التقليل من الفاقد من الأغذية أسهل ممّا تظنون

وكالات

2022-10-11 03:19

يُفقد ما يقارب 14 في المائة من الأغذية التي ننتجها كل عام خلال عمليتي الإنتاج والتوزيع، في حين تُهدر نسبة إضافية تبلغ 17 في المائة في نهاية المطاف على يد تجار التجزئة والمستهلكين. هذه حلول بسيطة يمكنها أن تساعد في كسر الحلقة المفرغة للفاقد من الأغذية وتغير المناخ.

تُزرع الأغذية وتُحصد وتُجهز وتُعبأ وتُنقل وتُوزع ويُتاجر فيها وتُشترى وتُحضّر... ثم تُرمى.

ففي كل عام، تُفقد نسبة تقارب 14 في المائة من الأغذية التي ننتجها خلال المرحلة الممتدة بين وقت حصادها وقبل وصولها إلى المتاجر. وينتهي الأمر بهدر نسبة أخرى تبلغ 17 في المائة على يد تجار التجزئة والمستهلكين.

ويشكّل الفاقد والمهدر من الأغذية كذلك عاملًا رئيسيًا يساهم في أزمة المناخ، فهما مسؤولان عمّا يصل إلى 10 في المائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية. وفي بعض البلدان، فإن سلسلة الإمدادات الغذائية في طريقها بالفعل إلى تجاوز الزراعة واستخدام الأراضي باعتبارها أكبر مساهم في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ما يزيد من حدة عدم استقرار المناخ والظواهر الجوية القاسية، مثل موجات الجفاف والفيضانات. وهذا يؤثر بدوره على غلات المحاصيل وجودتها، ويزيد من الفاقد من الأغذية ويهدد أيضًا الأمن الغذائي والتغذية.

وبينما ينتج العالم ما يكفي من الأغذية لإطعام سكانه، لا يزال ما يقارب 830 مليون شخص يتضورون جوعًا كل يوم. وتتعدّد أسباب عدم التوافق بين العرض والطلب وأعراض عدم الكفاءة الأكبر في سلاسل إمداداتنا الزراعية والغذائية - وهي مصطلح يغطي رحلة الأغذية بأكملها، من المزرعة إلى مائدة الطعام - وما بعد ذلك.

ومن هذا المنطلق، يشكّل التصدي لأوجه عدم الكفاءة هذه وكسر الحلقة المفرغة بين الفاقد والمهدر من الأغذية وتغير المناخ أولوية قصوى، لا سيما في وقت تتضخم فيه أسعار الأغذية.

حلول بسيطة

لقد نفّذت المنظمة عددًا من المشاريع المصمّمة لتقليل الفاقد من الأغذية وجعل النظم الزراعية والغذائية أكثر كفاءة. وتظهِر بعض تلك المشاريع نتائج واعدة تشمل إنتاج الفاكهة والخضروات في جنوب آسيا، حيث تشكّل ثمار المانجو أحد أهم المحاصيل.

ولثمار المانجو الناضجة استخدامات عديدة؛ إذ يمكن استهلاكها طازجًة أو استخدامها كمكونات في تحضير الحلويات والمثلجات والمشروبات ومنتجات المخابز. ويحتوي لبها أيضًا على مستوى عالٍ من الألياف الغذائية وفيتامين جيم وطليعة الفيتامين ألف والكاروتينات ومضادات الأكسدة.

ولكن ثمار المانجو تفسد، حالها حال أنواع الفاكهة الأخرى، على نحو سريع بسبب محتواها المائي العالي وطبيعتها الحساسة. وإذا لم تُحصد ثمار المانجو في مرحلة النضج المناسبة، ولم يجرِ مناولتها بشكل صحيح طوال سلسلة التوزيع، فإنها تعاني من حيث الجودة والكمية، ما يؤدي إلى خسائر وانخفاض الدخل بالنسبة إلى جميع المشاركين في إنتاجها ومناولتها في مرحلة ما بعد الحصاد. وعلاوة على ذلك، فإن المناولة غير السليمة والإصابة بالآفات تقصّران فترة حفظها، ما يحد بدوره من مبيعاتها ويسفر عن خسائر اقتصادية.

وفي حقول جنوب آسيا، على سبيل المثال، خلص خبراء المنظمة إلى أن المزارعين المحليين غالبًا ما يفتقرون إلى ما يكفي من المعارف بشأن طريقة مناولة الفاكهة والخضروات بعد الحصاد، وأيضًا إلى الموارد اللازمة لمعالجة مسائل الجودة في سلسلة الإمداد. وهذا يمكن أن يؤدي إلى فقد أكثر من نصف محاصيل الخضار.

وتتمثّل الأسباب الرئيسية لفاقد ما بعد الحصاد في الأمراض، وتفشي الآفات، وتقنيات الحصاد غير المناسبة، والتهاون في المناولة، وسوء ظروف التعبئة والنقل.

ولكن عندما درّبت المنظمة المزارعين على تطبيق ممارسات الإدارة الجيدة لما بعد الحصاد واستعمال الصناديق البلاستيكية القابلة لإعادة الاستخدام بدلًا من الأكياس الشبكية وحيدة الاستخدام لنقل منتجاتهم، أدّى هذا التغيير إلى تحسينات هائلة.

تعتبر الصناديق البلاستيكية، بدلاً من الأكياس الشبكية أو الصناديق الخشبية، حلًا فعالًا في الحد من الفاقد من الأغذية أثناء عملية النقل. وقد نفّذ أحد مشاريع المنظمة هذا الحلّ وقلّل الفاقد من الطماطم بنسبة 98 في المائة.

لقد درّبت المنظمة حتى الآن ما لا يقل عن 000 5 شخص من أصحاب الحيازات الصغيرة في جميع أنحاء آسيا على إنتاج الفاكهة والخضروات الطازجة وتسويقها.

نتائج مبهرة

اعتمدت المنظمة، في الآونة الأخيرة، ممارسات جيدة وحلولًا مستدامة منخفضة الكلفة من أجل تحسين جودة ثمار المانجو وفترة حفظها في بنغلاديش. وتبيّن الأدلة أن هذه التدابير تحدث تأثير كبيرًا رغم انخفاض كلفتها.

فعلى سبيل المثال، أدّى استخدام الصناديق البلاستيكية للتعبئة بالجملة إلى تقليل الفاقد إلى الحد الأدنى أثناء عملية النقل، في حين تحسّنت فترات الحفظ والتخزين في المتاجر والأسواق بشكل كبير بالنسبة إلى ثمار المانجو التي خضعت للمعالجة بالماء الساخن لمكافحة أمراض ما بعد الحصاد. كما أن أدوات وتقنيات الحصاد الجديدة، مثل أعمدة القطف المحسّنة أو تقليم ساق ثمار الفاكهة باستخدام مقص وقفازات عوضًا عن نزعها باليد، قلّلت من الأضرار الميكانيكية التي تتعرض لها ثمار الفاكهة، في حين أن تقليم ساق ثمار الفاكهة قلّل من تلطيخ الثمار عند تعبئتها في الصناديق، مما جعلها أكثر جاذبية في المتاجر والأسواق.

وبشكل عام، أدّت التحسينات في ممارسات ما بعد الحصاد الخاصة بالمناولة، إلى جانب المعالجة بالماء الساخن، إلى ثمار مانجو ذات جودة أحسن وفترة حفظ أطول خلال البيع بالتجزئة، مع انخفاض بنسبة تتراوح بين 70 و80 في المائة في أعداد ثمار المانجو المهدرة بسبب التعفن على مدى خمسة أيام. وبفضل هذا الانخفاض في المهدر من الأغذية، إلى جانب فترة الحفظ الأطول، تسنّى تحقيق مكاسب مالية كبيرة لكل من المزارعين وتجار التجزئة.

وتقول السيدة Rosa Rolle، كبيرة موظفي تنمية المؤسسات في المنظمة "تُظهِر هذه التحسينات المذهلة أنه بوسع تغييرات صغيرة في ممارسات ما بعد الحصاد، إلى جانب معدات منخفضة الكلفة، إحداث تأثير كبير على جودة المنتجات الطازجة وفترة حفظها، والتقليل من الفاقد والمهدر من الأغذية".

وتعمل المنظمة الآن على الترويج لهذه النتائج والممارسات بين أصحاب المصلحة في مختلف أنحاء العالم. وقد تم حتى اليوم بالفعل تدريب ما لا يقل عن 000 5 من أصحاب الحيازات الصغيرة في جميع أنحاء آسيا على إنتاج الفاكهة والخضروات الطازجة وتسويقها.

وفي ظلّ ارتفاع أسعار الأغذية والأثر المتزايد لتغير المناخ واستمرار الجوع في العالم، ليس ثمة ما يبرر الفاقد والمهدر من الأغذية على أي مستوى كان. ولوضع ذلك موضع التنفيذ بنفسكم، تعرّفوا على المزيد عمّا يمكنكم القيام به في المنزل.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي