السباق العالمي على لقاح كورونا: هل ينتجونه قريبا؟

مروة الاسدي

2020-04-18 03:03

فيروس كورونا، لم يستثن أيا من الدول مهما بلغت درجات تطورها العلمي، فقد انقض على العالم وشلّ حركته في غياب لقاح أو علاج، الآمال معقودة على الباحثين والمختبرات التي دخلت في سباق محموم، لكن السؤال هل ومتى ستنجح في ذلك؟

أقوى المتفائلين يعتقد أن سنة إلى سنة ونصف على الأقل ضرورية لتطوير لقاح ضد جائحة كورونا، إذ تسعى مختبرات الأبحاث وصناعة الأدوية في أنحاء العالم للتوصل إلى لقاحات وعلاجات لفيروس كورونا المستجد باستخدام مجموعة متنوعة من التقنيات المختلفة، ويجمع علماء الفيروسات أن مكافحة فيروس كورونا المستجد، لا يمكنه أن يكلل بنجاح إلا إذا تمّ تطوير لقاح ضد وباء صنّفته منظمة الصحة العالمية بأنه "جائحة عالمية".

حيث تعمل عشرات المؤسسات البحثية حول العالم في سباق مع الزمن من أجل التوصل إلى لقاح لفيروس كورونا، ويرى العلماء أن اللقاح المنتظر لن يكون جاهزاً للاستخدام قبل سنة من الآن، فبعد حقن مختبر أمريكي في ولاية سياتل حقن ثلاثة متطوعين في أول تجربة على لقاح ضد الفيروس، أعلنت السلطات الصينية من جانبها عن تحقيق تقدم كبير في تركيب لقاح ضد الفيروس يعمل عليه علماء في شنغهاي، مشيرة إلى أنه من المقرر بدء اختباراته السريرية في أبريل، من جهتها كشفت شركات فرنسية وبريطانية وإيطالية عن مواعيد تقريبية للوصول إلى تركيب لقاحات وعقاقير فعالة ضد الفيروس.

لا يزال التسابق بين شركات ودول من أجل إنتاج لقاح لفيروس كورونا الجديد مستمرا، ويبدو أن البعض يحقق نجاحا وتقدما ملحوظا خلال 8 أسابيع من بدء العمل على اللقاحات، حيث بدأت التجارب الأولى على البشر بعد أن انتهت التجارب المخبرية.

وحاليا، تعمل منظمة الصحة العالمية مع العلماء في جميع أنحاء العالم، على تطوير ما لا يقل عن 20 لقاحا مختلفا ضد فيروسات كورونا، وبعضها دخل بالفعل مرحلة التجارب السريرية في وقت قياسي، وتحديدا بعد 60 يوما فقط من التوصل إلى التسلسل الجيني للفيروس.

وقالت المديرة الفنية لبرنامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، ماريا فان كيرخوف، في مؤتمر صحفي بمقر المنظمة في جنيف يوم الجمعة "إن تسريع هذه العملية مثير حقا من حيث ما يمكننا القيام به، بناء على العمل الذي بدأ مع فيروس سارس، والذي بدأ مع متلازمة الشرق الأوسط التنفسية "ميرس"، ويتم استخدامه الآن لفيروس كوفيد-19".

غير أن مسؤولين في منظمة الصحة العالمية حذروا من أن اللقاحات لا تزال بعيدة عن إتاحتها للاستخدام العام، فيما يقول علماء بارزون إن التجارب السريرية وموافقات السلامة اللازمة للحصول على لقاح عملي في السوق قد يستغرق ما يصل إلى 18 شهرا.

فما مدى واقعية الحديث عن لقاح لوباء كورونا بعد أشهر قليلة من بدء تفشيه؟ وهل يصب التنافس الدولي في مصلحة جهود محاصرة الفيروس؟

نتائج مبشرة

قال علماء أمريكيون إن تجارب أولية على الفئران لإنتاج لقاح محتمل لمرض كوفيد-19 بجرعة لا تتجاوز حجم عقلة الأصبع أظهرت أنها قد تحفز على رد فعل مناعي ضد فيروس كورونا المستجد عند مستويات قد تمنع الإصابة.

ويعمل الباحثون بأنحاء العالم على تطوير علاجات محتملة أو لقاحات للمرض الذي يصيب الجهاز التنفسي وأودى بحياة نحو 47 ألف شخص وأصاب مليون شخص تقريبا خلال أشهر قليلة، وقال فريق في كلية طب بيتسبرج في الولايات المتحدة إنه استطاع التحرك سريعا نحو تطوير لقاح محتمل لكوفيد-19 بعد العمل على فيروسات كورونا أخرى تسبب مرض الالتهاب الرئوي الحاد ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية.

وقال أندريا جامبوتو الأستاذ المساعد في بيتسبرج ”هذان الفيروسان المرتبطان كثيرا بسارس سي.او.في-2 (بينما يسبب فيروس كورونا المستجد وباء كوفيد-19) يعلماننا أن بروتينا محددا يطلق عليه بروتين سبايك ضروري لتوفير الحصانة من الفيروس“، وأضاف ”نعلم تماما أين نكافح هذا الفيروس المستجد“.

ولدى تجربته على الفئران استطاع النموذج الأولي للقاح الذي أطلق عليه الباحثون بيتكو فاك أن يحدث ما وصفوه ”باندفاع متصاعد للأجسام المضادة“ لفيروس كورونا المستجد خلال أسبوعين، وحذر الباحثون في بيتسبرج من أنه بسبب عدم متابعة الحيوانات لفترة طويلة بعد فمن المبكر للغاية القول إذا كانت الاستجابة المناعية ضد كوفيد-19 ستكون فعالة ولأي فترة، لكنهم قالوا إن بالمقارنة مع اختبارات على الفئران للقاح التجريبي لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية فإنه تم إنتاج مستوى كاف من الأجسام المضادة لإضعاف الفيروس لمدة عام على الأقل، وقال الفريق إنه يأمل أن يبدأ في تجربة اللقاح المقترح على البشر في تجارب سريرية خلال الأشهر القليلة القادمة.

تجارب ما قبل المرحلة السريرية

قالت وكالة العلوم الوطنية الأسترالية يوم الخميس إنها بدأت المرحلة الأولى من اختبار لقاحات لمرض كوفيد-19 الذي يسببه فيروس كورونا فيما تنضم إلى سباق عالمي لوقف الجائحة.، وبدأت منظمة الكومنولث للبحوث العلمية والصناعية تجارب ما قبل المرحلة السريرية، والتي تشمل حقن قوارض بلقاحين محتملين، في منشأتها للأمن البيولوجي بالقرب من ملبورن، وقال روب جرينفيل مدير الصحة في المنظمة لرويترز إن اختبار المرحلة الأولى سيستغرق نحو ثلاثة أشهر مضيفا أن أي لقاح ينتج بعد هذه المرحلة لن يكون متاحا للجمهور قبل أواخر العام المقبل، وأضاف جرينفيل في مقابلة عبر سكايب من ملبورن ”ما زال يحدونا الأمل في أننا سنطرح لقاحا للمستهلكين خلال 18 شهرا... قد يتغير هذا بالطبع. هناك الكثير من التحديات التقنية التي يتعين علينا التغلب عليها“.

وذكر أن العلماء يعملون بوتيرة ”مذهلة“، ووصلوا إلى تجارب ما قبل المرحلة السريرية خلال نحو ثمانية أسابيع، في عملية تستغرق عادة ما يصل إلى عامين، وقال ”هذه هي السرعة التي (يعملون بها) في الوقت الراهن“.

وأصيب أكثر من 85 ألف شخص بالفيروس في 207 بلدان ومناطق، مما أسفر عن وفاة أكثر من 42 ألفا. وأبلغت أستراليا عن نحو 5200 حالة إصابة و24 حالة وفاة، وقال جرينفيل إنه يتوقع أن تبدأ تجربة أحد اللقاحين على البشر في وقت لاحق هذا الشهر أو أوائل الشهر المقبل.

سانوفي يمكنها أن تنتج ملايين الجرعات

قال الرئيس التنفيذي لشركة سانوفي الفرنسية للأدوية لرويترز إن الشركة ستكون قادرة على إنتاج ملايين الجرعات من هيدروكسي كلوروكوين لمرضى فيروس كورونا المستجد إذا ثبتت فاعلية عقار الملاريا القديم في التجارب السريرية.

وقال باول هادسن، الذي تولى منصب الرئيس التنفيذي في سبتمبر أيلول، في مقابلة إن الشركة تقوم بعمليات التصنيع بطاقة 93 بالمئة خلال الجائحة، وأضاف أن سانوفي قررت زيادة إنتاج أدويتها لضمان الحفاظ على الإمدادات للمستشفيات في أوروبا والولايات المتحدة في وقت تواجه فيه ضغطا غير مسبوق من المرضى الذين يعانون من مضاعفات تنفسية بسبب التفشي بما يخاطر بتحميل الأنظمة الصحية ما يفوق طاقتها.

لكنه أشار إلى أن الشركة لا تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية لأن العاملين الذين ظهرت عليهم أعراض المرض ومن خالطوهم تم إرسالهم لمنازلهم لأسبوعين، وبدأت الشركة في إنتاج كل الكميات الممكنة من هيدروكسي كلوروكوين في فبراير شباط بعد أن أشارت بيانات صينية إلى أن الدواء المخصص لعلاج الملاريا يمكنه أن يساعد بعض مرضى كوفيد-19، وتبيع سانوفي العقار، المستخدم منذ الخمسينيات، باسم تجاري هو بلاكوينيل في بعض الدول، وتعمل سانوفي أيضا على تطوير لقاحين محتملين للمرض وتختبر عقار كيفزارا المستخدم لعلاج الروماتيزم كدواء محتمل لكوفيد-19 وهو عقار تصنعه مع شركة ريجينيرون، وقالت المفوضية الأوروبية إن ليس هناك أدلة بعد على أن هيدروكسي كلوروكوين فعال في شفاء مرضى كورونا.

علاج الملاريا أكبر أمل

نقلت صحيفة زونتاج-تسايتونج السويسرية عن فاس ناراسيمهان الرئيس التنفيذي لشركة نوفارتس قوله يوم الأحد إن دواء (هيدروكسيكلوروكوين) المستخدم في علاج الملاريا والذئبة والتهاب المفاصل هو أكبر أمل للشركة في مواجهة فيروس كورونا المستجد.

وتعهدت نوفارتس بمنح 130 مليون جرعة وتدعم التجارب الإكلينيكية اللازمة قبل إقرار استخدام الدواء في علاج فيروس كورونا. وسبق أن روج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لهذا الدواء كعلاج محتمل للفيروس الجديد.

وقال ناراسيمهان للصحيفة ”الدراسات قبل الإكلينيكية على الحيوانات وكذلك البيانات الأولى من الدراسات الإكلينيكية تظهر أن هيدروكسيكلوروكوين يقتل فيروس كورونا... نحن نعمل مع المستشفيات السويسرية على بروتوكولات العلاج الممكنة للاستخدام الإكلينيكي للدواء ولكن من السابق لأوانه قول أي شيء بشكل قاطع“، وأضاف أن الشركة تبحث حاليا عن مكونات دوائية فعالة إضافية لإنتاج المزيد من هيدروكسيكلوروكوين، إذا نجحت التجارب الإكلينيكية.

مستشفيات أمريكا تسخدم الكلوروكين لعلاج كوفيد-19

سمحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية الأحد باستخدام كلوروكين وهيدروكسيكلوروكين كعلاج لفيروس كورونا المستجد لكن في المستشفيات فقط، وهما عقاران مضادان للملاريا يعلق عليهما الرئيس الأميركي دونالد ترامب آمالاً كبيرة.

وأكدت وزارة الصحة الأميركية في بيان أن إدارة الغذاء والدواء أعطت الضوء الأخضر من أجل "أن يقوم الأطباء بتوزيع ووصف (هذه العلاجات) للمرضى المراهقين والراشدين المصابين بكوفيد 19 والذين يعالجون في المستشفيات، بشكل مناسب، عندما تكون التجارب السريرية غير متوفرة أو ممكنة"، وأشاد الرئيس الأميركي في 24 آذار/مارس بهذا العقار قائلاً إن "هناك فرصة حقيقية لأن يكون له أثراً هائلاً. سيكون بمثابة هبة من الله إذا نجح".

ويدافع الطبيب الفرنسي ديدييه راوولت المثير للجدل عن هذا الدواء وقدّم دراسات عنه لم تقنع تماماً المجتمع العلمي، وحذرت السلطات الصحية الأميركية السكان من معالجة أنفسهم منزلياً. وتوفي أحد سكان ولاية أريزونا (جنوب غرب) بعد تناوله فوسفات الكلوروكين المخصص لتنظيف أحواض السمك.

ويعمل المعهد الوطني للصحة وإدارة البحث والتنمية في مجال الطب الحيوي في الولايات المتحدة على اختبارات سريرية للعلاجات. وسينطلق اختبار مبني على بروتوكول أعده البروفيسور راوولت، ويجمع بين الهيدروكسيكلوروكين وأزيثرومايسين (مضاد حيوي)، في نيويورك، وفي الولايات المتحدة أكثر من 140 ألف إصابة و2489 وفاة بالفيروس، وفق جامعة جونز هوبكينز.

آثار جانبية خطيرة لعلاجات كوفيد-19

حذّرت الهيئة الفرنسية للأدوية الاثنين من الآثار الجانبية الخطيرة المحتملة للعلاجات التي تمّ اختبارها لمرض كوفيد-19، داعيةً إلى عدم استخدامها "في أي حال" للتطبيب الذاتي، فيما تمّ الإبلاغ عن ثلاث وفيات يُرجّح أن تكون مرتبطة بهذه العلاجات.

وقال مدير عام الهيئة الوطنية لسلامة الأدوية والمنتجات الصحية دومينيك مارتان لوكالة فرانس برس إنه تمّ الإبلاغ عن "حوالى ثلاثين" أثراً جانبياً خطيراً و"ثلاث وفيات"، لدى مصابين بكورونا المستجدّ عولجوا بعقار "بلاكينيل" (هيدروكسي كلوروكوين) وأيضاً بعقار "كاليترا" المضاد للفيروسات القهقرية ويجمع بين مادتي لوبينافير وريتونافير.

وأوضح أنه أُبلغ عن الآثار الجانبية بشكل أساسي في المستشفى والتحاليل جارية للتحقق مما إذا كانت الآثار المسجّلة ناجمة أم لا عن العلاجات التي تلقاها المصابون. وأعرب عن أمله في التوصل إلى خلاصات أولى "بحلول نهاية الأسبوع".

ووضعت الهيئة تحت "المراقبة المشددة" منذ حوالى 15 يوماً كل العلاجات التي تم اختبارها لمكافحة كوفيد-19 "خصوصاً عندما تُستخدم خارج إطار التجارب السريرية"، وقال دومينيك مارتان "من الطبيعي تجربة العلاجات نظراً للظروف، لكن هذا لا يمنع وجوب ممارسة مراقبة، أي أن تكون هناك يقظة بشأن هذه الأدوية".

في هذا الإطار، سُلطت الأضواء على الهيدروكسي كلوروكوين مقترناً بالمضاد الحيوي أزيتروميسين، منذ أن نشر البروفسور الفرنسي ديدييه راوول دراستين مثيرتين للجدل وتوصلتا وفق قوله إلى "فاعلية" هذين العقارين ضد فيروس كورونا المستجدّ، واعتبر مدير هيئة الأدوية الفرنسية أن هذا الأمر يستحق "انتباهاً خاصاً".

وأشار إلى أن تناولهما مع بعض "يرجّح خطر" حصول اضطراب في معدل ضربات القلب "ما قد يؤدي إلى نوبة قلبية". وأضاف أن هذا الأمر "واقعياً أكثر لدى المرضى الذين يعانون من كوفيد-19" بسبب الاضطرابات في الأيض الناجمة عن هذا المرض.

أين وصلت الأبحاث العلمية حول عقاري الكلوروكين والهيدروكسي كلوروكين؟

تجرى تجارب حاليا في عدد من الدول لعقاري الكلوروكين والهيدروكسي كلوروكين المشتق منه، إلى جانب حزيئات أخرى، لمعالجة المصابين بوباء كوفيد-19. فما الذي نعرفه عن هذين المكونين، ما بين الاختبارات والدراسات والاستخدامات؟

"ما هو الكلوروكين؟، يعد الكلوروكين شكلا مركبا من الكينين المستخرج من أشجار الكينا، يستخدم منذ قرون لمعالجة الملاريا. ويباع عقار الكلوروكين تحت عدة تسميات بحسب الدول والمختبرات، ويعرف باسم نيفاكين مثلا أو ريزوكين.

من جهة أخرى، فإن الهيدروكسي كلوروكين مشتق من الكلوروكين لكنه أقل سميّة منه، يعرف في فرنسا تحت تسمية بلاكينيل، ويستخدم لمعالجة التهاب المفاصل الروماتويدي والذئبة، "لماذا يبعث الأمل؟"

ولأنه من غير المعروف متى سيتم التوصل إلى لقاح، ولن يكون جاهزا بالتأكيد قبل عام، يقوم العلماء باختبار أدوية موجودة والمزج بينها سعيا للتوصل إلى علاج في أسرع وقت لوباء كوفيد-19 الذي يجتاح العالم.

وهنا تكمن ميزة الكلوروكين والهيدروكسي كرولوكين عن جزيئات أخرى بأنهما متوافران ومعروفان وسعرهما متدن. والعقاران معروفان قبل انتشار وباء كوفيد-19، وكانت خصائصهما المضادة للفيروسات موضع الكثير من الدراسات سواء في المختبر أو على حيوانات وفيروسات مختلفة، فقد أشار الباحث في علم الإحياء المجهريّة المتخصص في الأمراض المعدية في معهد باستور مارك لوكوي إلى أنه "من المعروف منذ وقت طويل أن الكلوروكين والهيدروكسي كلوروكين المشتق منه يعطلان في التجارب المختبرية تكاثر" بعض الفيروسات.

وأضاف أن تجارب جرت مؤخرا أكدت "كما كان منتظرا"، أن للمادتين فعلا "في المختبر مفعولا مضادا للفيروسات" على فيروس كورونا. لكن لوكوي اعتبر أن نجاح التجارب في المختبر "لا يفترض بالضرورة أن هذين العقارين لديهما عمل مضاد للفيروسات داخل جسم الكائن البشري". مستشهدا بهذا الصدد بـ"عدة تجارب مخيبة للأمل" على فيروس حمّى الضنك حيث لم يكن لهما أي تأثير، وعلى حمّى شيكونغونيا، حيث "ساعدت" هذه الجزيئات في الواقع على تنامي الفيروس.

"جدل علمي غير محسوم"، وحتى الآن، صدرت ثلاث دراسات، واحدة صينية واثنتان فرنسيتان، عن نتائج إيجابية على مرضى مصابين بفيروس كورونا المستجد، وشملت التجارب الصينية 134 شخصا في مستشفيات مختلفة، واستنتجت أن للكلوروكين مفعولا إيجابيا.

أما في فرنسا، يُجري البروفسور ديدييه راوول التجارب على العقارين. وبعد دراسة أولى شملت عشرين مريضا، نشرت مساء الجمعة دراسة ثانية أجريت هذه المرة على ثمانين مريضا، تلقوا جميعهم علاجا يتضمن مزيجا من الهيدروكسي كلوروكين وعقار أزيترومايسين، وهو مضاد حيوي معروف يستخدم في القضاء على التهابات بكتيرية ثانوية.

وكتب مع فريقه من المعهد الاستشفائي الجامعي "مديتيرانيه أنفيكسيون" في مرسيليا "نؤكد فاعلية استخدام الهيدروكسي كلوروكين بالتزامن مع أزيترومايسين في معالجة كوفيد-19"، غير أن العديد من العلماء، انضمت إليهم منظمة الصحة العالمية، شددوا على حدود هاتين الدراستين إذ أجريتا بدون مراعاة الأصول العلمية الاعتيادية المتبعة، مثل اختيار المرضى بالقرعة، وإجراء التجارب من غير أن يعرف لا المشاركين ولا الأطباء من الذي يتلقى فعلا العلاج، ونشر النتائج في مجلة علمية ذات لجنة مراجعة مستقلة، وغيرها، وفي دليل على مدى تعقيد الموضوع، فإن دراسة سريرية أخرى صينية نشرت نتائجها في 6 آذار/مارس لم تخلص إلى فاعلية خاصة للعقار على 30 مريضا.

"مخاطر وآثار جانبية"، وتبقى إحدى أبرز العقبات أمام وصف هذين العقارين هي الآثار الجانبية لهما على جسم الإنسان. فقد حذر قسم من الأوساط العلمية والسلطات الصحية من التسرع في اعتماد هذه العقارات.

وأوضح بيتر بيتس المسؤول السابق في وكالة الأغذية والعقاقير الأمريكية أن "إحدى هذه العواقب غير المحتسبة قد تكون فقدان عقار الكلوروكين فيما يحتاجه أشخاص لمعالجة داء المفاصل الروماتويدي على سبيل المثال".

كما أن التأثيرات الجانبية كثيرة، من غثيان وتقيّؤ وطفح جلديّ، وصولا إلى أمراض في العيون واضطرابات قلبية وعصبيّة... وبالتالي، فإن الإفراط في تناول العقار قد يكون خطيرا، بل قاتلا، إلا أن الدعاية التي تحيط بهذه المادة قد تحمل الناس على تناولها من تلقاء أنفسهم بدون استشارة طبيب. وتوفي أمريكي هذا الأسبوع بعد تناول نوع من الكلوروكين موجود في مادة مستخدمة لتنظيف أحواض السمك. كما نقل نيجيريان إلى قسم الطوارئ في المستشفى بعد تناولهما كميات كبيرة من العقار المضاد للملاريا.

"ما مدى استخدامه حتى الآن؟"، يدعو بعض الأطباء وبعض البلدان وكذلك بعض المسؤولين إلى وصف الهيدروكسي كلوروكين بشكل واسع للمرضى في ظل الحالة الصحية الطارئة السائدة حاليا، وأبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حماسة واصفا الدواء بأنه "هبة من السماء"، فيما أعادت اليونان تفعيل إنتاجه ويدرس المغرب استخدامه لمعالجة "الإصابات المؤكدة"، وعلى ضوء تزايد الطلب على الكلوروكين والهيدروكسي كلوروكين منذ بضعة أسابيع، يمكننا الافتراض بأن بعض الأطباء في أنحاء العالم وصفوه ضد وباء كوفيد-19.

وتعهد ديدييه راوول علنا بتوزيع الهيدروكسي كلوروكين مع الأزيترومايسين على "كل المرضى المصابين" بالفيروس، لكن أصواتا في الأوساط العلمية وبعض المنظمات الصحية تدعو إلى التريث إلى حين الحصول على نتائج مثبتة طبقا للنهج العلمي البحت.

وبدأت تجربة أوروبية أطلق عليها اسم "ديسكوفري" باختبار أربعة علاجات بينها الهيدروكسي كلوروكين على 3200 مريض في عدة بلدان بينهم 800 في حالة خطرة في فرنسا، وفي الولايات المتحدة، بدأت تجربة سريرية واسعة النطاق الثلاثاء في نيويورك، بؤرة الوباء في هذا البلد، تحت إشراف وكالة الأغذية والعقاقير، كما باشرت منظمة الصحة العالمية بتجربة سريرية دولية ضخمة، وفي انتظار النتائج، تلزم بعض الدول موقفا حذرا. وسمحت فرنسا باستخدام الهيدروكسي كلوروكين، وكذلك عقاري ليبونافير وريتونافير المضادين للفيروسات، إنما في المستشفى حصرا وللحالات الخطيرة فقط.

طبيب فرنسي يعتذر عن اقتراحه تجربة لقاح لعلاج كوفيد-19 في أفريقيا

اعتذر طبيب فرنسي لاقتراحه إجراء تجارب على لقاح محتمل لكوفيد-19 في أفريقيا بعد أن أثارت تصريحاته انتقادات واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، وعرض جان بول ميرا رئيس وحدة العناية المركزة في مستشفى كوشين في باريس هذا الاقتراح يوم الأربعاء خلال مقابلة على قناة تلفزيون (إل.سي.أي)الفرنسية مع مدير الأبحاث في معهد الصحة الوطني الفرنسي، كان مدير الأبحاث كاميل لوشت في نقاش حول لقاح السل بي سي جي الذي يتم تجربته في العديد من البلدان الأوروبية وأستراليا لعلاج كوفيد-19 الناجم عن فيروس كورونا المستجد، وتساءل ميرا قائلا ”لو استطعت أن أكون مستفزا، ألا يجب علينا إجراء هذه الدراسة في إفريقيا حيث لا توجد أقنعة أو علاج أو رعاية مكثفة بشكل ما بالطريقة التي أجريت بها بعض الدراسات المتعلقة بالإيدز أو مع البغايا؟“.

وقال ”نجرب اللقاح لأننا نعلم أنهم معرضون بشدة للخطر ولا يحمون أنفسهم“، ورد كاميل لوشت قائلا ”أنت على حق. وبالمناسبة ، نحن في عملية تفكير بشكل متواز حول إجراء دراسة في أفريقيا ... هذا لا يمنعنا من أن نفكر أيضا في إجراء الدراسة في أوروبا وأستراليا“، وأثارت التعليقات غضبا على وسائل التواصل الاجتماعي.

وكتب ديدييه دروجبا نجم كرة القدم المعتزل من ساحل العاج على تويتر ”أفريقيا ليست معمل تجارب. أود أن أندد بتلك الكلمات المهينة والخاطئة وفوق كل ذلك تنضح بالعنصرية“، وقالت مجموعة محامين من المغرب إنها ستقاضي ميرا بتهمة التشهير العرقي.

ونقلت شبكة مستشفيات باريس التي تدير المستشفى التي يعمل بها ميرا عنه قوله ”أريد أن أقدم اعتذاري التام لمن تضرروا وصدموا وشعروا بالإهانة من التعليقات التي صرحت بها بفظاظة بشأن اللقاح هذا الأسبوع“.

اختبار للأجسام المضادة لكورونا قد يكون جاهزا قريبا

قال مستشارون علميون للحكومة الإيطالية إن اختبارا موثوقا به للأجسام المضادة في الدم لكشف المصابين بفيروس كورونا سيعطي صورة أفضل عن مدى انتشار الوباء في إيطاليا ويمكن تحديده في غضون أيام.

وأصيب أكثر من 115 ألف شخص بالفيروس في إيطاليا منذ اكتشاف تفشي المرض في المناطق الشمالية الغنية في 21 فبراير شباط، وتوفي ما يقرب من 14 ألفا، وهو أعلى عدد وفيات في العالم جراء المرض.

لكن الأرقام اليومية للإصابات والوفيات الجديدة ظلت ثابتة في الأيام القليلة الماضية وهي أرقام يأمل الخبراء في أن تكون مؤشرا على قرب انحسار التفشي.

ويتزايد الضغط لمعرفة من تعرض للفيروس وما إذا كان بعض الأشخاص قد طوروا مناعة ضده من أجل تخفيف إجراءات العزل العام الصارمة التي فرضتها الحكومة للحد من انتشار العدوى، وقال فرانكو لوكاتيلي رئيس المجلس الأعلى للصحة في إيطاليا إنه لا يزال يجري وضع الضوابط لنظام اختبار الأجسام المضادة لاستخدامه على مستوى البلاد، وأضاف لوكاتيلي للصحفيين أن باحثين في مؤسسات حكومية يعملون بدأب لتحليل الاختبارات ويأملون في الحصول على نتيجة ”في غضون أيام قليلة“، وأوضح أن الأمر قد يستغرق شهرا آخر على الأرجح قبل أن تتمكن السلطات الصحية من تنفيذ التوصيات بشأن إجراء الاختبار على مستوى البلاد.

شركة أمريكية جديدة تدخل سباق التوصل للقاح ضد فيروس كورونا

أعلنت شركة المنتجات الصيدلانية "جونسون أند جونسون" أنها ستشرع بإجراء تجارب سريرية على البشر للقاح محتمل ضد فيروس كورونا كوفيد-19 بحلول سبتمبر/أيلول، وقد يصبح جاهزا للاستعمال مطلع السنة الجديدة.

وتضمن بيان للمجموعة الأمريكية أنها وقعت اتفاقا مع هيئة البحث المتقدم والتطوير في مجال الطب الحيوي التابعة للحكومة الأمريكية، لاستثمار مليار دولار لهذا الغرض، وبدأت الشركة العمل في يناير/كانون الثاني على لقاح اختباري مستخدمة التقنية المعتمدة في تطوير لقاح محتمل ضد فيروس إيبولا.

وتقوم هذه التقنية على الخلط بين فيروس الإنفلونزا العادي غير القادر على التكاثر مع أجزاء من كوفيد-19 في محاولة لتحفيز استجابة مناعية لدى الإنسان، وقال المدير العلمي في الشركة بول ستوفيلز "لقد اختبرنا عدة لقاحات محتملة على حيوانات لاختيار الأفضل من بينها. وقد استغرق الأمر 12 أسبوعا".

ولم تتوصل الشركات الصيدلانية حتى الآن إلى أي لقاح فعال ضد فيروسات تندرج في إطار سلالة فيروسات كورونا. إلا أن المسؤول اعتبر أن الفرصة متاحة هذه المرة لأن الفريق العامل عليه هو نفسه الذي كان يطور لقاحا محتملا لفيروس سارس في 2002-2003، وقد توقف عمل هذا الفريق يومها بسبب السيطرة على الوباء بعدما تسبب في وفاة 800 شخص، وأوضح ستوفيلز "السؤال المطروح هو: هل نحمي من الإصابة أو من شكل خطر من المرض؟ فبالنسبة للكثير من الأمراض مثل الانفلونزا يكون اللقاح السنوي للحماية من الشكل الخطر منها وليس من الإصابة دائما".

وقالت ضركة جونسون أند جونسون إنها تعزز قدرتها على الإنتاج في الولايات المتحدة ودول أخرى لتوفير أكثر من مليار جرعة من اللقاح عبر العالم. وتعمل الشركة أيضا على علاجات مضادة لفيروس كورونا، وباشرت شركة "موديرنا" الأمريكية من جهتها تجارب سريرية على لقاح، على غرار المجموعة الصينية "كانسينونبايو"، ولا يتوافر حتى الآن أي لقاح أو علاج ضد وباء كوفيد-19.

بريطانيا تشن حملة على العلاجات الوهمية لفيروس كورونا

قالت السلطات البريطانية إنها تشن حملة على العلاجات الوهمية لفيروس كورونا الذي ليس له حاليا علاج محدد مرخص، وقالت وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية إنها تتحرى عن 14 منتجا وهميا أو غير مرخص لعلاج كوفيد-19 وهو المرض التنفسي الناجم عن فيروس كورونا.

وتشير أحدث احصاءات إلى أن 3605 بريطانيين توفوا حتى الآن بسبب كورونا وقال خبراء إن عدد الوفيات سيواصل الارتفاع إلى أن تسري تدابير العزل العام التي تم اتخاذها في الآونة الأخيرة وتؤدي إلى إبطاء انتشار المرض خلال الأسابيع المقبلة، وأضافت الوكالة إنها تتحرى عن معدات زائفة للاختبار الذاتي وأدوية معجزة.

وقالت ليندا سكاميل المسؤولة في وكالة تنظيم الأدوية ”لا تخدعكم عروض المنتجات الطبية الموجودة على الانترنت للمساعدة في منع كوفيد-19 أو علاجه“، وأضافت ” لا يوجد علاج مجاز رسميا لعلاج أو منع كوفيد-19 ومن ثم فإن إي ادعاء لفعل ذلك غير مجاز وليس لديه موافقات تنظيمية ضرورية كي يتم بيعه في سوق المملكة المتحدة“.

إجراءات سريعة لتجنب وفاة الملايين

أشار تقرير أعده باحثون من كلية إمبريال كوليدج في لندن إلى أنه يمكن إنقاذ أكثر من 30 مليون شخص حول العالم من فيروس كورونا في حال تحركت الدول بسرعة، وبحسب التقرير، فإن الاستراتيجية المثالية تتطلب اعتماد اختبارات الفحص واسعة النطاق واتخاذ إجراءات حازمة للتباعد الاجتماعي.

وخلص التقرير إلى أنّ التصرف المبكر ربما يقلل الوفيات بنسبة تصل إلى 95 في المئة، لكن من المرجح أن تواجه الدول ذات الدخل المنخفض عبئا أكبر بكثير من الدول الغنية، ودرس باحثون من إمبريال كوليدج الأثر الصحي للوباء في 202 دولة باستخدام عدد من السيناريوهات المختلفة واستندوا في تقديراتهم إلى بيانات من الصين ودول ذات دخل مرتفع، ويقول التقرير إنّ عدم القيام بأي شيء لمكافحة الفيروس سيجعل العالم يواجه احتمال وقوع حوالي 40 مليون حالة وفاة هذا العام.

ويمكن أن يؤدي التباعد الاجتماعي - أي تقليل التواصل بين عموم السكان بنسبة 40 في المئة وبين كبار السن والضعفاء بنسبة 60 في المئة - إلى خفض العدد بمقدار النصف تقريباً، ويضيف التقرير أنّ الأنظمة الصحية في جميع البلدان ستظل غارقة في الحالات التي يتعين التعامل معها.

وفي حال تبنت الدول إجراءات أكثر صرامة في وقت مبكر - مثل إجراء اختبارات الفحص وعزل الحالات المصابة وفرض التباعد الاجتماعي لمنع انتقال العدوى إلى عدد أكبر من الناس - فيمكن عند ذلك إنقاذ 38.7 مليون شخص.

وهذا يعادل انخفاض بنسبة 95 في المئة في معدل الوفيات، ويقدر الباحثون أنه إذا تمّ إدخال هذه الإجراءات في وقت متأخر، فقد يتراجع الرقم إلى 30.7 مليون، وخلص الباحثون إلى أنّ "التأخير في تنفيذ الاستراتيجيات لوقف انتقال العدوى سيؤدي إلى نتائج أسوأ وينقذ عدد أقل".

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا