دور السياسة البيئية في معالجة مظاهر التدهور البيئي في العراق

مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية

2021-03-16 08:51

بقلم: المدرس المساعد تغريد قاسم أبو تراب/مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية
باحثة في جامعة البصرة -مركز ابحاث الخليج العربي-قسم الدراسات الاقتصادية

تعد التحديات البيئية التي تواجه العراق من أخطر ما يهدد الأمن بمستوياته العديدة سواء الوطني والصحي والغذائي والمجتمعي...الخ، بسبب ارتفاع معدلات التلوث وما صاحبه من اختلال كبير في التوازن البيئي في البلاد، وتمثل عملية التصدي ومعالجة هذا الوضع مسؤولية الجميع وتشمل كافة مؤسسات الدولة وليست حصرا على وزارة محددة كالصحة أو البيئة بل يكون بالتعاون فيما بين المؤسسات والوزارات في الدولة حتى يؤدي كل منها دوره بمسؤولية ومهنية وان يكون ذلك من خلال برامج علمية وواقعية.

وتأتي هنا مهمة السياسة البيئية التي تمثل جزءاً من السياسة العامة والضرورية لمستقبل الإنسان والمجتمع بأكمله، كما أن مهمة السياسة البيئية لا تنحصر فقط في معالجة الأضرار البيئية المتواجدة في الواقع وإنما يتعدى ذلك إلى ضرورة تجنب المشاكل البيئية وتقليل الأخطار الناجمة عنها إلى أقصى حد ممكن، فضلا عن إنها تسعى إلى إيجاد وتطوير الإجراءات الضرورية والفعّالة لحماية صحة الإنسان وحياته وقيمته من كافة أشكال التلوث. وقبل البدء بطرح أهم ما يمكن أن تحتويه هذه السياسة من خطوات لا بد من التعرف بدءا على أهم مسببات هذا التدهور في العراق وما هي الأضرار الناجمة عنه.

أولا- ما هي مسببات هذا التدهور البيئي؟

والجواب يحدد بما يأتي:

1- هي امتداد لظواهر عدة مثل التصحر والجفاف التي حصلت بفعل الاحتباس الحراري والتغيير المناخي.

2- هي نتيجة لسياسات النظام البائد والمتمثلة بتجفيف الأهوار والمسطحات المائية وقطع الملايين من أشجار النخيل وحرق آبار النفط في الجنوب واستخدام السلاح الكيماوي في مدن الشمال العراقي.

3- ما خلفته الحروب المتتالية التي خاضها العراق والدمار بسبب استخدام اليورانيوم المنضب ونشر الألغام وجرائم الإرهاب الداعشي كحرق آبار النفط وتدمير المناطق السكنية والبنى التحتية حتى بات العراق من الدول المتميزة بالدمار البيئي.

4- فشل نموذج الدولة العراقية الجديدة بعد عام (٢٠٠٣) في إقامة ركائز سياسة بيئية ذات طابع مؤسساتي، ومنظمة بقانون وان يكون لها دور فعال في رفع مستوى التوعية المجتمعية ومعاقبة المخالفين والمتجاوزين على البيئة واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم كمحاسبة من يقوم بتجريف البساتين والتجاوز على الأهوار وإلقاء المخلفات الصناعية والكيماوية في الأنهار.

5- تصاعد معدلات النمو السكاني في العراق مما شكل قوة ضغط على الموارد الطبيعية والبيئة.

6- تفاقم مشكلة الملوحة وشحة المياه نتيجة سياسات البلدان المتشاطئة مع العراق وخاصة تركيا التي أقامت السدود العملاقة مخالفة بذلك القوانين والأعراف والمواثيق الدولية بهذا الخصوص وأيضا ما أقدمت عليه إيران من تجفيف الأنهار والروافد مما قلل وبشكل خطير معدلات المياه التي تصل العراق.

ثانيا- مظاهر التدهور البيئي في العراق:

يمكن إجمال مظاهر هذا التدهور بالآتي:

1- ارتفاع معدلات تلوث الهواء والماء والتربة واستمرار التأثيرات الناتجة من المخلفات الكيماوية والإشعاعية والمساحات الواسعة التي تغطيها حقول الألغام.

2- الخلل الحاصل في التوازن الإحيائي والمتمثل في انحسار الغطاء النباتي وفقدان البساتين والغابات مما تسبب في تناقص المخزون الوراثي للبذور وتدني الأنواع الحيوانية البرية وانقراض بعضها وزيادة معدلات التصحر والجفاف والتي أحد مظاهرها حدة العواصف الغبارية والترابية والرملية.

3- تأثيرات التدهور البيئي على صحة المواطنين والمتمثلة بزيادة معدلات الإصابة الحادة والمزمنة بأمراض الجهاز التنفسي والقلب وانتشار الأمراض المعدية كالكوليرا والتيفوئيد والدزنتري والأمراض الجلدية والسرطان والتشوهات الخلقية.

4- انتشار التلوث البصري والضوضائي.

ولتحسين الواقع البيئي في العراق سيكون من خلال وضع سياسات بيئية علمية ومعتمدة من قبل الحكومة المركزية والحكومات المحلية في المحافظات وبما ينسجم والخطط الاقتصادية والاجتماعية وإعادة أعمار المناطق المحررة والبنى التحتية وزيادة الغطاء النباتي، وإيقاف امتداد التصحر والجفاف وتجريف الأراضي الزراعية وإصلاح الخلل في التنوع الإحيائي، ومراقبة مستويات التلوث بكافة أنواعها في الماء والهواء والتربة ومعالجة والربط بين متطلبات الاستثمار في التنمية المستدامة وإعادة الأعمار وانعكاساتها البيئية، واستخدام الطرق والوسائل الحديثة في زيادة معدلات إنتاج وتصدير النفط والغاز في البلاد بما يحافظ على البيئة وصحة المواطنين.

فضلا عن حماية التوازن البيئي في الأهوار والمسطحات المالية ومنع الإهدار والإفراط بمكونات البيئة في العراق كافة من ماء وتربة...الخ. ويمكن تحديد لأهم الاتجاهات العامة للتعامل مع التحديات البيئية في العراق لوضع المعالجات العلمية السليمة وضمن ما مخطط في السياقات العامة والدقيقة في السياسات البيئية العامة في البلاد.

ثالثا- الاتجاهات العامة للتحديات البيئية في العراق

تتحدد أبرز هذه الاتجاهات بما يأتي:

1- رسم سياسات وسياقات تعتمد على دراسات وتقييم علمي رصين للواقع البيئي في العراق.

2- دراسة وتقويم عمل المؤسسات الحكومية المهتمة بشؤون البيئة ومنها وزارة الصحة والبيئة وبالاعتماد على المعايير المهنية والكفاءة الإنتاجية والجودة والنوعية والتخلص من الترهل الإداري.

3- تشكيل لجنة وزارية عليا للبيئة في العراق تضم ممثلين عن الوزارات المعنية مهمتها رسم السياقات العامة وتقييم معدلات الإنجاز في تحقيق البرامج وتقدم تقاريرها إلى رئاسة الوزراء.

4- الاستمرار في إصدار تقارير سنوية عن واقع البيئة في العراق من قبل وزارة الصحة والبيئة وأيضاً من قبل مجالس المحافظات يتناول الإنجازات والمعوقات والأهداف العملية والبرامج الملموسة القادمة.

5- أن يقوم البرلمان العراقي وخاصة لجنة الصحة والبيئة بدراسة القوانين والمواد المتعلقة بالبيئة وحمايتها في كافة المحافظات وعلى أساس الأولويات والسياقات المقرة لحماية البيئة وإعادة صياغة قانون خاص وشامل لحماية البيئة وتشكيل محكمة متخصصة في التعامل مع المخالفين والمتجاوزين وأيضاً التصدي للفساد المالي والإداري والتنسيق مع وزارة الداخلية لتشكيل مفارز بيئية كجزء من الشرطة المجتمعية مهمتها رصد والقبض على المخالفين وأتباع الإجراءات وفق الضوابط القانونية.

