تغير المناخ يضع الشرق الأوسط على شفير الهاوية
شبكة النبأ
2022-11-19 06:40
منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا على شفير الهاوية حيث تشهد احترارا بما يقرب من ضعف المتوسط العالمي ما يعرّضها للتأثر بشكل كبير بتغير المناخ وتفاقم مخاطر أمن الغذاء والمياه.
الأرواح تزهق، والمنازل تدمّر، والمحاصيل تتدهور، وسبل العيش تتضرر، ويتم القضاء على التراث الثقافي، لكن الملوثين التاريخيين الذين ساهموا في هذه الخسائر والأضرار يرفضون الالتزام.
وفي العراق ودول الشرق الأوسط الأخرى يمكن أن تغذي ازمة المناخ المزيد من الاضطرابات في المنطقة حيث تتصارع المجتمعات على موارد المياه المتضائلة.
وفي الكويت يلوذ غالبية السكان خلال فصل الصيف، شديد الحرارة، بالأماكن المغلقة المكيفة سواء للسكن أو العمل أو حتى التسوق والترفيه. ومن تضطرهم أعمالهم للبقاء في أماكن مفتوحة يصطلون بحرارة عالية يزداد لهيبها في كل عام عن سابقه، وربما تصل لمعدلات غير مسبوقة عالميا خلال السنوات المقبلة.
وفي مصر وشمال افريقيا قد يؤدي التبخر الناجم عن الاحترار المناخي الى انخفاض منسوب النيل بنسبة 70% وتراجع نصيب الفرد من المياه بنسبة 75% بحلول العام 2100.
وسيشكل ذلك كارثة لشمال مصر الذي ينتج 30% إلى 40% من المحاصيل الزراعية في البلاد.
كما تواجه مدينة الإسكندرية التي ذاع اسمها على مر العصور وثاني مدن مصر وأكبر موانئها خطر أن تبتلعها أمواج البحر الأبيض المتوسط في غضون عقود. حيث تترنح المدينة التي أسسها الإسكندر الأكبر على دلتا النيل على حافة الهاوية مع غرق جزء من أراضيها جراء ارتفاع مستوى سطح البحر بسبب الاحترار المناخي.
56 درجة مئوية
حذّرت منظمة غرينبيس البيئية في تقرير من شح في المياه والغذاء وموجات حر وآثار سلبية خطيرة اخرى للتغير المناخي في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، وقال التقرير الذي يحمل عنوان "على شفير الهاوية" إنّ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشهد احترارا بما يقرب من ضعف المتوسط العالمي ما يعرّضها للتأثر بشكل كبير بتغير المناخ وتفاقم مخاطر أمن الغذاء والمياه.
وقالت المستشارة العلمية في مختبرات غرينبيس للأبحاث كاثرين ميلر "يبدو واضحا أن المنطقة ككل ترتفع حرارتها بمعّدل متسارع يصل إلى 0,4 درجات مئوية لكل عقد منذ ثمانينات القرن العشرين، أي ما يعادل ضعف المعّدل العالمي".
ونتيجة لذلك، يواجه مئات ملايين السكان في المنطقة التي تضم أكبر مصدري النفط والغاز في العالم، خطر شح المياه وموجات الحر والفيضانات وغيرها من الآثار السلبية للتغير المناخي.
وقال التقرير "سيكون هناك خطر كبير لشح المياه في جميع المناطق، مما سيؤثر سلبًا على الزراعة وصحة الإنسان". وتعتمد المنطقة على الواردات الغذائية "التي يمكن أن تتأثّر في حال أثّر "الجفاف وندرة المياه على المحاصيل في العقود المقبلة".
ومن بين أكثر المجتمعات تأثّرا المزارعون الذي عادة ما يكونون "أقل استعدادًا للتكيف إلى حد كبير بسبب وضعهم المالي، واعتمادهم بشكل غير متناسب على الزراعة من أجل البقاء".
وبحلول نهاية القرن، من المرجّح أن تعاني 80 بالمئة من المدن المكتظة بالسكان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من موجات الحر لما لا يقل عن 50 بالمئة من المواسم الدافئة.
وفي ظل وجود انبعاثات عالية في بعض المواقع في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج، يمكن أن تتجاوز درجات الحرارة القصوى خلال موجات الحر الشديدة في المستقبل 56 درجة مئوية.
وطالب التقرير المؤتمر بالعمل على دعم مسار التحول من الوقود الاحفوري الى مصادر الطاقة النظيفة، في وقت تقول دول في الخليج وبينها السعودية والإمارات انه لا يزال هناك حاجة لمزيد من الاستثمار في النفط والغاز ولعقود من أجل تمويل عملية التحول هذه.
كتبت "غرينبيس" في تقريرها "الأرواح تزهق، والمنازل تدمّر، والمحاصيل تتدهور، وسبل العيش تتضرر، ويتم القضاء على التراث الثقافي، لكن الملوثين التاريخيين الذين ساهموا في هذه الخسائر والأضرار يرفضون الالتزام".
الهلال الخصيب يتلاشى
الأزمة التي يواجهها العراق ودول الشرق الأوسط الأخرى يمكن أن تغذي المزيد من الاضطرابات في المنطقة حيث تتصارع المجتمعات على موارد المياه المتضائلة.
تحدثت رويترز إلى أكثر من 20 شخصا في خمس محافظات في أنحاء العراق، قالوا جميعا إن الجفاف الذي طال أمده، والذي تفاقم فقط في السنوات الأخيرة، يعيق سبل العيش. ويعاني المزارعون في الجارتين سوريا وتركيا من تراجع الأمطار.
وقالت بعثة الأمم المتحدة في العراق إن "تغير المناخ حقيقة واقعة في العراق"، مضيفة أن العراق يحتل المرتبة الخامسة في العالم بين الدول الأكثر عرضة لتداعيات الاحتباس الحراري بسبب ارتفاع درجات الحرارة وتراجع هطول الأمطار والملوحة والعواصف الترابية.
وفي العراق، قال مسؤولون وخبراء في المياه إن الأمطار جاءت متأخرة وكانت تتوقف في وقت أبكر في كل عام من الأعوام الثلاثة الماضية.
وتعرض العراق وهو جزء من منطقة "الهلال الخصيب"، وهي قوس يمتد من البحر المتوسط إلى الخليج العربي حيث تطورت الزراعة منذ أكثر من 10000 عام، للدمار بسبب ثلاثة عوامل وهي انخفاض هطول الأمطار، والصراع على مدى عقود، وانخفاض تدفق المياه في النهرين الرئيسيين دجلة والفرات.
وقال الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد في قمة المناخ بمصر الأسبوع الماضي إن التصحر يهدد الآن ما يقرب من 40 بالمئة من مساحة بلادنا الدولة التي كانت في يوم من الأيام واحدة من أكثر الدول خصوبة وإنتاجية في المنطقة.
قال نذير الأنصاري، الأستاذ في جامعة لوليا السويدية للتكنولوجيا، إن معدل هطول الأمطار في العراق انخفض بنسبة 30 بالمئة على مدى العقود الثلاثة الماضية، مع أدنى منسوب في العامين الماضيين.
وأضاف أن ما كان يعرف سابقا بالهلال الخصيب بدأ يتلاشى منذ حوالي 35 عاما.
وقال هاري إستيبانيان، خبير الطاقة والمياه المستقل في واشنطن والزميل البارز في معهد الطاقة العراقي إن انخفاض كميات المياه المتدفقة من تركيا عبر نهري دجلة والفرات جعل العراق في وضع أصعب عندما جفت الأمطار. وتعتمد البلاد على النهرين أكثر من أي مصدر آخر للري.
وأضاف "الأمطار والمياه الجوفية أصبحا (مصدرين) مهمين للغاية".
وتقول بغداد إن السدود في المنبع، وخاصة في تركيا، تفرغ أنهارها. وتقول تركيا إنها لم تغير مجارى الأنهار أو تقطع أي مياه.
وقال سفير أنقرة في العراق في يوليو تموز إن الجفاف ضرب تركيا أيضا، وإنه ينبغي للعراق إدارة إمداداته بعناية أكبر بدلا من طلب المزيد من المياه.
وأظهرت بيانات من وكالة الأرصاد الجوية التركية أن هطول الأمطار في العام حتى سبتمبر أيلول كان أقل بنسبة 29 بالمئة من متوسط العقود الثلاثة السابقة، وأن الوضع كان أسوأ في عام 2021 في جنوب شرق تركيا، الذي ينبع منه نهرا دجلة والفرات.
وقال خبير المياه إستيبانيان إن مزيج السدود والجفاف أدى إلى تقلص مياه النهرين اللذين يتدفقان إلى العراق هذا العام إلى خُمس المستويات السابقة فقط.
وأضاف أن الاستخدام غير الكفؤ للمياه التي يحصل عليها العراق، بسبب سوء الإدارة والاستيلاء غير القانوني على الإمدادات والبنية التحتية القديمة التي تسمح بتسرب المياه بعد عقود من الحرب تضافرت مع النمو السكاني السريع لتفاقم الأزمة.
وفشلت ما يقرب من 90 بالمئة من المحاصيل التي تتغذى على الأمطار، ومعظمها من القمح والشعير، هذا الموسم وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) في العراق.
وقبل عام 2020، كان بإمكان العراق إنتاج ما يقرب من 5.5 مليون طن من القمح. وقال صلاح الحاج حسن ممثل الفاو في العراق لرويترز إن الحكومة تسلمت العام الماضي 2.1 مليون فقط.
وقال شهد الشاهد قائم مقام منطقة أل بدير التي تقع بها مزرعة علوان إن "حوالي 800 أسرة غادرت القرى".
وأضاف "أنا لا أفكر حتى في توفير الماء للزراعة، بل لي شهران الآن وأنا أفكر في كيفية توفير مياه الشرب".
وقال إستيبانيان خبير الطاقة والمياه المستقل إن استهلاك المياه في العراق ينبغي أن يكون قرب 70 مليار متر مكعب سنويا لكنه الآن انخفض بنحو النصف إلى حوالي 40 مليارا.
وقال أحمد كاظم الخزاعي المسؤول بوزارة الموارد المائية العراقية "سيكون هذا هو موسم الجفاف الرابع على التوالي. التنبؤات الجوية لا تبدو متفائلة والخزانات خارج الخدمة بالكامل".
وفي حين يعانى جنوب العراق بعض أشد حالات النقص في المياه فإن مناطق قليلة لم تتأثر. وفي شمال العراق وسوريا، تضافرت نفس العوامل من قلة الأمطار ونقص مياه الأنهار مع الصراع والتهميش لتدمر المجتمعات الريفية.
صراع من أجل المياه
قال كاراوان صباح حمه صالح مدير عام الموارد المائية بوزارة الزراعة في إقليم كردستان بشمال العراق إن إنتاج القمح بالإقليم تهاوى نحو 70 بالمئة هذا العام إلى 300 ألف طن مما أجبر الكثيرين على حفر الآبار.
وأضاف "حفر الآبار ليس حلا استراتيجيا لكن ليس لدينا بديل سريع".
وعبر الحدود في سوريا، انخفضت المستويات بالسدود المقامة على نهر الفرات بما يصل إلى خمسة أمتار تقريبا مما أدى لنقص مستويات الخزانات ومعاناة المزارعين في الوصول إلى الاحتياطي المتبقي من المياه.
ويتهم مسؤولون تركيا بخفض تدفق النهر على مدار العامين الماضيين إلى نصف المستويات التي تعهدت بها في اتفاقية تعود لعام 1987، وهو ما تنفيه أنقرة.
وقال أحمد حمود وهو يقف إلى جوار ضفاف نهر الفرات التي جفت حديثا في شمال سوريا "توقفت عن الزراعة لأن ري الأراضي الزراعية كان مستحيلا".
واندلعت الحرب الأهلية المستمرة منذ فترة طويلة في سوريا في أعقاب احتجاجات مناهضة لنظام الحكم في 2011 بعدما أضرت فترة طويلة من الجفاف بعائدات المحاصيل والماشية ودفعت الأهالي إلى الهجرة للمدن.
وقالت لجنة علمية معنية بالمناخ في الأمم المتحدة في أبريل نيسان إن الغليان الشعبي كان نتيجة مباشرة للجفاف، إلا أنها توقعت أن الانتفاضة كانت ستندلع في جميع الأحوال.
وقال سبعة من قادة العشائر والمسؤولين العراقيين إن التنافس على المياه في جنوب العراق يذكي نزاعات وصراعات بين المجتمعات الزراعية.
وقُتل مزارع بالديوانية يدعى مصطفى قزموز كان يبلغ من العمر 23 عاما في نزاع قبل ثلاث سنوات بعدما مدد جاره خط أنابيب من إحدى القنوات لتحويل نسبة أكبر من المياه، وذلك وفقا لما قاله حيدر أخو قزموز.
وأضاف "لو كان هناك مياه لما بدأت مثل تلك المشاكل".
وفي أكتوبر تشرين الأول أظهر مقطع مصور نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي قوات الأمن وهي تشتبك مع مزارعين عند قناة في المثنى. وقال عبد الوهاب الياسري نائب المحافظ لشؤون الزراعة والمياه بالمحافظة الجنوبية إن 30 شخصا أصيبوا وألقي القبض على 11.
وقال إن الشجار نشب عندما بدأ موظفو وزارة المياه استبدال أنبوب توزيع في القناة لأن مستويات المياه كانت انخفضت دون مستواه. وخشي السكان في منطقة المصب أن يكون الهدف من ذلك الإجراء هو تحويل المزيد من المياه بعيدا عنهم.
وقال الزعيم العشائري مقصد رحيم وهو يقف بجوار فرع يوشك على الجفاف من تلك القناة إنه يتذكر عندما كان ذلك الفرع ممتلئا بالمياه الصافية والأشجار الخضراء من حوله.
وأضاف "يوجد الآن الكثير من العواصف الرملية لأنه لا توجد نباتات أو أشجار لحمايتنا".
الكويت عُرضة لمعدلات حرارة غير مسبوقة
يلوذ غالبية سكان الكويت خلال فصل الصيف، شديد الحرارة، بالأماكن المغلقة المكيفة سواء للسكن أو العمل أو حتى التسوق والترفيه. ومن تضطرهم أعمالهم للبقاء في أماكن مفتوحة يصطلون بحرارة عالية يزداد لهيبها في كل عام عن سابقه، وربما تصل لمعدلات غير مسبوقة عالميا خلال السنوات المقبلة.
فقد سجل مرصد جوي في منطقة تسمى مطربة في شمال غرب الكويت حرارة بلغت 54.4 درجة مئوية في 21 يوليو-تموز 2016، هي الأعلى في قارة آسيا على الإطلاق، والثالثة عالميا منذ بدء تسجيل درجات الحرارة في عام 1886.
أكد ذلك لرويترز عبد العزيز القراوي، مراقب التنبؤات الجوية في إدارة الأرصاد الجوية الكويتية، مُحذرا من أن بلاده ستدخل في "مرحلة الخطر" بحلول عام 2035 مع توقعات بأن تزيد المعدلات السنوية لدرجات الحرارة بنحو درجتين مئويتين عما كانت عليه في 2010.
وأوضح القراوي أن هذه المعدلات ارتفعت بالفعل 1.1 درجة في السنوات من 2010 إلى 2021 مقارنة بالسنوات الثلاثين التي سبقتها.
وسجلت الكويت في السنوات القليلة الماضية درجات حرارة قياسية، منها 54 درجة في منطقة الجهراء شمال غرب العاصمة في 2021 و53 درجة في منطقة الصليبية غرب العاصمة في 2020، وهما من المناطق المأهولة بالسكان.
وقال القراوي إن معدلات الحرارة فوق 50 درجة مئوية كانت تُسجل بالكويت ليوم أو يومين أو حتى أربعة أيام في السنة في الثمانينيات والتسعينيات لكنها تُسجل الآن ربما عشرين يوما في السنة.
كما تزايدت حدة العواصف الجوية والرعدية والترابية التي تضرب البلاد، والتي عادة ما تكون محملة بغبار يؤدي لحالات اختناق لا سيما لذوي الأمراض الصدرية، كما ينقل البكتيريا الضارة ويزيد من انتشار الأمراض الجلدية.
وتعرضت الكويت لأمطار غزيرة وسيول في أنحاء الدولة، وُصفت بأنها غير مسبوقة في نوفمبر-تشرين الثاني 2018، واستقال على إثرها وزير الأشغال العامة آنذاك، حُسام الرومي، بعدما لحقت أضرار كبيرة بالممتلكات وتعطلت الحركة بالطرق والشوارع.
وقال القراوي إن الأعاصير التي تضرب جنوب شبه الجزيرة العربية لا سيما سلطنة عمان واليمن تتكرر أكثر وأكثر من السابق وتزداد عنفا. وفي الكويت يزيد عنف العواصف المطرية مع معدل أقل في تكرارها السنوي لكن كميات المطر أصبحت أكثر من ذي قبل.
وأضاف أن مواسم الجفاف أصبحت أطول، وهو ما زاد من العواصف الرملية التي جاءت الصيف الماضي في شهر مايو-أيار على غير العادة، إذ تكون دائما في الفترات الانتقالية بين الفصول.
وأوضح أن تأثير تغير المناخ يمتد للحياة الاقتصادية والعمرانية بالكويت، حيث تتعطل جهود التنمية وكذلك المشاريع بسبب ارتفاع درجات الحرارة في الصيف.
وتحظر الكويت تشغيل العمالة في المناطق المكشوفة خلال أوقات الظهيرة من الساعة الحادية عشرة صباحا وحتى الرابعة عصرا يوميا خلال فصل الصيف الممتد عادة من يونيو-حزيران حتى نهاية شهر أغسطس-آب.
يرى كثيرون أن الكويت يمكنها بجهد فردي أو بالتعاون مع جيرانها، لا سيما العراق والسعودية، تخفيف حدة الارتفاع في درجات الحرارة وتقليلها عدة درجات إذا تمكنت من تشجير مساحات واسعة من الصحاري الممتدة شمالا وجنوبا.
ولدى الكويت رؤية لتحويل 15 في المائة من الطاقة التي تستهلكها إلى مصادر متجددة بحلول 2030. ولتحقيق هذه الرؤية أنشأت الكويت مجمع "الشقايا للطاقة المتجددة" شمال غرب البلاد، في مبادرة يتبناها وينفذها معهد الكويت للأبحاث العلمية، وتهدف إلى نقل وتوطين مزيج من تقنيات الطاقة المتجددة في الكويت لإنتاج الكهرباء.
كما تبنت الحكومة إنشاء مبان صديقة للبيئة في مشروعاتها الجديدة وأهمها مشروع مطار الكويت الجديد الذي يتم بناؤه حاليا.
لكن الخبير الفلكي والمؤرخ عادل السعدون يرى، وفقا لما أوضحه في مقابلة مع رويترز، أن الحل الناجع يكمن في زراعة نحو عشرين مليون شجرة في الكويت لتقليل درجات الحرارة بنحو خمس درجات مئوية.
وقال إن هذا الأمر ممكن لو تم إنشاء نهر صناعي يمتد من شط العرب في العراق ويدخل الكويت عبر الحدود الشمالية ليمر بالصحراء الغربية في الكويت ثم منطقة الخيران وينتهي في الخليج.
ويشير السعدون إلى أن الأولوية في عملية التشجير ينبغي أن تكون للمناطق الشمالية والغربية لأنها المصدر الرئيسي للرياح المُحملة بالغبار الذي يشكل مشكلة لغالبية السكان خصوصا في فصل الصيف.
وقال "الحلول مكلفة لكن سنجني منها الكثير.. المياه المحلاة تكلف أكثر... لو تعاونا مع العراق ستنتعش الحياة".
الجفاف يتهدد النيل
يؤمن النيل الذي كان يعتبره الفراعنة شريان الحياة، استمرار ملايين من سكان القارة الإفريقية.. لكن مع التغير المناخي المصحوب باستغلال البشر لهذا المجرى المائي الكبير، بدأ العد العكسي لثاني أطول أنهر العالم.
في دلتا النيل، حيث يلتقي النهر بالبحر المتوسط، قد يخسر المزارع المصري سيد محمد أراضيه. وعند منبع النهر في أوغندا، تخشى كريستين مالوادا كاليما أن تحرم من الكهرباء التي تضيء منزلها. أما في السودان فيعبر محمد جمعة عن قلقه على محاصيله.
ويقول الفتىالبالغ 17 عاما والذي ينتمي الى أسرة تعمل بالزراعة أبا عن جد في قربة ألتي بولاية الجزيرة في وسط السودان "النيل هو أغلى ما نملك، لا ينبغي بأي حال أن يتغير".
لم يتبق شيء في واقع الأمر من الصورة الشاعرية للنيل الممتد على 6500 كيلومتر والذي يبرز في التراث الفرعوني كنهر اسطوري تنبت على ضفافه أوراق نبات البردي.
وقد بدأ التحول بالفعل. فخلال خمسين عاما، انخفض منسوب النيل من 3000 متر مكعب في الثانية الى 2830 متر مكعب، أي أقل 100 مرة عن منسوب نهر الأمازون. ومع انخفاض الأمطار وتكاثر موجات الجفاف في شرق إفريقيا، قد يتراجع منسوبه بنسبة 70%، وفقا لأكثر توقعات الأمم المتحدة تشاؤما.
في الدلتا، قضم البحر المتوسط سنويا 5 إلى 75 مترا من الأراضي الساحلية منذ ستينات القرن الماضي. واذا ما ارتفع مستوى البحر مترا واحدا فإن مياهه ستغمر 34% من هذه المنطقة الواقعة في شمال مصر وسيضطر 9 ملايين شخص الى النزوح. فدلتا النيل هو واحد من أكثر ثلاث مناطق في العالم عرضة للتغير المناخي.
أما بحيرة فكتوريا، أكبر مصدر مياه للنيل، مهددة بسبب انحسار الأمطار والتبخر والتغيرات البطيئة في محور الأرض، وقد تختفي هذه البحيرة يوما ما.
وتؤجج هذه التوقعات شهية الدول لاستغلال مياه النهر. وتعجل السدود، التي شيدت على النيل على مر السنين، من كارثة متوقعة.
من البحر إلى المنبع، من مصر إلى أوغندا، أرادت فرق من فرانس برس نقل الحقائق حول انحسار النيل الذي ييمتد حوضه على 10% من مساحة إفريقيا ويشكل موردا أساسيا لقرابة 500 مليون شخص.
مغمور أم مسمم
في صور ملتقطة من الجو بالاقمار الاصطناعية، لم يعد يظهر مصبا نهر النيل (اللذان كانا قبل عقود مرتفعين بشكل ملحوظ عن سطح البخر) عند مدينتي دمياط ورشيد حيث يلتقي فرعا النهر بالبحر المتوسط. وعلى الأرض يتكسر موج البحر بعنف فوق أراض زراعية ما يؤدي إلى انخسافها.
ففي دلتا النيل، غمرت مياه البحر أراضي اليابسة بعمق ثلاثة كيلومترات بين العامين 1968 و2009.
ويغطي الرمل والمياه نصف الحوائط الاسمنتية التي أقيمت لمنع مياه البحر من التقدم .
ويعجز المنسوب الضعيف للنيل عن التصدي للبحر الذي يرتفع مستواه باطراد مع ارتفاع درجة حرارة الأرض (15 سنتيمترا خلال القرن العشرين).
أما الطمي الذي كان على مدى آلاف السنين يشكل حاجزا طبيعيا، فلم يعد يصل حتى البحر بل يبقى محتجزا في جنوب مصر منذ بناء سد أسوان في الستينات للتحكم بمنسوب النهر.
ويقول رئيس هيئة حماية الشواطئ أحمد عبد القادر لوكالة فرانس برس "كان هناك توازنا طبيعيا. فمع كل فيضان كان النيل يجلب الطمي الذي كان يقوي مصبي رشيد ودمياط ولكن التوازن تعرض لبعض الاختلال بسبب إنشاء السد".
وإذا استمرت درجات الحرارة في الارتفاع، سيتقدم البحر المتوسط 100 متر كل عام في الدلتا، وفق برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
على بعد 15 كيلومترا من الساحل على خط مستقيم، تبدو مدينة كفر الدوار الزراعية بمنازلها المبنية بالطوب الأحمر وكأنها لم تتغير .. أقله ظاهريا.
سيد محمد، مزارع في الثالثة والسبعين يعيل 14 فردا من عائلته من أبناء وأحفاد من خلال زراعة الذرة والأرز في أرضه التي ترويها قناة تتفرع من النيل.
لكن مياه البحر المالحة لوثت الكثير من الأراضي ما أضعف النبتات المزروعة لا بل قضى عليها في بعض الأحيان.
ويؤكد المزارعون أن الخضروات لم يعد لها الطعم نفسه بسبب ملوحة المياه.
ولتعويض تسرب المياه المالحة ينبغي ضح كمية أكبر من المياه العذبة من النيل في الحقول.
منذ الثمانينات، كان محمد وجيرانه يستخدمون مضخات "تعمل بالديزل والكهرباء كلفتها عالية للغاية". ويقول إنه يصعب على سكان كفر الدوار تحمل النفقات خصوصا أنهم يعانون، كغيرهم من المصريين، من التضخم وتحرير سعر الصرف.
في بعض مناطق الدلتا، هجر الفلاحون حقولهم أو تخلوا عن بعض الزراعات.
خلال السنوات الأخيرة، استطاع سيد محمد الاستفادة من برنامج للري بالطاقة الشمسية بهدف الى زيادة كمية المياه العذبة وخفض كلفة الزراعة وبالتالي تجنب النزوح من الريف.
وبفضل أكثر من 400 لوح لتوليد الطاقة الشمسية في كفر الدوار، وهو مشروع موله منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، يستطيع هذا الفلاح المصري أن يروي يوميا أرضه التي لا تزيد عن نصف هكتار.
ويؤكد مسؤول ادارة تطوير الري في غرب الدلتا عمرو الدقاق لوكالة فرانس برس أنه مع الطاقة الشمسية "يوفر المزارعون 50%" من الكلفة. وإضافة الى ذلك يبيعون فائض الكهرباء الذي يتم توليده بالطاقة الشمسية الى شركة الكهرباء الحكومية.
ومع ذلك لا يريد أحد من أبناء محمد أو احفاده العمل في الزراعة.
وقد يبتلع البحر المتوسط على المدى الطويل، 100 الف هكتار من الأراضي الزراعية في الدلتا الواقعة على أقل من 10 أمتار فوق سطح البحر، أي ما يوازي مساحة جزيرة رينيون، وفق برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
وسيشكل ذلك كارثة لشمال مصر الذي ينتج 30% إلى 40% من المحاصيل الزراعية في البلاد.
في مصر، يعيش 97% من السكان البالغ عددهم 104 ملايين على شريط مواز لنهر النيل يمثل أقل من 8% من مساحة البلاد. ويعيش نصف سكان السودان الخمسة أربعين مليونا على 15% من مساحة البلاد بمحاذاة النيل الذي يوفر 67% من احتياجات البلاد من المياه.
في 2050 ، سيتضاعف عدد سكان البلدين وستكون الحرارة ارتفعت درجتين الى ثلاث درجات مئوية وسيكون النيل شهد تغيرات إضافية.
وتوقعت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في الأمم المتحدة، أن يؤدي التبخر الناجم عن الاحترار المناخي الى انخفاض منسوب النيل بنسبة 70% وتراجع نصيب الفرد من المياه بنسبة 75% بحلول العام 2100.
ويؤكد خبراء الهيئة الأممية أن الفيضانات والأمطار الغزيرة التي ستهطل على شرق إفريقيا خلال العقود المقبلة لن تعوض سوى 15% الى 25% من هذه الخسارة.
ويشكل النيل في الدول العشر التي يعبرها مصدرا رئيسيا للمياه والطاقة ويعتمد سكانها بشكل أساسي على الأمطار والنهر.
فالسودان على سبيل المثال، يوفر نصف ما يستهلكه من كهرباء من الطاقة الكهرومائية. أما في أوغندا، فتصل هذه النسبة إلى 80%.
وبفضل النيل، تستطيع نالوادا كاليما، وهي أم في الثانية والاربعين من عمرها، إضاءة منزلها ومحل البقالة الذي تمتلكه في حي فقير بقرية نامياغي بالقرب من بحيرة فكتوريا في شرق أوغندا.
لكن الكهرباء التي بدلت بشكل جذري حياتها وحياة أبنائها الأربعة، قد لا تدوم إلى الأبد، وفق ريفاكاتوس توينموهانغي منسق مركز التغير المناخي في جامعة ماكيرير.
ويحذر الخبير من أنه "إذا ندرت الأمطار، فإن مستوى بحيرة فكتوريا سيهبط وبالتالي منسوب النيل سينخفض".
ويضيف "خلال السنوات العشر الأخيرة رأينا مواسم جفاف على فترات أكثر تقاربا، كما أنها أكثر حدة".
اشارت دراسة أعدها في العام 2020 ستة باحثين من جامعات أميركية وبريطانية، أستنادا الى معطيات تاريخية وجغرافية خلال المئة الف سنة الأخيرة، الى أن بحيرة فكتوريا قد تختفي بعد قرابة 500 سنة.
لكن كاليما التي تزرع في حديقتها الصغيرة الموز والبن ونبات المنيهوت لإطعام أسرتها، لا تفهم كثيرا كلام الخبراء.
إلا أنها تلاحظ، في حياتها اليومية، أن التيار الكهربائي ينقطع بمعدل أكبر.
وتقول "بسبب تقنين الكهرباء يجد ابني صعوبة في أداء واجباته الدراسية وينبغي عليه الانتهاء منها قبل الغروب أو إكمالها على ضوء شمعة".
يعيش نصف الاثيوبيين (110 ملايين) من دون كهرباء على الرغم من أن هذا البلد يحقق واحدا من أسرع معدلات النمو في إفريقيا. وتعول أديس أبابا على مشروعها الكبير، سد النهضة، لمعالجة هذا النقض حتى لو تسبب ذلك بقطيعة مع جيرانها.
بدأ تشييد سد النهضة في العام 2011 على النيل الأزرق، الذي يلتحم بالنيل الأبيض في السودان ليشكل نهر النيل، بهدف تشغيل 13 توربينا لتوليد 5 الاف ميغاوات. منذ آب/اغسطس يحوي خزانه 22 مليار متر مكعب من المياه وستستمر عملية الملء خلال السنوات المقبلة حتى يبلغ سعته الإجمالية وهي 74 مليار متر مكعب.
وتتباهي أديس ابابا بهذا السد وهو الأكبر لتوليد الطاقة الكهرومائية في افريقيا: "النيل هو هبة منحها الله للاثيوبيين كي يستفيدوا منها"، على حد تعبير رئيس الوزراء الاثيوبي أبيي أحمد.
غير أن هذا السد بالنسبة للقاهرة يؤثر على حصة مصر من مياه النيل ويخالف اتفاقا أبرم عام 1959 مع الخرطوم، وليست اثيوبيا طرفا فيه، تحصل مصر بموجبه على 66% من مياه النيل سنويا والسودان على 22%.
للحفاظ على هذا المكتسب، اقترح مستشارون للرئيس المصري آنذاك محمد مرسي في العام 2013 في تصريحات علنية عبر التلفزيون أن يتم قصف سد النهضة.
اليوم، ما تزال مصر في عهد عبد الفتاح السيسي تخشى من انخفاض كبير في منسوب النيل في حال حصول عملية ملء سريع لخزان السد الاثيوبي.
المزارعون المصريون من جهتهم يعرفون تأثير السد العالي في أسوان على أراضيهم، فهو، مثل سدود اثيوبيا والسودان واوغندا التي تستخدم لتوليد الكهرباء، يحتجز الطمي الذي يعمل كسماد طبيعي للتربة.
الطمي مفقود
ومع السدود التي بنيت بالقرب من منابع النيل "بدأت المياه تصبح أكثر نقاء ولم تعد تحمل معها الطمي وحتى وقت الفيضان لم تعد تجلبه معها".
ومع الفوضى السياسية والاقتصادية التي يشهدها بفعل الانقلابات العسكرية التي تتالت منذ استقلاله العام 1955، لم يعد السودان قادرا على ادارة موارده المائية.
كل عام، تهطل أمطار غزيرة على السودان فتسبب فيضانا وتوقع ضحايا - هذا العام سقط 150 قتيلا ودمرت قرى بأكملها - إلا أن هذه المياه لا تفيد الزراعة لعدم وجود نظام لتحزين مياه الأمطار.
اليوم يهدد الجوع ثلث السكان رغم أن السودان كان لاعبا رئيسيا في الأسواق العالمية للحبوب وخصوصا السمسم والذرة والفول السوداني فضلا عن الصمغ العربي.
على غرار السودان، تقبع بقية دول حوض النيل - بوروندي، جمهورية الكونغو الديموقراطية، مصر، اثيوبيا، كينيا، أوغندا، رواندا، جنوب السودان وتنزانيا، في ذيل تصنيف الدول القادرة على مواجهة آثار التغير المناخي.
ويقول كالبست تينيكوغايا من وزارة المياه والبيئة الأوغندية إن "تأثير ارتفاع درجة حرارة الأرض سيكون هائلا".
ويضيف "اذا كانت عندنا أمطار نادرة ولكن غزيرة فسنكون معرضين للفيضانات واذا بقينا فترات طويلة بلا أمطار فستقل مواردنا من المياه".
ويختم قائلا "لكننا لا نستطيع أن نحيا بلا مياه".
الاسكندرية مهددة بالغرق
تواجه مدينة الإسكندرية التي ذاع اسمها على مر العصور وثاني مدن مصر وأكبر موانئها خطر أن تبتلعها أمواج البحر الأبيض المتوسط في غضون عقود.
تترنح المدينة التي أسسها الإسكندر الأكبر على دلتا النيل على حافة الهاوية مع غرق جزء من أراضيها جراء ارتفاع مستوى سطح البحر بسبب الاحترار المناخي.
فوفق أكثر سيناريو تفاؤلاً وضعته الأمم المتحدة، سيصير ثلث المدينة تحت الماء أو غير صالح للسكن بحلول عام 2050 إذ سيُضطر رُبع سكانها البالغ عددهم ستة ملايين نسمة على ترك منازلهم.
وقد لا تنجو آثارها القديمة وكنوزها التاريخية من الخطر.
وحتى اليوم، اضطر مئات من سكان الإسكندرية على هجر مساكنهم التي اختلت جدرانها بفعل زحف المياه والسيول في عام 2015 وكذلك في عام 2020.
فكل عام تغرق المدينة بأكثر من ثلاثة مليمترات، بفعل السدود المقامة على نهر النيل التي تمنع وصول الطمي الذي أسهم في الماضي في توطيد تربتها وعمليات استخراج الغاز من الحقول البحرية.
يُتوقع أن يرتفع مستوى البحر الأبيض المتوسط مترًا واحدًا في غضون العقود الثلاثة المقبلة، وفقًا لأسوأ توقعات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، ويقول خبراء الأمم المتحدة هؤلاء إن مستوى البحر الأبيض المتوسط سيرتفع أسرع من أي مكان آخر في العالم تقريبًا.
ومن شأن هذا، وفق اللجنة أن يغرق "ثلث الأراضي الزراعية عالية الإنتاجية في دلتا النيل، وكذلك "مدنًا ذات أهمية تاريخية مثل الإسكندرية".
ثلث المدينة مهدد بالغرق
يقول رئيس الهيئة العامة لحماية الشواطئ المصرية أحمد عبد القادر لوكالة فرانس برس "التغيرات المناخية أصبحت واقعًا نعيشه وليس مجرد تحذيرات تطلق ... المواطن العادي صار يشعر بحرارة الصيف بدرجات أعلى مما كان معتادًا عليه، وكذلك البرودة في الشتاء".
وحتى بالنسبة لأفضل سيناريو، يتوقع تقرير التنمية البشرية لعام 2021 الصادر عن وزارة التخطيط المصرية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن بحلول عام 2050 "قد يرتفع منسوب البحر المتوسط بمقدار متر واحد نتيجة الاحترار العالمي، ما ينتج عنه ... أن يتم غمر بعض المدن الصناعية والمدن ذات الأهمية التاريخية مثل الإسكندرية ودمياط ورشيد وبورسعيد".
وفي حال ارتفاع منسوب البحر بمقدار نصف متر، "قد تغرق 30% من مدينة الاسكندرية، ما سيؤدي إلى نزوح ما يقرب من 1,5 مليون شخص أو أكثر"، بحسب التقرير. كما يُتوقع أن يؤدي ذلك إلى فقدان 195 ألف شخص وظائفهم.
ويقول عبد القادر إن هذه الكارثة ستكون لها تبعات هائلة على مصر التي يعيش فيها 104 ملايين نسمة، فالمدينة التي بناها الملك الاغريقي الاسكندر الأكبر قبل قرابة 2400 عام، "هي ثاني أهم مدينة في مصر لما لها من بعد تاريخي وأثري إلى جانب أنها تضم الميناء الأكبر في البلاد".
أكد محافظ الاسكندرية محمد الشريف أن التغيرات المناخية لها أثر كبير على المحافظة، مشيرا إلى أن شبكة الصرف في الطرق تسع مليون متر مكعب من الأمطار، "ولكننا نتلقى في اليوم الواحد 18 مليون متر مكعب".
ويوضح عبد القادر أن "منطقة دلتا نهر النيل تعتبر من أكثر دلتاوات العالم تعرضا لتأثيرات تغير المناخ لانخفاض منسوبها بالنسبة لمنسوب البحر ما يعرضها لخطر الفيضان. ... تأثير الظاهرة مؤكد وواضح من خلال الخرائط والاستشعار عن بعد. منطقة رشيد هي أكثر المناطق في مصر تأثرا، إذ بلغت مسافة تراجع الشاطئ بها أربعة كيلومترات ونصف".
كذلك، يؤثر تغير المناخ على طقس الإسكندرية الذي يتفاوت من ارتفاع الحرارة في غير موسمها إلى هطول الثلج.
وأبدى الشاب محمد عمر المصري استغرابه من تقلبات الطقس. وقال عمر البالغ من العمر 36 عاما "هناك اختلاف في طقس الاسكندرية، لا يعقل هذا الحر ونحن في نهاية أكتوبر (تشرين الأول)" مع بلوغها 26 درجة مئوية، وهي أعلى بخمس درجات من المعتاد.
شعر كثير من المصريين بالذعر خلال قمة المناخ كوب26 في غلاسكو العام الماضي عندما أتى رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون على ذكر الاسكندرية قائلا "سنقول وداعا لمدن بكاملها مثل ميامي والاسكندرية وشنغهاي التي ستضيع وسط الأمواج".
لكن عبد القادر قال إنه تصريح "مبالغ فيه .. نعم هناك أخطار ونحن لا ننكر ذلك ولكننا أيضا ننفذ مشروعات تخفف من وطأتها".
من بين هذه المشروعات، بحسب عبد القادر، مشروع ممول بمنحة من برنامج الامم المتحدة الانمائي بدأ في مطلع عام 2019 وقد قاربت أعماله التنفيذية على الانتهاء.
يشمل المشروع بناء حمايات للساحل في محافظات بورسعيد ودمياط والدقهلية وكفر الشيخ والبحيرة بطول 69 كيلومترًا من خلال إقامة حواجز من البوص يصنعه أهالي المناطق المستهدفة.
وقال عبد القادر "هذه الحواجز تشكل سياجا يُترك للطبيعة تتراكم عليها الرمال لتعمل كمصد، وقد ثبت نجاحها، وهو يمثل خطة عمل رئيسية للساحل الشمالي بأكمله"، مشيرا إلى أنه سيتم تركيب أجهزة انذار مبكر وأجهزة لقياس ارتفاع الأمواج.
كذلك نفذت هيئة حماية الشواطئ بالتنسيق مع وزارة السياحة والآثار مشروعا لحماية قلعة قايتباي التي شُيدت في العصر المملوكي في القرن الخامس عشر بالاسكندرية في موقع يعتقد أن منارة الاسكندرية القديمة كانت قائمة فيه.
وشمل المشروع صب قرابة 5000 كتلة خرسانية متنوعة الاحجام والاوزان لبناء حاجز من الأمواج وبعض مرافق السير والخدمات. وعن تنفيذ مشروعات أخرى صديقة للبيئة تواجه تغير المناخ، يأمل عبد القادر في أن يكون التمويل هو أحد مخرجات قمة المناخ كوب27 والمقرر عقدها في منتجع شرم الشيخ السياحي المطل على البحر الأحمر في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر.
وقال "نأمل أن تلتزم الدول الغربية بمسؤوليتها الاخلاقية عن معالجة الآثار السلبية للتغيرات المناخية التي تعد أحد تداعيات حضاراتها" ونموذجها الصناعي.
ويرى عبد القادر أن "كلما ابتعدت عن أساليب الحضارة الحديثة كلما قللت من التأثير السلبي على البيئة".