سرطان الاخلاق

اخلاص داود

2021-11-30 07:10

ان تعلم المفردات والمصطلحات الطبية يعد العنصر الاساسي في الطب لفهمها وتفسيرها واستخدامها في تشخيص الامراض في سائر اعضاء الجسم، ومع اختلاف ما يستخدم من مفردات تشخيص العلل الجسدية عن العلل النفسية والاجتماعية إلا انه لفت انتباهي بعض المفردات التي تستخدم في اقوى مرض في التاريخ وهو(السرطان) والامراض الاخلاقية والنفسية.

وكما يخبرنا به الاطباء والمختصون ان عملية تطور السرطان في الجسم تبدأ أما نتيجة تراكمات الخلايا السرطانية أو انحراف جيني يولد مع الإنسان او نتيجة لقوى فاعلة داخل الجسم مثل: الهورمونات، والفيروسات، والالتهابات المزمنة، او قوى فاعلة خارج الجسم، مثل: الأشعة فوق البنفسجية أو عوامل مسرطنة من مواد كيميائية موجودة في البيئة الحياتية.

وتستغل العوامل المساعدة الانحرافات والتغيّرات الجينية في جعل الخلايا تنقسم بسرعة أكبر، والعوامل المُساعِدة يمكن أن تنتقل بالوراثة، ويمكن أن تتكون في داخل الجسم أو يمكن أن تصل من الخارج وتدخل إلى الجسم، ودون العوامل المشجّعة يمكن أن يبقى الورم السرطاني حميدًا ومحدود المكان.

لكن العوامل المشجعة تجعل السرطان أكثر عدوانية وتزيد احتمال اقتحام السرطان للأنسجة القريبة منه وتدميرها، كما تزيد احتمال انتشار السرطان إلى أعضاء أخرى في أنحاء الجسم.

هذا مختصر اسباب السرطان واسع الانتشار، ولان مقالنا ليس عمليا بقدر ما هو مقال اجتماعي عن الذات البشرية التي تحيا وتعيش وتؤثر فيها الاحداث والمواقف والمشاعر والسلوكيات والرغبات والاحتياجات والعوامل الوراثية، نود ان نعكس المفردات التي تستخدم في وصف اعراض مرض السرطان والموجودة اعلاه مثل التراكمات والانحرافات والقوى الفاعلة الداخلية او الخارجية.

وهذه المفردات عادة ما نطلقها في تعبيراتنا ووصفنا للمشاكل التي تحدث في المجتمع المتعلقة بالوعي الانساني مثل الاخلاق والمبادىء والقيم التي تحرك الاشخاص نحو الرقي والعطاء واذا اختفت او تبدلت هذه الصفات اصبح الوعي الانساني مثل الجسد العليل تنهش الخبائث اعضائه الصاحية.

ان تراكمات الايام التي يحملها القلب من انكسارات وصدمات دون معالجة ومداواة من العوامل المساعدة التي تطور القسوة والظلم والاجحاف فيكون هو الأسلوب الطاغي في التعامل.

كذلك الانحراف الذي ينتهك المعايير الاجتماعية بأتباع الطريق الخطأ، وتغيير المسار الصحيح، وهذا الخروج الذي ينعكس في الافعال والسلوكيات احد اسبابه ضعف الوازع الدينيّ فينجرف الانسان الى ملهيات الحياة ويهمل عباداته، واصدقاء السوء الذين يحرفون الانسان عن طريقه ببطء فيهمل التزاماته ومبادئه ويمشي وراء اهوائهم.

تنتشر الامراض الخبيثة بهدوء وتسلسل حلقات سيطرتها دون ان يشعر بها الانسان الى ان يصل الى مرحلة متقدمة كذلك عن سرطان الاخلاق حين ينحرف وينجر لأهوائه ورغباته وشهواته دون ان يشعر والعامل هو اما تراكمات مواقف او انحرافات من اسباب داخلية او خارجية، يقول الله عز وجل:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ".

وكما هو معلوم ان تفسير هذه الاية، أن لا تسلكوا سبيل الشيطان وطرقه، ولا تقتفوا آثاره، والتي تبدأ بخطوة وتتبعها خطوات مبدئها وسوسة الشيطان، في سبيل الوقوع فيها.

ومثلما تشخيص مرض السرطان في مراحله المبكرة يوفر أفضل الفرص للشفاء منه يمثل المراجعة للنفس ومحاسبتها افضل الطرق لعلاج الخطايا والذنوب قبل ان تسلب الاهواء عقله وفكره وتشوه فطرته التي فطره الله عليها، ومثلما ليست ثمة طريقة مؤكدة لتجنب الإصابة بمرض السرطان، يتسلل سرطان الاخلاق للجميع فمنهم من يتوب ويستغفر وذكرهم جل جلاله:﴿ فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ ﴾ ومثلما نجح الأطباء في تحديد بعض الطرق التي يمكن أن تُساعد على خفض عوامل الخطر للإصابة بمرض السرطان، هناك عوامل تقلل الذنوب والعثرات مثل الاستغفار والصلاة والدعاء وعمل الخير والتسامح.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي