هبوط اسعار الغاز.. حرب استثمارية بين الدول النفطية
ندى علي
2016-05-27 10:59
تتجه كثير من الدول الى استثمار الغاز بصورة افضل واكثر تركيزا من النفط، لاسيما أن الغاز يعد من العناصر الصديقة للبيئة أو الأقل تلويثا لها من النفط ومشتقاته، لاسيما انه موجود بكميات هائلة لدى الدول النفطية، الامر الذي يدفعها الى عقد صفقات كبرى في هذا المجال، واقامة مشاريع مهمة تتعلق بثروة الغاز، ففي الهند على سبيل المثال يشكل الغاز نحو ثمانية بالمئة من مزيج الطاقة في حين يمثل النفط أكثر من الربع.
ومن المتوقع أن يتسع العجز في إمدادات الغاز في الهند من 78 مليون متر مكعب يوميا في السنة المالية الحالية إلى 117 مليون متر مكعب يوميا في 2021-2022 بحسب تقديرات حكومية، وتفاوضت الهند مؤخرا على شروط أفضل لاتفاق طويل الأجل للغاز الطبيعي المسال مع قطر وتجري شركة بترونت المستوردة مباحثات مع إكسون لإعادة التفاوض على أسعار الغاز من مشروع جورجون في أستراليا.
وتحاول الدول المنتجة للغاز ان تبتكر اساليب جديدة لتسويق منتجاتها بصورة افضل ومن هذه الاساليب عرض الغاز بأسعار تفضيلية كما نلاحظ ذلك في خطوة الهند التي عرضت في الآونة الأخيرة أسعار أفضل للغاز لتعزيز الإنتاج المحلي لكن استثماراتها الأحدث في مرفأ الغاز في ولاية كيرالا بجنوب البلاد لم يتم استغلالها بالكامل حيث تفتقر إلى خطوط الأنابيب التي تربطها بمراكز الطلب بعد أن تسببت معارضة المزارعين في مشاكل تتعلق بالاستحواذ على الأراضي.
من ناحيتها تمتلك تركمانستان رابع أكبر احتياطي غاز في العالم وشرعت في بناء الجزء الواقع في أراضيها من خط الغاز في ديسمبر كانون الأول الماضي في حين لم يبدأ شركاؤها في المشروع -شركات الطاقة الوطنية في كل من أفغانستان وباكستان والهند- العمل بعد.
في الشرق الادنى، توجد كميات من الغاز حيث يتواجد في مصر واسرائيل التي أعطت الضوء الأخضر للبدء بتصدير الغاز الطبيعي إلى مصر في مؤشر على تحسن محتمل في العلاقات بين البلدين وسط خلافات بشأن إمدادات الطاقة، وقال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس في بيان إنه سيكون بمقدور إسرائيل بيع خمسة مليارات متر مكعب من الغاز إلى مصر في الأعوام السبعة المقبلة من حقل تمار قبالة الساحل الإسرائيلي على البحر المتوسط.
وتحاول الدول المنتجة للغاز ان تستثمر علاقاتها الجيدة حتى السياسية والدبلوماسية من اجل الحصول على هذا النوع من الطاقة النظيمة وذات الاسعار المتهاودة بعض الشيء، فعلى سبيل المثال قال وزير الطاقة والثروة المعدنية الاردني ابراهيم سيف في تصريحات ان بلاده طلبت من روسيا تزويدها بكميات من الغاز الطبيعي وب"أسعار تفضيلية" تقل عن اسعار السوق العالمية، ونقلت صحيفة الرأي الحكومية عن الوزير الاردني قوله ان "الاردن طلب من الجانب الروسي تزويدة بالغاز الطبيعي مقابل أسعار تفضيلية وأقل من سعره العالمي"، واوضح ان الطلب الاردني جاء خلال اجتماعات اللجنة المشتركة مع الجانب الروسي التي عقدت مؤخرا في عمان، وقال ان البلدين "اتفقا على ان يدرس الجانب الروسي طلب تزويد الاردن بكميات من الغاز الطبيعي لم تحدد كميته بعد، باسعار تفضيلية بحكم العلاقات الاقتصادية والسياسية المميزة مع الجانب الروسي".
وهكذا نلاحظ توجها جديدا في مجال انتاج وتسويق الغاز، والتوجه الجاد للاستثمار في هذا المجال الصناعي التجاري الحيوي، كما نلاحظ ذلك في الخطوات التي اتخذتها الهند مؤخرا.
تحول تدريجي إلى اقتصاد يعتمد الغاز
في هذا السياق قال وزير النفط الهندي دارمندرا برادان إن بلاده تخطط للتحول إلى اقتصاد يعتمد على الغاز من خلال زيادة الإنتاج المحلي وشراء الغاز الطبيعي المسال الرخيص بينما يسعى ثالث أكبر بلد مستورد للخام في العالم للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، ووعدت نيودلهي بتقليص معدل انبعاثاتها بمقدار الثلث بحلول 2030 من خلال عدة إجراءات من بينها استخدام أنواع وقود الحرق النظيف، وقال برادان في مقابلة مع رويترز "نتحول تدريجيا إلى اقتصاد يعتمد على الغاز بشكل مستدام". بحسب رويترز.
ويشكل الغاز نحو ثمانية بالمئة من مزيج الطاقة في الهند في حين يمثل النفط أكثر من الربع، ومن المتوقع أن يتسع العجز في إمدادات الغاز في الهند من 78 مليون متر مكعب يوميا في السنة المالية الحالية إلى 117 مليون متر مكعب يوميا في 2021-2022 بحسب تقديرات حكومية، وتفاوضت الهند مؤخرا على شروط أفضل لاتفاق طويل الأجل للغاز الطبيعي المسال مع قطر وتجري شركة بترونت المستوردة مباحثات مع إكسون لإعادة التفاوض على أسعار الغاز من مشروع جورجون في أستراليا.
وقال برادان "يجب أن تكون الأسعار في متناول أيدينا. نحترم العقود الطويلة الأجل لكن على الجميع أن يقدروا سيناريو التغيير... لدى الهند إمكانيات لقاعدة سوقية هائلة"، وزار برادان السعودية والإمارات العربية وإيران الشهر الماضي لتعميق العلاقات مع الموردين الرئيسيين للخام، وقال "نريد أن نتحرك لما هو أبعد من العلاقة بين البائع والمشتري" مضيفا أن بلاده تعرض عليهم حصصا في خطوط الأنابيب ومجمعات البتروكيماويات والمصافي التابعة له، وتجري الهند أيضا مباحثات مع شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) وأرامكو السعودية لاستئجار سعات استراتيجية لتخزين النفط.
قال برادان إن زيارة رئيس الوزراء ناريندرا مودي لإيران في وقت لاحق هذا الشهر ستحقق "بالتأكيد" نتائج ملموسة، وأضاف أن إيران جنبت حقل فارزاد-ب للغاز لتطويره من قبل شركات هندية وهو إجراء قد يؤدي إلى بناء محطة للغاز الطبيعي المسال إذ تستهلك الهند حصتها الإنتاجهية أو تقوم بتسويقها.
وهبطت أسعار الغاز الطبيعي المسال في آسيا على مدى عامين بأكثر من 75 بالمئة إلى 4.65 دولار للمليون وحدة حرارية، ويتوقع برادان استثمارات ضخمة في الغاز الطبيعي المسال في أنحاء العالم لضمان أسعار ميسورة في المدى الطويل وهو توجه "سيناسب الهند كدولة مستهلكة". ومد خطوط نقل الغاز، تبني الهند مرافئ للاستيراد على سواحلها الشرقية والغربية بالإضافة إلى خطوط أنابيب لزيادة الاستخدام الصناعي للغاز. وفي السنة المالية التي انتهت في مارس آذار تقلص إنتاج الهند منذ الغاز بنحو 4.2 بالمئة في حين زادت الواردات حوالي 15 بالمئة. وعرضت الهند في الآونة الأخيرة أسعار أفضل للغاز لتعزيز الإنتاج المحلي لكن استثماراتها الأحدث في مرفأ الغاز في ولاية كيرالا بجنوب البلاد لم يتم استغلالها بالكامل حيث تفتقر إلى خطوط الأنابيب التي تربطها بمراكز الطلب بعد أن تسببت معارضة المزارعين في مشاكل تتعلق بالاستحواذ على الأراضي.
تركمانستان تسعي لجذب تمويل سعودي
قال مسؤول إن تركمانستان تجري محادثات مع البنك الإسلامي للتنمية والصندوق السعودي للتنمية والحكومة اليابانية لتمويل مشروع مد خط أنابيب غاز إلى أفغانستان وباكستان والهند، ومن المفترض أن ينقل الخط 33 مليار متر مكعب من الغاز سنويا من حقل جالكينيش العملاق في تركمانستان. ويهدف المشروع لتقليص اعتماد الجمهورية السوفيتية السابقة على روسيا والصين. وتمتلك تركمانستان رابع أكبر احتياطي غاز في العالم وشرعت في بناء الجزء الواقع في أراضيها من خط الغاز في ديسمبر كانون الأول الماضي في حين لم يبدأ شركاؤها في المشروع -شركات الطاقة الوطنية في كل من أفغانستان وباكستان والهند- العمل بعد. كما تعترض تحديات أمنية مشروع خط الأنابيب البالغ طوله 1814 كيلومترا إذ أن الخطط الحالية تضمن مد جزء من الخط عبر أحد أقاليم افغانستان الذي تحتدم فيه أعمال العنف وهو اقليم هلمند الذي يسيطر عليه مقاتلو طالبان، وقال محمد مراد أمانوف من شركة خط أنابيب تابي ليمتد في مؤتمر في منتجع افازا في تركمانستان يوم السبت "أبدى البنك الإسلامي للتنمية اهتماما واستعدادا لتمويل المشروع ليس فقط على أراضي تركمانستان بل أيضا في أفغانستان وباكستان"، وتابع "نعمل مع الصندوق السعودي للتنمية وعقدنا اجتماعات مع حكومة اليابان وأبديا اهتماما"، وذكر أمانوف أن الشركة المسؤولة عن المشروع والتي تديرها تركمان غاز الحكومية تعمل على تقدير التكلفة الإجمالية للمشروع.
إيران تسعى لبناء خط أنابيب غاز للاتحاد الأوروبي
ومن المنتظر أن يتوصل الشركاء في حقل لوثيان الإسرائيلي للغاز الطبيعي إلى قرار استثماري نهائي بنهاية 2016 إذا حصلوا على الموافقات الحكومية والتنظيمية كما هو مأمول. وقال بيني زومر مدير مكتب نوبل إنرجي في إسرائيل إن ذلك سيتيح وصول أول كميات من الغاز المنتج من الحقل إلى الأسواق بحلول الربع الأخير من 2019، ويتكلف تطوير حقل لوثيان الذي يقع في البحر المتوسط قبالة سواحل إسرائيل نحو ستة مليارات دولار وتشير التقديرات إلى أنه يحوز احتياطيات تبلغ 622 مليار متر مكعب من الغاز. ومن المتوقع أن يورد الحقل كميات من الغاز الطبيعي بمليارات الدولارات إلى مصر والأردن وربما إلى تركيا وأوروبا.
لكن الموافقة النهائية على انطلاق المشروع تظل في يد المحكمة العليا الإسرائيلية التي من المتوقع أن تتخذ قرارها قريبا بشأن قانونيته بعدما رفع معارضون دعوى قضائية ضده، ويقود المشروع نوبل إنرجي ومقرها تكساس بالولايات المتحدة وديليك جروب الإسرائيلية من خلال وحدتيها ديليك دريلينج وأفنر أويل آند جاز. بحسب رويترز.
وقال زومر في بيان "لا شك في أن صناعة النفط والغاز تواجه تحديات عديدة، "ورغم تلك التحديات..تعتقد نوبل أن مشروع لوثيان يستطيع المضي قدما بناء على فرص محلية وتصديرية ونظرا للمناخ الإيجابي الذي وفره إطار عمل الغاز الطبيعي"، وفي وقت سابق من اليوم قال الشركاء في حقل لوثيان إنهم وقعوا اتفاقا لبيع كميات من الغاز بنحو 1.3 مليار دولار على مدى ثماني عشرة عاما لإديلتك جروب وشريكتها التركية زورلو إنرجي لاستخدامها في تشغيل محطات كهرباء يخططان لبنائها في إسرائيل.
إسرائيل تصدر الغاز الطبيعي إلى مصر
من جهتها أعطت الحكومة الإسرائيلية الضوء الأخضر للبدء بتصدير الغاز الطبيعي إلى مصر في مؤشر على تحسن محتمل في العلاقات بين البلدين وسط خلافات بشأن إمدادات الطاقة، وقال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس في بيان إنه سيكون بمقدور إسرائيل بيع خمسة مليارات متر مكعب من الغاز إلى مصر في الأعوام السبعة المقبلة من حقل تمار قبالة الساحل الإسرائيلي على البحر المتوسط. وقال "بعد سنوات من التأخير والنقاش بدأنا نمضي قدما لتصبح إسرائيل قوة إقليمية في مجال الغاز الطبيعي، وبعد أن كانت مستوردا للغاز لفترة طويلة تتجه إسرائيل الآن إلى التصدير بعد اكتشافات كبيرة مثل حقل تمار، كانت مصر تبيع الغاز إلى إسرائيل بموجب اتفاق مدته 20 عاما لكنه انهار في 2012 بعد تعرض خط الأنابيب على مدى شهور لهجمات المسلحين في شبه جزيرة سيناء.
