المركز العقائدي يناقش فلسفة تشريع الحجاب
انتصار السعداوي
2015-04-02 04:07
أقام المركز العقائدي للدراسات والبحوث في مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام، حلقة نقاشية تحت عنوان (فلسفة تشريع الحجاب) على قاعة جمعية المودة والازدهار في يوم الاثنين المصادف 30/3/2015.
وقال حيدر الغيلاني مدير المركز في مقدمته: ان استخدام كلمة الحجاب بمعنى ستر المرأة استخدام جديد نسبيا، فقديما وعلى الخصوص في مصطلح الفقهاء تستخدم كلمة "الستر" بدلا من الحجاب.
وأوضح ان الستر الذي فرضه الاسلام على المرأة لا يعني ان لا تخرج المرأة من بيتها، ولم تطرح في ثقافة الاسلام مسألة حبس المرأة وسجنها في الدار، نعم كان هذا العرف سائدا في بعض الحضارات القديمة في الهند ولكن لا وجود لهذا العرف في الاسلام.
وأضاف ان الآيات القرآنية الكريمة التي القت الضوء هنا سواء في سورة النور او في سورة الاحزاب ذكرت حدود ستر المرأة وطبيعة تعاملها مع الرجال الاجانب دون ان تستخدم كلمة حجاب.
وبين الغيلاني ان فلسفة الحجاب الاسلامي ترجع بنظرنا الى عدة عوامل، بعضها ذو جانب نفسي والاخر ذو جانب أسرى، وبعضها ذو بعد اجتماعي والاخر يرتبط برفع مستوى المرأة واحترامها والحيلولة دون ابتذالها.
فلسفة تشريع الحجاب
وقدم الدكتور ضرغام الموسوي من جامعة كربلاء كلية العلوم الاسلامية ورقته البحثية الموسومة بـ(فلسفة تشريع الحجاب في الاسلام) وقال فيها: لقد عاشت المرأة في الجاهلية واقعا مريرا، لما كانت تلاقيه من اهانه في جميع المستويات من وأد و بيع كرقيق، وسبي، ومنع ارث، بل كانت تعد من ارث الاب فيتقاسمها الابناء. وغيرها من اشكال الاهانة التي تعرضت لها فجاء فجر الاسلام ليصلح كل انواع الفساد في المجتمع فأعطاها حقوقها الزوجية وأعطاها حقوقها الشخصية وبين ما لها من حقوق وما عليها من واجبات، ووجدوا الطريقة المثلى في ضرب الاسلام عن طريق المرأة التي تمثل الركن الاساس في بناء الاسرة، التي تكون اللبنة الاساس في بناء المجتمع.
وتحدث الدكتور ضرغام عن اهم محاور ورقته وهي:
اولا: ان الحجاب يكون هوية المرأة المسلمة لما كان مجتمع الجاهلية يضم اطيافا كثيرة من الناس اراد الله عزوجل ان تتجلى هوية المرأة الاسلامية فقال تعالى " يا ايها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدني ان يعرفن فلا يؤذين و كان الله غفورا رحيما".
ثانيا: ان لا تكون المرأة سلعة رخيصة وهذا واضح من خلال ان الشيء المبتذل تعزف عنه النفس وهذا ما قرره علماء النفس أيضا.
ثالثا: ان ترك الحجاب سبب للمفاسد وان الانحلال الاول يكون بترك الحجاب لان تركه يجعلها عرض لأنظار الناس الذي ربما يجر الى أكثر من النظر كالاعتداء والتحرش.
رابعا: الحجاب ليس مانع من حرية المرأة فلا يمكن تصور الحجاب يمنع المرأة من اداء دورها وهذا يتجلى فيما قامت به السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام في الخروج للمطالبة بحقها من فدك وكذلك ما قامت به السيدة زينب عليها السلام في نشر ثقافة وفكر الطف الى العالم اجمع ولولا السيدة الجليلة لما بقي لكربلاء ذكر فكان الركن الثاني من ملحمة الطف.
فلسفة الحجاب في المنظور القرآني والاجتماعي
من جهته شرح الدكتور فاضل الأحبابي في ورقته البحثية الموسومة بـ(فلسفة الحجاب في المنظور القرآني والاجتماعي). شرح المعنى اللغوي لمفردة الحجاب قائلا:
جاء معنى الحجاب في اللغة انه الستر، وحجبه منعه عن الدخول ومنه الحجب في الميراث والمحجوب الضرير وحاجب الامير جمعه حجاب وحواجب الشمس نواحيها.
واما في الاصطلاح فلا فرق يذكر مع تعريفه اللغوي فقد جاء في معجم المصطلحات انه الستر لانه يمنع المشاهدة.
وقسم الأحبابي مبحثه الى محورين مهمين وهما:
المحور الأول: فلسفة الحجاب في المنظور القرآني وقال فيه، ورد في كتاب الله المجيد عدة آيات اوضحت جوانب مهمة لفلسفة فرض الستر على المرأة نذكر منها قوله تعالى: "وقل للمؤمنات يغضضن ابصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن او آبائهن او آباء بعولتهن او ابنائهن او ابناء بعولتهن او اخوانهن او بني اخوانهن او نسائهن او ما ملكت ايمانهن او التابعين غير اولي الاربة من الرجال او الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء".
واستشهد بكتاب المقداد السيوري بعدة فوائد ذكرتها الآية يمكن لنا ان نستلهم منها فلسفة تشريع الحجاب على المرأة قرآنيا وهي:
1-ان حكم النساء حكم الرجال في وجوب غض الطرف وحفظ الفرج
2- تحريم ابداء الزينة، حيث اشار بإباحته للبعولة والمحارم المذكورين.
3- قيل المراد بالظاهرة الثياب فقط وهو الاصح
4-أباح اظهار الزينة لنسائهن، اي النساء المسلمات دون الكافرات.
وعن المحور الثاني وهو فلسفة الحجاب في المنظور الاجتماعي بين الأحبابي عدة جوانب منها
أولا – التوازن النفسي:
ان حرية الاختلاط بين الرجل والمرأة دون قيد او شرط يؤدي الى اختلال التوازن الذهني وينتج عن ذلك الانحراف الاخلاقي
ثانيا – السلم الاجتماعي:
للحجاب بمعنى الستر والعفة دور مهم في تحقيق السلم الاجتماعي اذ يجعل علاقة المرأة منحصرة مع الرجل في إطار الزوجية داخل الاسرة الواحدة
ثالثا – حفظ مكانة المرأة واحترامها:
ان تشريع الحجاب في الاسلام لا يفهم باي شكل من الاشكال انتقاص من قيمة المرأة او اهانة لها او محاولة للحد من حدودها او للنيل من مقامها ومكانتها بل العكس من ذلك تماما اذ يعد الستر والحجاب قيمة اخلاقية وانسانية عالية.
رابعا: الحجاب ونظرية الانتاج وقال:
ان تشريع الحجاب يمنع من تعطيل الطاقات الاجتماعية واضعاف الطاقة الانتاجية للمجتمع بخلاف ما ادت اليه ثقافة السفور المعتمدة في الغرب والتي تقوم على الانحلال وعدم وضع القيود والضوابط التي تؤدي الى اضعاف وتعطيل الطاقة الاجتماعية وتعطيل قوى المرأة وحبس استعداداتها.
المداخلات:
قال الباحث احمد المسعودي التدريسي في كلية العلوم الاسلامية: انا انظر للموضوع نظره كيميائية وفيزيائية. وفي القاعدة الفيزيائية، ما حجب كان امنع من المؤثرات المحيطة به. وإذا عكسنا هذه القاعدة الفيزيائية على عفة المرأة لوجدناها انها ستكون امنع من المؤثرات المحيطة بها. كما اثبتت الدراسات البريطانية ان النساء المكشوفات أكثر عرضة لمرض السرطان.
وأضاف المسعودي اود التركيز على رؤية الغرب الذين يتظاهرون بحبهم لحرية المرأة ودفاعهم عن حرية المرأة. وتساءل قائلاً ماذا قدموا للمرأة؟ هل واقع المرأة في الغرب تطور نحو الافضل ام نحو الاسوأ؟ المؤشرات تقول نحو الاسوأ، بمعنى ان الالتزام الاسلامي دائما يقودنا نحو السعادة الدائمة بلطف إلهي.
ومن الناحية الكيميائية اقول ان المرأة هي نواة المجتمع، ومن المنظور الكيميائي متى ما تعرضت هذه النواة الى المؤثرات الخارجية انشطرت او تشظت بمعنى ان تعرض نواة المجتمع التي هي المرأة ستؤدي بالتالي الى انشطار المجتمع وتشظيه.
ومن جانب آخر قال الباحث احمد جويد مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات: رأينا ان الهجمة على المرأة المسلمة قوية وخاصة على الحجاب دائما، وهذه الهجمة دائما تحاول انتهاك هذا الحجاب وكل ما موجود من ثغرة على الاسلام لدى الغرب وكل حججهم هي ان حقوق المرأة منتهكة بسبب الحجاب وهذا بالفعل امر خاطئ وهو يدرج لغايات هم يسعون من ورائها ولها اهداف معينة.
واشار الشيخ ناصر الاسدي عضو مكتب المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي، الى كتاب اسمه "الحجاب"، هذا الكتاب مليء بالإحصاءات التي تنطق بوضوح حول انهيار المجتمعات الغربية بجوانب متعددة والوضع الخلقي المنهار في تلك البلاد المؤدي الى عشرات الامراض وهناك احصاء يذكره حول مدينة نيويورك حيث يقول: ان هذه المدينة تضم حوالي 600 مستشفى للأمراض الجنسية وهذا المرض يدل على انتشار الامراض الجنسية وأساس ذلك هو الانفلات وعدم وجود حدود وضوابط للمرأة وان سقوط الحجاب هو الخطوة الاولى للانهيار.
وأشارت الصحفية انتصار السعداوي الى أهمية الادب الاسلامي والشيعي في التركيز على الاهمية الاجتماعية والعاطفية للحجاب وضربت مثلا على مؤلفات الشهيدة بنت الهدى التي ركزت في مؤلفاتها بشكل كبير على اهمية حجاب الراس وحجاب النفس والغريزة وأكدت على طبيعة العلاقات الاسرية والاجتماعية التي تحمي هذه الفلسفة وتروج لها وكان لمؤلفاتها اثرا واضحا على ثقافة الحجاب والعفة في الثمانينات من القرن الماضي.
من جهتها قالت الدكتورة عهود ثعبان من جامعة كربلاء: انه كان الاولى التركيز في المباحث على مشكلات اجتماعية أكثر اهمية من الحجاب في الوقت لأني ارى ان الحجاب في كربلاء أكثر التزاما من باقي المحافظات بل دول اخرى. وأضافت ان التركيز في المباحث كان على الجوانب المادية للحجاب وعدم قراءة عدد من النصوص القرآنية او الدينية من قبل الباحثين في هذا الخصوص. اذ ان بعض النصوص القرآنية التي تخص المرأة في القران الكريم تقرأ قراءة خاطئة كما اكدت الدكتورة عهود على الجانب التوعوي في مسالة الحجاب ورفضت مقارنة النساء المسلمات بنساء الغرب اللائي لا تحكمهن شريعة الاسلام (بحسب قولها).
وفي نهاية الملتقى خلص الحاضرون الى جملة من التوصيات كان من اهمها:
1- التأكيد على ضرورة العمل على توعية النساء على قضية الحجاب مادياً ومعنوياً وان تكون مسؤولية فردية واجتماعية
2- ضرورة التصدي المركز العقائدي للدعوات الرامية التي تحاول ان تجعل من المرأة منبهرة بالثقافة الغربية وثقافة التخلي عن الحجاب
3- تخصيص ملتقى آخر لقضية النظرة الاسلامية للمرأة وحقوقها وواجباتها
4- ضرورة الاكثار من الملتقيات والحوارات التي تبين فلسفة الحجاب بنظرة معاصرة تتناسب مع تطورات العصر.