هل تريد صحة دائمة؟: عليك الاهتمام بالنوم المبكر
مروة الاسدي
2019-01-14 06:50
حتى قنديل البحر وهو واحد من أول وأقدم الحيوانات على وجه الأرض يحتاج إلى قسط واف من النوم. هذا ما ذكره علماء قالوا يوم الخميس إنهم توصلوا إلى أن نوعا بدائيا من هذه الكائنات يسمى كاسيوبيا يخلد إلى النوم كل ليلة، وفي حين تأكد أن لافقاريات أخرى مثل الديدان وذبابة الفاكهة تنام فإن قنديل البحر هو أكثر حيوان ينام لفترات طويلة بين الحيوانات المتطورة عن كائنات عاشت قديما.
هذا يدل على تأثير النوم على حياة الكائنات الحياة ومنها الانسان الذي يقضي نحو ثلث حياته نائما، واضطراب النوم قد يكون مؤشرا على أمراض مثل السكري وضغط الدم المرتفع ومرض القلب والأوعية الدموية، فكيف يغلبك النوم؟ قد يحدث هذا لك في كل ليلة، وربما يحدث أكثر من مرة في اليوم الواحد، لكن الاستغراق في النوم لا يزال بمثابة عملية غامضة إلى بعيد، وعلى الرغم من أن علماء الأعصاب أجروا كمّا كبيرا من الأبحاث على نشاط الدماغ أثناء النوم، يقول فريق الباحثين في جامعة كامبريدج إنها كشفت عن قدر قليل للغاية من أسرار اللحظات التي تسبق الاستغراق في النوم.
وتشير بعض الدراسات إلى أن الخسائر التي يسببها اضطراب النوم تقدر بمليارات الدولارات سنويا، فالنوم ميزان صحة الانسان بمختلف مراحله العمرية، لذا من المهم معرفة عدد ساعات النوم المناسبة التي يحتاجها الإنسان، النوم الصحي والكافي هو امر ضروري لصحتنا، اذ ان قلة النوم تؤثر بشكل كبير وملحوظ على حياتنا اليومية وقدرتنا على اداء مهامنا، يتعرّض الإنسان في حياته للكثير من الضغوطات التي قد لا يستطيع تحمّلها فتراه يلجأ للنوم بشكل غير طبيعي، فتصبح ملامح النعاس حالة ملازمة للشخص الذي يعاني من هذه المشكلة، لذا فأن أهم عامل للنوم الصحيح هو الذهاب إلى الفراش في موعد مبكر.
ويرى الكثيرون في النوم راحةً من متاعب الحياة المختلفة حتى وإن كانت تلك المتاعب نفسيّة؛ حيث يلجأ البعض للنوم أثناء شعورهم بالضيق وعدم القدرة على التخلّص من هذا الشعور السيء، كما ويلجأ أيضاً الكثير من الأشخاص الغاضبين والّذين يتولّد لديهم شعور غريب بعدم الارتياح للنوم لما يجدون فيه من الهدوء والسكينة ونسيان كلّ ما يعكر الصفو.
فيعدّ النوم في المقام الأول من أجمل الأشياء في هذه الحياة لما يعطيه من راحةٍ وسكينة للجسم، ولكن وفي الكثير من الأحيان قد يتحوّل من شيء جميل وطبيعيّ لعادةٍ مرضيّة تكون أشبه ما يكون بالخمول والكسل، ولذلك لا بدّ من الانتباه وتصنيف السلوك بشكلٍ سليم لمعرفة فيما إذا كان ذلك طبيعياً أو أنّه تحوّل من سلوك طبيعي لسلوكٍ مرضيّ.
ربما أن القول القديم المأثور بأن الإنسان ينام وإحدى عينيه مفتوحة عندما يغير مكان نومه المعتاد لا يجافي الحقيقة تماما حيث تشير دراسة جديدة إلى أن نصف الدماغ يظل في حال يقظة كاملة خلال أول ليلة ينامها الانسان في مكان جديد.
فيما يعاني ثلث الاميركيين نقصا في النوم ما يزيد خطر البدانة والسكري وارتفاع ضغط الدم وامراض القلب والجلطات الدماغية، لكن يبدو الاعتقاد بأنه كلما طالت أعمارنا قلت ساعات النوم التي نحتاج إليها هو الحكمة السائدة حاليا. لكن ربما تكون هناك أسباب أخرى تدفعنا للاستيقاظ من النوم مبكرا غير تلك المتعلقة بالتقدم في السن.
من الشائع لكبار السن أن يقولوا إنهم يعانون من مشكلة النوم. وتشير بعض الإحصاءات إلى أن نصف كبار السن يذكرون معاناتهم من شكل أو آخر من اضطرابات النوم، ويقول ما نسبته الربع أو الثلث منهم إنهم يعانون من الأرق.
وثمة صعوبتان رئيسيتان هنا على ما يبدو، وهما الخلود إلى النوم في بداية المساء، والاستيقاظ مبكرا جداً في الصباح مع استحالة العودة إلى النوم مرة أخرى.
في بعض الحالات، يؤدي الانزعاج الناجم عن حالة مرضية إلى تفاقم مشاكل النوم، غير أن الكثيرين يرون أنه حتى مع انعدام المضايقات الناجمة عن الأعراض الجسمانية، يظل النوم يهرب منهم لفترة من الليل على الأقل.
ويمكن لنقص النوم أن يؤدي إلى تأثيرات طويلة الأمد على الجهاز المناعي، ونواحي صحية عديدة أخرى، هذا إضافة إلى النعاس أثناء النهار وازدياد مخاطر الحوادث. لكن ببساطة ربما لا يحتاج الناس إلى كل ذلك النوم عندما يتقدم بهم العمر، وبذلك لن تكون هناك حاجة للقلق.
إن تحديد ساعات النوم التي يحتاجها الناس من ذوي الأعمار المختلفة هو أصعب مما يبدو عليه الأمر. وتستطيع بالطبع أن تقيس عدد الساعات الفعلية التي يقضيها الناس في النوم، وإذا ما قمت بذلك فستجد أن كبار السن ينامون أوقاتاً أقل ممن هم أصغر منهم سناً في المتوسط. لكن ذلك يشير فقط إلى أنهم يحصلون على نوم أقل، وليس إلى حاجتهم إلى نوم أقل، في حين يعد اتخاذ قرار بشأن موعد وكيفية تدريب الأطفال الرضع على النوم ليلا واحدا من أصعب الأمور التي تواجه الآباء والأمهات الجدد لكن دراسة أجريت على نطاق ضيق تقول إن العملية ليست دائما مجهدة للأمهات والآباء والأطفال، في التقرير ادناه معلومات كافية ووافية عن النوم من خلال احدث الدراسات الصحية المتخصصة.
شيخوخة القلب
يقول باحثون إن البالغين الذين لا يحصلون على قسط واف من النوم أو ينامون لساعات طويلة تزداد لديهم مخاطر الإصابة بأزمة قلبية أو سكتة، وفي عينة أخذت من مواطنين من جميع أنحاء الولايات المتحدة، كان من ينامون سبع ساعات كل يوم في المتوسط الأقل عرضة للخطر، المتمثل في زيادة عمر القلب 3.7 سنوات عن عمره الطبيعي. وزادت هذه النسبة إلى 4.5 سنوات بالنسبة لمن ينامون ست أو ثماني ساعات بينما زادت بواقع 5.1 سنوات لمن ينامون خمس ساعات أو أقل في الليل. بحسب رويترز.
وقال كبير الباحثين كوان هي يانغ لرويترز هيلث في رسالة بالبريد الإلكتروني ”عدم الحصول على قسط واف من النوم لفترات طويلة له آثار سلبية على عدد من أجهزة الجسم بما في ذلك جهاز القلب والأوعية الدموية“.
وقال يانغ وهو عالم كبير في علم الأوبئة بقسم الوقاية من أمراض القلب والسكتة الدماغية في المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها بمدينة أتلانتا ”أظهرت الدراسات علاقات وطيدة بين فترات النوم والعوامل المسببة لخطر الإصابة بمرض في القلب مثل ارتفاع ضغط الدم والتدخين وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم والسكري والبدانة“.
وأشار يانغ إلى أن عمر القلب يعرف بأنه العمر المتوقع لنظام الأوعية الدموية للشخص استنادا إلى العوامل الشخصية المسببة لأمراض القلب. وطرحت الفكرة في دراسة فرامينجهام عن القلب في 2008.
دورات النوم المتقطعة مرتبطة بالتقلبات المزاجية
أفادت دراسة بريطانية أن الأشخاص الذين يعانون دورات نوم متقطعة أو لديهم تنوع أقل في مستويات النشاط الذي يقومون به على مدار الساعة قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والاضطرابات ثنائية القطب ضمن مشكلات أخرى تتعلق بالصحة النفسية، وتوصلت دراسات سابقة إلى أن الأشخاص الذين لا يتوافق ايقاعهم الحيوي أو ساعتهم البيولوجية مع روتينهم اليومي، مثل العمل في نوبات مقسمة أو نوبات مسائية، ربما أكثر عرضة لمشاكل انفعالية وسلوكية ونفسية.
وفحصت الدراسة الحالية النشاط اليومي على مدار 24 ساعة لمشاركين بلغ عددهم 91015 مشاركا وافقوا على ارتداء أجهزة لقياس التسارع حول المعصم لمدة أسبوع في عامي 2013 و2014 ثم أجابوا على استطلاعات بشأن الصحة النفسية بعد ذلك بسنوات قليلة، وركز الباحثون على مدى التباين في مستويات نشاط المشاركين بين أكثر الأوقات انشغالا وأكثرها استرخاء في دورة من 24 ساعة.
وقسم الباحثون بعدها المشاركين إلى خمس مجموعات بناء على النتائج. ووجدوا أن تراجع هذا التباين النسبي بمقدار الخمس مرتبط بارتفاع نسبته ستة في المئة لخطر التعرض لاضطراب اكتئابي شديد يستمر مدى الحياة وبارتفاع نسبته 11 في المئة في خطر الإصابة باضطراب ثنائي القطب وبارتفاع قدره اثنان بالمئة في احتمال الإصابة بتقلب المزاج.
وقال ريموند لام الباحث في الطب النفسي بجامعة بريتش كولومبيا في فانكوفر بكندا، والذي لم يشارك في الدراسة ”تنظيم الإيقاع اليومي ضروري للحفاظ على الحالة المزاجية والأداء الإدراكي الأمثل“، وأضاف ”يشمل هذا اتباع جدول منتظم للنوم (أي النوم والاستيقاظ في نفس الوقت تقريبا) والمواظبة على ممارسة الأنشطة والتمارين (مما يساعد على ضبط الإيقاع الحيوي) وتجنب التعرض للضوء في وقت متأخر من الليل (مثل ضوء الهاتف المحمول) وتجنب أو حل مشكلة تغيير الإيقاع الحيوي اليومي بسبب نوبات العمل“.
وقال تيودور بوستليك الباحث في الطب النفسي بكلية ماريلاند للطب في بالتيمور، والذي لم يشارك أيضا في الدراسة إنها لم تبين ما إذا كانت مشاكل النوم تسبب التقلبات المزاجية أم أن مشاكل الصحة العقلية تؤدي لصعوبات في النوم، ولكن نتائجها تشير إلى أن الناس سيشعرون بحال أفضل عندما يحاولون التوفيق بين الروتين اليومي والإيقاع الحيوي اليومي.
تقليل الوقت المخصص للشاشات
تشير دراسة صغيرة إلى أنه عندما يحصل المراهقون على قسط أكبر من النوم في أيام الدراسة ربما يقل الوقت الذين يركنون فيه إلى الأنشطة الساكنة مثل مشاهدة التلفزيون أو استخدام الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر دون إحداث تغييرات كبيرة في عاداتهم الخاصة بأداء التدريبات.
وطلب الباحثون من 18 مراهقا ينامون عادة من خمس إلى سبع ساعات في الليلة أن يأووا إلى الفراش مبكرا ويحصلون على ساعة ونصف إضافية من النوم في أيام الدراسة لمدة أسبوعين وأن يرتدوا أجهزة لتتبع النشاط خلال اليوم. وخلال فترة أسبوعين منفصلين تابع الباحثون مستوى نشاط المراهقين عندما التزموا بعدد ساعات نومهم المعتادة.
وعندما حصل المراهقون على قسط أكبر من النوم زادت ساعات نومهم 71 دقيقة في المتوسط في أيام الدراسة، ووفقا لنتائج الدراسة التي نشرت في دورية (طب النوم) فمع زيادة ساعات النوم قل الوقت المخصص للأنشطة الساكنة 52 دقيقة في المتوسط يوميا عما كان عليه الحال عندما طلب منهم إتباع عادات نومهم السابقة. لكن الوقت الذي خصصوه لنشاط بدني خفيف أو قوي لم يتغير كثيرا وفقا لقسط النوم الذي حصلوا عليه.
وقال كبير الباحثين في الدراسة توري فان ديك من المركز الطبي لمستشفى الأطفال في سينسناتي ”عندما ينام المراهقون أقل يحتاجون كما تعلمون لشغل الوقت الإضافي بشيء ما“، وأضاف عبر البريد الإلكتروني ”تبين أن الوقت الإضافي الذي نقضيه مستيقظين ليس له منافع صحية نمضيه فقط في الجلوس... على العكس عندما ينام المراهقون يستغلون وقت الأنشطة الساكنة في النوم وهو ما يساعد مهارات التفكير وصحة الجسم والحالة المزاجية“.
خسارة الوزن
يساعد الحد من السعرات الحرارية في الغذاء على خسارة الوزن دون شك لكن دراسة جديدة توصلت إلى أن التخلص من الدهون الزائدة ربما يصبح مهمة أصعب إذا لم يحصل الإنسان على قسط كاف من النوم.
وطلب الباحثون من 15 بالغا من ذوي الأوزان الزائدة أو البدناء التركيز على تقليل السعرات الحرارية في نظامهم الغذائي فيما طلبوا من 21 مشاركا آخرين خفض السعرات الحرارية والنوم لعدد ساعات أقل وذلك على مدى ثمانية أسابيع.
وبنهاية التجربة، خسر كل المشاركين في الدراسة نحو 3.2 كيلوجرام من الوزن لكن أعضاء المجموعة التي كان عدد ساعات النوم فيها أقل خسروا دهونا أقل بينما زادت نسبة الأنسجة الرخوة في أجسامهم.
وتقول كريستن كنوتسن وهي باحثة في مجال النوم في كلية فينبرج للطب بجامعة نورثوسترن في مدينة شيكاجو الأمريكية ولم تشارك في الدراسة ”من يريدون خسارة الوزن والتخلص من الدهون على وجه التحديد يحتاجون لتجنب قلة النوم خلال الأسبوع لأنه لا يمكنك تعويض النوم في نهاية الأسبوع“.
وأضافت عبر البريد الإلكتروني ”الحد من السعرات الحرارية والتمارين مهمان جدا بالطبع لخسارة الوزن والحفاظ عليه لكن تلك النتائج من بين أخرى تشير إلى أن النوم أيضا يجب أن يؤخذ في الحسبان“.
وقال الباحث شو وين وانغ وزملاؤه في جامعة ساوث كارولاينا بمدينة كولومبيا في الدراسة التي نشرتها دورية (سليب) إن الدراسات تربط منذ وقت طويل بين الحرمان من النوم واحتمالات زيادة الوزن أو البدانة كما أن عدم الحصول على ما يكفي من النوم يؤدي إلى صعوبات في سبيل خسارة الوزن. بحسب رويترز.
وتبين من الدراسة أن نسبة الأنسجة الدهنية المفقودة لدى من لم يخفضوا عدد ساعات النوم بلغت 83 بالمئة مقارنة بنسبة 39 بالمئة فقط لدى من قاموا بتقليل ساعات نومهم، وأوصت ماري بيير، وهي باحثة في التغذية في المركز الطبي لجامعة كولومبيا بمدينة نيويورك ولم تشارك في الدراسة، الراغبين في خسارة الوزن بالنوم لنحو سبع أو ثماني ساعات كل ليلة.
اضطرابات النوم عند منتصف العمر مرتبطة بتراجع الإدراك
تشير دراسة جديدة إلى أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم في منتصف العمر أو عند تقدمهم في السن يكونون أكثر عرضة للإصابة بضعف الإدراك مقارنة بالأشخاص الذين يحصلون على نوم هادئ دون انقطاع.
وعكف الباحثون على فحص بيانات أربع دراسات تتناول العلاقة بين النوم والوظائف الإدراكية وتشمل دراستين تتبعتا 3400 شخص لمدة تربو على 20 عاما منذ أن كانوا في الخمسينات من عمرهم.
وفي هاتين المجموعتين كان الأشخاص الذين يعانون من كوابيس وأرق عند منتصف العمر أكثر عرضة للضعف الإدراكي مع تقدم العمر مقارنة بالأشخاص الذين كانوا ينعمون بنوم هادئ في فترة عمرية سابقة.
وعندما فحص الباحثون بيانات الدراستين فضلا عن الدراستين الأخريين اللتين تابعتا أشخاصا في السبعينات والثمانينات من العمر، خلصوا إلى أن الأرق واضطرابات النوم العامة فيما بعد مرتبطة أيضا بالاضطرابات الإدراكية.
وقالت المشرفة على الدراسة شيرين سيندي من معهد كارولينسكا في ستوكهولم بالسويد وإمبريال كوليدج في لندن ”في حين تمثل اضطرابات النوم عامل خطر مهما للتراجع الإدراكي، النبأ السار هو أنها عامل خطر قابل للتعديل“.
وأضافت سيندي في رسالة بالبريد الإلكتروني ”يمكن أن نعاني جميعا من صعوبات النوم في بعض الأحيان إما بسبب مستويات الضغط العالية أو تناول الكافيين أو الكحول أو بسبب إرهاق ما بعد السفر الناتج عن اختلافات التوقيت... لكن إذا عانى شخص من اضطرابات النوم بشكل مزمن مثل صعوبات الخلود إلى النوم أو الاستيقاظ أثناء الليل أو الاستيقاظ مبكرا للغاية في الصباح أو عانى من سوء نوعية النوم، فمن المهم أن يطلب المساعدة من خبير في مجال الصحة“، وقال الباحثون في دورية (طب النوم) إنه رغم ارتباط الحرمان من النوم والصعوبات في الحصول على راحة جيدة أثناء الليل بالاضطرابات الإدراكية بمرور الوقت منذ وقت طويل، لم يكن يعرف الكثير بدقة عن نوع مشكلات النوم التي قد تؤثر على وظائف المخ.
وفي الدراسة الحالية، جمع الباحثون البيانات من أربع دراسات أصغر تشمل أشخاصا من عموم سكان السويد، وخلصت الدراسة إلى أن اضطرابات النوم بما في ذلك الأرق ارتبطت بتراجع نتائج اختبارات الوظيفة الإدراكية بعد فترة تتراوح بين ثلاثة أعوام إلى 11 عاما، وخلصت الدراسة أيضا إلى أن الأشخاص الذين يعانون من كوابيس في منتصف العمر يتراجع لديهم الإدراك بعد 21 إلى 31 عاما من المتابعة، لكن ذلك يرتبط أيضا بعوامل أخرى يمكن أن تؤثر على جودة النوم ووظائف المخ مثل التدخين وشرب الخمر وعدم ممارسة التمارين الرياضية فضلا عن مشكلات الصحة العقلية.
وقالت سيندي إن هناك مجموعة واسعة من العلاجات التي يمكن أن تساعد في معالجة اضطرابات النوم بما في ذلك العقاقير والعلاج السلوكي المعرفي وتغيير نمط الحياة للتخلص من أشياء مثل السجائر والكحول والتركيز على العادات الغذائية الصحية وممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
علاج الأرق والاكتئاب وجنون الاضطهاد
قال علماء إن علاج الشباب الذين يعانون من الأرق باستخدام العلاج المعرفي السلوكي عن طريق الإنترنت يمكن أن يخفف من حدة مشاكل نفسية مثل القلق والاكتئاب، وفي تجربة على نطاق واسع نشرتها دورية لانسيت للطب النفسي يوم الأربعاء وجد باحثون بمعهد أبحاث النوم بجامعة أوكسفورد أن النجاح في علاج اضطرابات النوم خفف من حدة أعراض الذهان مثل الهلاوس وجنون الاضطهاد.
وقال دانييل فريمان أستاذ علم النفس الإكلينيكي الذي قاد الدراسة ”مشاكل النوم شائعة جدا بين من يعانون من اضطرابات ذهنية لكن كانت هناك استهانة بالأرق لفترة طويلة باعتباره عرضا وليس سببا“، وأضاف ”هذه الدراسة تقلب تلك الفكرة القديمة رأسا على عقب وتظهر أن الأرق قد يكون سببا يسهم في حدوث مشاكل تتعلق بالصحة النفسية“.
وشملت الدراسة 3755 طالبا جامعيا من مختلف أنحاء بريطانيا وقسمتهم عشوائيا إلى مجموعتين. وخضعت إحدى المجموعتين لست جلسات من العلاج المعرفي السلوكي على الإنترنت استغرقت كل منها 20 دقيقة عن طريق برنامج رقمي يحمل اسم (سليبيو). أما المجموعة الثانية فتلقت علاجات تقليدية ولم تخضع للعلاج المعرفي السلوكي، وسجل الباحثون تراجعا كبيرا للأرق بين من خضعوا للعلاج المعرفي السلوكي بالإضافة إلى انخفاض محدود لكنه ثابت في أعراض جنون الاضطهاد والهلاوس.
وأدى العلاج المعرفي السلوكي إلى تحسن الاكتئاب والقلق والكوابيس والصحة النفسية والأداء في العمل والمنزل في فترة النهار، وقال أندرو ويلشمان مدير قسم علوم الأعصاب والصحة النفسية بمؤسسة (ويلكم تراست) الخيرية التي ساعدت في تمويل البحث إن النتائج تشير إلى أن تحسين جودة النوم قد يفتح طريقا واعدا للعلاج المبكر لتحسين الصحة العقلية، وأضاف ”الحصول على نوم جيد يمكن أن يحدث فرقا في الصحة النفسية. يمكن أن تكون مساعدة الناس على الحصول على نوم أفضل خطوة أولى مهمة للتعامل مع الكثير من المشاكل النفسية والعاطفية“.
فتح النوافذ والأبواب
تقول دراسة من هولندا إن ترك باب أو نافذة مفتوح في غرفة النوم قد يساعد الناس على النوم بشكل أفضل، وساعد فتح النوافذ والأبواب على الحد من مستويات ثاني أكسيد الكربون وتحسين التهوية وتدفق الهواء والذي كان له صلة بتحسين نوعية النوم بالنسبة لشبان أصحاء جرت عليهم الدراسة.
وقال الطبيب اسيت ميشرا من جامعة أيندهوفن للتكنولوجيا ”نقضي نحو ثلث حياتنا في محيط غرفة النوم ولكن غالبا ما يتم تجاهل نوعية الهواء في البيئة المحيطة بنا خلال النوم"، وأردف قائلا لرويترز هيلث بالتليفون ”تخيل هذا..أنك في مكان مغلق ولديك قدرة محدودة على تعديل هذا الوضع (منذ أن بدأت في النوم)على الرغم من أنك محاط بملوثات“.
وخلال ليلة في هذه الدراسة نام 17 متطوعا في غرفة نوم كان بها نافذة أو باب مفتوحا. وخلال ليلة أخرى أُغلقت نوافذ وباب الغرفة. في الوقت نفسه تابع ميشرا وزملاؤه مستويات ثاني أكسيد الكربون ودرجة حرارة الجو والضوضاء المحيطة والرطوبة. وطُلب من المشاركين في الدراسة عدم تناول مشروبات كحولية أو مشروبات بها كافيين وهو ما قد يؤثر على النوم. ونام كل واحد منهم بمفرده.
ولقياس نوعية الهواء ارتدي المشاركون أشرطة على أذرعهم تقيس درجة حرارة الجلد ودرجة حرارة السرير ومستويات رطوبة الجلد. وارتدوا أيضا أجهزة استشعار تتتبع حركاتهم خلال الليل بما في ذلك مؤشرات التململ خلال النوم.
وأدى إغلاق غرف النوم إلى تقليل الضجة المحيطة ولكن مستويات ثاني أكسيد الكربون زادت فيها بشكل ملحوظ وهو ما يشير إلى ضعف مستويات التهوية، وكانت مستويات ثاني أكسيد الكربون أقل بشكل ملحوظ عندما تركت نوافذ أو أبواب مفتوحة.
وبشكل عام سجلت حرارة البشرة والأسرة في الغرف المغلقة درجات أعلى من الغرف المفتوحة. وقل عدد مرات الاستيقاظ وتحسنت كفاءة النوم مع تراجع مستويات ثاني أكسيد الكربون، وقال ميشرا إن ”فتح باب داخلي يمكن أن يكون بديلا جيدا بشكل معقول إذا كنت لا تريد فتح النوافذ سواء لاعتبارات تتعلق بالضجة أو لاعتبارات أمنية“.
خطر الإصابة بالخرف
أظهرت دراسة حديثة أن من يقضون وقتا أقل في نوم حركة العين السريعة ربما يكونون أكثر عرضة للإصابة بالخرف ممن يحصلون على فترات راحة أفضل جودة، وكثيرا ما يعاني مرضى الخرف من صعوبة النوم لكن أبحاثا سابقة قدمت صورة ملتبسة لم توضح ما الذي يأتي أولا التراجع الإدراكي أم نقص النوم.
وفي هذه الدراسة حلل الباحثون بيانات من دراسات عن النوم شملت 321 بالغا في سن الستين أو أكثر من غير المصابين بالخرف. وبعد متابعتهم لنحو 12 عاما في المتوسط أصيب 32 شخصا بالمرض.
وكتب ماثيو بيز من جامعة سوينبرن في استراليا الذي قاد الدراسة ”لاحظنا ارتباطا بين النوم والخرف لكن لا يمكن أن نحدد ما إذا كان نقص نوم حركة العين السريعة يسبب الخرف“. ونشرت الدراسة في دورية نيورولوجي على الإنترنت.
وقال بيز في رسالة بالبريد الإلكتروني ”ليس واضحا ما إذا كان المزيد من نوم حركة العين السريعة يقلل من خطر الخرف... لكن بالطبع النوم الجيد مهم للصحة العامة والنتائج التي ظهرت تشير إلى أن النوم والخرف ربما يؤثران على أحدهما الآخر“.
وأظهرت تحليلات النوم أن في المجمل قضى المشاركون في الدراسة نحو 20 في المئة من وقت نومهم في نوم حركة العين السريعة. لكن المجموعة التي أصيبت بالخرف قضت 17 في المئة فقط من وقت النوم في نوم حركة العين السريعة.
وقال الدكتور إريك لارسون الأستاذ بجامعة واشنطن في سياتل إن الدراسة محدودة ويجب تأكيد نتائجها من خلال أبحاث تشمل مجموعات أكبر من الناس، وأضاف لارسون الذي لم يشارك في الدراسة ”نوم حركة العين السريعة يعتبر الجزء من دورة النوم الذي تتجدد فيه أدمغتنا. إنه يعتبر الجزء الأفضل من النوم من ناحية الحصول على الراحة التي تحسن الصحة“.