ماذا يحدث لجسمك إذا تناول الفاكهة والخضروات فقط؟
عبد الامير رويح
2020-01-22 04:00
تتواصل الدراسات والأبحاث الطبية والعلمية التي يقوم بها العلماء في مختلف دول العالم، من اجل اثبات الحقائق الخاصة بالفوائد الصحية للفواكه والخضار التي تعتبر مصدرا طبيعيا للعديد من الفيتامينات والألياف والمعادن الضرورية لنمو جسم صحي، فاكل الكثير من الفاكهة والخضار المتنوعة والمختلفة يساعد وبحسب بعض المصادر، على منع الأمراض المزمنة بما في ذلك السرطان، وأمراض المناعة، وتشير البحوث إلا أن معظم الفواكه والخضروات عظيمة الفائدة الغذائية حيث تساهم في صرف الدهون والسعرات الحرارية بشكل يومي. كما تساعد الخضار والفواكه الطازجة والمطبوخة على الشعور بالشبع و بالتالي المحافظة على وزن مثالي والحيلولة دون الوزن الزائد.
وينصح خبراء التغذية بتناول الخضار والفواكه خمس مرات في النهار وعلى فترات، وذلك خلال اليوم بكامله. وتضيف خبيرة التغذية في جامعة سانت لويس الأمريكية، أن العلم الحديث لا يزال يسير قدما باتجاه معرفة القيمة الغذائية لكل نوع من الفواكه والخضار لتحديد مدى فائدة كل نوع للجسم. وتشير أرقام الإحصائيات إلى أن اكثر الخضراوات والفواكه شهرة واستهلاكا هي الذرة، البطاطا، الخس، التفاح، والموز ولكنه ليس بالضرورة أن هذه الأنواع من الخضار هي الأكثر فائدة لجسم الإنسان.
وبحسب خبيرة التغذية الأمريكية فأن اكثر الخضار والفواكه فائدة للإنسان هي التي تحتوي على أعلى النسب من الفيتامينات والألياف، مثل الخضار ذات اللون الأخضر الداكن، و الحمضيات، كذلك الخضار والفواكه ذات اللون الأصفر والبرتقالي. وعلى صعيد آخر، وجد باحثون يابانيون، أن الوجبات الغذائية التي احتوت على كميات كبيرة من الخضراوات والفاكهة كانت مفيدة بشكل مدهش، كما أن استهلاكها ولو بصورة قليلة، لمرة واحدة أسبوعيا فقط، ساعد في الوقاية من سرطان المعدة بنسبة ملحوظة.
من جانب اخر وجد الباحثون أن مرضى سرطان البروستاتا المخصص لهم، تناول 7 وجبات أو أكثر من الخضراوات والفواكه يوميًا لم يعرفوا أي حماية إضافية من زيادة فبالرغم من أن تناول المزيد من الفواكه والخضروات وممارسة التمرينات الرياضية قد لا يشفي من السرطان ، إلا أنه قد يبقي الجسم أقوى وأكثر صحة ، مما قد يساعد على تحمل علاجات السرطان. وتشير الدراسات السابقة إلى أن الأطعمة التي تحتوي على الكاروتينات عالية لها خصائص مضادة للأكسدة ، والتي يمكن أن تحمي الرجال من سرطان البروستاتا، و بعض هذه الأطعمة تشمل الخضروات الورقية والبروكلي والملفوف والجزر والطماطم.
ومع ذلك ، فإن الدراسة ، التي نشرت في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية " the American Medical Association" ، تبين أن تناول المزيد من المنتجات لن يشفى ولا يوقف المرض. البيانات أشارت إلى أنه على الرغم من المعتقدات السابقة، فإن تناول المزيد من الخضروات لن يغير مسار سرطان البروستاتا او يعالجه، فعلى الرغم من أن اتباع نظام غذائي صحي غني بالفواكه والخضروات وممارسة المزيد من التمرينات، قد لا يعالج السرطان ، فإنه قد يبقي الجسم أقوى وأكثر صحة ، مما قد يساعد المرضى على تحمل علاجات السرطان". ووفقا للباحثين، قد تساعد تغييرات النظام الغذائي الصحي إلى تحسين النتائج في مرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية ، ولكن ليس في السرطان.
فوائد كبيرة
وفي هذا الشأن نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا، حول دراسة أجرتها جامعة "إمبيريال كوليج لندن"، توصلت إلى أن تناول كمية مضاعفة من المنصوح به حاليا من الخضار والفواكه يزيد من مناعة الجسم ضد مختلف الأمراض، ويقلل من فرص الوفاة المبكرة. ويقول التقرير إنه "ربما يجد من لا يحبون تناول الخضار والفواكه هذه النتائج مزعجة، فالمنصوح به حاليا هو تناول خمس حصص من الخضار والفاكهة، وزن الحصة 80 غراما، وبعضهم لا يتناول سوى ثلاث حصص من الخمس المنصوح بها، علما بأن تناول 200 غرام، أي نصف الكمية التي ينصح بها، يساعد على تخفيض مخاطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 16%، والإصابة بالجلطة بنسبة 18%، وأمراض الشرايين بنسبة 13%، والسرطان بنسبة 4%، والموت المبكر بنسبة 15%".
وتستدرك الصحيفة بأن الدراسة الجديدة تقترح أن نزيد من تناول الخضار والفواكه إن كنا نسعى لتجنب الأمراض المزمنة والوفاة المبكرة، حيث يقول الدكتور داغفين أون، الذي قاد البحث في كلية الصحة العامة في جامعة "إمبيريال": "أردنا أن نبحث عن كمية الخضار والفواكه التي نحتاج إلى أكلها للحصول على أقصى حماية ضد المرض والوفاة المبكرة، وتشير النتائج التي توصلنا إليها، إلى أن تناول خمس حصص من الخضار والفاكهة في اليوم جيد، إلا أن تناول عشر حصص في اليوم أفضل".
ويفيد التقرير بأن تناول 800 غرام من الخضار والفواكه، وهو ما يعادل عشر حصص، وهو ضعف المنصوح به في المملكة المتحدة، يقلل من احتمال الإصابة بمرض القلب بنسبة 24%، والجلطة بنسبة 33%، وأمراض الشرايين بنسبة 28%، والسرطان بنسبة 13%، والوفاة المبكرة بنسبة 31%. وتلفت الصحيفة إلى أن الفواكه والخضار ليست متساوية الفوائد، فالتفاح والإجاص والحمضيات والسلطات وذوات الأوراق الخضراء، مثل السبانخ والخس والهندباء البرية، والخضراوات الصليبية، "التي تعرف أيضا بالفصيلة الكرنبية أو الخردلية"، مثل البروكلي والملفوف والزهرة، مفيدة في منع أمراض القلب والجلطة.
ويكشف التقرير عن أنه من أجل تخفيض احتمال الإصابة بالسرطان، فإنه يجب أكل الخضراوات الخضراء، مثل الفاصوليا الخضراء، والخضراوات الصفراء والبرتقالية، مثل الفلفل الحلو والجزر، بالإضافة إلى الخضراوات الصليبية، مشيرا إلى أن الباحثين لم يجدوا فرقا بين فوائد الخضار والفواكه المطبوخة والنيئة. وتنقل الصحيفة عن الدكتور أون، قوله: "تبين أن الفواكه والخضار تخفض من مستويات الكوليسترول وضغط الدم، وتعزز الأوعية الدموية ونظام المناعة.
وقد يكون ذلك بسبب الشبكة المعقدة من العناصر الغذائية التي تحتويها، فتحتوي مثلا على الكثير من المواد المقاومة للأكسدة، التي قد تساعد في تقليل الأضرار التي تصيب الحمض النووي، وذلك يقلل من خطر الإصابة بالسرطان"، لافتا إلى أن الخضراوات الصليبية، مثل البروكلي، تحتوي على مركبات تسمى الجلاكوسينولات، قد تساعد على الحماية من السرطان، بالإضافة إلى أنه قد تكون للفواكه والخضراوات آثار جيدة على البكتيريا الموجودة في أمعائنا بشكل طبيعي.
وبحسب التقرير، فإن الدكتور أون نبه إلى أنه لا يمكن وضع فوائد الخضراوات والفواكه في عبوات أو على شكل حبوب، ونصح بأكل الخضراوات والفواكه الطازجة؛ للحصول على الفائدة كاملة، بدلا من الاعتماد على ما يسمى المكملات الغذائية. وتذكر الصحيفة أن البحث، الذي نشر في دورية "إنترناشونال جورنال أوف إبديميولوجي"، جمع نتائج 95 دراسة مختلفة على حوالي مليوني شخص، وقيمت حوالي 43 ألف حالة مرض قلب، و47 ألف حالة جلطة، و81 ألف حالة أمراض شرايين، و112 ألف حالة سرطان، و94 ألف حالة وفاة، وقال أون إن هناك حاجة للمزيد من البحث، لكن "من الواضح من هذا العمل، أن زيادة الفواكه والخضراوات في الطعام لها فوائد صحية جمة، ويجب علينا محاولة زيادة تناولها في وجباتنا اليومية".
ويورد التقرير نقلا عن سارة تول من مركز أبحاث السرطان "وورلد كانسر ريسيرش فند"، قولها: "هذا بحث مثير للاهتمام، ويظهر مقدار أهمية الخضراوات والفواكه، بصفتها جزءا مهما من الحمية الصحية، وفي الواقع إنها ضرورية للحفاظ على وزن صحي، الذي بدوره يقلل من خطر الإصابة بأحد عشر صنفا من السرطانات الشائعة، بحسب ما تظهر الأدلة لدينا". وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول تول: "يجب أن يحاول الناس تناول خمس حصص من الخضراوات والفواكه على الأقل في اليوم، لكن الزيادة أفضل، وإن وجد الناس هذا صعبا فلماذا لا يبدأون في إضافة حصة خضار أو فاكهة كل يوم مع وجبة الغداء، أو محاولة استبدال إحدى الوجبات الخفيفة الضارة بحبة فاكهة؟"..
صحة نفسية أفضل
أظهرت دراسة حديثة أن استهلاك الخضار والفواكه بحصص أكبر، قد يحسن صحة الفرد النفسية بشكل كبير خلال فترة أسبوعين. وفيما أظهرت العديد من الدراسات السابقة أن إدخال الخضراوات والفواكه في نظام الفرد الغذائي اليومي، قد يقلل من فرص إصابته بالعديد من الأمراض، إلا أن هذه الدراسة الجديدة تأتي لتفيد بأن تأثيرها الإيجابي لا يقتصر على صحة الجسد فحسب، بل قد يمتد ليشمل الصحة النفسية كذلك.
وأظهرت الدراسة التي قادها البروفيسور في دائرة صحة النفس في جامعة أوتاجو في نيوزيلندا (University of Otago)، الدكتور تاميلان كونر (Dr. Tamlin Conner)، أن الأفراد الذين تمت زيادة حصصهم اليومية من الفواكه والخضراوات، سجلت لديهم مستويات متزايدة من التحفيز الذاتي وتحسن في مؤشراتهم الحيوية. وأجريت الدراسة التي نشرت في مجلة (PLOS One)، على عينة من 171 طالباً تراوحت أعمارهم بين 18-25 سنة، تم تقييمهم من عدة نواحٍ نفسية شملت: التغيرات المزاجية، النشاط والحيوية، الاندفاع والتحفيز الذاتي، أعراض الاكتئاب والقلق، وعوامل أخرى، فوجد أن الفئة التي تناولت حصصاً أكبر من الفواكه والخضراوات، حصل تحسن ملحوظ على صحتها النفسية فيما يخص الحيوية والنشاط والتحفيز الذاتي.
وهذه الدراسة هي الأولى من نوعها التي تظهر أن تناول الخضار والفواكه بشكل منتظم قد يحسن الصحة النفسية، وتأتي هذه الدراسة لتمهد الطريق أمام أبحاث أخرى أكثر عمقاً لدراسة أثر تناول الخضار والفواكه على نفسية الأفراد على المدى الطويل. وتبعاً للتوصيات الصادرة عن وزارة الزراعة في الولايات المتحدة الأمريكية، على الفرد البالغ أن يستهلك يومياً: كوبين من الفواكه: ما يعادل في الحجم نصف حبة جريب فروت أو حبة برتقال كبيرة. ما بين 2-3 أكواب من الخضراوات: ما يعادل في الحجم حبة فليفلة حمراء كبيرة أو حبة بطاطا حلوة كبيرة.
وبحسب دراسة اخرى نُشرت نتائجها في صحيفة الديلي ميل فان تأثير الإكثار من الفواكه والخضروات في نظامنا الغذائي اليومي يعادل تأثير الانتقال من البطالة الى العمل على وضعنا النفسي. وقال العلماء ان نتائج دراستهم تقدم دليلا آخر على ان إقناع الأشخاص بتناول مزيد من الفواكه والخضروات ليس مفيداً للصحة البدنية على المدى البعيد فحسب وانما للصحة العقلية على المدى القريب ايضاً.
وجدت الدراسة التي شارك فيها نحو 50 الف متطوع ان الصحة العقلية للشخص تتحسن بتناسب طردي مع كمية الفواكه والخضروات التي يتناولها كل يوم. وان تناول مقدار إضافي من التوت أو الخضروات أو السلطات يحسن الحالة النفسية بقدر ما يحسنها المشي عشر دقائق إضافية لمدة سبعة أيام على امتداد أربعة أسابيع.
وحدد العلماء هذا المقدار بحبة فواكه أو كوب من الخضروات النيئة أو نصف كوب من الخضروات المطهية. وكانت دراسات سابقة ربطت التمارين البدنية بتحسن المزاج. كما أشارت الدراسة الى ان الانتقال من تناول الأغذية الطازجة بكثرة الى خفضها بواقع خمسة مقادير يومياً يسبب من الكرب النفسي ما يسببه تشخيص مرض مزمن عند الشخص. من جهة أخرى فان الانتقال من عدم تناول فاكهة أو خضروات الى أربعة الى ستة مقادير في اليوم يزيد شعور الشخص بالرضا بقدر ما يسببه عقد قرانه من سعادة.