مافيات الفساد.. تنخر إمبراطورية الفيفا وتهدد مستقبل الرياضة
مروة الاسدي
2015-11-10 08:22
لا يقتصر الفساد المالي والاداري على مجال السياسة أو الاقتصاد، وانما على المجال الرياضي ايضا، حيث بات الفساد في المؤسسات الرياضية معضلة دولية أشهر من نار على علم خاصة خلال الاونة الاخيرة، ابرزها قضايا الفساد التي هزت إمبراطورية الفيفا واطاحت بـ "الأسطورة" بلاتر، الذي حول الاتحاد الدولي لكرة القدم إلى إمبراطورية من الفساد والثراء الفاحش.
وفي خطوة غير مسبوقة لمكافحة الفساد وحماية مستقبل الرياضة تم الاتفاق على تأسيس "تحالف دولي" ضد الفساد في الرياضة من قبل خبراء وشخصيات يمثلون 24 منظمة دولية، وصف هذه الخطوة المهمة الكثير من المعنيين في شؤون الرياضة بانها المرة الأولى في تاريخ الرياضة العالمية التي يجتمع فيها مختلف الأطراف من أجل هدف واحد وهو حماية الرياضة وهؤلاء يمثلون منظمات دولية وإقليمية وقارية نافذة تتخصص في مجالات متنوعة تعطي قوة لهذا التحالف في حماية الرياضة ومواجهة الفساد.
ويقول مهتمون تكمن أهمية المؤتمر في أنه عقد في الولايات المتحدة التي فتحت تحقيقات حول فضائح فساد وتبييض أموال وابتزاز وإساءة ائتمان داخل الاتحاد الدولي، نتج عنها إيقاف 14 مسؤولا أواخر أيار/مايو ثم رئيسه السويسري جوزيف بلاتر والفرنسي ميشال بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي والأمين العام للفيفا الفرنسي جيروم فالك والمليادرير الكوري الجنوبي تشونغ مونغ جون.
وتضرب الفيفا فضائح فساد متتالية منذ اواخر ايار/مايو الماضي حيث القت السلطات السويسرية القبض على عدد من المسؤولين ووجهت التهم الى آخرين، ثم تسارعت الامور لتصل الى رأس الهرم بايقاف رئيس الاتحاد الدولي السويسري جوزيف بلاتر وايضا رئيس الاتحاد الاوروبي، الفرنسي ميشال بلاتيني المرشح لخلافته لمدة 90 يوما.
هذا فضلا عن الاخبار شبه اليومية عن شراء الاصوات المتعلقة باستضافة مونديال المانيا 2006، والتحقيقات المستقلة بشأن منح روسيا وقطر حق استضافة مونديالي 2018 و2022، وانتقلت العدوى الى الاتحاد الدولي لالعاب القوى قبل ايام قليلة مع اتهام القضاء الفرنسي الرئيس السابق السنغالي لامين دياك بالفساد وتبييض الاموال، ثم فتح اجراء تأديبيا بحق نجله وامين الصندوق السابق في الاتحاد الدولي فضلا عن طبيب ومدرب، واعتبر ماكلارين ان ما يواجهه الاتحاد الدولي لالعاب القوى اكثر خطورة لان هناك مزاعم بالتلاعب بالنتائج، وتابع ماكلارين "لديك مجموعة من الاشخاص كبار السن الذين وضعوا كبيرة من الاموال في جيوبهم من خلال الابتزاز والرشوة، ولكنهم ايضا تسببوا بتغييرات كبيرة في النتائج الفعلية والترتيب النهائي للمسابقات الدولية في العاب القوى"، من جهة اخرى بدأت حلقة جديدة من مسلسل التلاعب في الكرة الايطالية بطلها كاتانيا، الذي تجنب الهبوط الى الدرجة الثالثة الموسم المنصرم بفضل التلاعب بالنتائج.
وفيما يلي ابرز الاخبار والتقارير رصدتها شبكة النبأ حول الفساد الرياضي في العالم خلال الاونة الاخيرة.
تأسيس تحالف دولي ضد الفساد في الرياضة
في سياق متصل تمخض اجتماع في نيويورك، لخبراء وشخصيات يمثلون 24 منظمة دولية، عن بيان اعتبر الخطوة الأولى نحو تأسيس "التحالف الدولي للنزاهة الرياضية"، بغرض مكافحة الفساد في القطاع وحماية مستقبله، وقع ممثلون عن منظمات دولية وخبراء وشخصيات في مجال الأمن، على بيان هو الخطوة الأولى نحو إنشاء تحالف دولي لمكافحة الفساد وحماية مستقبل الرياضة، على إثر المؤتمر الخامس للمركز الدولي للأمن الرياضي الذي عقد في نيويورك في اليومين الأخيرين، وكان المؤتمر شهد مشاركة شخصيات بارزة أمثال ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية، وفرانسوا كارار رئيس لجنة الإصلاح في فيفا، ووزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس، وسونيل غولاتي رئيس الاتحاد الأمريكي لكرة القدم، وإريك هولدر النائب العام الأمريكي السابق. بحسب فرانس برس.
وأعلن مايكل هيرشمان، مؤسس منظمة الشفافية العالمية، بأن هذا التحالف سيطلق عليه بشكل مبدئي تسمية "التحالف الدولي للنزاهة الرياضية"، وقال هيرشمان "اجتمع خبراء وشخصيات من منظمات لديهم قواسم مشتركة واهتمام بحماية مستقبل الرياضة ويمثلون 24 منظمة دولية، وقد توافقوا على الحاجة لتأسيس تحالف دولي لا يتبع لأي جهة يرسم خطوط المستقبل فيما يتعلق بالحوكمة والنزاهة في الرياضة والكرة العالمية".
وجاء في إعلان التأسيس أن التحالف الدولي الجديد سيلتزم باستخدام أفضل الممارسات والمعايير الدولية والحلول غير النمطية لعلاج المشاكل التي تحيط بالرياضة العالمية وقيادة مسيرة الرياضة نحو عهد جديد في إطار من الحوكمة والنزاهة وبشكل يستأصل جذور الفساد، واعتبر محمد حنزاب، رئيس المركز الدولي للأمن الرياضي، أن التوافق الدولي وإصدار هذا البيان لوضع حجر الأساس للتحالف الدولي في نيويورك "يتوج جهود المركز الدولي على مدار الأربع سنوات الماضية ويحقق أحد أهم الأهداف الإستراتيجية منذ تأسيسه عام 2011"، وتابع "هذه الخطوة لم تكن وليدة الصدفة وقد تم وضع اللبنة الأولى لبناء تحالف دولي بموافقة ودعم كل الجهات الحاضرة للاجتماع وهو خطوة سيتبعها خطوات أخرى مهمة لتوضيح معالم هذا التحالف".
فضيحة العاب القوى اسوأ مما شهده الفيفا
على الصعيد نفسه وصف تقرير أعد بدعم من الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات (وادا) فضيحة الفساد التي تهز الاتحاد الدولي لالعاب القوى منذ ايام بأنها اسوأ بكثير من فصائح الفساد التي تضرب الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، وتنشر الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات النتائج التي خلصت اليها اللجنة المستقلة التي شكلا بقواعد اللعبة تها، حيث قال المحامي ريتشارد ماكلارين كاتب التقرير ل "بي بي سي": سيشكل فعلا تغيير في الرياضة".
ويأتي تعليق ماكلارين في نهاية اسبوع حافل واجهه الاتحاد الدولي لالعاب القوى الذي اضطر امس الى الاعلان عن الغاء حفله السنوي لتوزيع الجوائز الذي كان مقررا في 28 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، واوضح الرئيس الحالي للاتحاد الدولي الانكليزي سيباستيان كو "نظرا للغيوم التي تخيم على منظمتنا، فانه يبدو من الواضح انه ليس الوقت المناسب لاسرة العاب القوى العالمية للاحتفال بهذه الرياضة".
وتولى كو رئاسة الاتحاد الدولي في آب/اغسطس الماضي بعد فوزه في الانتخابات على الاوكراني سيرغي بوبكا، ليخلف بالتالي لامين دياك (82 عاما) الذي كان يتولى الرئاسة منذ 1999، وكانت مسألة المنشطات وخصوصا تلك المتعلقة بالعاب القوى الروسية من ابرز عناصر الحملة الانتخابية لسيباستيان كو، واصدرت لجنة الاخلاق في الاتحاد الدولي لالعاب القوى بيانا امس اكدت فيه فتح اجراءات تأديبية ضد اربعة اشخاص هم غابرييل دولي المسؤول السابق عن مكافحة المنشطات حتى كانون الاول/ديسمبر 2014، وباب ماساتا دياك، احد ابناء لامين دياك، وفالنتين بالاخنيتشيف رئيس الاتحاد الروسي وامين صندوق الاتحاد الدول حتى كانون الاول/ديسمبر 2014، والمدرب الروسي في مسابقات المشي الكسي ميلنيكوف، وتجري التحقيقات مع شخص خامس ايضا لكن لم يفصح عن اسمه لان اي اجراء تأديبي بحقه لم يبدأ حتى الان، والذي من الممكن ان يكون لامين دياك نفسه، وقد اتهم القضاء الفرنسي لامين دياك بقضايا فساد تتعلق بحملة مكافحة المنشطات في الاتحاد الدولي.
يذكر ان ابن لامين دياك كان اضطر الى الاستقالة من منصبه كمدير تنفيذي للتسويق في الاتحاد الدولي بعد اتهامه بالفساد ايضا من خلال التكتم على فضائح المنشطات في روسيا، وكانت وادا عينت ماكلارين في كانون الاول/ديسمبر 2014 للتحقيق بمزاعم تتعلق بالمنشطات والتستر عل نتائجها خصوصا في روسيا بعد ان بثت احدى المحطات الالمانية تقريرا كشف وجود عدد كبير من الحالات المشبوهة لرياضيين نالوا ميداليات عالمية واولمبية بين 2001 و2012.
حلقة جديدة من مسلسل التلاعب في الكرة الايطالية
الى ذلك القت الشرطة الايطالية القبض على سبعة اشخاص متهمين بتورطهم في حلقة جديدة من مسلسل الفضائح في الكرة الايطالية وبطلها هذه المرة فريق كاتانيا الذي تجنب الهبوط الى الدرجة الثالثة الموسم المنصرم بفضل التلاعب بالنتائج، ووضع رئيس كاتانيا انتونينو بولفيرنتي والمدير الرياضي الحالي بابلو كونسنتينو وسلفه دانييلي ديلي كاري تحت الاقامة الجبرية الى جانب وكيلين ومسؤولين عن مواقع مخصصة للمراهنة.
وذكرت تقارير اعلامية انه تم ايقاف الاشخاص السبعة بتهمة الغش الرياضي لانهم تلاعبوا على اقله بنتائج خمس من المباريات التي خاضها كاتانيا الموسم المنصرم في دوري الدرجة الثانية، وتعتبر هذه القضية الجديدة التي اطلق عليها اسم "قطار الاهداف"، فصلا جديدا من فصول الفساد والفضائح في الكرة الايطالية التي شهدت قبل ايام معدودة وتحديدا في 19 ايار/مايو الماضي هزة جديدة بعدما اوقفت الشرطة 50 شخصا من رؤساء اندية، لاعبين ومدربين من عشر مناطق في كافة انحاء البلاد، وذلك في اطار قضية تلاعب بنتائج مباريات في دوري الدرجتين الثالثة والرابعة.
وتشمل التهم التي وجهت الى الموقوفين التآمر من اجل ارتكاب اعمال احتيالية لمصلحة منظمات المافيا، خصوصا ندرانغيتا وهي منظمة اجرامية مقرها كالابريا، وقائمة فضائح التلاعب بنتائج المباريات في ايطاليا طويلة اذ لم تنته السلطات حتى الان من فضيحة المراهنات "كالتشيوسكوميسي" التي لا تزال التحقيقات جارية فيها ان كان مع الادعاء العام في كريمونا او باري، وبدأت شرارة تلك الفضيحة في حزيران/يونيو 2011 وتورط فيها عدد من اللاعبين، سواء من الدرجة الاولى او الثانية، بهدف كسب الاموال جراء تغيير مجريات بعض المباريات لمصلحة مكاتب مراهنة غير شرعية.
ولم تكن "كالتشيوسكوميسي" الفضيحة الاولى من نوعها في ايطاليا بل سبقتها "تونيرو" عام 1980 و"كالتشيوبولي" عام 2006 وفي كل مرة اكتشف المحققون روابط بين كرة القدم وغسل الاموال والجريمة المنظمة، ودفع العملاقان ميلان في فضيحة 1980 ويوفنتوس في 2006 ثمن تورطهما بانزالهما الى الدرجة الثانية.
اللعب المالي النظيف
من جهة أخرى علقت محكمة في بروكسل موقتا خطط الاتحاد الاوروبي لكرة القدم بتطبيق المرحلة الثانية من قانون اللعب المالي النظيف بحسب ما كشف الطرفان، وأيدت محكمة البداية في بروكسل مطالبات من اطراف مختلفة لوقف خطط الاتحاد الاوروبي لكرة القدم بخفض العجز المسموح به للاندية المشاركة في مسابقاته من 45 مليون يورو (نحو 50 مليون دولار اميركي) الى 30 مليون يورو، ومن بين المدعين برزت مجموعة داعمة لمانشستر سيتي الانكليزي وباريس سان جرمان الفرنسي، ابرز المتضررين من اللعب المالي النظيف، واحالت المحكمة البلجيكية القضية الى محكمة العدل الاوروبية. بحسب فرانس برس.
وقال الاتحاد الاوروبي في بيان: "اعلنت محكمة بروكسل انها غير مختصة لسماع وقائع القضية الموضوعية. يرى الاتحاد الاوروبي انه من الغريب ان محكمة وطنية لا اختصاص لها بالاستماع الى نزاع يمكنها احالة المسألة الى محكمة العدل الاوروبية او اصدار امر موقت"، وتابع: "في اي حال، لا يزال لاتحاد الاوروبي على ثقة تامة بان اللعب المالي النظيف يتماشى مع قوانين الاتحاد الاوروبي، وان المحكمة الاوروبية ستؤكد ببساطة هذا الامر"، واضاف الاتحاد الاوروبي انه سيستأنف القرار لدى محكمة الاستئناف، التي ستعلق تلقائيا حكم المحكمة الابتدائية، ليحرر الاتحاد الاوروبي من اجل الاستمرار بتنفيذ تدابير اللعب المالي النظيف.