التنظيم القانوني لإدارة النفايات الطبية في العراق
جاسم عمران الشمري
2020-05-11 05:15
تعد النفايات الطبية مشكلة تواجه العاملين في الحقل الطبي، نظرا لمخاطر تلك النفايات والتي يتطلب التعامل معها طرقا خاصة لمنع العدوى ولتجنب آثارها الخطيرة على الإنسان والبيئة.
ومع التوسع الكبير في الخدمات الصحية بكافة أنواعها ومع تقدم مستوى التقنيات الحديثة المستخدمة في المعالجات الصحية كافة فقد أصبحت النفايات الطبية الناتجة عن المشافي والمراكز الصحية محور اهتمام كبير عن كيفية معالجتها والتصرف بها وتلافي آثارها الجانبية، لأنها قد تكون ملوثة للبيئة بشكل عام أو أنها مؤثرة على صحة الفرد أو المجتمع من خلال النقل بالعدوى أو بأي شكل من الأشكال.
ويجب الانتباه إلى أن المخاطر الصحية الناتجة عن هذه النفايات الطبية لا تقتصر على العاملين بالقطاع الصحي بل قد تمتد لباقي أفراد المجتمع الذين يتعرضون لهذه النفايات أو لآثارها. كذلك فإن الاهتمام الزائد بحملة النفايات الطبية بشكل عام والنفايات الطبية بشكل خاص قد ألقى المزيد من الانتباه إلى المخاطر البيئية للنفايات الطبية وتأثيرها على البيئية الصحية.
مفهوم النفايات الطبية وأنواعها
لابد لنا قبل الخوض في موضوع التنظيم القانوني للنفايات الطبية في العراق أن نقدم نبذة عن مفهومها وأنواعها ليكون القاري لكي يعي القاري في نهاية المقال أهمية الموضوع الذي نحن بصدد بحثه.
إن النفايات بمفهومها العام تعني المواد أو الأجسام التي يتخلص منها حاملها أو ينوي التخلص منها أو يتوجب عليه التخلص منها حسب القوانين النافذة دون النظر إلى وجهتها والتي تكون أماكن التخلص النهائية أو معمل الفرز لإعادة تدويرها.
أما النفايات الطبية فهي النفايات التي تنتج عن النشاطات الطبية والتي تتكون كلياً أو جزئياً من نسج بشرية أو حيوانية أو دماء أو سوائل الجسم وإفرازاته، وكذلك الأدوية والمنتجات الصيدلانية الأخرى وأعواد التنظيف وملابس أقسام الجراحة إضافة إلى المحاقن والإبر والمواد الحارة الأخرى ويمكن تصنيف هذه النفايات الطبية إلى ما يلي:
أولاً: النفايات التي تتطلب إجراءات خاصة لتجنب انتشار الأمراض
يمكن تصنيف هذا القسم في ست فئات كما يلي:
1- الأدوات الحادة: وتتضمن جميع أنواع المواد الحادة والتي يمكن أن تقطع أو تثقب مثل الإبر والحقن والمشارط والشفرات والمناشر والمسامير والزجاج المكسور وغيرها، بغض النظر عن كونها ملوثة بعوامل ممرضة أو لا حيث أنه ليس من الممكن تحديد فيما إذا كانت ملوثة بعامل ممرض أو لا.
2- الأعضاء البشرية والأعضاء المبتورة والجثث وأكياس الدم وعبوات الدم المحفوظ وهذه النفايات تدعى أيضاً النفايات المرضية، وتتألف من كافة أنواع الأنسجة البشرية والأعضاء المبتورة والأجنة والدم والسوائل الجسم الأخرى التي يلزم التخلص منها.
3- النفايات التي تتطلب إتباع إجراءات خاصة لتجميعها والتخلص وتسمى أيضاً "النفايات الإنتانية" وتتضمن جميع العناصر التي يشك في احتوائها على العوامل الممرضة (كالجراثيم والفيروسات والطفيليات والفطريات) وذلك بتراكيز أو كميات كافية لتسبب المرض عند مستقبل لديه القابلية للعدوى (كالإنسان مثلاً). ومن أمثلة هذه النفايات:
• الملابس الملوثة من أقسام الجراحة
• أعواد التنظيف والنفايات الملوثة الأخرى من أماكن المعالجة
• أي مواد على تماس مباشر مع أشخاص أو حيوانات مريضة بأمراض قابلة للعدوى
• مستعمرات الجراثيم والنفايات الحيوية المختبرية الأخرى
• أجهزة تنقية الدم
• الأدوات والملابس والصدريات والقفازات والمناديل وغيرها من أقسام تنقية الدم
• النفايات المتولدة عن أقسام الحجر الصحي بما فيها غيارات الأسرة وغيرها
4- النفايات التي لا تتطلب إتباع إجراءات خاصة لتجميعها والتخلص منها فيما يتعلق بالوقاية من العدوى وتتضمن ملابس المريض المعطاة إليه من المشفى والجبائر وغيارات الأسرة والملابس والرداءات المخصصة للاستخدام مرة واحدة والحفاضات والصدريات والقفازات والمناديل وغيرها والتي تتولد في أجنحة إقامة المرضى.
5- الكيماويات والعقاقير المتولدة كنفاية وتتضمن كافة الكيماويات الصلبة والسائلة والغازية والتي انتهى مفعولها أو لم تستخدم أو انسكبت بشكل غير مقصود والناتجة من المخابر أو من مصادر أخرى كأعمال التشخيص وأبحاث التجارب والتنظيف وأعمال النظافة العامة وإجراءات التطهير. كما تتضمن جميع الأدوية والكيماويات والمنتجات الصيدلانية الملوثة والتي أعيدت من أجنحة المرضى، وينتمي إلى هذه الفئة نفايات الأدوية السرطانية لها درجة خطورة عالية إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح وتشمل أساسي الأدوية ذات التأثير السمي على الخلايا.
6- النفايات المشعة: وهي النفايات الصلبة والسائلة والغازية الملوثة بالعناصر المشعة.
ثانيا: النفايات التي لا تتطلب إجراءات خاصة للوقاية من انتشار الأمراض
ويتضمن هذا القسم فئة واحدة هي النفايات المتولدة في غرف المرضى وهذا النوع من النفايات من قبل المرضى أنفسهم أو زائريهم في أجنحة المنشأة الطبية، وهذه النفايات ليس فيها خطر كامن من ناحية التلوث بالعوامل الممرضة وقابلية نشر العدوى.
طرق إدارة النفايات الطبية في ضوء التشريعات النافذة
لأهمية موضوع النفايات الطبية نتيجة لما تسببه من آثار خطيرة على البيئة لذا فقد اهتمت التشريعات الدولية والوطنية بها وأوجدت آليات وأساليب خاصة لمعالجتها والتخلص منها وقد حظت باهتمام بالغ من منظمة الصحة العالمية وعقدت الاتفاقيات الدولية الكثيرة لإيجاد أفضل السبل للتعامل معها. وبعد أن أعطينا نبذة مختصرة عن مفهوم النفايات الطبية وبينا أنواعها سنتناول في هذا المقال كيف عالجت التشريعات الدولية والوطنية موضوعها وكما يلي:
أولا: معالجة النفايات الطبية في ضوء الاتفاقيات الدولية:
1- مؤتمر البيئة البشرية في ستوكهولم 1972
كان أول مؤتمر تبنته الأمم المتحدة عن البيئة هو مؤتمر استكهولم عام 1972 بهدف تحقيق مبادئ مشتركة لحفظ البيئة وتنميتها ولتشجيع حكومات الدول والمنظمات الدولية للقيام بما يجب من تدابير وقائية لحماية البيئة وتحسينها وقد صدر عن هذا المؤتمر أول وثيقة دولية للتعامل مع البيئة إضافة لتوصيات خطة العمل الدولي التي تتكون من (109) توصية و(26) مبدأ كلها تتعلق بالنظم البيئية التي يجب إتباعها لحماية البيئة من التلوث والمحافظة على الموارد الطبيعية والبشرية وتحقيق التنمية المستدامة وكان العراق من أوائل الدول العربية التي فكرت في حماية البيئة حيث شكل أول جهاز إداري يعنى بالبيئة وهو (الهيئـة العلـيا للبيـئة البشرية).
2- ﺍﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺑﺎﺯﻝ ﺑﺸﺄﻥ ﺍﻟﺘﺤكيم في ﻧﻘﻞ ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ الخطرة ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻬﺎ عبر الحدود.
وترمي لحماية الصحة البشرية والبيئية ﻣﻦ ﺍﻵﺛـﺎﺭ ﺍﻟـﻀﺎﺭﺓ الناجمة ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ الخطرة ﻭﺗﺼﺮﻳﻔﻬﺎ ﻭﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﻧﻘﻠﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻬﺎ عبر الحدود وعقدت ﻫﺬﻩ ﺍﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ في ١٩٨٩ ودخلت حيز التنفيذ في 5 أيار 1992 وصادقت عليها (176) دولة ومنها العراق حيث صادق على الانضمام إلى هذه الاتفاقية بموجب القانون رقم (3) لسنة 2011 المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4175).
3- إرشادات منظمة الصحة العالمية
ﻭﺿﻌﺖ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺼﺤﺔ العالمية ﻋﺪﺩﹰﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﻐﻴﺔ ﺗﻘﻠﻴﻞ المخاطر التي ﻳﺘﻌﺮﺽ لها ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻮﻥ في ﺣﻘﻞ ﺍﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴـﺔ والمرضى ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ المحلي ﻭﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﻋﺪﻡ وجود ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻟﻠﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ، ﻭﺭﻗﺔ ﺳﻴﺎﺳﺎﺕ ﻋﺎﻣﺔ ﺑـﺸﺄﻥ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟـﺴﻠﻴﻤﺔ ﻟﻨﻔﺎﻳـﺎﺕ ﺍﻟﺮﻋﺎﻳـﺔ ﺍﻟـﺼﺤﻴﺔ والمبادئ الأساسية ﻟﻺﺩﺍﺭﺓ المأمونة والمستدامة ﻟﻨﻔﺎﻳـﺎﺕ ﺍﻟﺮﻋﺎﻳـﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴـﺔ ﻛﻤﺎ ﺃﻋﺪﺕ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺼﺤﺔ العالمية كتيبا إرشاديا ﺑﺸﺄﻥ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ المأمونة ﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﻭﻭﺛﻴﻘﺔ ﺳﻴﺎﺳﺎﺕ ﻋﺎﻣﺔ لوضع ﺧﻄﺔ ﻋﻤﻞ ﻭﻃﻨﻴﺔ ﺑﺸﺄﻥ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﻧﻔﺎﻳﺎﺕ فضلا ﻋﻦ ﻭﺿﻊ ﺗﻮﺟﻴﻬﺎﺕ محددة للإدارة المأمونة لفئات محددة ﻣـﻦ ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﺼﻠﺒﺔ ﻭﺃﻋﺪﺕ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺼﺤﺔ العالمية مجموعة من التعليمات ﻟﺘﻮﻋﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ الجمهور بالمخاطر الناجمة ﻋﻦ ﻋﺪﻡ ﺳﻼﻣﺔ ﺗﺼﺮﻳﻒ ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ الخطرة ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﺗﻨﺎﻭﻟـﺖ تدابير ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ المخاطر ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻨﻬﺎ.
ثانيا: إدارة النفايات الطبية في ضوء التشريعات الوطنية:
اهتم الدستور العراقي بالرعاية الصحية في ظل بيئة سليمة من التلوث حيث نصت المادة (33) منه على إن لكل فرد حق العيش في ظروف بيئية سليمة، وتتكفل الدولة بحماية البيئة، والتنوع الإحيائي والحفاظ عليهما) وهذا يعني إن العيش في بيئة سليمة ونظيفة، وهو حق دستوري للمواطن العراقي، وعلى الدولة ومؤسساتها تحقيق هذا الحق، إلاّ أن الواقع يشير إلى عكس ذلك. فبيئة العراق أفسدتها الملوثات بإشكالها ومنها النفايات الطبية، وتقف المؤسسة الحكومية الرسمية الممثلة بوزارة الصحة والبيئة عاجزة عن مواجهة تصاعد حدة التلوث، وانتهاك البيئة بالملوثات، في ظل الإمكانات المحدودة والميزانية الفقيرة والكوادر القليلة.
إن اهتمام العراق بشكل جدي بحماية البيئة بدأ منذ عام 1975 وجاء ذلك عقب مشاركة العراق في مؤتمر استوكهولم للبيئة البشرية عام 1972، بتشكيله للهيئة العامة للبيئة البشرية والتي كانت إحدى تشكيلات وزارة البلديات وكانت برئاسة بوكيل وزارة البلديات آنذاك وبعضوية ممثلي الدوائر المختلفة ذات الصلة بالبيئة ثم ألغيت هذه الهيئة وضم اختصاصاتها وتخصيصاتها، إلى المديرية العامة للبيئة البشرية المشكلة في وزارة الصحة بموجب أحكام قرار مجلس قيادة الثورة المنحل (1258) في 15/12/1975 المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (2503) المعدل بالقرار رقم (720) في 3/6/1978 ثم ألغيت هذه المديرية أيضا بصدور قانون حماية وتحسين البيئة رقم (76) لسنة 1986.
وفي ظل دستور العراق لعام 2005 أصدر المشرع العراقي قانون وزارة البيئة رقم (37) لسنة 2008المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4092) والذي عرف بموجب المادة (1) منه البيئة بأنها المحيط بجميع عناصره الذي تعيش فيه الكائنات الحية والتأثيرات الناجمة عن نشاطات الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وان المقصود بحماية البيئة هو المحافظة على مكونات البيئة والارتقاء بها ومنع تدهورها او تلويثها أو الإقلال من حدة التلوث. وأراد بتحسين البيئة مجموعة التدابير والإجراءات المتخذة التي من شأنها إلغاء الآثار البيئية السلبية أو تخفيفها إلى المستويات المقبولة محلياً وفقا للتشريعات الوطنية والمعايير الدولية المعتمدة كما عرف التلوث بأنه وجود أي من الملوثات في البيئة بكمية او تركيز او صفة طبيعية تؤدي بطريق مباشر أو غير مباشر إلى الإضرار بالإنسان او الكائنات الحية أو المكونات اللاحياتية التي توجد فيه. وان الملوثات البيئية هي أي مواد صلبة أو سائلة أو غازية أو ضوضاء أو اهتزازات أو إشعاعات أو حرارة او وهج او ما شابهها او عوامل إحيائية تؤدي بطريق مباشر أو غير مباشر إلى تلوث البيئة. كما عرف النفايات الضارة والخطرة: النفايات التي تسبب او يحتمل أن تسبب نتيجة لمحتوياتها من المواد ضررا خطيرا للإنسان أو البيئة.
واعتبر في المادة (2) منه وزارة البيئة الجهة القطاعية في مجالات حماية البيئة وتحسينها على الصعيدين الداخلي والدولي وان هدف تشكيل الوزارة هو حماية وتحسين البيئة للحفاظ على الصحة العامة والموارد الطبيعية والتنوع الإحيائي والتراث الثقافي والطبيعي بما يضمن التنمية المستدامة وتحقيق التعاون الدولي والإقليمي في هذا المجال حيث الزمها بالقيام بعدة مهام في المادة (4) منها أبرزها فيما يخص موضوعنا ما جاء في البندين (تاسع عشر وعشرون) بوضع أسس للإدارة السليمة للمواد الكيماوية والإحيائية والنفايات الضارة والخطرة وإعداد مشروعات القوانين والأنظمة والتعليمات المتعلقة بحماية البيئة وتحسينها وإبداء الرأي في التشريعات ذات العلاقة بالبيئة المقترحة من جهة أخرى.
وقد أصدر المشرع العراقي أيضا قانون حماية وتحسين البيئة رقم (27) لسنة 2009 المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4142) والذي جاء في المادة (1) منه إن هذا القانون يهدف إلى حماية وتحسين البيئة من خلال إزالة ومعالجة الضرر الموجود فيها أو الذي يطرأ عليها والحفاظ على الصحة العامة والموارد الطبيعية والتنوع الإحيائي والتراث الثقافي والطبيعي بالتعاون مع الجهات المختصة بما يضمن التنمية المستدامة وتحقيق التعاون الدولي والإقليمي في هذا المجال.حيث عرف البيئة في المادة (2/خامساً) منه على انها المحيط بجميع عناصره الذي تعيش فيه الكائنات الحية والتأثيرات الناجمة عن نشاطات الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبين في البند (سابعاً) من نفس المادة بان ملوثات البيئة هي أية مواد صلبة أو سائلة أو غازية أو ضوضاء أو اهتزازات أو إشعاعات أو حرارة أو وهج أو ما شابهها أو عوامل إحيائية تؤدي بطريق مباشر أو غير مباشر إلى تلوث البيئة وعرف في البند (عاشرا) النفايات بأنها المواد الصلبة أو السائلة أو الغازية غير القابلة للاستخدام أو التدوير الناجمة عن مختلف أنواع النشاطات. وخص في البند (حادي عشر) النفايات الخطرة بتعريف مستقل بأنها النفايات التي تسبب أو يحتمل أن تسبب نتيجة لمحتوياتها من المواد ضرراً خطيراً للإنسان أو البيئة.
وأشار في البند (ثالث عشر) إلى مفهوم المواد الخطرة بأنها المواد التي تضر بصحة الإنسان عند إساءة استخدامها أو تؤثر تأثيراً ضاراً في البيئة مثل العوامل الممرضة أو المواد السامة أو القابلة للانفجار أو الاشتعال أو ذات الإشعاعات المؤينة أو الممغنطة وبموجب المادتين (3) و(7) منه وليؤكد اهتمامه الكبير بحماية البيئة فقد أسس مجلس حماية وتحسين البيئة برئاسة وزير الصحة وعضوية ممثلي الوزارات ذات العلاقة على مستوى العراق وبرئاسة المحافظ على مستوى كل محافظة غير منتظمة في إقليم وقد حدد في المادة (6) منه مهاما كثيرة للمجلس لا مجال لذكرها في هذا المقال.
وقد الزم القانون في المادة (9) منه الجهات التي ينتج عن نشاطها تلوث بيئي بتوفير وسائل ومنظومات معالجة التلوث باستخدام التقنيات الأنظف بيئياً وتشغيلها والتأكد من كفاءتها ومعالجة الخلل حال حدوثه وإعلام الوزارة بذلك وتوفير أجهزة قياس ومراقبة الملوثات وحسب طبيعتها وتدوين نتائج القياسات في سجل لهذا الغرض ليتسنى للوزارة الحصول عليها وفي حالة عدم توفر تلك الأجهزة تقوم الوزارة بإجراء القياسات بأجهزتها الخاصة لدى المكاتب والجهات الاستشارية والمختبرات التي تعتمدها، ويخضع ذلك إلى الرقابة وتدقيق الوزارة وبناء قاعدة معلومات خاصة بحماية البيئة وإدامتها تتضمن تراكيز ومستويات الملوثات الناتجة عن الجهة وحسب طبيعتها إضافة إلى العمل على استخدام تقنيات الطاقة المتجددة للتقليل من التلوث.
وقد أكد في المادة (19) على ضرورة أن تنظم الوزارة بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة سجلا وطنيا بالمواد الكيماوية الخطرة المتداولة في جمهورية العراق وآخر للنفايات الخطرة. وقد منع في المادة (20/ثانيا) ً نقل او تداول أو إدخال أو دفن أو إغراق أو تخزين أو التخلص من النفايات الخطرة أو الإشعاعية إلا باستخدام الطرق السليمة بيئياً واستحصال الموافقات الرسمية وفق تعليمات يصدرها الوزير بالتنسيق مع الجهة المعنية. وبموجب المادة (32) منه حدد المسؤولية القانونية لكل من سبب بفعله الشخصي أو إهماله أو تقصيره أو بفعل من هم تحت رعايته أو رقابته أو سيطرته من الأشخاص أو الأتباع أو مخالفته القوانين والأنظمة والتعليمات ضررا بالبيئة ويلزم بالتعويض وإزالة الضرر خلال مدة مناسبة وإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل حدوث الضرر وذلك بوسائله الخاصة وضمن المدة المحددة من الوزارة وبالشروط الموضوعة منها.
وافرد فصلا كاملا (الفصل التاسع) للأحكام العقابية لكل من يخالف أحكام القانون والأنظمة والتعليمات والبيانات الصادرة بموجبه تصل السجن عن بعض الأفعال والى الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر والى فرض غرامات لا يقل حدها الأدنى عن مليون دينار ولا يزيد عن عشرة ملايين دينار عن أفعال أخرى ذكرها القانون فضلا عن مضاعفة الغرامة عند تكرار المخالفة.
وبهدف الاهتمام الخاص بالنفايات الطبية وإيجاد الآليات القانونية لإدارتها والتخلص منها وفقا للأصول المرعية في التشريعات الدولية والوطنية فقد أصدرت وزارة الصحة والبيئة تعليمات إدارة النفايات الخطرة رقم (3) لسنة 2015 المنشورة في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4384) والتي بينت في المادة (1) منها تعريف بالنفايات الخطرة بأنها النفايات التي تسبب او يحتمل أن تسبب نتيجة لمحتوياتها من المواد او تحللها ضررا خطيرا على الإنسان والبيئة وتعد نفايات خطرة إذا كانت خليط من نفايات خطرة مع نفايات غير خطرة.
وألزمت التعليمات منتج النفايات الخطرة في المادة (2) بتحديد أنواع النفايات والعمل على تقليل حجمها كما ونوعا ومعالجتها عند مصدر إنتاجها بإتباع طرق سليمة بيئيا وتجميع وتخزين النفايات تمهيدا لمعالجتها داخل النشاط او نقلها إلى موقع آخر لمعالجتها او التخلص منها مع فصل النفايات الخطرة عن غير الخطرة منها لإعادة الاستخدام أو التدوير او المعالجة واستحصال الموافقات البيئية اللازمة قبل القيام بأي عملية معالجة او تخزين او التخلص منها او نقل النفايات، وكذلك الاحتفاظ بسجلات ورقة والكترونية عن كميات وأنواع النفايات الناتجة وتاريخ تخزينها إضافة إلى الاحتفاظ بنسخة من نتائج التحاليل المختبرية للنفايات او التقارير السنوية والوثائق الخاصة بها مدة (5) سنوات لديه، وتقدم إلى وزارة البيئة عند الطلب وعدم نقل أي نفايات خارج الموقع دون أن ترافقها وثيقة نقل إلى موقع معالجة يمتلك تصريحا من وزارة البيئة والاحتفاظ بنسخة منها لمدة (5) سنوات من تاريخ صدور الوثيقة وكذلك للناقل، فضلا عن ضرورة وضع نسختين من استمارة المعلومات على الحاوية المناسبة او مواد التعبئة والتغليف والتي تتلائم مع نوعية النفايات مدون فيها عبارة (نفايات خطرة) واسم وعنوان المنتج وتاريخ التجميع ونوعية وكمية النفاية وحسب متطلبات وسائط النقل، وان يكون خزن النفايات في مكان آمن غير معرض لمياه الأمطار او التغير لدرجات الحرارة او الرطوبة، وعدم السماح لغير المخولين دخوله مع وضع إشارات إرشادية وتحذيرية فيه إضافة إلى جملة من الالتزامات الأخرى لا يتسع المجال لذكرها.
ورغم حداثة صدور هذه التعليمات التي كان من المؤمل ان تبين أنواع النفايات الخطرة لا أن تكتفي ببيان مفهوم عام لها وان تفرد أحكاما خاصة للنفايات الطبية إلا أنها قد أخفقت بتقديرنا عن معالجة الموضوع معالجة تبين للسلطات الصحية الآليات السليمة للتعامل مع النفايات الطبية وفقا لما هو مقرر في الاتفاقيات الدولية، إلا أن ما يبعث على الأمل بتبني العراق لجهود خاصة للتعامل مع النفايات الطبية هو وجود دراسة متكاملة قدمها مختصون إلى مجلس النواب العراقي تضمن الآليات الكفيلة بالتعامل مع إدارة النفايات بمختلف أنواعها ومنها النفايات الطبية، والحد من معاناة المؤسسات الصحية من مشاكل جمة في هذا المجال سواء في مرحلة التجميع أو النقل أو المعالجة أو الحرق، حيث ان المحارق الطبية أصبحت من الظواهر البيئية القديمة وغير صديقة للبيئة، ورغم وجود محاولات ضعيفة وخجولة من قبل الدولة للاهتمام بقضية التلوث البيئي، بالتعاقد مؤخرا لاستيراد أجهزة مختصة لتقطيع وتعقيم النفايات المخلفات بسعات وأحجام مختلفة إلا ان هذه الأجهزة لا تكفي لسد حاجات جميع محافظات العراق.
ولأجل الوصول إلى معالجات وحلول ناجعة لإدارة سليمة للمخلفات والنفايات بما ينسجم مع البيئة النقية ومن شأنه ان يجنب العراق من كارثة بيئية في المستقبل، فقد تمخضت الدراسة التي أشرنا إليها إلى ضرورة تبني عدة توصيات او مقترحات نجملها بما يلي:
1- عقد مؤتمر عام للعلماء وأصحاب الاختصاص في الجهات ذات العلاقة برعاية دائرة البحوث في مجلس النواب ولجنة الصحة النيابية ودعوة الشركات الكبيرة من ذوي الخبرة والاختصاص في مجال تدوير المخلفات والاستماع إلى مقترحاتهم للوصول إلى السبل المثلى لمعالجة خطر هذه الكارثة.
2- العمل على إيقاف شراء واستيراد المحارق التي أصبحت من الظواهر البيئية القديمة والاستعاضة عنها بالبدائل الحديثة كتقنية التقطيع والتعقيم.
3- التأكيد على عمل دورات وندوات برامج للعاملين في إدارة المخلفات والنفايات مدعومة بالأفلام والصور الوثائقية لزيادة الوعي لدى العاملين والعمل بطريقة عملية وصحيحة بالاعتماد على الوسائل الحديثة وبمواصفات عالمية.
4- العمل على تقليل الأضرار التي تسببها الفضلات والمخلفات الطبية عن طريق فصل المخلفات الخطرة عن غيرها حتى يتم إرسالها لمناطق الطمر وبإشراف لجان مكافحة التلوث في المؤسسات، كذلك انسجاماً مع التعاليم الإسلامية والسياقات الشرعية يجب أن لا يتم العمل بحرق الفضلات المرضية مثل أعضاء الجسم المبتورة من السيقان والأطراف والأذرع وكذلك الأجنة، بل يتم دفنها وتعتبر عملية الدفن عملية سليمة تنسجم مع سياقات السيطرة على التلوث والمحافظة على البيئة.
5- إصدار تشريعات ملائمة للأنظمة البيئية لها صفة الإلزام مقرونة بأحكام جزائية وعقابية مع توفر كل المستلزمات والآليات الإدارية والفنية وتفعيل دور الرقابة وفرض عقوبات رادعة لكل من تسول له نفسه بأن يتسبب بأضرار بالبيئة حتى وإن كان من أعلى مؤسسات الدولة.
6- توفير التخصيصات المالية اللازمة لتغطية نفقات وجهود حماية البيئة والعمل على تهيئة الكوادر البشرية المتخصصة وتنشيط الوعي البيئي لدى المواطنين.
وقد تضمنت الدراسة أيضا مسودة لمشروع قانون يعالج موضوع النفايات والمخلفات الطبية نأمل من مجلس النواب العراقي أن يسرع في إقراره للوصول إلى بيئة سليمة وآمنة في أرجاء البلد كافة.