6- تحديد وتدقيق نسب ومصادر تلوث الماء والهواء والتربة وباستخدام أجهزة حديثة ومتطورة وإقرار سياسات للمعالجات الفعالة ومنها منع التلوث البيولوجي والجرثومي والكيمياوي في البلاد.

7- تحديد حقول الألغام في العراق والتخلص منها بالتعاون مع المجتمع الدولي والمنظمات المتخصصة.

8- دراسة ظاهرة تصاعد العواصف الترابية والرملية وتحديث أجهزة المراقبة والتنسيق مع وزارة الصحة للتعامل مع آثارها الصحية الآنية والبعيدة المدى.

9- مراقبة مساهمة القطاع النفطي في زيادة معدلات التلوث في مراحل الاستكشاف والاستخراج والتصدير والتأثيرات على الصحة العامة للمواطنين الذين يعيشون على مقربة من الحقول المنتجة للنفط والغاز.

10- التعاون الوثيق مع منظمات الأمم المتحدة المعنية بالبيئة ومنظمة الصحة العالمية المشاركة الفعالة في الجهود الدولية للتصدي للاحتباس الحراري والتغيرات المناخية والاستفادة الفعالة من دراساتها واستنتاجاتها وتطبيقها بكفاءة وبالاستفادة من الخبرات العالمية والعراقية.

11- التعاون مع منظمات المجتمع المدني الدولية والعراقية المختصة بالبيئة وعلى كافة المستويات ودعمها والارتقاء بها لحد أشكال الرقابة المجتمعية على الأداء البيئي للحكومة المركزية والحكومات المحلية.

12- زيادة الوعي المجتمعي والترويج شعبياً لأهميته ومتطلبات سلامة الحفاظ على البيئة كمسؤولية تقع على عاتق جميع المواطنين عبر برامج إعلامية متخصصة.

14- إعطاء اهتمام خاص في مرحلة ما بعد داعش لإعادة أعمار البنى التحتية والبناء العمراني في المناطق المحررة وضمان إشراك متخصصين بالبيئة وعلومها في مراحل التخطيط والتنفيذ والتسليم للمشاريع.

15- تعد مشكلة شح المياه من أكبر المخاطر التي تهدد البيئة في العراق بسبب انخفاض كم الموارد المائية والتي تتطلب إدارة فاعلة وحكيمة للموارد المائية عبر ترشيد الصرف ووقف الإهدار واستخدام الطرق الحديثة والعناية بمخزون المياه الجوفية.

وتعتبر المسطحات المائية والأهوار ثروة وطنية وعالمية خاصة بعد إدراجها في لائحة التراث العالمي في (17/6/2016) الأمر الذي يتطلب تنفيذ الاستحقاقات المترتبة على الحكومة العراقية جراء تسجيلها دولياً ومعاقبة المتجاوزين عليها لأغراض تجارية واعتماد سياسيات ومشاريع سياحية ملائمة للبيئة ومنها الحفاظ على التنوع الإحيائي ومعاقبة الذين يقومون بالصيد الجائر للطيور المهاجرة أو الأسماك. إضافة إلى تحسين وتعزيز السياحة البيئية في الأهوار والمناطق الأخرى.

16- معظم المشاريع الحكومية والخاصة، الهندسية والكيمياوية مثل معامل الإسمنت والأسمدة والدباغة والجلود ومعامل الطابوق لا تراعي متطلبات البيئة من حيث اختبار موقعها أو تصريف نفاياتها التي اغلبها تصب في المحيط المائي والذي يتطلب فرض رقابة شديدة وإجراءات قانونية شديدة ورفض تمديد أو إعطاء تراخيص إذا كانت مخالفة لمتطلبات سلامة البيئة.

17- التلوث الإشعاعي من أخطر أنواع التلوث، الأمر الذي يتطلب سياسة علمية لإجراء المسوحات وبفترات زمنية محددة للماء والهواء والمحاصيل الزراعية والتربة خاصة في المواقع التي يتواجد فيها آليات عسكرية من بقايا حرب الخليج الأولى والثانية وتوفير الأجهزة الحديثة ورسم سياقات لمعالجة مصادر التلوث الإشعاعي وتبعاتها الصحية على المواطن العراقي.

18-مع تصاعد معدلات تهريب وتصنيع واستخدام المخدرات هناك تبعات بيئية وصحية لذلك خاصة في معامل استخدام المواد الكيمياوية لتصنيع المخدرات.

19- الاهتمام الجدي بدراسة ووضع مشاريع للطاقة البديلة والمتجددة واتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة ومنها الأنظمة والتعليمات لتحقيق التنمية المستدامة مثلاً مشاريع لتوفير الطاقة الشمسية وبناء محطات لإنتاج الطاقة الشمسية وتوليد الكهرباء واستخدامها في تحلية المياه وربطها بالشبكة الوطنية للكهرباء، إذ أن العراق ينعم بأشعة الشمس في معظم أيام السنة.

20- استخدام تقنية تحويل النفايات إلى وقود ومنها النفايات العضوية ( تحويلها إلى الوقود الحيوي الغازي) والنفايات الصلبة المنزلية ونفايات المصانع الصلبة والورق وتحويلها إلى طاقة متجددة حرارية وكهربائية واستعمال أحدث التقنيات كالتغوير للنفايات العضوية والانحلال والتكسر الحراري لمنتجات البلاستيك وتدويرها وتحويلها إلى طاقة متجددة.

21- التواصل والتنسيق مع الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع الدولي لمعالجة التغير المناخي وظاهرة التصحر واتخاذ التدابير الفعالة المعتمدة دولياً، ويشكل ازدياد التصحر في العراق خطراً بيئياً جسيماً يحتاج إلى معالجات سريعة.

22- العمل على إنشاء مدن صناعية مطابقة للمواصفات خارج الحدود البلدية للمدن وبعيدة عن الأحياء السكنية للتقليل من ارتفاع في نسب التلوث الضوضائي، والمنع من انتشار المولدات القديمة التي لا تحتوي على كواتم الصوت.

23- رفع أبراج الهاتف النقال من داخل المدن واستبدالها بأبراج خارج المدن أكثر.

24- الحفاظ على المظهر اللائق للمدن العراقية لكي تحتفظ بهويتها ومنع التلوث البصري كالأحياء السكنية العشوائية والشوارع الضيقة المتداخلة وأكوام القمامة المنتشرة في الأزقة.

فالدور الذي ينبغي على السياسة البيئية أن تلعبه كبير ومؤثر في مستقبل الفرد والمجتمع برمته، لذلك يجب أن يرافقها جانب أخر يجب أن نتطرق إلى الارتباط الوثيق بين السياسة البيئية والثقافة البيئية إذ يعدان وجهان لعملة واحدة ويعد العراق من الدول المتخلفة بسياستها البيئية وتراجع الوعي والثقافة البيئية لدى أبناء المجتمع. ففي الوقت الذي نطمح فيه أن توضع سياسة بيئية قادرة على حل المشاكل البيئية باستخدام إجراءات تقنية وإدارية لابد أن يرافقها ثقافة بيئية توازيها وباهتمام متزايد لإحداث تغييرات في طرق التفكير والسلوك البيئي عند الإنسان العراقي.

كما تعد الثقافة البيئية جسرا للوصول إلى مجتمع يمتلك صفات الاستمرارية، هذا وتهدف الثقافة البيئية أيضا إلى تطوير الوعي البيئي وخلق المعرفة البيئية الأساسية بغية بلورة سلوك بيئي ايجابي ودائم، والذي يعد بمثابة الشرط الأساسي لكي يتمكن كل فرد أن يؤدي دوره بشكل فعّال في حماية البيئة وبالتالي المساهمة في الحفاظ على الصحة العامة. لذا لابد من التوجه في التركيز على ضرورة تطوير وبلورة مفهوم الثقافة البيئية ونشرها لتتحول بذلك إلى مجال خاص مهم وقائم بذاته قادر على أن يأخذ دوره في المناهج التدريسية في كافة المراحل الدراسية لتنشئة أجيال بعقول جديدة تعي وتفهم ماهية الثقافة البيئية وتعمل على تطبيقها. وهذا الارتباط فيما بين السياسة البيئية والثقافة البيئية اوجد مجموعتين من الأهداف للسياسة البيئية الأولى تتمثل بمجموعة الأهداف الجوهرية والثانية هي مجموعة الأهداف الثانوية.

ثالثا- أهداف السياسة البيئية في العراق

بناءً عليه فإن للسياسة البيئية أهداف جوهرية أساسية وأخرى ثانوية. والتي من الممكن أن نحصرها بالنقاط الرئيسية التالية:

1- مجموعة الأهداف الجوهرية.

وتتلخص بالآتي:

أ- إن حماية وحفظ صحة وحياة الإنسان هي التزام وواجب أخلاقي من المفروض أن يؤخذ بعين الاعتبار عند القيام بأي عمل من قبل المجتمع والدولة.

ب- إن الحماية والتطوير المستديم للنظام الطبيعي والنباتي والحيواني وكافة الأنظمة الايكولوجية في تنوعها وجمالها وماهيتها ما هو إلا مساهمة رئيسية من أجل استقرار المنظر الطبيعي العام وكذلك لحماية التنوع الحيوي الشامل.

ج- حماية المصادر الطبيعية كالتربة والماء والهواء والمناخ والتي تعتبر كجزء رئيسي من النظام البيئي وفي الوقت نفسه كأساس للتواجد والمعيشة للإنسان والحيوان والنبات ولمتطلبات الاستثمار للمجتمع الإنساني.

د- حماية وحفظ الموارد المعنوية والتراث الحضاري كقيّم حضارية وثقافية واقتصادية للفرد والمجتمع.

و- العمل على حفظ وترسيخ وتوسيع فضاءات حرة وذلك لخدمة الأجيال المستقبلية وأيضاً بهدف الحفاظ على التنوع البيئي الحيوي والأماكن الطبيعية.

س- استبدال المصادر الاحفورية بالمصادر الطاقية البديلة.

2-مجموعة الأهداف الثانوية.

أما الأهداف الثانوية للسياسة البيئية تنحصر بحل المشاكل التالية:- (أ-الإدارة المتكاملة للمخلفات والمواد الخطرة والمواد الكيميائية. ب-حماية الصرف الصحي. ج-نظافة الهواء. د-تجنب الضجيج. و-مكافحة التصحر وإنقاذ المنظر الطبيعي العام من الهلاك الناتج عن التلوث البيئي).

فإن حماية البيئة الموجهة حسب الأهداف الأساسية والثانوية هو إجراء وقائي تقع مسؤوليته بالدرجة الأساس على الدولة والجمعيات المدنية بهدف معالجة النقاط الرئيسية التالية:-(إزالة أو معالجة الأضرار البيئية القائمة، تجنب أو التقليل من المشاكل والأخطار البيئية الراهنة، الوقاية الاحتياطية من المشاكل البيئية المستقبلية والتي قد يكون من الممكن تداركها ). رابعا- الحلول والمعالجات

وتتحدد أهم المعالجات بالخطوات التالية:

أ- وضع رؤية إستراتيجية وبرنامج عمل للإدارة المتكاملة للموارد المائية التي تضمن الاستخدام الأمثل والعادل للمياه وتأمين متطلبات التنمية المستدامة في كافة القطاعات المستهلكة للمياه وبخاصة القطاع الزراعي اكبر مستهلك للمياه في العراق.

ب- تشديد الرقابة على مصادر التلوث المائي (مياه الصرف الصحي، مياه المبازل، مياه المصانع والمستشفيات، المواد النفطية، النفايات البلدية) والتلوث الهوائي (وسائط النقل، المصانع، المولدات) وتطبيق التشريعات والقوانين بحزم لوقف ومنع هذه الملوثات.

ج- إدامة محطات معالجة مياه المجاري الحالية وإنشاء محطات جديدة لتستجيب للتوسع العمراني وزيادة عدد السكان وضمان معالجة صحيحة ومتكاملة وفقا للتعليمات والتشريعات البيئة والصحية.

د-نصب منظومات ثابتة وأخرى متنقلة لمراقبة نوعية الماء والهواء لغرض رسم صورة متكاملة لمصادر التلوث مما يساعد على اتخاذ القرارات المستندة إلى مؤشرات وأدلة علمية وواقعية ويساهم في تحسين نوعية المياه وهواء المدن.

و-تحديث وصيانة المنشآت والمصافي النفطية ووحداتها العاملة ومراقبة انبعاثاتها الغازية بما يضمن عدم تأثيرها على البيئة والصحة العامة.

س- الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري (الميثان، أول وثاني اوكسيد الكربون، اكاسيد النتروجين، الهيدروكاربونات المشبعة بالكلور) من خلال تشجيع الاستثمار في الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة.

ح-تنظيم وضبط عملية إدخال السيارات والمركبات وإجراء الفحوصات الدورية عليها لمنع انبعاث الغازات الضارة من محركاتها وتشجيع النقل الجماعي.

ط-الاهتمام الجدي بصيانة محطات إنتاج الطاقة الكهربائية وإنشاء محطات جديدة لتلبية جميع الاحتياجات الوطنية لغرض القضاء على ظاهرة المولدات الفردية والجماعية وتحسين جودة الهواء في المناطق الحضرية.

ل-إيجاد نظام فعال لجمع وإدارة ونقل وفرز ومعالجة النفايات والمخلفات البلدية والصحية والتجارية وغيرها والتشجيع على إعادة الاستخدام والتدوير وتقليل استنزاف الموارد الطبيعية وإنشاء مواقع طمر صحية وفنية.

ك-الاهتمام بتشجير جوانب الطرق والساحات العامة والدوائر والمؤسسات الحكومية والخاصة وزيادة أعداد الحدائق والمتنزهات ونشر ثقافة الوعي البيئي والصحي.

م-توعية جميع السكان بحجم وأهمية وجدية الآثار والأمراض التي يحدثها التلوث البيئي لمكوناته الرئيسية (الماء، الهواء، والتربة) والنتائج المترتبة في المجال الصحي والاقتصادي.

ش-تشجيع ترجمة العلوم البيئية في المجال القانوني البيئي والهندسي والاقتصادي والتربوي البيئي إلى اللغة العربية وزيادة فرص التخصص العالي في المجال البيئي من أجل خلق كيانات علمية بيئية قادرة على نشر الثقافة البيئية التقنية الحديثة وفرض تواجدها عالمياً باعتمادها أسلوب ضمان الجودة الشاملة.

ت-تقتضي الضرورة تنفيذ دراسات تقييم الأثر البيئي للمشاريع الاستثمارية ومراقبة تطبيقها بالإضافة إلى الاعتماد على ما يسمى باختبار حساسية البيئة ومدى إمكانية التعايش معها، ووضع هذا الاختبار موضع التنفيذ على أن يمتد ليشمل كافة مجالات التخطيط لمشاريع الاستثمار بكافة أشكالها بما فيها الصناعية والإنتاجية أخذين بعين الاعتبار أنواع المنتجات وطرق الإنتاج وكذلك طرق التخلص من النفايات الصادرة عن العملية الإنتاجية.

وبناءا على ما تقدم فإن السياسة البيئية الناجحة هي تلك السياسة التي تمهّد الطريق أمام نشوء وعي وثقافة بيئية، وهي التي تربط النظام الايكولوجي بالنظام التعليمي وكلاهما بالنظام الاقتصادي ونظام السوق وتحترم وتشجع المسؤولية الذاتية لكل من نظام السوق والاستثمار، وتعمل على إزالة كافة أشكال البيروقراطية أمام التراخيص الهادفة لتخطيط مشاريع رفيقة بالبيئة والإنسان وتمكين المستثمرين والباحثين من الوصول إلى دراسة وفحص كل النظم واللوائح والمعايير التقنية المتواجدة وإعطاء الضوء الأخضر أمام إدخال نورمات جديدة وكذلك التقرب من الشركات الصناعية عن طريق تقديم عروض للمشاركة بنظام جماعي مهتم بإدارة البيئة واختباراتها.

* مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية/2004-Ⓒ2021
www.fcdrs.com

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي