أهم التحديات البيئية في العراق: البنية التحتية والبيئية
المحور السادس: قطاع الصحة والبيئة
الهيئة الاستشارية العراقية للإعمار والتطوير
2018-10-20 04:15
ورقة دراسة موجزة: د. عبد المطلب محمد عبد الرضا
مقدمة:
لقد تعرضت البنية التحتية العراقية (الطرق والجسور، محطات توليد الطاقة الكهربائية، محطات معالجة وتصفية المياه، المعامل والمصانع...) لدمار وأضرار بالغة نتيجة الحروب التي عاشها العراق ونتيجة أيضا للحصار الظالم الذي فرضته الأمم المتحدة بقيادة الإدارة الأمريكية على العراق والعراقيين مما جعل هذه البنية غير قادرة على النهوض والقيام بعملها بشكل سليم.
وتعتبر محطات معالجة میاه الصرف الصحي من البنى التحتية الأساسية لأي بلد وبسبب عدم فعاليتها في العراق أصبحت مياه الصرف الصحي من أھم مصادر تلوث المصادر المائیة نظرا لما تحتویه من مواد ملوثة مختلفة ذات طبيعة حيوية وكیمیائیة. وتشكل الاهوار والأراضي الرطبة في العراق أكبر نظام بيئي في غربي آسيا وتوفر موئلا مهما للطيور المهاجرة وموطنا للسكان المحليين ومصدرا اقتصاديا كونها تؤوي مختلف أنواع الأسماك والطيور والحيوانات المائية والنباتات التي يمكن الاستفادة منها في الصناعات المحلية والشعبية غير أن محاولة تجفيفها في تسعينيات القرن الماضي أدى إلى تقليص مساحاتها وتدهور نظامها البيئي.
إن إهمال الاهتمام بشبكات معالجة مياه الصرف الصحي وعدم صيانة شبكات الإسالة نتيجة الحروب والحصار والفساد الإداري إضافة إلى تعريض الاهوار والأراضي الرطبة للجفاف بسبب السياسات الظالمة للنظام البائد كونت تحديات بيئية مهمة ينبغي الالتفات لها وإيجاد حلول سريعة لها.
أولا: التحديات البيئية في مجال البنية التحتية والطبيعة:
أ- قِدَم شبكات الإسالة وعدم كفاءة محطات المعالجة:
- تعد إدارة النفايات السائلة في العراق غير كفوءة بصورة عامة لما تعانيه المحطات القائمة من قدمها وقلة عمليات الصيانة والإدامة وعدم كفاءة وحدات المعالجة وافتقارها إلى المعالجة الكيمياوية حسب تقرير لوزارة البيئة لعام 2014.
- يصل عدد محطات مياه الصرف الصحي لعموم العراق (314) محطة للتصريف فقط وبدون معالجة لمياه الصرف الواصلة إليها باستثناء بغداد التي يوجد فيها محطتين لمعالجة مياه الصرف الصحي بطاقة تصميمية لكلا المحطتين تبلغ (680000) متر مكعب باليوم وبطاقة فعلية تبلغ (1200000) متر مكعب باليوم.
- تمثل الطاقة الفعلية كمية مياه الصرف الصحي الواصلة للمحطة والتي يتم طرحها إلى النهر مباشرة وبدون معالجة كتصريف فائض لكون كمية المياه الواردة إلى المحطة أكبر من طاقتها التصميمية.
- بشكل إجمالي فان الكمية الكلية لمياه الصرف الصحي المعالجة سنويا تبلغ حوالي (580) مليون متر مكعب في السنوات الأخيرة ومن المتوقع أن تبلغ كمية مياه الصرف الصحي المتولدة في المستقبل (6,4) مليار متر مكعب.
- إن كمية إنتاج الماء الصافي في عام 2013 بلغت (4,866) مليار متر مكعب في السنة.
- إن الطاقة الإجمالية لمعالجة مياه الصرف الصحي ضعيفة جدا في العراق مقارنة بكمية مياه الشرب المنتجة حاليا والمطلوبة مستقبلا في ضوء الزيادة المتوقعة في عدد السكان وتحسن الوضع الصحي.
- وجود تخسفات وكسرات في شبكات نقل مياه المجاري إلى المحطات مما يؤدي إلى اختلاطها بمياه الشرب ويؤثر سلبا على الصحة العامة.
- إن تلوث المياه يؤدي إلى العديد من الأمراض التي تصيب بشكل خاص الأطفال وكبار السن وقليلي المناعة ومنها أمراض الجهاز الهضمي كالإسهال أو الكوليرا وغيرها.
ب- جفاف الاهوار والمناطق الرطبة:
- منذ صيف عام 1991 قام النظام البائد بعملية تصريف مياه الاهوار وتجفيفها بشكل متسارع عن طريق بناء وإنشاء العديد من السواتر الترابية والقنوات ومنع تغذية الاهوار بمياه دجلة والفرات. وتظهر الصور الفضائية التي التقطت في تلك الفترة بان جزءا كبيرا من الاهوار الوسطى وهور الحمّار قد جف تقريبا حيث فقدت الاهوار الوسطى (97%) من مساحتها المائية وهور الحمّار (94%) من مساحته المائية وتحول إلى ارض جرداء وبور. أما هور الحويزة فقد احتفظ فقط بنصف ما كان عليه عام 1973.
- أدت عمليات التجفيف التي استمرت لأكثر من عشر سنوات إلى فقد الاهوار ما يقارب (90%) من أراضيها الرطبة كما أدت إلى آثار مدمرة للحياة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية وتنوعها الحيوي حيث أدت إلى زوال الغطاء النباتي ونشوء بيئة صحراوية وظهور أصناف نباتية تلائمت مع الظروف الجديدة مثل نباتات الطرفة والطرطيع والعجرش.
- تعرض العديد من اللبائن والأسماك المستوطنة في الاهوار إلى الانقراض واعتبر (60) نوعا من الطيور في خطر إضافة إلى تأثير عمليات التجفيف على حركة وهجرة الطيور المهاجرة التي تتخذ من الاهوار موطنا لها خلال فترة الشتاء. ومن الحيوانات النادرة التي لم تعد موجودة في الاهوار يمكن الإشارة إلى قاذف السهام الإفريقي، أبو منجل، البجع الدلماس، النسر الملكي، قط الأدغال، ثعلب الماء والذئب الرمادي.
- قام العديد من سكنة الاهوار بعد غزو العراق عام 2003 بإعادة غمر الاهوار ولكن بشكل غير منظم عن طريق عمل فتحات في السداد والسواتر الترابية والقنوات مما أدى إلى إعادة غمر ما يقارب (40%) من مساحة الاهوار الأصلية.
- رغم الجهود الحثيثة لإعادة الحياة إلى الاهوار العراقية فان عمليات الاغمار لم تصل إلى نسبة جيدة فهي مازالت دون النصف من مساحتها المؤهلة للغمر والبالغة (5560) كيلو متر مربع. ومع قلة المساحة التي تم غمرها مقارنة بالمساحة المؤهلة للغمر فان هذه النسبة تصبح قليلة جدا إذا ما قورنت بالمساحة الأصلية للاهوار في سبعينيات القرن الماضي حيث إنها لا تتجاوز حاليا وفي أحسن الأحوال (12%).
- ستصبح عملية إعادة الحياة إلى كامل مساحة الاهوار الأصلية أو إلى المساحة المؤهلة للاغمار أكثر صعوبة في المستقبل بسبب نقص كمية المياه الواصلة للعراق والتغيرات المناخية المتوقعة.
ثانيا: المقترحات والحلول:
- تحتاج البيئة في العراق الى إرادة جادة وصادقة من القائمين على أمرها لتوفير كافة المستلزمات الكفيلة بتحقيق سلامتها وإستدامتها عن طريق وضع سياسة بيئية ورؤية إستراتيجية واضحة وتوفير مستلزمات التخطيط والتنفيذ والإدارة المتكاملة وتشخيص الأهداف المطلوبة والسرعة في اتخاذ القرار، والمعالجة العلمية الصحيحة للمشاكل البيئية المطروحة.
- تعد مياه الصرف الصحي موارد مائية غير تقليدية تكتسب أهميتها بسبب قلة الواردات المائية الوطنية وتكرار سنوات الجفاف التي يعاني منها العراق ويمكن استخدام هذه المياه، بشرط المعالجة وفق الضوابط والتشريعات البيئية، في زراعة أنواع معينة من الأشجار والمزروعات كالأحزمة الخضراء حول المدن المعرضة للعواصف الغبارية. كما يمكن استعمال المياه المعالجة في ري أشجار الطرق العامة والحدائق والمتنزهات العامة للمساعدة في تلطيف الجو خاصة في المناطق الحضرية.
- القيام بالدراسات والبحوث الخاصة بطرق معالجة مياه الصرف الصحي ومياه المبازل لغرض توسعة الاستفادة من هذه المياه في الأغراض المختلفة كزراعة أشجار الغابات ونباتات الزينة.
- صيانة وإدامة محطات وشبكات الإسالة والماء الصالح للشرب الموجودة وتوسيعها حسب المتطلبات الحالية والمستقبلية لتوفير مياه الشرب الصالحة لجميع المواطنين.
- صيانة وتأهيل محطات معالجة مياه الصرف الصحي الموجودة وضمان قدرتها وقيامها بالمعالجة اللازمة وتوسيع وإنشاء محطات جديدة بما يضمن معالجة جميع مياه الصرف الصحي وفق التشريعات البيئية.
- تبني رؤية إستراتيجية وهدف واضح ووضع خطة دائمة لغرض المحافظة على الاهوار والأراضي الرطبة وتوطين السكان المحليين والمحافظة على الثروة السمكية والكائنات الحية الأخرى وتوفير المياه اللازمة لاستدامتها من الناحية البيئية.
- توفير البنية التحتية لسكان الاهوار والأراضي الرطبة (طرق، مياه الشرب الصالحة، الكهرباء، المدارس والمستشفيات..) وتوفير الحياة الكريمة لهم وتشجيع وتوفير متطلبات السياحية البيئية في مناطق الاهوار.