لقاح كورونا: ماذا نعرف عن اللقاحات الصينية؟
عبد الامير رويح
2021-01-05 07:54
مع استمرار السباق العالمي لإنتاج لقاح خاص للوقاية من فيروس كورونا المستجد، أعلنت الصين أول دولة انتشر فيها هذا الوباء القاتل في نهاية 2019، أنها رخصت وبحسب "بشروط" بعض المصادر، لتسويق أول لقاح محلي لفيروس كورونا من إنتاج شركة "سينوفارم"، ليصبح ضمن مجموعة اللقاحات الأساسية التي تحارب الجائحة، موضحة أن نحو خمسة ملايين شخص ينتمون إلى فئات معرضة سبق وحقنوا بلقاحات مختلفة منذ الصيف.
وتطور الصين حاليا أربعة لقاحات باتت في المرحلة الأخيرة من التجارب، ثلاثة منها لقاحات خاملة يسهل نقلها وتوزيعها، خلافا للقاح فايزر على سبيل المثال، الذي يتطلب تبريدا بمستوى 70 درجة مئوية تحت الصفر. غير أن المختبرات الصينية لم تنشر حتى الآن دراسات تثبت فاعليتها. وقالت خبيرة الشؤون الصينية في معهد "لووي" الأسترالي ناتاشا قسام إن "قلة الشفافية في النظام الصيني أدت إلى تلقيح آلاف الأشخاص حتى الآن من غير أن تنشر بيانات التجارب السريرية".
وسبق أن واجهت صناعة الأدوية الصينية انتقادات شديدة بسبب فضائح تتعلق بلقاحات مغشوشة، ما قد يثني جهات أجنبية ترغب في شراء لقاحات. وقال البروفيسور المساعد، لويو داهي، من جامعة نانيانغ التكنولوجية " القاح الصيني يعتمد على طريقة أكثر تقليدية مجربة بنجاح في عدة لقاحات مشهورة". وأضاف البروفيسور: "لقاحات الحمض النووي الريبوزي تعتبر نوعاً جديداً من اللقاحات وليس هناك (حاليا) مثال ناجح على استخدام هذه اللقاحات بين البشر".
ومن الناحية النظرية، تكمن إحدى مزايا لقاح سينوفاك الرئيسية في إمكانية تخزينه في ثلاجة عادية في درجة حرارة تتراوح بين 2 و 8 درجات مئوية، مثل لقاح أكسفورد، المصنوع من فيروس تم تعديله وراثيا ويسبب نزلات البرد الشائعة لدى قرود الشمبانزي. وينبغي تخزين لقاح موديرنا في درجة حرارة -20، بينما يجب تخزين لقاح فايزر في درجة حرارة -70 . ويعني ذلك أن لقاح سينوفاك ولقاح أكسفورد-أسترازينيكا مفيدان أكثر بالنسبة إلى البلدان النامية والتي قد لا يكون في مقدورها تخزين كميات كبيرة من اللقاح في درجة حرارة منخفضة.
سيكون بإمكان شركة سينوفاك إنتاج 300 مليون جرعة في السنة في منشأتها الممتدة على مسافة 20 ألف متر مربع، حسب رئيس الشركة في تصريح لقناة CGTN الناطقة باللغة الإنجليزية. ومثلما هو الحال بالنسبة إلى اللقاحات الأخرى، يحتاج الفرد إلى جرعتين، الأمر الذي يعني أن هذا الإنتاج يكفي لـ150 مليون شخص في السنة.
ويشير محللون إلى سعي الصين للفوز بسباق دبلوماسية اللقاحات، والتي شهدت أيضا تعهد الرئيس الصيني، شي جينبينغ، بتخصيص 2 مليار دولار أمريكي لقارة أفريقيا، بينما تعهد بمنح قروض بقيمة مليار دولار إلى بلدان أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي لشراء اللقاحات. وليس من الواضح طبيعة الشروط التي قد تكون انطوت عليها الصفقة.
دبلوماسية اللقاح
التزاما منها بوعد الرئيس شي جينبينغ بشأن اللقاح الذي وصفه بأنه "منفعة عامة عالمية"، باشرت الصين توزيع اللقاحات في جميع أنحاء العالم ساعية إلى تلميع صورتها بعد عام على ظهور وباء كوفيد-19 على أراضيها. وفيما وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مرسوما يعطي الأولوية في تسليم جرعات اللقاحات إلى الأميركيين، يطرح نظيره الصيني نفسه على أنه مزود اللقاحات للدول الفقيرة.
وبالرغم من أنه لم يتم حتى الآن المصادقة رسميا على أي لقاح صيني ولا على أي لقاح في الصين، فإن بكين تضاعف عقود التزويد وباشرت حتى بناء مواقع إنتاج في الخارج، في وقت تفتح منظمة الصحة العالمية تحقيقا حول منشأ الفيروس. ورأى هوانغ يانتشونغ خبير مسائل الصحة العامة في "مجلس العلاقات الخارجية"، مركز الدراسات الأميركي، أنه "يظهر جليا أن الصين تتبع دبلوماسية اللقاح لترميم صورتها". كما اعتبر أنها "وسيلة لزيادة نفوذها وتسوية الخلافات الجيوسياسية".
ووقعت وزارة الخارجية الصينية على سبيل المثال اتفاقات لتوفير لقاحات للفيليبين وماليزيا على الرغم من أنها على خلاف معهما بشأن مناطق متنازع عليها في بحر الصين الجنوبي. كما وعدت بكين الدول الواقعة على ضفاف نهر ميكونغ (بورما ولاوس وكمبوديا وتايلاند وفيتنام) بإعطائها الأولوية في الحصول على اللقاح، إثر تعرضها لاتهامات بأن سدودها تسبب الجفاف في جنوب شرق آسيا.
في المقابل، امتنع الخصم الأميركي عن توزيع لقاحاته على دول العالم رغم التقدم الذي أحرزته مختبراته مثل فايزر وجونسون أند جونسون وموديرنا. كما أن واشنطن هي الغائب الأكبر عن "كوفاكس"، الآلية الدولية لتوزيع اللقاحات على الدول النامية وتم تشكيلها برعاية منظمة الصحة وانضمت إليها الصين في تشرين الأول/أكتوبر. ولن تغطي "كوفاكس" سوى حاجات 20% من سكان الدول النامية بحلول نهاية 2021، في حين أن الدول الغنية ستحصل على 50% من الإنتاج العالمي، بحسب ما أظهرت دراسة لمركز "غلوبال هيلث إينوفيشن سنتر" التابع لجامعة ديوك الأميركية.
وحددت الصين هدفا امتلاك قدرة لإنتاج مليار لقاح ضد كوفيد-19 ، وبإمكانها تقاسم مخزونها إذ نجحت في الحد من انتشار الفيروس على أراضيها. ولا تغيب الاعتبارات الاقتصادية عن هذا النهج الصيني. فحتى لو لم تتمكن الصين من الاستحواذ على أكثر من 15% من سوق اللقاحات في الدول الفقيرة، فهذا سيدر عليها مبيعات إجمالية بقيمة 2,47 مليار يورو، وفق حسابات مكتب "إيسنس سيكيوريتيز" للتداول في البورصة في هونغ كونغ. وقال أحد محللي المكتب "الكل يطالب بلقاح، وبكين في موقع يتيح لها تحقيق ثروة سهلة".
وتتطلب حملة التلقيح العالمية مواقع تخزين تضمن تبريد شحنات اللقاحات، وهذا كفيل برأي كيرك لانكاستر من مجلس العلاقات الخارجية، بإنعاش "طرق الحرير الجديدة"، الخطة الصينية الضخمة لإنشاء مشاريع بنى تحتية عبر العالم، بعدما أضعفها تفشي الوباء. وقامت شركة علي بابا الصينية العملاقة للتجارة الإلكترونية منذ الآن ببناء مستودعات في إثيوبيا ودبي ستستخدم كمراكز توزيع لإفريقيا والشرق الأوسط. كما تبنى بكين مواقع إنتاج في البرازيل والمغرب وإندونيسيا، وهي بلدان شاركت في التجارب السريرية للقاحات صينية. بحسب فرانس برس.
وعلى صعيد التمويل، وعدت الصين بمنح قروض بقيمة مليار دولار لدول أميركا اللاتينية لتمكينها من شراء لقاحات. وقال لانكاستر إن "هذه الجهود المعروفة بتسمية طرق الحرير الصحية تساعد الصين على تلميع صورتها، مع فتح أسواق أمام شركاتها". وتقتصر الطلبات المسبقة التي تلقتها مختبرات "سينوفاك" و"سينوفارم" التي تعتبر أبحاثها الأكثر تقدما، على أقل من 500 مليون جرعة لقاح حتى منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، وفق مكتب "إيرفينيتي" البريطاني، مقابل تلقي شركة "أسترازينيكا" البريطانية طلبات على 2,4 مليون جرعة من اللقاح الذي طورته بالاشتراك مع جامعة أوكسفورد.
لقاح فعال
على صعيد متصل أعلنت مختبرات سينوفارم الصينية أن أحد لقاحاتها ضد كوفيد-19 فعال بنسبة 79 بالمئة، وهو رقم أقل من تلك التي أعلنتها منافستاها الأمريكيتان فايزر وموديرنا. و"سينوفارم" هي أول شركة صينية تعلن أرقاما تتعلق بفاعلية لقاح يجري إعداده. ومع ذلك بدأت السلطات الصينية في تطعيم أكثر من مليون شخص بمنتجات لم تصادق عليها رسميا بعد. وقالت الشركة في بيان أن اللقاح الذي تعده مختبرات "سي ان بي جي" في بكين فعال بنسبة 79,43 بالمئة.
وهذه النسبة أقل من تلك التي تحدثت عنها فايزر/باينتيك للقاحها (95 بالمئة) وموديرنا (94,1 بالمئة). من جهتها، قالت الشركة البريطانية أسترازينيكا شريكة جامعة أكسفورد إن فاعلية لقاحها تبلغ سبعين بالمئة لكن يمكن أن يصل إلى مئة بالمئة بجرعتين. وخصصت الصين حيث ظهر فيروس كورونا المستجد قبل عام موارد هائلة لتطوير لقاحات وعدت بجعلها "سلعة عامة عالمية". واضطرت الدولة التي أوقفت انتشار الوباء عمليا على أراضيها، إلى إجراء اختبارات سريرية في بلدان أجنبية حيث لا يزال الفيروس ينتشر بقوة.
وهناك خمسة لقاحات صينية في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية. ولم تحدد "سينوفارم"ما إذا كانت التجارب اكتملت لهذا اللقاح الأول. وقالت المجموعة إنها تقدمت بطلب للموافقة على هذا اللقاح الأول لدى السلطات الصينية. واللقاح الصيني (كورونافاك) يعمل من خلال استخدام جزيئات فيروسية ميتة لتعريض النظام المناعي في الجسم إلى الفيروس بدون حدوث رد فعل خطير. وينتمي لقاح موديرنا ولقاح فايزر إلى نوع آخر يعتمد على الحمض النووي الريبوزي (mRNA) - ويعني ذلك أن جزءا من الشيفرة الجينية لفيروس كورونا يتم حقنه في الجسم، الأمر الذي يحفز الجسم على البدء في إنتاج البروتينات الفيروسية، وهذا المقدار كاف لتدريب النظام المناعي.
وفي أوائل عام 2020، أنشأ معهد بكين للمنتجات البيولوجية لقاحا لفيروس كورونا باسم "BBIBP-CorV"، وتم وضعه في وقت لاحق في التجارب السريرية من قبل شركة "سينوفارم" الصينية المملوكة للدولة، هذا اللقاح تمت الموافقة عليه بشكل رسمي، وستبدأ دول عالمية باستخدامه للتطعيم، على خطى الإمارات والبحرين اللتان بدأتا بالفعل استخدامه.
ويعمل لقاح "سينوفارم" عن طريق دفع الجهاز المناعي للإنسان لصنع أجسام مضادة لفيروس كورونا، والتي ترتبط بالبروتينات الفيروسية، مثل ما يسمى بالبروتينات الشوكية التي ترصع سطح الفيروس. ولإنتاج اللقاح، أحضر الباحثون في معهد بكين 3 أنواع من فيروس كورونا، من المصابين في المستشفيات الصينية، بالإضافة إلى فيروس متحور يستطيع التكاثر، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
ولدى إنتاج الباحثين لمخزونات كبيرة من فيروسات كورونا، قاموا بصبّها بمادة كيميائية تسمى بيتا بروبيولاكتون، وقام المركب بتعطيل فيروسات كورونا عن طريق الارتباط بجيناتها، ولم يعد بإمكان فيروسات كورونا المعطلة التكاثر. ثم قام الباحثون بسحب الفيروسات المعطلة وخلطها بكمية ضئيلة من مركب قائم على الألومنيوم كمادة مساعدة، لتحفز هذه المواد المساعدة جهاز المناعة لتعزيز استجابته للقاح، حسبما أشارت الصحيفة.
ونظرا لأن الفيروسات في اللقاح أصبحت معطلة وغير حية، أصبح بالإمكان حقنها في الجسم دون التسبب بالإصابة. وبمجرد دخولها الجسم، يتم ابتلاع بعض الفيروسات المعطلة بواسطة نوع من الخلايا المناعية. وتمزق الخلية المناعية الفيروس التاجي وتعرض بعض شظاياه على سطحها، ويمكن أن تساعد في تجنيد الخلايا المناعية الأخرى للاستجابة للقاح.
وبمجرد التطعيم بلقاح سينوفارم، يمكن لجهاز المناعة الاستجابة لعدوى فيروسات كورونا الحية، حيث تنتج الخلايا المناعية أجساما مضادة تستهدف "بروتين سبايك"، مما يمنع الفيروس من دخول الخلايا، وقد تمنع أنواع أخرى من الأجسام المضادة الفيروس بوسائل أخرى. وأظهرت التجارب السريرية لشركة سينوفارم أن لقاحها يمكن يحمي الناس من الإصابة بفيروس كورونا، لكن لا أحد يستطيع حتى الآن تحديد مدة استمرار هذه الحماية.
يصعب تحديد درجة فعالية اللقاح في هذا الوقت. وحسب الدورية العلمية "ذي لانسيت"، فإننا لا نحصل حاليا سوى على معلومات مستقاة من تجارب المرحلة الأولى والمرحلة الثانية من لقاح "كورونافاك". وقال زهو فينشي، أحد معدي الورقة البحثية، إن هذه النتائج - المستقاة من 144 مشاركا في المرحلة الأولى من التجارب و600 مشارك في المرحلة الثانية من التجارب - تعني أن اللقاح "صالح للاستخدام الطارئ".
وفي سبتمبر/أيلول، قال يين، من شركة سينوفاك، إن الاختبارات شملت أكثر من 1000 متطوع، "وبعضهم أظهروا إجهادا بسيطا أو شعورا بعدم الراحة...ليس أكثر من 5 في المئة". وبدأت الشركة المرحلة الأخيرة من التجارب في البرازيل - التي سجلت ثاني أعلى حالات الوفيات من جراء الوباء في العالم، في أوائل شهر أكتوبر/تشرين الماضي. وتم وقف هذه التجارب لفترة قصيرة في نوفمبر/تشرين الثاني بعد وفاة أحد المتطوعين، لكنها استأنفت نشاطها بعدما اتضح أن الموت لا علاقة له باللقاح.
من جانب اخر أظهرت بيانات تركية أولية من تجارب المرحلة الأخيرة على لقاح لشركة سينوفاك بيوتك الصينية للوقاية من فيروس كورونا أن فاعلية اللقاح تبلغ 91.25 في المئة، وذلك في بيانات أفضل كثيرا من نتائج تجارب منفصلة على نفس اللقاح في البرازيل. وكان باحثون في البرازيل، التي تجري هي الأخرى المرحلة الأخيرة من التجارب، قد قالوا إن التطعيم أثبت فاعلية بأكثر من 50 في المئة، لكنهم لم يفصحوا عن النتائج الكاملة للتجربة بناء على طلب الشركة مما أثار تساؤلات بشأن الشفافية.
وقال الباحثون الأتراك، وهم جزء من مجلس العلوم الحكومي، إنهم لم يرصدوا أعراضا جانبية كبيرة أثناء تجارب اللقاح باستثناء شخص واحد عانى من حساسية. وأوضحوا أن الآثار السلبية الشائعة الناجمة عن التطعيم باللقاح كانت الحمى والشعور بآلام متوسطة وبعض التعب. وبدأت تجربة اللقاح في تركيا يوم 14 سبتمبر أيلول وشملت أكثر من 7000 متطوع، وقال الباحثون إن النتائج التي أعلنت تستند إلى بيانات من 1322 شخصا.
مبادرة كوفاكس
وقّعت الصين اتفاقا يضمن توزيع أي لقاحات ضد كوفيد-19 تصدر مستقبلا، في الدول النامية لتكون بذلك أكبر قوة اقتصادية تنضم لمساعي منظمة الصحة العالمية لاحتواء الوباء. وتهدف مبادرة "كوفاكس" إلى إيصال اللقاحات إلى الدول الأفقر فور تطويرها لمواجهة المخاوف من احتمال حد الدول الأغنى توزيع العقارات التي تصنعها شركات الأدوية لديها. ويمنح الاتفاق الصين، دورا أساسيا في الجهود الدولية لمشاركة اللقاحات مع الدول الأقل نموا.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية هوا شونينغ لدى تحدثها عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر إن الصين انضمت إلى مبادرة "كوفاكس" "للوفاء بالتزامها بتحويل لقاحات كوفيد-19 لتكون للمصلحة العالمية العامة". ولم تقدم تفاصيل بشأن المبالغ التي ستساهم بها الصين بموجب الاتفاق الرامي إلى جمع ملياري دولار ويهدف إلى توفير أي لقاحات مستقبلية لـ92 بلدا منخفض أو متوسط الدخل.
وأفادت هوا أن اللقاحات الصينية "ستقدم للدول النامية كأولوية"، مضيفة أن بكين تأمل بأن "تدعم وتنضم دول أقدر (على المشاركة في المبادرة) إلى كوفاكس". ولم توقع القوة المنافسة الولايات المتحدة، الاتفاق. وتواجه بكين عاصفة انتقادات من الخارج على خلفية طريقة تعاطيها مع تفشي الوباء وعملت جاهدة على تلميع صورتها حيال دورها بكوفيد-19 الذي ظهر للمرة الأولى في مدينة ووهان وسط البلاد. بحسب فرانس برس.
وتباهت بشكل واسع بالنجاحات التي حققتها في السيطرة على الوباء على أراضيها. وعاد عشرات الملايين إلى العمل بعد عطلة طويلة اعتبرت اختبارا لمدى ثقة المستهلكين، في تعارض كبير مع الوضع في العديد من الدول الغربية التي عادت لتفرض تدابير إغلاق وقيودا على السفر.
في ظل استمرار السباق العالمي لإنتاج لقاح مضاد لكوفيد-19، يبدو أن الصين قد قطعت أشواطا كبيرة، إذ تشق لقاحات تنتجها شركتا سينوفاك وسينوفارم طريقها نحو الخارج.
غير أن المراحل النهائية للتجارب لم تستكمل بعد، الأمر الذي يطرح أسئلة حول ما نعرفه عن هذه اللقاحات وعن الفرق بينها وبين اللقاحات التي يجري تطويرها في بلدان أخرى.
ماذا عن لقاح سينوفارم؟
تطور شركة سينوفارم الصينية المملوكة للدولة لقاحين مضادين لكوفيد 19، وهما لقاحان شبيهان بلقاح سينوفاك، ويعملان بالطريقة نفسها، وكلا اللقاحين في المرحلة الثالثة من التجارب وتم توزيعهما بالفعل على نحو مليون شخص في الصين ضمن برنامج طوارئ، ولم تنشر سينوفارم بعد بيانات المرحلة الثالثة من التجارب، وفي هذا السياق قال البروفيسور ديل فيشر الأستاذ في الجامعة الوطنية في سنغافورة لموقع CNBC الإخباري "من المعتاد أن ننتظر تحليل المرحلة الثالثة من التجارب قبل تكثيف برنامج اللقاح من خلال ترخيص الاستخدام الطارئ" وقال فيشر إن خطوة كهذه "غير تقليدية" وستكون "غير مقبولة" في الغرب، وكانت بيرو قد علقت الأسبوع الماضي تجارب لقاح سينوفارم نتيجة "حدث سلبي خطير" لحق بمتطوع وتحقق حالياً فيما إذا كان مرتبطاً باللقاح.
ولا يعد تعليق تجربة سريرية أمراً غير معتاد. ففي سبتمبر/ أيلول علقت المملكة المتحدة تجارب لقاح آخر مضاد لكوفيد 19 بعد الاشتباه في ظهور أعراض سلبية على أحد المشاركين، ثم استؤنفت بعد استبعاد كون اللقاح السبب في ذلك، وقد تم احتواء تفشي فيروس كورونا في الصين إلى حد كبير، وتعود الحياة ببطئ إلى "وضعها الطبيعي الجديد".
