علاج كورونا: متى نحصل على عقار للمصابين بالوباء؟
عبد الامير رويح
2020-07-07 08:55
تتواصل الأبحاث والدراسات التي تقوم بها العديد من المختبرات والشركات الطبية في مختلف دول العالم وخصوصاً الدول المتقدمة، التي تتسابق اليوم من اجل انتاج لقاح او علاج خاص لفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، الذي اصاب اكثر من ١١٫٥ مليون انسان وتسبب بإيقاف عجلة الحياة. وأكدت منظمة الصحة العالمية بحسب بعض المصادر، أنه لم تثبت حتى الآن فعالية أي لقاح للوقاية من فيروس كورونا المستجد، وبدأت التجارب، التي تقودها منظمة الصحة العالمية، والتي تسمى تجارب التضامن بـ5 أنواع بحثا عن مكونات علاج محتمل لكوفيد-19، وهي "ستاندارد كير وريمديسيفير وهيدروكسي كلوروكين ولوبينافير/ريتونافير ولوبانيفير/ريتونافير وإنترفيرون".
وقال المدير لعام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إن قرابة 5500 مريض في 39 دولة حتى الآن تطوعوا لإجراء التجارب السريرية عليهم وإن النتائج المبدئية متوقعة في غضون أسبوعين. وهناك نحو 18 لقاحا تجريبيا لكوفيد-19 جار اختبارها على البشر من بين قرابة 150 علاجا يجري تطويرها. وكانت منظمة الصحة العالمية، أكدت سابقًا أنها تعتبر نتائج اختبارات "ديكساميثازون" لعلاج فيروس كورونا المستجد "طفرة" في مكافحة الجائحة، مشددة على ضرورة استخدام هذا الدواء بإشراف دقيق للأطباء.
وفي ظل استمرار التجارب والبحوث والتي وصلت الى مراحل متقدمة، تحاول بعض الدول وكما اشارت بعض المصادر، الاستحواذ على أدوية ولقاحات معينة وحجزها قبل إنتاجها حتى، وهو ما فعلته الولايات المتحدة الأميركية مع عقار "ريميديسيفير"، كما فعلته بريطانيا فقد اقتربت لندن من التوصل إلى اتفاق مع شركتي "سانوفي" و"غلاكسو سميثكلاين" للحصول على 60 مليون جرعة من لقاح محتمل تطوره الشركتان للوقاية من كورونا. على صعيد متصل، بدأت شركة أسترالية التجارب البشرية للقاح محتمل لفيروس كورونا تم تطويره في أستراليا. وجرى تطوير اللقاح المحتمل من قبل شركة "فاكسين" التي تتخذ من مدينة أديلايد مقراً لها.
بدورها، أكملت الصين، خلال 100 يوم فقط، بناء مجمع يتكون من مختبر أبحاث وورشة إنتاج لقاح كورونا في مدينة ووهان، عاصمة مقاطعة هوبي وسط البلاد، التي كانت في ديسمبر/كانون الأول الماضي بؤرة تفشي الفيروس الأولى، والتي تضررت بشدة خلال الوباء، وذلك وفقاً لمجموعة المستحضرات الدوائية الوطنية الصينية "سينوفارم". وتبلغ مساحة المجمع الإجمالية 7260 متراً مربعاً، ويقع في معهد ووهان للمنتجات البيولوجية، التابع لمجموعة الصين الوطنية للتكنولوجيا البيولوجية "سي. إن بي. جي." التي تعد شركة فرعية لـ"سينوفارم". ويمكن للمختبر دراسة لقاحات الفيروسات المسببة للأمراض، فيما باستطاعة ورشة العمل إنتاج أكثر من 100 مليون جرعة من لقاح كورونا سنوياً.
لقاح للجميع
وفي هذا الشأن جمعت قمة عالمية 6.15 مليار يورو (6.9 مليار دولار) من الولايات المتحدة والمفوضية الأوروبية والعديد من البلدان لمحاربة كوفيد-19، مع تشديد الكثير من المشاركين على ضرورة توفير اللقاح، عند التوصل إليه، لكل من يحتاجه. كما تضمنت القمة حفلا لجمع الأموال أذيع تلفزيونيا في أنحاء العالم بمشاركة مايلي سايرس وجاستن بيبر وشاكيرا والثنائي الغنائي كلوي وهالي وآشر وآخرين. وانعقدت القمة ضمن مبادرة مشتركة بين المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، ومنظمة جلوبال سيتيزن.
وتعهدت المفوضية بالاشتراك مع بنك الاستثمار الأوروبي بتقديم 4.9 مليار يورو (5.5 مليار دولار) والولايات المتحدة 545 مليون دولار وألمانيا 383 مليون يورو وكندا 300 مليون دولار كندي (219 مليون دولار) وقطر عشرة ملايين دولار. وشاركت 40 حكومة في هذه القمة. وسيتم استخدام الأموال في اختبارات الكشف عن كوفيد-19 والعلاجات واللقاحات ذات الصلة، وأيضا لدعم أفقر المجتمعات وأكثرها تهميشا في العالم. وقالت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين إن من الضروري توفير اللقاح لكل شخص يحتاجه. بحسب رويترز.
وهو ما شدد عليه أيضا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون. وقال ”إذا تم إيجاد لقاح فعال، فعندئذ سيكون علينا كقادة عالميين واجب أخلاقي في ضمان توفيره للجميع“. وعبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن تصميمه على توحيد الجهود في هذا الإطار. وقال ”علينا رفض النهج الأحادي وأن نواصل المضي قدما معا“. ووافقت إيطاليا التي عصف بها الوباء بشدة على هذا الرأي. ويدعم الاتحاد الأوروبي التعاون العالمي في الجهود المبذولة للسيطرة على الوباء والقضاء عليه، على عكس تركيز الولايات المتحدة والصين على المبادرات الوطنية.
ودعا تحالف تقوده منظمة الصحة العالمية لمكافحة وباء كوفيد-19 جهات مانحة من القطاعين الحكومي والخاص إلى المساعدة في جمع 31.3 مليار دولار خلال الاثني عشر شهرا المقبلة لتطوير علاجات ولقاحات وإجراء فحوصات لمواجهة المرض. وجددت المنظمة دعوتها إلى تعاون عالمي لمواجهة الجائحة، قائلة إنه جرت المساهمة بنحو 3.4 مليار دولار من أجل هذا التحالف حتى الآن، لتظل هناك فجوة تمويلية قدرها 27.9 مليار دولار، وهناك ”حاجة عاجلة“ إلى 13.7 مليار منها.
وتعمل المنظمة الدولية مع تحالف ضخم من المنظمات العاملة في مجالات تطوير العقاقير والتمويل والتوزيع، وذلك تحت مظلة تطلق عليها اسم (آكت أكسيليريتور) وهي مركز لتسريع الحصول على أدوات لمواجهة كوفيد-19. وقالت المنظمة في بيان إن المبادرة تهدف إلى القيام بنحو 500 مليون فحص لكوفيد-19، إلى جانب 245 مليون جرعة علاجية جديدة للمرض تقدم إلى الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط بحلول منتصف 2021.
وتأمل المنظمة أيضا أن تتمكن بحلول نهاية عام 2021 من توفير ملياري جرعة من اللقاح الواقي من المرض، بما فيها مليار تشتريها الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط. وتأسس مركز (آكت أكسيليريتور) في أبريل نيسان بهدف تعجيل عملية البحث وتطوير الأدوات الطبية لمواجهة جائحة كوفيد-19، التي قالت عنها منظمة الصحة العالمية إنها لا تزال تشكل خطرا يهدد ملايين الأرواح، مؤكدة على ضرورة العمل الفوري وتمويل تلك الجهود.
وقالت المنظمة ”التكلفة الإجمالية للعمل في مركز آكت أكسيليريتور تقل عن عُشر ما يقدره صندوق النقد الدولي من خسائر يتكبدها الاقتصاد العالمي كل شهر بسبب الجائحة“. ومع تسارع السباق لإنتاج لقاح واق، سارعت الحكومات بما فيها حكومة الولايات المتحدة وحكومات أوروبية إلى إبرام صفقات مسبقة لشراء علاجات واعدة للتحصين ضد فيروس كورونا المستجد. وأثار ذلك قلقا حول التوزيع العادل لإمدادات اللقاح الواقي من مرض كوفيد-19 لا سيما بالنسبة للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
4 مليارات جرعة
من جانب اخر قال مسؤول بارز لدى مؤسسة كبرى تعكف على اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة الأوبئة وتدعم تسعة لقاحات محتملة لفيروس كورونا إن المؤسسة توصلت إلى شركات تصنيع لديها القدرة على إنتاج أربعة مليارات جرعة سنويا. وقال جيمس روبنسون المسؤول التنفيذي المخضرم بقطاع الصيدلة الحيوية والذي يقود مساعي ضخمة لتصنيع لقاحات لفيروس كورونا يقوم بها (تحالف ابتكار التدابير لمواجهة الأوبئة) إن التحالف يعتزم أن تكون لديه شركتان أو ثلاث لتصنيع كل لقاح.
وقال ”في الوقت الحالي، نعرف أن في مقدورنا إنتاج الملياري جرعة التي حددناها كهدف أدنى“ بحلول نهاية عام 2021. وذكر أن التحالف يعتزم أن يكون لديه من ثمانية إلى عشرة مواقع توزيع إقليمية ”كي لا نضطر إلى عمل كل شيء مركزيا ثم محاولة الشحن إلى كل بقاع العالم“. ورغم عدم حصول أي لقاح على الموافقة بعد، وضع التحالف بالفعل قائمة بسلاسل التصنيع والإمداد لضمان توزيع اللقاحات الواقية من كورونا بشكل متوازن في أنحاء العالم.
ويحظى التحالف الذي يتخذ من العاصمة النرويجية أوسلو مقرا بدعم 14 حكومة وكذلك مؤسسة بيل وميليندا جيتس ومؤسسة ويلكام تراست البريطانية. ووزع التحالف ما يصل إلى 829 مليون دولار حتى الآن في مجال البحث عن لقاح واق من مرض كوفيد-19 الذي يسببه فيروس كورونا وذلك من خلال اتفاقات شراكة مع تسع جهات على أمل أن ينجح بعضها على الأقل في الوصول لمصل. وقال روبنسون إن (تحالف ابتكار التدابير لمواجهة الأوبئة) اتخذ خطوات أولية صوب تأمين طاقة تصنيع مع أكثر من 200 شركة من شركات الأدوية الحيوية أو شركات تصنيع اللقاحات الواقية. وأضاف ”معظم الناس لا يصدقون أن أربعة مليارات جرعة أمر ممكن، وأنا أرى أنه ممكن“.
وروبنسون مستشار تصنيع عمل لدى بعض أكبر شركات اللقاحات في العالم، ومنها سانوفي وميرك. وقال إن مجموعته أجرت ”توفيقا“ بين شركات التصنيع استنادا إلى قدرات هذه الشركات والاحتياجات المحددة من اللقاحات المختلفة. والتوصل إلى لقاحات فعالة يعتبر أمرا بالغ الأهمية لوقف الجائحة. وقال روبنسون إن التحالف يراعي ضمان ألا يؤدي العمل على إنتاج لقاح لمنع الإصابة بمرض كوفيد-19 إلى تهميش لقاحات أخرى ضرورية، وهي مسألة تبعث قلقا خاصا بين البلدان الأقل نموا. بحسب رويترز.
ومن بين التحديات الهائلة التي تواجه التحالف ضرورة العمل مع عشرات من الجهات التنظيمية على مستوى العالم. وقال روبنسون ”كل جهة تنظيمية يمكن أن تطلب شيئا مختلفا، لذا فإن المهمة معقدة بعض الشيء“. وأضاف أن مجموعة العمل على الأمور التنظيمية في التحالف تبحث عن سبل لمحاولة توحيد المتطلبات إلى المستوى الممكن ”لكن كل بلد يتلقى اللقاح يحتاج أيضا لترخيصه“.