وقالت محكمة تحكيم دولية في وقت سابق هذا الشهر إن على مصر أن تدفع نحو ملياري دولار تعويضا عن وقف إمدادات الغاز مما تسبب في توترات بين البلدين، وقالت مصر إنها ستطعن على القرار وتجمد محادثات استيراد الغاز من إسرائيل. ومن غير الواضح إن كان قرار الحكومة بالموافقة على التصدير يعني أن البلدين حققا تقدما في تسوية خلافاتهما، وفي وقت سابق هذا العام وقع شركاء حقل تمار اتفاقا مدته سبع سنوات تشتري بموجبه دولفينوس القابضة المصرية - وهي شركة ممثلة للمستهلكين الصناعيين والتجاريين غير الحكوميين - ما لا تقل قيمته عن 1.2 مليار دولار من الغاز الطبيعي في صفقة تتضمن بيع خمسة مليارات متر مكعب من الغاز على الأقل في الأعوام الثلاثة الأولى.
وتقدر احتياطيات تمار بنحو 280 مليار متر مكعب وهو مملوك لنوبل إنرجي التي مقرها تكساس وديليك للحفر وأفنر للتنقيب عن النفط وهما وحدتان لمجموعة ديليك، وقالوا إن اتفاق تزويد مصر بالغاز مازال يتطلب موافقات من الهيئات التنظيمية والجهات ذات الصلة، وتسيطر هذه الشركات أيضا على حقل لوثيان الضخم الذي صدرت الموافقة على تطويره الأسبوع الماضي.
روسيا تزودالاردن بالغاز بأسعار تفضيلية
من جهته قال وزير الطاقة والثروة المعدنية الاردني ابراهيم سيف في تصريحات ان بلاده طلبت من روسيا تزويدها بكميات من الغاز الطبيعي وب"أسعار تفضيلية" تقل عن اسعار السوق العالمية، ونقلت صحيفة الرأي الحكومية عن الوزير الاردني قوله ان "الاردن طلب من الجانب الروسي تزويدة بالغاز الطبيعي مقابل أسعار تفضيلية وأقل من سعره العالمي"، واوضح ان الطلب الاردني جاء خلال اجتماعات اللجنة المشتركة مع الجانب الروسي التي عقدت مؤخرا في عمان، وقال ان البلدين "اتفقا على ان يدرس الجانب الروسي طلب تزويد الاردن بكميات من الغاز الطبيعي لم تحدد كميته بعد، باسعار تفضيلية بحكم العلاقات الاقتصادية والسياسية المميزة مع الجانب الروسي". واضاف ان "الاردن ما زال ينتظر رد الجانب الروسي على هذا الطلب"، متوقعا ان "يكون قريبا".
وكان الاردن يعتمد على غاز مصر التي ناهزت كمياته 100 مليون قدم مكعب يوميا، في انتاج 80 بالمئة من الكهرباء التي تحتاج اليها المملكة، قبل ان يتحول الى الوقود الثقيل الذي تقول الحكومة انه يكلفها خسائر تقارب مليون دولار يوميا، وتعرضت خطوط أنابيب الغاز المصري في سيناء لهجمات عدة منذ اندلاع الثورة الشعبية التي اطاحت بالرئيس المصري الاسبق حسني مبارك مطلع 2011، ما ادى الى تعليق صادرات الغاز المصري الى اسرائيل والاردن بعد ازدياد الهجمات على خطوط الانابيب في سيناء. بحسب فرانس برس.
وأنشأ الاردن العام الماضي ميناء للغاز الطبيعي المسال في العقبة (325 كلم جنوب عمان) بحوالى 90 مليون دولار، ووقعت شركة "الكهرباء الوطنية" الاردنية وشركة "شل" العالمية في 21 كانون الثاني/يناير 2015 في عمان اتفاقا تزود بموجبه الأخيرة المملكة ب150 مليون قدم مكعب من الغاز المسال بقيمة 500 مليون دولار سنويا لخمس سنوات، وتستورد المملكة التي تعاني من شح الموارد الطبيعية 97% من حاجتها من الطاقة من الخارج.