السلاح الأوحد: ما يجب ان تعرفه عن الكمامات الواقية من جائحة كورونا
مروة الاسدي
2020-07-14 04:20
بات ارتداء الكمامة جزءا أساسيا من الإستراتيجية المعتمدة عالميا للحد من انتشار كوفيد-19. وعلى التوازي فقد تعالت توصيات المراكز الطبية بالاحتفاظ بالكمامات الجراحية والكمامات من نوع N95 للعاملين الطبيين باعتبارهم في الخط الأمامي لمواجهة الفيروس، وتوصي منظمة الصحة العالمية بإرتداء الكمامات وغيرها من أغطية الوجه "كجزء من استراتيجية شاملة لإجراءات تهدف إلى خفض معدلات العدوى"، ورغم قول المنظمة إنه لا توجد أدلة كافية تشير إلى فاعلية الكمامات غير الطبية المصنوعة من القماش في حماية المجتمع بشكل عام من خطر الإصابة، فإنها تشجع على استخدامها مع ذلك عندما لا يكون التباعد الجسدي ممكنا، كما تشجع بلدان ومدن عديدة استخدام أغطية الوجه، وجعل البعض منها استخدام الأغطية إجباريا في الأماكن المزدحمة كوسائل النقل العام والمحال التجارية.
ينبغي استخدام الكمامات في إطار استراتيجية شاملة من تدابير كبح انتقال العدوى وإنقاذ الأرواح؛ فلا يكفي استخدام الكمامات وحده لتوفير مستوى كافٍ من الحماية ضد عدوى كوفيد-19. بل ينبغي كذلك الحفاظ على مسافة آمنة لا تقل عن متر واحد من الآخرين، والحرص على تنظيف اليدين بشكل مستمر وتحاشي لمس الوجه والكمامة.
ومن شأن الكمامات الطبية أن تحمي الأشخاص الذين يرتدونها من الإصابة بالعدوى، وبإمكانها كذلك منع المصابين بأعراض المرض من نقل العدوى إلى الآخرين. وتوصي منظمة الصحة العالمية الفئات التالية باستخدام الكمامات الطبية.
وأصبحت كمامات الوجه من الضرورات خلال وباء فيروس كورونا، ويرى خبراء الصحى إن ارتداء الكمامات فقط، لن يحمي من الإصابة بفيروس كورونا المستجد، ويقول الخبراء: "نحن ننصح الحكومات بتشجيع ارتداء عامة الناس للكمامة... لدينا أدلة الآن على أنه إذا تم القيام بذلك بشكل صحيح، فإنه يمكن أن يشكل حاجزا للقطرات المعدية المحتملة".
من جهة أخرى، كيف يمكن تطهير كمامات N95 لإعادة استخدامها، أصبح هذا السؤال يطرح بشدة مع استمرار توارد التقارير عن محدودية قدرات الكمامات الجراحية في الوقاية من فيروس كورونا، وأصبح استخدام الكمامات إجبارياً في العديد من الدول، ولكن الخبراء يقولون إن الكمامات الجراحية، لا توفر حماية كاملة، مثل الكمامات N95.
ولكن الـN95 باهظة الثمن وهناك حاجة لترشيد استخدامها لجعلها متاحة للأطقم الطبية الأكثر حاجة لها في ظل الجائحة، ولكن حتى البشر العاديون اليوم أصبحوا في خطر مع استمرار المرض، وبالتالي تبدو إعادة استخدام الكمامات الـN95 هي الخيار الأفضل وحتى ولو بدا غريباً.
وعليه بعد تفشي فيروس «كورونا المستجد»، اضطر معظم سكان العالم لارتداء أقنعة الوجه (الكمامات)؛ حيث أكد الخبراء والمنظمات الصحية على أهمية ارتدائها؛ سواء من قِبَل المرضى لمنع نقل الفيروس لغيرهم، وأيضاً من قبل الأصحّاء لمنع إصابتهم بالعدوى.
لماذا يعزف الرجال عن ارتداء أغطية الوجه؟
بعد الكثير من المناكفات، إتخذت مونيكا* قرارا حاسما، فقد كان زوجها أدواردو يرفض وضع كمامة على وجهه بينما كان وباء كوفيد 19 يواصل انتشاره في البرازيل، البلد الذي شهد ثاني أكبر عدد من الوفيات جراء الوباء بعد الولايات المتحدة.
لذلك قررت مونيكا ترك شقة الأسرة الكائنة في نيتيروي، وهي مدينة يبلغ عدد سكانها 480 ألف نسمة وقريبة من ريو دي جانيرو، وانتقلت إلى مسكن والديها مصطحبة معها ابنها البالغ من العمر سبع سنوات.
وقالت لبي بي سي "أعاني من الربو، ما يجعلني معرضة بشكل خاص للإصابة بمضاعفات فيروس كورونا، ولكن زوجي كان يعتقد بأني مصابة بلوثة"، وأضافت "وكان يعتقد بأنه ليس بحاجة إلى غطاء وجه لأنه لا يذهب إلى أي أماكن مغلقة بعد مغادرة الشقة...ولم يكن يفكر بأنه يضعني وابننا في خطر".
الرجال أكثر عرضة للموت بكوفيد 19، ولكن أعدادا أكبر منهم يرفضون إرتداء الكمامات
لا نعلم بأزواج في بلدان أخرى وصل بهم الحال إلى خلافات مماثلة، ولكن قصة مونيكا وأدواردو تكشف عن انقسام بين الجنسين لوحظ أثناء إنتشار الوباء فيما يتعلق بالمواقف إزاء إرتداء أغطية الوجه.
يذكر أن أكثر من 12 مليون إنسان أصيبوا بكوفيد 19 لغاية التاسع من الشهر الحالي، مات منهم أكثر من 550 ألف، حسب قاعدة البيانات التي تعدها جامعة جونز هوبكينز الأمريكية، وفي الغالبية العظمى من الدول التي تتوفر منها معلومات، تزيد نسبة الوفيات بين الرجال بشكل ملفت للنظر.
ولكن دراسات واستطلاعات توصلت إلى أن الرجال أكثر ترددا في إرتداء أغطية الوجه وغيرها من وسائل الوقاية الشخصية، وكان هذا هو الحال خلال مواجهة أوبئة سابقة أيضا، ومن الجدير بالذكر أن السلطات الصحية توصي بإرتداء أغطية الوجه للمساعدة في منع انتشار مرض كوفيد 19.
وقد تغيرت التعليمات والتوصيات بهذا الخصوص في الأشهر الأخيرة مع ظهور حقائق علمية جديدة عن الوباء وتطوره، فإذا كانت الكمامات وغيرها من أغطية الوجه يمكن أن تساعد في محاربة فيروس كورونا، لماذا يعزف الكثير من الرجال عن إستخدامها؟
أحد أحدث التحليلات - وأكثرها شهرة - لتصرف الذكور كان قد أجري من قبل المحاضر في علم الإقتصاد في جامعة ميدلسكس البريطانية فاليريو كابرارو وعالمة الرياضيات الكندية هيلين بارشيلو التي تعمل في معهد البحوث الرياضية في جامعة بيركلي الأمريكية.
وكشفت دراسات أخرى أن الرجال أقل إلتزاما بغسل أياديهم من النساء، وهو من الإجراءات الصحية الأساسية لمنع إنتشار المرض، وجاء في استطلاع أجري مؤخرا أن 65 في المئة من النساء يقلن إنهن يغسلن أياديهن بشكل دوري، بينما بلغت النسبة عند الرجال 52 في المئة فقط.
هذه أفضل طريقة لصناعة الكمامات منزليا
قام باحثون من مختبر أرجون الوطني وجامعة شيكاغو في الولايات المتحدة باختبار الخصائص الميكانيكية والكهربائية لمجموعة متنوعة من الأقمشة المتاحة للعموم، ووجد الفريق أن وجود طبقات متعددة بخامات مختلفة من الأقمشة يعمل بشكل أفضل على تصفية الهواء من الجسيمات المعلقة فيه، وذلك شريطة ارتداء الكمامة بشكل صحيح.
وأجرى الباحثون دراستهم على أنواع متعددة من الأقمشة من ضمنها القطن، والحرير، والشيفون، والفانيلا، والمنسوجات الصناعية المختلفة، ووجدوا أن المجموعات المختلفة من الأقمشة المستخدمة في صناعة الكمامات القماشية يمكن أن توفر حماية كبيرة ضد انتقال جزيئات الهباء الجوي.
في القسم الأول من تجربتهم، استخدم الفريق حجرة مزج الرذاذ الجوي التي يمر عبرها رذاذ ضبابي يحتوي على جسيمات بأقطار متنوعة تتراوح ما بين عشرة نانومترات وعشرة ميكرومترات تقريبا. وتم اختبار مدى قدرة الأقمشة قيد التجربة على نفاذ هذه الجسيمات، وتم تثبيت الأقمشة بإحكام نهاية أنبوب بلاستيكي مثبت داخل حجرة الرذاذ الجوي، ومصنوع من البولي فينيل كلوريد من النوع الذي يستخدم في الإمدادات الصحية.
وإذا أردت تخيل حجم الجسيمات المجربة فلك أن تعلم أن قطر شعرة الإنسان يقدر بخمسين ميكرومترا تقريبا (كل ميكرومتر يساوي ألف نانومتر) ويتراوح قطر جزيئات الفيروس التاجي ما بين 80 و120 نانومترا.
وكانت الجسيمات المختبرة صغيرة جدا، ولكن يعتقد الباحثون بأنه في حال كانت الأقمشة قادرة على صد الجسيمات الصغيرة بهذا الحجم فإنها حتما ستكون قادرة على حظر الجسيمات الأكبر حجما، عدم ارتداء الكمامة بشكل صحيح يؤدي لانخفاض كفاءة الترشيح بنسبة 60% (بيكسابي) عدم ارتداء الكمامة بشكل صحيح يؤدي لانخفاض كفاءة الترشيح بنسبة 60% (بيكسابي)
وجد الفريق أن الأقمشة المكونة من طبقات متعددة ومن خامات متنوعة كانت قادرة على تصفية الغالبية العظمى من الجسيمات، كما أن كفاءة ترشيح مزيج الأقمشة من (القطن-الحرير) و(القطن-الشيفون) و(القطن-الفانيلا) كانت أكبر بما يعادل 80% للجسيمات بقطر أصغر من ثلاثمئة نانومتر، وأكبر من 90% للجسيمات ذات القطر الأكبر من ثلاثمئة نانومتر، ويرجع الباحثون السبب في هذه الفعالية إلى التأثير المشترك للترشيح الميكانيكي والإلكتروستاتيكي للأقمشة المختارة. ويعرف الترشيح الميكانيكي بأنه عملية فيزيائية بحتة تتلخص بالتقاط النسيج القماشي للجسيمات، ووجد الفريق أنه كلما زاد عدد الخيوط في الأقمشة كالقطن -مثلا- كانت الكفاءة أعلى، حيث تكون مساحة الثقوب صغيرة جدا وتقوم بصد الجسيمات ذات الحجم الكبير، وبفضل خاصية الترشيح الكهربائي، يتمكن النسيج القماشي من المحافظة على الكهرباء الساكنة للرذاذ الجوي في حالة مستقرة، وفي القسم الثاني من تجربتهم، قام الباحثون بعمل ثقوب صغيرة في أقمشة يختبرونها محاكاة لوضعية ارتداء الكمامة بشكل غير محكم، بحيث تترك فتحات يمكن أن يعبر الرذاذ من خلالها إلى الفم أو الأنف.
ووجد الباحثون أن عدم ارتداء الكمامة بشكل صحيح ومحكم يؤدي إلى انخفاض كفاءة الترشيح بنسبة 60%، وذلك بغض النظر عن نوع الكمامة وفاعليتها، وقد نشرت نتائج البحث في دورية "إي سي إس نانو- ACS Nano" بتاريخ 24 أبريل/نيسان الجاري.
أفضل أنواع الكمامات للحماية من عدوى كورونا
باتت الأبحاث المتعلقة بفيروس كورونا "الموضة" السائدة في مواقع البحوث العلمية وغير العلمية على حد سواء، إلا أن أيا منها لم يتوصل بعد إلى تحديد دقيق لنوعية المواد والتصاميم الأكثر فعالية في تحقيق الهدف المرجو من استخدام الكمامات، في تجنب الإصابة بفيروس كورونا أو منع انتشاره.