هل توجد لقاحات مرشحة أخرى؟
يجري تطوير لقاحين آخرين على الأقل في الصين، بحسب تقرير حديث نشره موقع ذا كونفرسيشن، ومن بين اللقاحين كانسينو بيولوجيكش الذي تفيد التقارير بأنه في المرحلة الثالثة من التجارب في دول من بينها السعودية، أما الآخر فتطوره شركة أنهوي تشيفي لونغكوم. ويستخدم لقاحها جزءاً من الفيروس لتحفيز استجابة مناعية، وقد دخل مؤخراً المرحلة الثالة من التجارب، وفقاً للتقرير.
ما هي الدول التي طلبت الحصول على اللقاحات الصينية؟
في أوائل ديسمبر/ كانون الأول وصلت أول شحنة من لقاحات سينوفاك إلى إندونيسيا تمهيداً لحملة تلقيح جماعي، كما ينتظر وصول 1.8 مليون جرعة جديدة في يناير/ كانون الثاني، وبعد ذلك بأيام، صادقت دولتان عربيتان على لقاح سينوفارم.
وقالت الإمارات إنه سجلت اللقاح بعد تحليل مؤقت أظهر فعاليته بنسبة 86% في المرحلة الثالثة من التجارب التي بدأت في يوليو/ تموز. ولم توضح السلطات كيفية طرح اللقاح، كما وافقت البحرين على استخدام لقاح سينوفارم المضاد لكوفيد 19، وقالت إن الأشخاص البالغين يمكنهم تسجيل أسمائهم إلكترونياً للحصول على اللقاح مجانا، وقالت سنغافورة إنها وقعت عقود شراء مسبقة مع الشركات المصنعة للقاحات ومن بينها سينوفاك وموديرنا وفايزر- بينوتيك، ومن المعروف أن سينوفاك وقعت كذلك عقوداً أخرى مع تركيا والبرازيل وتشيلي.
كيف سيتم طرح اللقاحات؟
سيكون بإمكان شركة سينوفاك إنتاج 300 مليون جرعة في السنة في منشأتها الممتدة على مسافة 20 ألف متر مربع، حسب رئيس الشركة في تصريح لقناة CGTN الناطقة باللغة الإنجليزية، ومثلما هو الحال بالنسبة إلى اللقاحات الأخرى، يحتاج الفرد إلى جرعتين، الأمر الذي يعني أن هذا الإنتاج يكفي لـ150 مليون شخص في السنة.
كيف غيّر التلقيح الجماعي حياة البشرية؟
ويشير محللون إلى سعي الصين للفوز بسباق دبلوماسية اللقاحات، والتي شهدت أيضا تعهد الرئيس الصيني، شي جينبينغ، بتخصيص 2 مليار دولار أمريكي لقارة أفريقيا، بينما تعهد بمنح قروض بقيمة مليار دولار إلى بلدان أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي لشراء اللقاحات. وليس من الواضح طبيعة الشروط التي قد تكون انطوت عليها الصفقة.
وقال جاكوب مارديل، وهو محلل من معهد ميركاتور للدراسات الصينية لشبكة "أيه بي سي": "بكين...ستستثمر في طرح هذه التكنولوجيا المنقذة للحياة بغية تحقيق ربح تجاري ودبلوماسي"، وأضاف قائلا "تمتلك الصين شيئا تحتاج إليه بشكل واضح البلدان الأخرى، وستسعى إلى تسليم اللقاح للبلدان المعنية على أنه عمل خيري".
ولا تُعرف بعد تكلفة اللقاح، لكن فريقاً لبي بي سي لاحظ في وقت سابق من العام أن الممرضين والممرضات في مدينة يوان يبيعون اللقاح مقابل 60 دولارا أمريكيا، وقالت شركة في إندونيسيا إن اللقاح سيكلف 13.60 دولار، وهذا أعلى بكثير من لقاح أكسفورد الذي يكلف 4 دولارات للجرعة، لكن أقل من لقاح شركة موديرنا الذي حُدِّد سعره بـ 33 دولارا للجرعة، وتخطط شركة موديرنا لشحن 500 مليون جرعة للخارج خلال 2021 بينما قالت أسترازينيكا إنها ستنتج 700 مليون جرعة بحلول الربع الأول من 2021.