لقاحات في الصدارة
في السياق ذاته قالت كبيرة علماء منظمة الصحة العالمية إن لقاحا تطوره شركة أسترازينيكا للوقاية من كوفيد-19 الناجم عن فيروس كورونا هو على الأرجح الأكثر سبقا في العالم وأكثر اللقاحات التي وصلت لمراحل متقدمة من التطوير. وقالت سمية سواميناثان إن لقاحا تطوره شركة مودرنا ليس بعيدا أيضا عما توصلت إليه أسترازينيكا وذلك من بين أكثر من 200 لقاح مقترح دخلت 15 منها مرحلة التجارب السريرية. وأضافت أن منظمة الصحة العالمية تجري محادثات مع عدة مصنعين صينيين من بينهم سينوفاك بشأن لقاحات محتملة. ودعت سواميناثان في إفادة صحفية إلى التفكير في التعاون في تطوير لقاح لكوفيد-19 بطريقة مماثلة لتجربة (سوليداريتي) التي تنفذها المنظمة فيما يخص الأدوية.
وأثبتت تجربة للقاح شركة أسترازينيكا التجريبي المضاد لكوفيد-19 على الخنازير أن جرعتين من اللقاح أنتجتا استجابة أكبر من جرعة واحدة لإنتاج الأجسام المضادة. وأثبت البحث الذي نشره معهد بيربرايت البريطاني أن إعطاء جرعة رئيسية أولية وبعدها جرعة منشطة من اللقاح أنتج استجابة مناعية أقوى من جرعة واحدة. ويشير ذلك إلى أن أسلوب الجرعتين يمكن أن يكون أكثر فاعلية في الحصول على حماية من مرض كوفيد-19 الذي يسببه فيروس كورونا المستجد.
وقال فريق معهد بيربرايت في بيان ”رصد الباحثون زيادة ملحوظة في الأجسام المضادة التي تتصل بالفيروس بطريقة تمنع الإصابة“. وأضافوا أن مستوى الاستجابة المناعية الذي سيكون مطلوبا لحماية البشر لم يُعرف حتى الآن. وقال براين تشارلزتون مدير معهد بيربرايت ”هذه النتائج تبدو مشجعة على أن الحصول على جرعتين... يعزز استجابة الأجسام المضادة التي يمكنها تحييد الفيروس لكن المهم هو الاستجابة لدى البشر“. ويتم تجريب اللقاح على البشر بالفعل وتقول أسترازينيكا إنها تأمل في الحصول على بيانات عن الفاعلية في وقت لاحق هذا العام.
من جانب اخر قالت شركة كانسينو بيولوجيكس إن الجيش الصيني حصل على الضوء الأخضر لاستخدام لقاح لكوفيد-19 طورته مع وحدة أبحاث عسكرية بعدما أثبتت التجارب السريرية أنه آمن وفعال إلى حد ما. واللقاح الذي يُطلق عليه اسم (أيه.دي.5-إن.كوف) هو أحد ثمانية لقاحات تطورها شركات صينية وباحثون حصلت على موافقة لتجربتها على البشر للوقاية من المرض التنفسي الذي يسببه فيروس كورونا. كما حصل اللقاح على الموافقة لتجربته على البشر في كندا. بحسب رويترز.
وقالت كانسينو إن اللجنة العسكرية المركزية الصينية صادقت على استخدام الجيش للقاح في 25 يونيو حزيران لمدة سنة. واللقاح من تطوير كانسينو ومعهد بكين للتكنولوجيا الحيوية التابع لأكاديمية العلوم الطبية العسكرية. وقالت كانسينو ”يقتصر استخدام (أيه.دي.5-إن.كوف) حاليا على الاستخدام العسكري ولا يمكن توسيع استخدامه دون الحصول على موافقة إدارة الدعم اللوجيستي“، في إشارة إلى الإدارة التابعة للجنة العسكرية المركزية التي وافقت على استخدام اللقاح. وقالت الشركة إن المرحلتين الأولى والثانية من التجارب السريرية أظهرتا أن اللقاح لديه القدرة على منع الإصابة بالأمراض التي يسببها فيروس كورونا لكن لا يمكن ضمان نجاحة تجاريا.