وفي هذا الإطار نشرت دورية "فيزيكس أوف فلويدز" (Physics of Fluids) في عدد 30 يونيو/حزيران الماضي، نتائج دراسة أجراها فريق من الباحثين في كلية الهندسة وعلوم الحاسوب بجامعة فلوريدا أتلانتيك بالولايات المتحدة، لمحاكاة الرذاذ المتناثر مع السعال والعطس.
واستهدف البحث قياس مدى فاعلية كل من الخامات والتصاميم المختلفة للكمامات في حجب الرذاذ، وذلك عن طريق قياس المسافة التي يمكن أن يصل إليها في حالة ارتداء الكمامة ومقارنتها بالمسافة النظيرة في حال خلعها.
واستخدم الباحثون تصورا لتدفق الرذاذ في بيئة مختبرية باستخدام لوح ضوء ليزري ومزيج من الماء المقطر والغليسرين، لتوليد الضباب الاصطناعي الذي يحاكي الرذاذ المتناثر مع السعال والعطاس الصادر من فم "مانيكان" (تمثال لعرض الأزياء).
وقاموا باختبار مختلف أشكال الأقنعة المتاحة لعامة الناس. وقد اشتملت عينات التجربة على كمامة من طبقة واحدة، وكمامة محلية الصنع مكونة من طبقتين من نسيج قطني بكثافة 70 خيطا في البوصة الواحدة، إضافة إلى الكمامة المخروطية المتوفرة في مختلف الصيدليات، وبعد رصد مسارات الرذاذ، وجد الباحثون أن أقنعة الوجه المطوية بشكل فضفاض على غرار المنديل التقليدي، توفر الحد الأدنى من القدرة على منع انتشار الرذاذ في الهواء.
وفي المقابل كان كلٌّ من الأقنعة المخروطية والأقنعة المصنعة محليا من طبقات متعددة من النسيج القطني، أكثر فاعلية في الحد من انتشار الرذاذ، وأثبتت الأخيرة قدرتها على الحد من سرعة ونطاق نفث الجهاز التنفسي بشكل كبير، إلا أنها سمحت ببعض من التسرب عبر نسيج القناع والفراغات الصغيرة عند حوافه.
ركاب حافلة يقتلون سائقا طالبهم بارتداء الكمامات
توفي سائق حافلة فرنسي تعرّض للضرب المبرح من قبل ركاب بعدما طلب منهم وضع كمامات بما يتماشى مع تدابير مكافحة فيروس كورونا المستجد، ما أثار تنديدا من القادة السياسيين في البلاد بأفعال المعتدين.
وقالت ماري ابنة فيليب مونغيو، إنه كان ميتا دماغيا بعد الاعتداء عليه في بلدة بايون جنوب غربي فرنسا، نهاية الأسبوع الماضي، وتوفي في المستشفى الجمعة بعدما قررت عائلته وقف أجهزة الإنعاش، وأضافت ماري لوكالة "فرانس برس": "قررنا أن نفصله عن أجهزة الإنعاش وأيدنا الاطباء في ذلك".
واتهم رجلان بمحاولة قتل في هذه القضية، وقال المدعي العام جيروم بورييه، إنه سيطلب تعديل الاتهامات بعد وفاة مونغيو، وذكر مكتب المدعي العام أن ثلاثة أشخاص آخرين اتهموا أيضا لارتباطهم بالاعتداء، اثنان منهم بسبب عدم مساعدة شخص في حالة خطر، والثالث لمحاولة إخفاء مشتبها في، وقدّم رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس تحية إلى مونغيو وكتب على تويتر: "تعترف به الجمهورية كمواطن مثالي ولن تنساه. القانون سيعاقب مرتكبي هذه الجريمة الدنيئة".
ووصف وزير الداخلية جيرالد دارمانان الذي كان من المفترض أن يلتقي بعض سائقي الحافلات في بايون السبت لمناقشة الوضع الأمني، الحادث بأنه "عمل بغيض"، مضيفا "إن الجبان المسؤول عن هذه الجريمة يجب ألا يفلت من العقاب".
ورفض السائقون العمل بعد الاعتداء على مونغيو، حيث قال أحدهم وهو كيوليس، إنهم سيستأنفون العمل الاثنين بموجب ترتيبات أمنية مشددة، تشمل نشر عناصر أمن في الحافلات التي تعمل في بايون والمنطقة المحيطة بها.
هل ستفرض الحكومة الكمامات الواقية لمنع عودة انتشار فيروس كورونا؟
لم يستبعد رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستكس أثناء زيارته إلى غويانا الفرنسية الأحد فرض ارتداء الكمامات الواقية بشكل إجباري على الفرنسيين في الأماكن العامة والمغلقة، وذلك تفاديا لانتشار فيروس كورونا من جديد.
هل سيتم في فرنسا فرض ارتداء الكمامات الواقية في الأماكن المغلقة كالمقاهي والمطاعم والأماكن العامة الأخرى لمنع انتشار فيروس كورونا من جديد أو ما يسمى بالموجة الثانية، كما يطالب بعض الأطباء؟
الفكرة كثر تداولها في الأوساط السياسية والطبية الفرنسية، خاصة لدى رئيس الوزراء الجديد جان كاستكس الذي أشار الأحد الماضي خلال الزيارة التي قام بها رفقة وزير الصحة أولفييه فران إلى جزيرة "غويانا" إلى إمكانية فرض الكمامات الواقية للحيلولة دون تسجيل إصابات جديدة وموجة ثانية من فيروس كورونا المستجد.
وقال كاستكس إن "فكرة فرض ارتداء الكمامات الواقية في الأماكن المغلقة هي حاليا قيد الدراسة"، وجاء تصريح جان كاستكس عقب المقال الذي نشره عدد من الأطباء الفرنسيين في الصحافة، إذ دقوا ناقوس الخطر تحذيرا من احتمال عودة انتشار فيروس كوفيد-19 في بعض الأماكن، وكتب هؤلاء الأطباء أن "ثمة إشارات خفيفة يجب أن تنبهنا لوجود إمكانية عودة انتشار الفيروس من جديد".
وأضافوا " من المؤسف جدا ألا نلجأ إلى استخدام إمكانيات سهلة ومتوفرة لدى الجميع، مثل ارتداء الكمامات الواقية في كل الأماكن العامة والمغلقة واحترام مسافة التباعد الاجتماعي وغسل الأيدي".
ويذكر أن ارتداء الكمامة الواقية لغاية الآن إجباري فقط في قطاع المواصلات مثل القطارات والمترو والحافلات وسيارات الأجرة وليس في أماكن التسوق والمحلات التجارية. لكن أصحاب هذه المحلات بإمكانهم أن يفرضوا على الزبائن ارتداءالكمامات الواقية عند الدخول إلى محلاتهم.
هذا، وأثارت الصور التي أظهرت مشاركة أكثر من 5 آلاف شخص في حفل موسيقي بمدينة نيس الساحلية جنوب فرنسا، الأسبوع الماضي استياء وهرع الأطباء والمسؤولين في قطاع الصحة.
وعبروا عن مخاوفهم من أن يؤدي هذا الحفل إلى ظهور إصابات جديدة بفيروس كورونا في المدينة، وهذا ما جعل عمدة المدينة كريستيان أستروزي يتخذ قرارا يقضي بارتداء الكمامات الواقية خلال الحفلات أو أي تظاهرة أخرى، داعيا في الوقت نفسه إلى "التوفيق بين ضرورة احترام الإرشادات الصحية من جهة والقيام بكل ما يمكن من أجل إنعاش اقتصاد المدينة" من جهة أخرى.
الواقي البلاستيكي بديل عن الكمامة للوقاية من كورونا؟
لا يحبذ كثيرون ارتداء الكمامة لأنها تجعل التنفس أصعب ولا تمكّن الناظر من تمييز ملامح وجه الآخر وانفعالاته بشكل جيد. الواقي البلاستيكي يبدو حلاً مناسباً، ولكن ماذا يقول العلم عن فعاليته للوقاية من فيروس كورونا المستجد؟
التنفس بشكل أفضل وتمييز الابتسامة وتفاهم أفضل عن طريق رؤية ملامح الوجه. تلك أهم مميزات الواقي البلاستيكي على الكمامة. بيد أن ارتداء الواقي للحماية من الإصابة بفيروس كورونا المستجد أمر ما يزال يثير الجدل من الناحية العلمية. ولاية هيسن الألمانية سمحت بارتداء الواقي البلاستيكي كبديل عن الكمامة، في حين أن ولاية بادن- فورتمبورغ لا تعتبره بديلاً. فماذا يقول العلماء عن قدرة الواقي البلاستيكي على توفير الحماية من فيروس كورونا المستجد مقارنة بالكمامة التقليدية؟
لا بيانات علمية كثيرة عن قدرة الواقي على توفير الحماية. ومن هنا ليس هناك حكم علمي قاطع. عالم الفيروسات الألماني ألكسندر كيكولي قال في تصريح صحفي إنه "بنفس جودة" الكمامة القماشية.ومعهد روبرت كوخ الحكومي لا يعتبره بديلاً بجودة تغطية الفم والأنف.
يشدد عالم الفيروسات من المشفى الجامعي في هامبورغ يوهانس كنوبلوخ على أهمية التفريق بين حماية النفس وحماية الآخر عند الحديث عن الواقي البلاستيكي: "لحماية النفس فإن الواقي مثالي للحماية من العدوى عن طريق البصاق ولحماية الأغشية المخاطية". ولكن عند الحديث عن حماية الآخرين من العدوى فللباحث الألماني رأي آخر: "الواقي البلاستيكي يقي فقط من الفيروسيات التي يحملها الرذاذ الذي يصطدم بجدران الواقي". الكمامة القماشية في المقابل توفر حماية أفضل بسبب عدم وجود فراغ بين الفم وجدار الواقي، حسب كنوبلوخ وهو رأي يشاركه فيه معهد روبرت كوخ للأمراض المعدية. الرذاذ يمكن أن ينتشر في الهواء بسبب المسافة الكبيرة بين الواقي والفم، عالم الفيروسات الألماني ألكسندر كيكولي يرى أن الواقي يقي نفس درجة الكمامة القماشية عندما لا يتواجد الشخص مع الآخر لفترة طويلة جداً في غرفة مغلقة.
الصحة العالمية تغير موقفها من ارتداء الكمامات في الأماكن العامة
حدثت منظمة الصحة العالمية من إرشاداتها بشأن ارتداء الكمامات في الأماكن العامة وأوصت بارتدائها للحد من انتشار فيروس كورونا، لكنها حذرت من أمور أخرى مرتبطة بارتداء تلك الكمامات.
غيرت منظمة الصحة العالمية موقفها إزاء الكمامات ولحقت بالاتجاه العالمي عندما أوصت باستخدامها في الأماكن العامة المزدحمة لوقف عدوى فيروس كورونا المستجد (كورفيد19، ونشرت المنظمة تحديثاً لإرشاداتها شمل توصية للحكومات بمطالبة الناس بارتداء كمامات الوجه المصنوعة من القماش في الأماكن العامة للمساعدة في الحد من انتشار وباء كوفيد-19، ومع ذلك، شددت منظمة الصحة التابعة للأمم المتحدة ومقرها جنيف، على أن الكمامات يمكن أن تزيد من المخاطر الصحية إذا قام الناس بتلويثها عن طريق لمسها بأيدي متسخة. وشددت المنظمة في التوجيهات الجديدة المدعومة بنتائج دراسات أجريت خلال الأسابيع الأخيرة على أن كمامات الوجه ما هي إلا واحدة من مجموعة من الأدوات التي تقلل خطر انتشار الفيروس.
وقال تيدروس أدهانوم جيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، في مؤتمر صحفي على الإنترنت: "يمكن للكمامات أن تخلق إحساسا زائفا بالأمان"، وحذر من أن الكمامات لا يمكن أن تحل محل نظافة اليدين، والتباعد الجسدي أو تعقب المرضى واتصالاتهم الاجتماعية. وقال تيدروس: "لا أستطيع أن أقول هذا بشكل واضح بما فيه الكفاية: الكمامات وحدها لن تحميك من كوفيد19-"، ولم تحث منظمة الصحة العالمية على الاستخدام الجماعي للكمامات في إرشاداتها السابقة حول هذا الموضوع في أوائل نيسان/أبريل.
وقال تيدروس يوم الجمعة إنه ينبغي على الحكومات تشجيع استخدامها حيثما يكون هناك انتقال واسع النطاق للفيروس وحيث يصعب الحفاظ على مسافة آمنة من الآخرين، "مثل وسائل النقل العام أو في المتاجر أو في بيئات أخرى مغلقة أو مزدحمة".
وقالت ماريا فان كيركوف الخبيرة بالمنظمة في مقابلة مع رويترز "ننصح الحكومات بتشجيع الناس على ارتداء الكمامات. ونقصد بالتحديد كمامات القماش، أي الكمامات غير الطبية"، وأضافت "توصلنا إلى نتائج أبحاث جديدة. لدينا الآن أدلة تفيد بأنه في حال تنفيذ ذلك بالشكل الملائم فإنها (الكمامات) يمكن أن تشكل حاجزا ... أمام الرذاذ الذي يحتمل أن يحمل العدوى"، وكانت منظمة الصحة قد قالت في السابق إنه لا يوجد دليل يدعم أو يدحض استخدام الأصحاء للكمامات، وكانت توصي دوما بقصر استخدامها على الأشخاص المصابين ومن يقدمون لهم الرعاية.
هل يجب ارتداء الكمامات أثناء ممارسة الرياضة؟ الصحة العالمية تجيب
رغم عودة نشاط الحركة وإرخاء قيود الإغلاق في بعض البلدان، إلا أن هناك العديد من التساؤلات التي تثير فضول الأشخاص حول العودة إلى حياتهم الطبيعية، أبرزها تتعلق بارتداء الكمامة عند ممارسة الرياضة، وفي تغريدة نشرها المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في منطقة الشرق الأوسط، عبر حسابه الرسمي على موقع "تويتر"، أوضح أنه "ينبغي عدم ارتداء الكمامات عند ممارسة الرياضة لأن الكمامات قد تُقلِّل من القدرة على التنفس بلا مشقَّة"، وأضاف: "يمكن أن يتسبب العرق في ابتلال الكمامة بسرعة، مما يؤدي إلى صعوبة التنفس ويساعد على نمو الميكروبات".
ويبقى من المهم اتباع الإجراءات الوقائية اللازمة عند ممارسة الرياضة، حيث تذكر الصحة العالمية بضرورة الابتعاد عن الآخرين بمسافة لا تقل عن متر واحد، وكان المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في منطقة الشرق الأوسط، قد ذكر عبر حسابه الرسمي على موقع "تويتر"، أن وضع الكمامات الطبية لوقت طويل، كما ينبغي، لا يتسبب في التسمم بثاني أكسد الكربون ولا يؤدي إلى نقص الأكسجين.
كمامات شفافة لا يتكاثف عليها بخار الماء
صنع فريق بحثي سويسري كمامة جراحية شفافة، ليرتديها العمال في المجالات الأساسية فتظهر وجوههم. ما يسمح لضعاف السمع من الاستفادة من التعابير الوجهيّة، ويعد مصنعو الكمامة الجراحية «هيلو ماسكس» بتوفير التنفس والحماية باستخدامها، وعدم تكاثف بخار الماء كالأقنعة البلاستيكية الأخرى.
وحسب «مرصد المستقبل» التابع، لمؤسسة دبي للمستقبل، صُنعت الكمامات من غلاف من «البوليمر»، وتتجاوز المسافة بين ألياف القناع نحو 100 نانومتر، ما يسمح لمرتديها بالتنفس دون عبور الجراثيم والفيروسات.
وليست الفكرة وليدة الجائحة الحالية، بسبب شيوع ارتداء الكمامة في الأماكن العامة، وعمل الباحثون في مدرسة لوزان الاتحادية للفنون التطبيقية والمختبرات الفيدرالية السويسرية لعلوم وتقنية المواد منذ سنوات خلال أزمة فيروس «إيبولا» في غرب إفريقيا، ويقول رئيس مركز «إيسنتشال تيك» في مدرسة لوزان كلاوس، شونينبيرجر: «كان جميلاً رؤية الممرضات وهن يرتدين المعدات الوقائية مع صورة شخصية على الصدر ليستطيع المرضى رؤية وجوههن»، وأسس الباحثون شركة لتصنيع الكمامات وبيعها في الأسواق، وإطلاق المنتج بشكل رسمي في أوائل عام 2021.