المغرب.. ساحة مفتوحة للافساد الاخلاقي والغزو الثقافي
عبد الامير رويح
2015-06-09 03:04
تعاني الدول العربية والإسلامية العديد من المشكلات والتحديات، من أهمها تفاقم واتساع رقعة الفساد الأخلاقي في بعض المجتمعات ومنها المجتمع المغربي، الذي أصبح يعاني كما يقول بعض المراقبين، من استفحال هذه الظاهرة الخطيرة بين صفوف الشباب من كلا الجنسين وبمختلف الأعمار والمستويات الاجتماعية والثقافية، ويرى البعض ان الانحلال والفساد والتفسخ الاجتماعي، لم تأتي من العدم بل جاءت نتيجة ظروف معينة وكان له مصادر مغذية داخلية وخارجية. ساعدت على انتشاره، منها سوء التربية والابتعاد عن قيم الدين، التفكك الأسري ضعف الرقابة والقوانين المعمول بها، التطور الهائل في التكنولوجيا والاتصالات الذي مكن الشباب من الدخول الى عالم الانترنيت والمواقع الإباحية والمحطات الفضائية الإباحية التي ساهمت بقوة في فساد الشباب. يضاف الى ذلك وجود أطراف وجهات خارجية تعمد على نشر مظاهر الفساد والانحلال تحت مسميات وشعارات الحرية، وفساد الشباب الأخلاقي كما تنقل بعض المصادر، يعرف بأنه فقدان بعض الشباب لكافة القيم والمبادئ الأخلاقية والإسلامية وقيامهم بكل ما هو منافي للآداب العامة والآداب الإسلامية. وبحسب بعض الخبراء فان المجتمع المغربي يعاني اليوم من واقع مؤلم بسبب تفاقم واستفحال الظاهرة الدعارة والجنس والفساد، والتقارير الدولية تدق ناقوس الخطر بإحصائياتها، والجرائد والدوريات والمجلات والإعلام المغربي عموما بدأ الحديث عنها بشكل كبير.
السياحة الجنسية
وفي هذا الشأن وكما نقلت بعض المصادر الإعلامية فقد أوردت صحيفة "المساء" المغربية واسعة الانتشار ملفا خاصا، عن السياحة الجنسية في المغرب حيث تفيد التقديرات بأن المغرب الأقصى أصبح في قمة هرم الفساد الأخلاقي الذي بنته السياسة السياحية في البلاد والتي سمحت بتطور سرطاني لسياحة الفساد والجنس تنذر بعواقب وخيمة على البنيات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للبلاد.
وكشفت "المساء" عن تورط وزراء أجانب وأمراء خليجيين في شبكات ومشاريع فساد أخلاقي على درجة من الخطورة حيث ينظمون لقاءات وليالي جنسية ويُشغّلون معهم مسؤولين وعشرات من الوسطاء والوسيطات في المغرب كله، بينما يتمركز نصف السياح اللاهثين وراء الجنس في جنوب البلاد بمدينتي أكادير الساحلية على المحيط الأطلسي ومراكش التاريخية في سفح جبل الأطلس الكبير.
وكانت تقارير صحافية سابقة كشفت عن معطيات صادمة بخصوص السياحة الجنسية في المغرب وعن توافد السياح المنحرفين ومنهم شواذ من بلدان أوروبية كفرنسا وألمانيا وبلجيكا وبلدان إسنكدنافيا لتأسيس مشاريع للاتجار في أجساد الأطفال المغربيين وفتح أندية للشواذ العرب في أوربا يُستقطَب إليها مغربيون، وعن صفقات الاتجار في أجساد الأطفال والعذراوات والسحاقيات والمتحولين جنسيا في المغرب. وتفجرت الشرارة الأولى لتلك الفضائح الجنسية في المغرب مع قضية الصحافي البلجيكي فيليب سرفاتي سنة 2004، حيث كان سرفاتي يقيم في أكادير، وظل يستغل مغربيات جنسيا ويصور معهن أفلاما خليعة، بها مشاهد جنس وسحاق واغتصاب من قِبَل كلاب، إلى أن تم اكتشاف أمره وتوقيف أكثر من 82 عاملة جنس وقوادين وغيرهم
فيمن في مسجد حسان
من جانب اخر قامت ناشطتان من منظمة عاريات الصدر "فيمن" بنزع ملابسهما العلوية داخل صومعة مسجد "حسان" التاريخية في الرباط حيث يوجد ضريحي الملكين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني، وذلك احتجاجا على أوضاع المثليين في المغرب. ودخلت الناشطتان في وقت مبكر إلى ساحة المسجد التاريخي وأقدمتا في أقل من نصف دقيقة، على نزع ملابسهما العلوية كاملة فظهرت على صدريهما عبارة "ان غاي وي تراست" كما قامتا بتقبيل بعضهما.
وقالت إحدى الناشطات المقربات من حركة "فيمن" مشترطة عدم ذكر اسمها إن "الحدث تم التحضير له منذ الصيف الماضي وانتظرت ناشطات فيمن اللحظة المناسبة للقيام بالخطوة احتجاجا على أوضاع المثليين في المغرب والعالم الإسلامي". وأصدرت محكمة في شمال شرق المغرب نهاية أيار/مايو حكما بسجن ثلاثة رجال مغاربة ثلاث سنوات بتهمة المثلية الجنسية. كما نددت مجموعة "أصوات" لمناهضة للتمييز الاجتماعي باستمرار اعتقال السلطات المغربية عددا من المثليين جنسيا، معتبرة أن القانون "يتعارض" مع كرامة الإنسان وحقوقه و"يعزز" التمييز والاضطهاد. بحسب فرانس برس.
وأطلقت المجموعة حملة مفتوحة تحت شعار "الحب ليس جريمة" تعبيرا عن "رفضها القاطع" لاحتفاظ مسودة مشروع القانون الجنائي الجديدة بالمادة التي تجرم العلاقات الرضائية بين الراشدين خارج إطار الزواج. وينص قانون العقوبات على أن أي شخص يدان بالقيام "بأي عمل شاذ مع شخص من نفس الجنس" يعاقب بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات. وأقرت منظمة الصحة العالمية في 17 أيار/مايو 1992 بأن المثلية الجنسية ليست مرضا نفسيا، وقد تم إعلان هذا التاريخ يوما عالميا لمناهضة رهاب المثلية.
وقال بيان للداخلية المغربية إن السلطات قررت "الترحيل الفوري للمواطنتين الفرنسيتين (25 و30 سنة) مع منعهما من دخول التراب الوطني، وذلك تفعيلا لمقتضيات القانون رقم 02-03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية". وأوضح البيان أنه "تم توقيف المعنيتين بالأمر من قبل مصالح الأمن بالمطار الدولي الرباط"، وذلك فيما كانتا تستعدان للمغادرة إلى فرنسا.
واعتبرت الوزارة أن "هذا العمل الاستفزازي يشكل انتهاكا غير مقبول بالنسبة لمجموع مكونات المجتمع المغربي". وحركة "فيمن" النسوية التي نشأت في أوكرانيا وعارضت بالصدور العارية النظام السابق الموالي لروسيا هناك والكنيسة الأرثوذكسية، انتشرت في أوروبا حيث يهاجم أفرادها الكنيسة الكاثوليكية متهمين إياها بالرجعية في مجال حقوق المرأة وحقوق المثليين.
في السياق ذاته أوقفت السلطات المغربية شابين قبلا بعضهما غداة ترحيل ناشطتين من "فيمن" وفي سياق هذه القضية رحلت السلطات كذلك مواطنة إسبانية قال بيان للداخلية المغربية إن لها "نشاطا معاديا" يرتبط بأنشطة فيمن وعلى صلة بما قام به الشابان المغربيان. وأفاد بيان الداخلية المغربية أن الشابين اعتقلا "بعد قيامهما بأعمال مخلة بالحياء بساحة صومعة حسان بالرباط" وحسب بعض المواقع الإلكترونية فإن الشابين وهما من مراكش والدار البيضاء يخضعان للتحقيق قبل عرضهما على المحكمة.
واعتبرت الداخلية أن "الأمر يتعلق بسلسلة من مناورات الاستفزاز والتحرش تباشرها منظمات أجنبية تخرق بشكل متعمد القوانين المغربية، وتستهدف الأسس الاجتماعية والدينية للمجتمع المغربي وتحاول المساس بالأخلاق العامة". وأكدت الداخلية أن المواطنة الإسبانية التي رحلت "دخلت التراب الوطني لتبني أعمال غير مرخص بها في إطار الهجوم الذي تباشره منظمات أجنبية تدعم انحراف الأخلاق، مضيفة أن نفس المواطنة كان قد اتخذ في حقها قرار للترحيل في 22 (ايار/مايو) الماضي". بحسب فرانس برس.
وأوضح المصدر نفسه أن "هذه المواطنة عادت إلى المغرب بجواز سفر جديد يحمل هوية مختلفة، فيما كان جواز سفرها الأول صالحا للاستعمال إلى غاية 2019" معتبرا الأمر "وقائع خطيرة" استدعت اتصال السلطات المغربية بوزير الداخلية الإسباني لتوضيح كيفية حصولها على "جوازي سفر إسبانيين بهويتين مختلفتين".
مهرجان موازين
على صعيد متصل أثارت المغنية الأمريكية الشهيرة جنيفر لوبيز الجدل في المغرب بعد ظهورها بلباس اعتبر "غير محتشم" هي وأعضاء فرقتها في مهرجان موازين، وقالت إدارة مهرجان موازين المقام في المغرب حاليا إن 160 ألف متفرج حضروا عرض المغنية الأمريكية الشهيرة جنيفر لوبيز في الدورة 14 من المهرجان. ونقلت القناة الثانية أول ثلاث أغاني لحفل لوبيز التي كانت ترتدى لباسا أقرب إلى لباس البحر وكذلك مرافقاتها في الرقص مما أثار جدلا كبيرا في المغرب ليس فقط بين المحافظين والإسلاميين، بل حتى بين الحداثيين الذين وجدوها فرصة سانحة للرد على قرار الحكومة منع الفيلم المغربي"الزين اللي فيك" لنبيل عيوش.
وتناول موضوع الفيلم ظاهرة الدعارة والسياحة الجنسية وتظهر بعض اللقطات المسربة صور عري ورقص ماجن والتلفظ بكلمات بذيئة. وقال معلقون مغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي بعد بث حفل لوبيز"لا يبدو أن هناك فرقا كبيرا بين لقطات فيلم الزين اللي فيك ولقطات رقص جنيفر لوبيز التي كانت مليئة بالإيحاءات الجنسية." وأضاف الناشط خالد.ل في تعليقه على صفحته بالفيس بوك"على الأقل فيلم الزين اللي فيك كان سيذهب لمشاهدته من يهمه الأمر أما لوبيز وفرقتها فقد دخلت بيوتنا بدون استئذان."
وكتب الناشط المغربي بلال الجوهري تغريدة على تويتر بالفرنسية ساخرا"هل سيصدر البيت الأبيض بيانا يقول فيه إن جنيفر لوبيز أساءت لقيم وأخلاق المرأة الأمريكية". أما حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي الذي يقود الحكومة الحالية والذي كان من أشد المنتقدين لسياسة المهرجانات في المغرب وعلى رأسها مهرجان موازين قبل أن يصل إلى الحكومة عام 2012 فقد التزم رسميا الصمت . فيما أبدى بعض قياديه غضبهم وعلى رأسهم خالد الرحموني عضو الأمانة العامة للحزب، الذي طالب مصطفى الخلفي وزير الاتصال -الذي ينتمي إلى نفس الحزب- وخرج من وزارته بيان منع فيلم "الزين اللي فيك" بالاستقالة.
وكتب على صفحته الاجتماعية"على وزير الاتصال مصطفى الخلفي باعتباره (المسؤول الأول عن السياسة الإعلامية) أن يبادر لتقديم استقالته فورا وأن يتم تقديم المسؤولين.. للمحاسبة الشعبية وذلك لعجزهم عن صيانة القيم والسمعة والسيادة من أن ينتهكها على الهواء مغتصب للكرامة".
وندد مصطفى الخلفي، وزير الاتصال والناطق باسم الحكومة والقيادي في حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي، بنقل القناة الثانية في التلفزيون المغربي العام حفل المغنية. وكتب الوزير على حسابه في "تويتر" أن "ما جرى بثه مرفوض وغير مقبول ومخالف لقانون الاتصال السمعي البصري". أما عرض فاريل وليامز صاحب أغنية "هابي" الضاربة، فقد لقي استحسان الجمهور. بحسب فرانس برس.
وكتب الناشط أحمد يحيى على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "قالوا دفاعا عن الأخلاق والقيم والدين .. فجاءتنا جنفيـر لوبيز لتبدع رقصة"الزيـن لي فـيك"وبسرعة كبيرة جاء الجواب الفعلي على موجة أحكام القيمة التي وجهت سهامها لفيلم نبيل عيوش." يذكر أن جدلا مماثلا كان قد أثاره مهرجان موازين عام 2013 بعد أن أحيت فنانة بوب بريطانية سهرة هي الأخرى بلباس"فاضح". ويشرف على تنظيم مهرجان موازين جمعية "مغرب الثقافات" التي يرأسها منير الماجدي وهو الكاتب الخاص للملك محمد السادس.
معاناة المغربيات
من جانب اخر صدر للصحافي المغربي هشام حذيفة كتاب بالفرنسية تحت عنوان "ظهر المرأة، ظهر البهيمة: منسيات المغرب العميق"، عبارة عن تحقيقات ميدانية استغرقت سنة ونصف السنة من العمل، مركزا على المرأة القروية حيث "تبرز الهشاشة الأكثر" كما يقول في مقدمة الكتاب. والثقافة السائدة في قرى الأطلس النائية والمناطق المعزولة والمزارع التي زارها الكاتب، تعتبر الفتاة التي لم تتزوج قبل سن 18 "بائرة" وعالة على العائلة والمجتمع فيما بعد. ويجري ترسيخ هذه الثقافة من خلال تزويج قاصرات في الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة من العمر. بحسب فرانس برس.
وبحسب أرقام منظمات المجتمع المدني والأرقام الرسمية، فقد ارتفع عدد عقود زواج القاصرات من 18 ألفا سنة 2004، إلى أكثر من 35 ألف حالة في 2013 بزيادة بلغت 91%. وأشار الكاتب أيضا إلى إتمام زيجات دون عقود، وبمجرد قراءة الفاتحة، كما يحصل في أعالي جبال أطلس، وتكون نتيجة هذا الزواج الحرمان من الحقوق. وفي مدينة "بركان" الواقعة شرق المغرب حيث تنتشر أكبر مزارع البرتقال في المملكة، تحدث الكاتب عن تعرض نساء عاملات في الحقول لاستغلال جنسي واقتصادي على حد سواء.
ويرجع الكاتب السبب في هذه الانتهاكات إلى مجموعة من العوامل المجتمعة، منها الثغرات القانونية، والأمية، والفقر الذي يدفع العائلات لتزويج بناتهن مقابل مبالغ مالية تراوح بين 1800 يورو و5600، كما في "قلعة السراغنة" قرب مراكش حيث ثلاث نساء من أصل أربع يجهلن القراءة والكتابة. أما في المدينة، فيذكر الكاتب قصصا تختلف في طبيعتها عن تلك المسجلة في القرى، مثل قصة شابة في السابعة عشرة من عمرها تعمل ساقية خمر في الدار البيضاء.
وتعيل هذه الشابة طفلها البالغ عامين، وتضطر في سبيل ذلك إلى شرب ما يقارب عشرين قدحا من الجعة يوميا مع زبائن الحانة لتشجيعهم على الشرب، على أن تتقاضى عن ذلك بعض المال الإضافي على راتبها القليل. ولم يوفر الكاتب القمع السياسي الذي استهدف المرأة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، واستقى شهادة امرأة من قرية "قصر السونتات" تعرضت للتعذيب والاغتصاب، وما زالت إلى اليوم تجهل موقع دفن والدها الذي اعتقل وقتل ودفن دون جنازة.
واختتم الكاتب فصول كتابه بفصل عن النساء المغربيات ضحايا نظام الكفالة في دول الخليج، إذ تحتجز جوازات السفر الخاصة بهن، فتقيد حركتهم بإرادة مستخدميهن. وأدرج الكاتب شهادة من شابة تقول إنها نجت من شبكة للاتجار بالبشر في دبي، تعد الشابات بالعمل في مجال التجميل أو الفنون، وينتهي بهن الأمر في الدعارة. وقال هشام حذيفة "هذا الكتاب يكشف الواقع ويعريه"، أملا في أن يساهم في دفع المسؤولين "لأن يعيدوا للمرأة المغربية بعضا من كرامتها المهدورة". وقال الكاتب إنه يضع الشهادات التي ضمها كتابه تحت تصرف المنظمات الحقوقية المناصرة لقضايا المرأة. بحسب فرانس برس.
ويشهد المغرب نقاشات متواصلة حول مواضيع حقوق المرأة، منها الجدل القائم حول زواج القاصرات الذي ازداد بقوة خلال السنوات العشر الماضية مع أكثر من 30 ألف حالة سنويا. وبحسب أرقام المفوضية العليا للتخطيط، فإن حوالى مغربية من أصل اثنتين (45,7%) أمية وحوالى امرأتين من أصل ثلاث (62,8%) تتعرض للعنف.