طهران على المسار الصعب للتحول الى مدينة صديقة للدراجات الهوائية

وكالات

2020-11-26 07:50

يستخدم عمدة طهران بيروز حناجي دراجته الهوائية كل ثلاثاء لبلوغ مقر عمله، في محاولة لإعطاء دفع لمسعاه الهادف الى جعل العاصمة الإيرانية صديقة لوسيلة النقل هذه، وهي مهمة شائكة في مدينة تعرف بطرقها المنحدرة وزحمة السير فيها وتلوث هوائها.

أسفل سلسلة جبال ألبرز، يستخدم سكان طهران الذين يتجاوز عددهم ثمانية ملايين نسمة، مئات آلاف السيارات والحافلات والدراجات النارية للتنقل يوميا، في بيئة تنقصها بنية تحتية ملائمة لوسائل نقل غير تقليدية. بحسب فرانس برس.

لكن حناجي أطلق بعيد توليه مهامه في أواخر عام 2018، مبادرة "ثلاثاء من دون سيارات"، ودعَمَ مبادرة لتأجير الدراجات الهوائية من منصات مخصصة لذلك في طهران، آملا بذلك في تغيير واقع الازدحام والتلوث في العاصمة.

ويسعى حناجي ذو الباع الطويل في العمل العام والآتي من خلفية التنظيم المدني، لتعزيز ثقافة ركوب الدراجة، ويقول لوكالة فرانس برس "رسمنا اتجاها جديدا (...). لا نقول إن هذا حل، لكنه (خطوة) على المدى القصير، متاحة، زهيدة الثمن، ومنتجة"، وتقوم مبادرة "ثلاثاء من دون سيارات" على استخدام العمدة ومعاونيه دراجاتهم للحضور الى مقر عملهم ومغادرته، ويضع المسؤول ما يقوم به ضمن خيارات "للحد نسبيا من الازدحام والتلوث"، مضيفا "لا يمكن أن نقارن أنفسنا بالمدن الأوروبية (...). لن يصبح (استخدام الدراجات في طهران) مثل أمستردام (عاصمة هولندا)، لكن يمكن أن يشكل ذلك تجربة جديدة"، ويشدد على أن السلطات تقوم "بزيادة عدد المسارات الخاصة بالدراجات الهوائية لجعل استخدامها أسهل"، وتعرف شوارع طهران بازدحاماتها التي غالبا ما يظللها ضباب دخاني ملوِّث، ويشير عمدة المدينة الى أن أسبابا كهذه وغيرها دفعت بالبلدية لدعم خدمة "بيدود" ("بلا دخان" بالفارسية) لاستئجار الدراجات الهوائية، وانطلقت الخدمة قبل نحو ثلاثة أعوام، وباتت متوافرة في 147 منصة للاستئجار في طهران، بحسب موقعها الإلكتروني.

دراجون متطفلون

ويطمح حناجي الى تنقل سكان طهران بالدراجة الهوائية الى أقرب محطة لقطار الأنفاق، ومن خلاله الى مقر عملهم، ما سيساهم في خفض التلوث، لكن مستخدمي الدراجات الهوائية يرون أن نقص الممرات الخاصة أو البنية التحتية الملائمة، يصعّب القيام بذلك، ويقول فرشاد رضائي الذي يستخدم الدراجة الهوائية بانتظام، "العديد من البنى التحتية الإضافية مطلوبة ليصبح ركوبها بشكل منتظم واقعا".

ويؤكد الطاهي البالغ 32 عاما لوكالة فرانس برس أنه يقطع على متن دراجته يوميا نحو 30 كلم بين عمله في شمال طهران ومنزله في شمالها الغربي، في رحلة يعبر خلالها طرقا رئيسية وشوارع تندر فيها المسارات المناسبة.

وهو يشكو من استيلاء راكبي الدراجات النارية على المسارات المخصصة للهوائية، وتستخدم الدراجات النارية بشكل مكثّف في شوارع طهران، وتشكّل وسيلة عملية لتفادي الازدحام. لكن مستخدميها غالبا ما يخالفون قوانين السير، ويمكن مشاهدتهم بشكل دائم وهم يعبرون على الأرصفة بين المشاة، ويرى رضائي أن ثمة حاجة لتطوير "ذهنية" السائقين والمشاة الذين ما زالوا يعتبرون راكبي الدراجات الهوائية "متطفلين" على مسارهم، ويضيف "في بعض الأحيان يضايقك السائقون، أو ينزعج المشاة منك"، ويقومون بردّ فعل يراوح "بين تعليقات سلبية، وصولا الى تصرفات بدنية أو تحركات مؤذية قد تعرض حياتك للخطر".

دواسة بيضاء

وأظهرت التجربة أن أمرا كهذا ليست مستبعدا. ففي حزيران/يونيو الماضي، لقيت الدراجة المحترفة ونوس زرين خاك حتفها بعدما صدمتها سيارة، وإحياء لذكراها، أطلقت مجموعة من محبي الدراجات الهوائية في طهران حملة "رِكاب سفيد" ("دواسة بيضاء") للتوعية على هذه الممارسة، من خلال نشر مقالات عبر موقع إلكتروني.

ويحلم غلام حسين قاسمي، أحد مؤسسي "بيدود"، بأن تصبح إيران بلاد "نقل نظيف" عماده وسائل تعمل بالطاقة الكهربائية، وفق ما يقول لفرانس برس، لكن هذا الحلم يبقى بعيد المنال، إذ إن تجربة "بيدود" نفسها لا تزال ناشئة ومحدودة لجهة الخيارات التي توفرها، لا سيما غياب علبة تغيير السرعة عن دراجاتها الثقيلة الوزن، وتتوافر الدراجات البرتقالية اللون عبر منصات خاصة في أماكن عامة، وتستخدم بتفعيل تطبيق الكتروني، قبل إعادتها الى أماكن مخصصة لها، وتبلغ كلفة استئجار الدراجة لنصف ساعة ما يوازي عشر سنتات، أي كلفة سيارة أجرة مشتركة لمسافة قصيرة، ويقول الشاب سرفراز، وهو يهم بركوب دراجة "بيدود" من ساحة وليعصر "أستخدم هذه الخدمة منذ عام وسبعة أشهر، وأنا راضٍ جدا عنها"، ويوضح ابن الثلاثين عاما وهو يقوم بتعقيم مقبض الدراجة، أنه آثر في الآونة الأخيرة استخدام الدراجات على سيارات الأجرة، في ظل أزمة كوفيد-19، لكن سرفراز يستخدم الدراجة لمسافات قصيرة، وخصوصا للعودة الى منزله، لأنه يعتبرها غير ملائمة للمسافات الطويلة أو الطرق المنحدرة في المدينة التي يصل فارق الارتفاع فيها الى 800 متر، بالنسبة لآخرين مثل نسترن جبارنيا، كانت "بيدود" حافزا لاستخدام الدراجة الشخصية، على رغم أن استخدام الإناث لها يفرض تحديات إضافية، وتوضح الشابة البالغة 29 عاما لفرانس برس، إنها تواجه ممارسات شتى مثل "التصفير أو الهتافات الناقدة أو الملاحقة من سيارات تتجاوزني بسرعة فائقة".

ويثير استخدام الإناث الدراجات الهوائية جدلا في إيران، لا سيما في الأوساط المحافظة أو رجال الدين الذين يرون فيها ممارسة غير لائقة، ورغم المعوقات، يتشبث مزاولو ركوب الدراجات الهوائية بها، ويقول رضائي "منذ أعوام، أرتدي عدة الأمان الخاصة بركوب الدراجة أو مئزر الطاهي، وأعتزم الاستمرار في ذلك".

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا