تفاصيل مثيرة عن كورونا: ما نراه نقطة في بحر!

علي عواد

2020-02-13 07:29

ووهان، عاصمة مقاطعة هوباي الصينية، هي في الواقع ثلاث مدن: ووشانغ، هانكو وهانيانغ، والتي يقسمها نهرا يانغتسى وهانجينغ، قيل يوماً عن المدينة إنه إذا ما أردت أن تجد أكثر الناس سعادةً، فاذهب إلى ووهان، المدينة التي كانت ستنافس نيويورك، والتي يعود تاريخها إلى 3500 عام. أُريد الكثير لووهان، لكن الطبيعة شاءت غير ذلك.

حَصْد الأرواح إلى ازدياد، فيما الإصابات بالآلاف. كان الثلاثاء الماضي أكثر الأيام سوداوية: 108 وفيات، ارتفع معها العدد الكلّي إلى 1112 شخصاً، فيما عدد الإصابات الكلّي منذ بداية تفشي الوباء حتى هذه اللحظة بلغ 44789 شخصاً. 5354 حالة من الإصابات عولج منها 4336 شخصاً، فيما لقي من تبقى منهم حتفهم، ما يعني أن الحصيلة النهائية لحدّ الآن هي 37789 مصاباً، 81 بالمئة منهم أي 31803 شخصاً حالتهم متوسطة، فيما 19 في المئة أي 7345 شخصاً في حالة حرجة. بالنسبة إلى مدير «منظمة الصحة العالمية»، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، فإن المسألة الأهم في المعركة ضد فيروس كورونا الجديد هي السرعة التي ينتشر بها خارج الصين، حيث «رُصد عدد صغير من الحالات يمكن أن يشير إلى انتقال أوسع في دول أخرى. باختصار، ربما يكون ما نراه ليس سوى نقطة في بحر».

كيف ينتشر الفيروس؟

الفيروس يصيب الجهاز التنفسي، وينتقل من خلال الاتصال بشخص مصاب عبر السعال أو العطس أو اللعاب أو الإفرازات الأنفية. يعتقد العلماء أن الشخص يصبح معرّضاً للإصابة بالفيروس إذا كان على مسافة متر واحد من الشخص المصاب. ويشدد مسؤولو الصحة على اتباع الإجراءات الاحترازية الآتية: غسل اليدين باستمرار، تغطية الوجه أثناء السعال أو العطس. وإذا كان الشخص مصاباً، عليه ارتداء قناع لحماية الآخرين. وقد يكون الإسهال وسيلة ثانوية لنقل المرض، بحسب فريق من الباحثين. وأشار علماء صينيون في مجلة «نيوانغلاند جورنال أوف مديسن» إلى أن الشخص المصاب سينقل المرض إلى ما معدّله 2,2 شخص. وتعتبر هذه نسبة أعلى من نسبة انتقال الإنفلونزا الشتوية (1,3)، وأقلّ من أيّ مرض معدٍ آخر مثل الحصبة (أكثر من 12)، وشبيهة بنسبة السارس (3) الذي انتشر في الصين عامَي 2002 و2003.

متى يصبح المرض معدياً؟

اعتقد العلماء في البداية أن الفيروس يصبح معدياً بعد أيام من بدء ظهور الأعراض، كما حدث في حالة فيروس سارس، بحسب ما ذكر أرنو فونتانيه من «معهد باستور» لوكالة «فرانس برس». إلا أنهم يعتقدون الآن أنه يمكن أن يصبح معدياً قبل ذلك. وقال فونتانيه: «اليوم، الجميع متفقون على أن فترة العدوى تبدأ فور ظهور الأعراض». وأضاف إن «بعض حالات العدوى سُجّلت من أشخاص لم تظهر عليهم الأعراض، والشخص الذي لا تظهر عليه الأعراض لا يسعل، لذا، إن انتقال الفيروس من هؤلاء يجعل من احتواء الفيروس عملية صعبة نظراً إلى صعوبة رصدهم». هذه الحالات من العدوى دفعت بنائب رئيس مكتب الشؤون المدنية في شنغهاي، تسنغ تشون، ليقول في مؤتمر صحافي: «إن فيروس كورونا الجديد يمكن أن ينتقل عبر الـ aerosol»، بمعنى أن الفيروس، لحظة خروجه من المصاب به، يندمج مع جزيئات أخرى في الهواء، ما يعطيه القدرة على التنقل لمسافات أبعد، ليعود ويصيب من يتنشّق الهواء فيها.

في دراسة جديدة نشرت على موقع «medrxiv» للأوراق العلمية الطبية، شارك فيها 37 اختصاصياً صينياً، من ضمنهم الطبيب شونغ نانشان مكتشف فيروس السارس، يرد الحديث عن أحد أكثر الأمور رعباً. إذ قيل سابقاً إن فترة الـ «Incubation»، أي حمل المريض للإصابة من دون ظهور العوارض لديه، تتراوح من صفر إلى 14 يوماً، بينما تشير الورقة إلى أن المدّة هي أكثر من ذلك، ويمكن أن تصل إلى 24 يوماً! وإذا ما صحّ هذا، فهو يعني أننا أمام كارثة؛ إذ عمدت الدول والجهات الطبية حول العالم إلى حجز وقائي دام 14 يوماً، ومن لم تظهر عليه عوارض المرض خلال تلك الفترة أخلي سبيله، لكن الدراسة هذه تظهر أن جميع الجهود التي بُذلت حتى اللحظة لم تكن كافية، وأن تلك الجهات قد تكون أطلقت سراح أحد المصابين على أساس عدم الإصابة، الأمر الذي قد يفسّر تخوّف «الصحة العالمية» من تزايد حالات الإصابة خارج الصين.

أبرز التطورات حول العالم

خارج الصين القارية، أسفر الفيروس عن مصرع شخصين، الأول في الفيليبين والثاني في هونغ كونغ، فيما تمّ تأكيد أكثر من 400 إصابة في حوالي ثلاثين دولة. لكن السيناريو الذي كان يثير مخاوف أصبح حقيقة: بريطاني لم يزر الصين بتاتاً التقط المرض في سنغافورة ونقله إلى أصدقائه أثناء وجودهم في شقة في جبال الألب في فرنسا، ليتمّ تشخيصه في بريطانيا لاحقاً. هذا المواطن البريطاني الذي أعلن أمس أنه «تعافى تماماً»، نقل العدوى بشكل عرضي إلى 11 شخصاً على الأقلّ، بينهم خمسة نُقلوا إلى المستشفى في فرنسا، وخمسة آخرون في بريطانيا، ورجل في جزيرة مايوركا الإسبانية. وحذّر تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الإثنين الماضي، من أن «رصد هذا العدد الصغير من الحالات قد ينتهي بانتشار أكبر» للوباء. وحتى الآن، تشمل معظم الإصابات المسجّلة في الخارج عائدين من ووهان. وفي آسيا، لا يزال آلاف المسافرين وأفراد طواقم معزولين على سفينتين سياحيتين. وتمّ تأكيد إصابة ما لا يقلّ عن 135 شخصاً على متن سفينة الرحلات الترفيهية «دايموند برينسس» الخاضعة للحجر الصحي قبالة سواحل اليابان.

العلاج

قال المدير العام لـ«الصحة العالمية»، إن أوّل لقاح ضد فيروس كورونا الجديد لن يكون متاحاً إلا بعد 18 شهراً، «لذا، فإنه يتعين علينا عمل كلّ شيء الآن باستخدام الأسلحة المتاحة». وأضاف إن «فيروس كورونا الجديد سيطلق عليه اسم كوفيد - 19». تكافح الصين للسيطرة على الوباء، وقد اتّخذت لهذه الغاية إجراءات مشدّدة شملت إغلاق مدن بأكملها، ومنع سكانها من مغادرة منازلهم إلا للضرورة. وفي سياق متصل، أعلن التلفزيون الصيني، أمس، أن اثنين من كبار المسؤولين المحليين في هوباي، الإقليم الواقع في وسط الصين والذي ظهر فيه فيروس كورونا المستجدّ، أقيلا بقرار من اللجنة الدائمة لـ«الحزب الشيوعي الصيني» لهوباي، في واحد من إجراءات صارمة تثبت جدّية الصين في مكافحتها للفيروس.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي