخذ اللقاح؟، ومتى نرى الحكومة جادة في الاستعداد لمواجهة المتغيرات المحتملة لمواجهة الفيروس؟، أسئلة كثيرة تحتاج الى إيضاحات كبيرة من قبل المعنيين والمتصديين لهذا الملف الشائك والمعقد بالنسبة للعديد من الدول، بما فيها المتطورة في الجوانب الصحية فكيف بالعراق الذي يعاني من مشاكل جمة في القطاع الصحي؟

مازال مصير السلالة الهندية المتحورة غامضا أمام اللقاحات حتى يتم تحديد خصائصها ومدى قدرة لقاحات كورونا على مقاومتها، ولا يزال مصير العراق محيرا أيضا لمحاربة العدو الجديد الذي طوّر من نفسه وأعد العدة لمهاجمة البشرية مرة أخرى.

ذات صلة

استراتيجية وحدة المسلمين في مواجهة أعدائهمكاميلا هاريس خسارة الانتخابات أم خسارة القيم؟في تفسير ظاهرة تصادم النخب الثوريةحملة وطنية لمكافحة التصحّرالقطاع الخاص وحاجته للقوة الاكاديمية