كيف نتعامل مع خطر التغير المناخي؟

رائد الهاشمي

2022-01-09 06:33

ان موضوع (التغير المناخي) أصبح من أخطر التهديدات التي تُحدق بكوكبنا وتهدد حياة البشرية جمعاء، وهذا الخطر طالما تم التحذير منه من قبل الخبراء والمختصين منذ فترة طويلة ولكن مع الأسف لم تلتفت جميع الحكومات والمنظمات الأممية لهذه التحذيرات ولم تحرك ساكناً الا باجراءات بسيطة جداً لا تتلائم مع جسامة الخطر، ولكن الآن تم دق جرس الإنذار بشكل رسمي في كل العالم وأصبحت الحقائق جلية وواضحة للجميع وأصبح العالم كله مهدد بكوارث رهيبة مالم تتخذ الإجراءات السريعة لوقف هذا الخطر.

علينا أن نفهم جميعاً ومعنا كل العالم بان هذا الخطر عام يشمل كوكبنا بالأكمل ولا يشمل دولة واحدة او قارة بعينها واذا ما أردنا ان نتغلب عليه فلن ننجح الا بتكاتف الجميع من حكومات ومنظمات أممية وشركات كبيرة أو صغيرة والأهم هو ان جميع شعوب العالم يجب ان يكون لها دوراً بارزاً في الإجراءات لتجنب الخطر.

من الإجراءات التي تم اتخاذها لتدارك الخطر هو انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (COP26) في غلاسكو باسكتلندا، وتم الاتفاق على “ميثاق غلاسكو”، الذي وافقت عليه جميع الدول البالغ عددها 197.

والذي خرج بمقررات مهمة أهمها:

1- محاولة العمل على الإبقاء على ظاهرة الاحتباس الحراري عند مستوى 1.5 درجة مئوية.

2- محاولة العمل على التخلص التدريجي من استخدام الفحم.

3 - الاتفاق على وضع المناهج السوقية وغير السوقية لتجارة الكربون.

4 - طرح قضية التمويل لمساعدة البلدان الفقيرة بالدخل على التكيف مع تغير المناخ وتخطي عصر الوقود الأحفوري بالرغم من المعارضة الشديدة من قبل الدول العظمى.

وفي مجال آخر أعلنت الأمم المتحدة عن إطلاق حملة (اعملوا الآن) الرامية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري والعناية بكوكب الأرض، وذلك مع تزايد الكوارث الطبيعية التي تشهدها مناطق مختلفة من العالم، مثل فيضانات ألمانيا وحرائق الغابات في كندا والولايات المتحدة.

وأشارت الحملة إلى أنه من أجل الحفاظ على مناخ صالح للعيش، يجب خفض انبعاثات الغازات الدفيئة إلى صفر بحلول عام 2050.

وبيّنت أن التغييرات الكبيرة يجب أن تتم في هذا المجال من جانب الحكومات والشركات، لافتة إلى أن الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون غير ممكن دون مشاركة المواطنين، وخاصة في الاقتصادات المتقدمة.

وأضافت الحملة: “يمكن لكل فرد منا المساعدة في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري والعناية بكوكبنا، من خلال تغيير عاداتنا واتخاذ خيارات ذات تأثيرات أقل ضررا على البيئة، ولدينا القدرة على مواجهة تحديات المناخ وبناء عالم أكثر استدامة”.

ما أريد قوله بان القضية خطيرة جداً ويجب عدم انتظار الإجراءات الحكومية لأنها تتضارب مع مصالحهم الاقتصادية الكبرى لذا يجب التركيز على أمرين في غاية الأهمية وهما:

1 - اطلاق الحملات الإعلامية الواسعة للتثقيف بخطورة قضية التغير المناخي وآثاره الكارثية على العالم أجمع وايصال هذه الحملة لكل شعوب الأرض لغرض الحث على مشاركة الجميع في الإجراءات الاحترازية للتخلص من الخطر ويجب أن تشترك في هذه الحملة أكبر عدد ممكن من المؤسسات الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروئة.

2 - حث منظمات المجتمع المدني والناشطين المدنيين في جميع دول العالم بالمساهمة بكل الوسائل من اجل الضغط على الحكومات واجبارها على اتخاذ إجراءات حقيقية في الحد من الخطر وهذا يمكن عبر حملات احتجاج جماهيرية أو ندوات تثقيفية وعبر خلق رأي عام عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام.

وفي خضم هذه التطورات الخطيرة والتي تهدد جميع الشعوب ومنها شعبنا العراقي نتسائل أين حكومتنا والطبقة السياسية مما يجري حيث لم نسمع حتى تصريحاً رسمياً أو اهتماماً أو نيّة حقيقية للتعامل مع هذا الخطر والجميع منشغل بالصراع الدائر لتشكيل الكتلة الأكبر وتشكيل الحكومة وتقاسم المناصب.

وهذا الموقف والسكوت مقلق ويهدد أمن وسلامة العراق واقتصاده وشعبه فعلى الحكومة الجديدة والطبقة السياسية برمتها أن تهتم بهذا الموضوع وتضعه في أولويات برنامجها الحكومي المرتقب وأن تأخذ بنظر الاعتبار قضية في غاية الأهمية وهو أن الاقتصاد العراقي يرتكز على واردات النفط بشكل شبه كامل وأن الطلب على النفط في الأسواق العالمية سيبدأ بالانخفاض بشكل تدريجي في المستقبل القريب بسبب القرارات الأخيرة التي اتفقت عليها معظم الدول المشاركة في مؤتمر المناخ الأخير ومنها تقليل الانبعاثات الناتجة عن استخراج وتكرير النفط وكذلك القرارات بمنع تصنيع واستخدام كافة الآليات والسيارات والمعدات التي تعمل بالوقود وكذلك منع تشغيل المصانع والمعامل التي تستخدم الوقود في عملها.

وتم وضع جداول زمنية بتنفيذ ذلك وهذا يعني أن العالم سيتوجه بشكل كامل الى مصادر الطاقة البديلة عوضاً عن النفط وبالتالي فان أسعاره ستبدأ بالانخفاض تدريجياً وهذا يعني أن العراق مقبل على كارثة اقتصادية بمعنى الكلمة بسبب اعتماده على إيرادات النفط، وهذه الأسباب كلها تحتم على الحكومة البدأ بوضع خطط تنموية حقيقية لايجاد بدائل حقيقية تعزز من واردات الموازنة العامة والنهوض بالقطاعات المهمة المدرة للواردات وأهمها الصناعة والزراعة والسياحة والتجارة وكذلك يجب أن تركز الخطط التنموية على بناء وتوفير مصادر الطاقة البديلة كما معمول به في معظم دول العالم وخاصة أن العراق لايزال متخلفاً في هذا المجال الحيوي وكذلك يجب التعامل بشكل جدي مع إيقاف الهدر في الغاز الناتج عن عمليات استخراج النفط والذي يساهم في عملية التلوث البيئي وخاصة أن العراق من أكثر البلدان التي تساهم في التلوث البيئي عالمياً وقد تم توجيه إنذارات وتحذيرات كثيرة من منظمات عالمية للعراق في هذا الجانب علاوة على الخسائر المادية الكبيرة التي تنتج عن الهدر الحاصل في احتراق الغاز.

كل هذه الأمور يجب أن تاخذها بالحسبان الحكومة الجديدة وأن تتسابق مع الزمن لتعزيز وانعاش الاقتصاد العراقي وإيجاد البدائل الملائمة لتعظيم الواردات بدلاً من الاعتماد على النفط، علماً أن معظم الدول النفطية خطت خطوات كثيرة في بناء اقتصاداتها والخروج من عباءة الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي لتمويل الموازنة.

أكرر دعوتي للحكومة العراقية الجديدة وللبرلمان وللطبقة السياسية باستدراك هذا الخطر الحقيقي والإسراع باتخاذ هذه الإجراءات الكفيلة بتقليل حجم الكارثة التي يقبل عليها العراق وشعبه وتجنيبه الوصول الى حافة الهاوية الناتجة عن سوء الإدارة وانعدام التخطيط السليم.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي