عودة أسعار النفط مرهونة بالاقتصاد العالمي

ندى علي

2016-05-12 06:47

ربما يذهب بعض الخبراء في آمالهم العريضة بعيدا، حول عودة اسعار النفط الى اوضاعها الطبيعية، حيث يرى كثير منهم ان النصف الثاني من العام الجاري سوف يشهد ارتفاعا ملحوظا في الاسعار، مستندين في ذلك الى الاسعار الآخذة بالارتفاع فعلا حيث وصل سعر البرميل قربة الخمسين دولارا، وهذا ما جعل المحللون لأسواق النفط يزدادون ثقة في أن موجة الهبوط التي شهدتها أسعار النفط على مدى نحو عامين قد انتهت ورفعوا تقديراتهم للأسعار للشهر الثاني على التوالي مع توقعهم لعودة التوازن للسوق بحلول 2017 بدعم من تحسن الطلب وانخفاض إنتاج النفط الصخري الأمريكي.

وذهب بعض المسؤولين في الدول المهمة المنتجة للنفط الى نقطة ابعد في مجال التفاؤل حيث رأى الوزير القطري ان "سوق النفط العالمية في طريقها الى التعافي"، وانخفضت اسعار النفط بشكل حاد منذ منتصف 2014، وتراجع سعر البرميل من ما فوق مئة دولار، الى مستويات اعلى بقليل من 40 دولارا، ويعود هذا الانخفاض بشكل اساسي الى فائض في الكميات المعروضة وتباطؤ في نمو الطلب عالميا، خصوصا من الصين، وخلال الاشهر الماضية، رفضت اوبك، وابرز اعضائها السعودية، خفض انتاجها سعيا لاعادة بعض الاستقرار للاسعار المتهاوية. وهذا الموقف الذي كانت الرياض ابرز المطالبين به، ناجم عن الخشية من فقدان دول المنظمة حصتها من السوق العالمية لصالح منتجين كبار من خارجها

وبقيت اسعار النفط في حالة ارتفاع يشوبه بعض الانخفاض البسيط الذي سرعان ما يعاود الارتفاع، اذ لم ينخفض سعر خام القياس العالمي مزيج برنت سوى سنت واحد عند التسوية ليصل إلى 48.13 دولار للبرميل بعدما بلغ أعلى مستوى له منذ بداية العام الحالي عند 48.50 دولار للبرميل. وصعد برنت 21.5 بالمئة في أبريل نيسان مسجلا أكبر مكاسبه الشهرية منذ مايو أيار 2009، وتراجع الخام الأمريكي 11 سنتا في العقود الآجلة ليصل عند التسوية إلى 45.92 .

وتشكل حالى الارتفاع في اسعار النفط فرصة مهمة ينبغي أن تستثمرها الدول المنتجة وخاصة اوبك، كي تتصاعد الاسعار اكثر، وذلك من خلال اتخاذ اجراءات عملية تسهم في البقاء على هذا التصاعد، من خلال التقليل من تخمة المعروض النفطي في الاسواق العالمية، لكن على الرغم من ذلك تظل التخمة العالمية مرشحة للاستمرار لبعض الوقت في ظل ارتفاع الإنتاج في منطقة الشرق الأوسط واقتراب روسيا من مستويات إنتاج غير مسبوقة

ومما يثير التساؤل حول الارتفاع الذي تحقق في اسعار النفط، أن الدول المنتجة لم تأخذ ما يكفي من الخطوات التي تساعد على امتصاص التخمة في المعروض النفطي، من خلال اتخاذ قرار موحد لتجميد انتاج النفط، كي يبقى الخط البياني لاسعار النفط في حالة تصاعد مستمرة، ومع ذلك يبدو أن فشل الدول المنتجة في عدم الاتفاق على التجميد لم يؤثر في وقف تصاعد الأسعار، حيث قال محللون إن فشل اجتماع كبار منتجي العالم بالعاصمة القطرية الدوحة في التوصل لاتفاق على تثبيت الإنتاج عند مستويات يناير كانون الثاني ليس له تأثير يذكر على الأسعار، ومنذ فشل اجتماع الدوحة في 17 أبريل نيسان صعد النفط 21 بالمئة إلى أعلى مستوياته منذ نوفمبر تشرين الثاني.

توقع عودة التوازن لأسواق النفط

في هذا السياق اعرب محمد بن صالح السادة، وزير الطاقة والصناعة القطري الذي يرأس الدورة الحالية لمنظمة الدول المصدرة للنفط "اوبك"، عن تفاؤله بتعافي السوق النفطية، متوقعا عودتها الى التوازن خلال النصف الثاني من السنة الجارية، وقال السادة "السوق تسير في الاتجاه الصحيح، ومن المتوقع ان تعود الى التوازن خلال النصف الثاني من العام الحالي"، اضاف "الربع الثاني من العام الحالي شهد ارتفاعا ملحوظا في الطلب العالمي على النفط نتيجة للزيادة في الطلب على منتجاته" خصوصا البنزين، مرجحا ان "يستمر الارتفاع وبمعدلات اكبر اعتبارا من الشهر القادم مع بدء موسم السفر وزيادة الطلب على وقود السيارات".

ورأى الوزير القطري ان "سوق النفط العالمية في طريقها الى التعافي"، وانخفضت اسعار النفط بشكل حاد منذ منتصف 2014، وتراجع سعر البرميل من ما فوق مئة دولار، الى مستويات اعلى بقليل من 40 دولارا، ويعود هذا الانخفاض بشكل اساسي الى فائض في الكميات المعروضة وتباطؤ في نمو الطلب عالميا، خصوصا من الصين، وخلال الاشهر الماضية، رفضت اوبك، وابرز اعضائها السعودية، خفض انتاجها سعيا لاعادة بعض الاستقرار للاسعار المتهاوية. وهذا الموقف الذي كانت الرياض ابرز المطالبين به، ناجم عن الخشية من فقدان دول المنظمة حصتها من السوق العالمية لصالح منتجين كبار من خارجها. بحسب فرانس برس.

وفشلت دول من اوبك وخارجها خلال اجتماع عقدته في نيسان/ابريل في الدوحة، في الاتفاق حول تجميد الانتاج عند مستويات كانون الثاني/يناير. وكان من اسباب الفشل، اشتراط السعودية - أكبر منتجي النفط عالميا - التزام منتجين كبار ابرزهم ايران التي قاطعت الاجتماع، بتجميد الانتاج، واشار السادة في بيانه الى ان "الانتاج العالمي من النفط في تناقص مستمر"، عازيا ذلك الى عوامل عدة ابرزها "إغلاق العديد من محطات الانتاج العالي الكلفة"، في اشارة خصوصا للنفط الصخري الاميركي، ومن المقرر ان تعقد اوبك اجتماعها المقبل في فيينا في الثاني من حزيران/يونيو "لبحث وضع سوق النفط والتوقعات بالنسبة للمستقبل"، بحسب بيان المسؤول القطري.

لتعافي سعر النفط يجب تراجع الانتاج

قال بنك جولدمان ساكس إن حدوث تعاف مستدام لأسعار النفط يرتبط بشكل أساسي بانخفاض مطرد للإنتاج من خارج منظمة أوبك، وقال أكبر بنك في تجارة السلع الأولية إن تصوره الرئيسي يتوقع عجزا مستداما في الربع الثالث من العام وحتى ذلك الحين فمن المنتظر أن تبقى أسعار النفط حول مستوياتها الحالية. بحسب رويترز.

وجرى تداول العقود الآجلة للخام حول 44 دولارا للبرميل بعدما تجاهلت السوق انخفاض إنتاج كندا نحو مليون برميل يوميا نظرا لحرائق الغابات، وفي مذكرة منفصلة للعملاء قال البنك إنه يتوقع هبوط إنتاج النفط في الولايات المتحدة نحو 650 ألف برميل يوميا هذا العام، وفي آخر نشرة لها لتوقعات المدى القصير قالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في أبريل نيسان إن من المنتظر أن ينخفض إنتاج النفط في الولايات المتحدة نحو 830 ألف برميل يوميا هذا العام ثم 560 ألف برميل يوميا في العام القادم إلى 8.04 مليون برميل يوميا.

النفط يستقر قرب 50 دولارا

استقرت أسعار النفط عند الإغلاق بعدما بلغت أعلى مستوياتها منذ بداية 2016 لكنها أنهت تعاملات أبريل نيسان مرتفعة نحو 20 بالمئة وسجل خام برنت أكبر مكاسبه الشهرية في سبع سنوات، وأدى تراجع الدولار وحالة التفاؤل بأن تخمة المعروض العالمي ستنحسر إلى دعم العقود الآجلة للخام لترتفع أكثر من 20 دولارا للبرميل منذ أن هبطت لأدنى مستوياتها في 12 عاما دون 30 دولارا للبرميل في الربع الأول. بحسب رويترز.

ولم ينخفض سعر خام القياس العالمي مزيج برنت سوى سنت واحد عند التسوية ليصل إلى 48.13 دولار للبرميل بعدما بلغ أعلى مستوى له منذ بداية العام الحالي عند 48.50 دولار للبرميل. وصعد برنت 21.5 بالمئة في أبريل نيسان مسجلا أكبر مكاسبه الشهرية منذ مايو أيار 2009، وتراجع الخام الأمريكي 11 سنتا في العقود الآجلة ليصل عند التسوية إلى 45.92 دولار للبرميل بعدما بلغ أعلى مستوى له منذ بداية 2016 عند 46.78 دولار للبرميل. وزاد الخام 20 بالمئة في أبريل نيسان ليسجل أكبر مكاسبه الشهرية في عام.

وفي حين أن الأسعار لا تفصلها سوى أقل من خمسة دولارات عن الوصول إلى مستوى 50 دولارا للبرميل قال بنك الاستثمار جيفريز إن السوق تدخل مرحلة "توازن أفضل" وستشهد نقصا في المعروض في النصف الثاني من العام، غير أن آخرين حذروا من أن موجة الصعود جاءت مدعومة بإقبال المستثمرين على بناء مراكز مضاربة كبيرة بينما لا تزال المخزونات مرتفعة وأظهر مسح لرويترز ارتفاع انتاج أوبك في أبريل نيسان إلى مستوى قياسي، ورفع محللون استطلعت رويترز آراءهم توقعاتهم لسعر برنت في 2016 إلى 42.30 دولار للبرميل في المتوسط لترتفع تقديراتهم للشهر الثاني على التوالي.

المحللون يرفعون توقعاتهم لسعر النفط

أظهر استطلاع نشرت نتائجه أن المحللين يزدادون ثقة في أن موجة الهبوط التي شهدتها أسعار النفط على مدى نحو عامين قد انتهت ورفعوا تقديراتهم للأسعار للشهر الثاني على التوالي مع توقعهم لعودة التوازن للسوق بحلول 2017 بدعم من تحسن الطلب وانخفاض إنتاج النفط الصخري الأمريكي.

ومن غير المتوقع أن تتباطأ وتيرة عودة توازن العرض والطلب في السوق العالمية بسبب فشل المنتجين في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وخارجها في الاتفاق على الحد من إنتاج النفط خلال اجتماع عقد في وقت سابق هذا الشهر.

وأظهر الاستطلاع الذي شمل 29 محللا توقعات أكثر تفاؤلا قليلا حيث رفع المحللون توقعاتهم لمتوسط أسعار خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة في 2016 إلى 42.30 دولار للبرميل مقارنة مع 40.90 دولار للبرميل في استطلاع مارس آذار، وشهد استطلاع الشهر الماضي تعديلا بالرفع لتوقعات سعر برنت في 2016 للمرة الأولى في عشرة أشهر، وبلغ متوسط سعر برنت 40 دولارا للبرميل منذ بداية العام.

وقال محللون إن فشل اجتماع كبار منتجي العالم بالعاصمة القطرية الدوحة في التوصل لاتفاق على تثبيت الإنتاج عند مستويات يناير كانون الثاني ليس له تأثير يذكر على الأسعار، ومنذ فشل اجتماع الدوحة في 17 أبريل نيسان صعد النفط 21 بالمئة إلى أعلى مستوياته منذ نوفمبر تشرين الثاني.

وأظهر استطلاع لرويترز نشرت نتائجه في وقت سابق هذا الشهر أن إنتاج النفط الإيراني لن يزيد إلا قليلا في العامين الحالي والمقبل ولكنه سيكون كافيا للحيلولة دون إعادة توازن العرض والطلب العالميين في 2016.

غير أنه من المتوقع أن تبقى السوق في مسارها للوصول إلى نقطة التوازن بين العرض والطلب في العام القادم بدعم من تراجع الإنتاج الأمريكي وتحسن آفاق الطلب حيث يتوقع بعض المحللين نموه بما يتراوح بين مليون و1.5 مليون برميل يوميا.

وقالت لوانا سيجفريد المحللة لدى رايموند جيمس "النمو القوي للطلب العالمي مع هبوط الإنتاج محليا (في الولايات المتحدة) وعالميا قد يؤدي إلى نقص في المعروض بسوق النفط العالمية بحلول منتصف 2016". بحسب رويترز.

لكن محللين يقولون إنه في الأمد المتوسط قد يؤدي تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي إلى الحد من نمو الطلب على النفط، ويتوقع المحللون أن يبلغ متوسط سعر الخام الأمريكي في العقود الآجلة 40.50 دولار للبرميل في 2016 بزيادة 80 سنتا عن توقعات استطلاع مارس آذار. وبلغ متوسط سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي نحو 35.27 دولار للبرميل منذ بداية 2016.

وكانت رايموند جيمس صاحبة أعلى التوقعات لسعر برنت في 2016 إذ قدرته عند 53 دولارا للبرميل بينما كانت تقديرات كريسيل هي الأدنى حيث توقعت وصول سعر برنت إلى 35.50 دولار للبرميل في المتوسط.

قال فاتح بيرول مدير وكالة الطاقة الدولية إن أسعار النفط ربما تكون قد وصلت لأدني مستوياتها ولكن ذلك يتوقف على سلامة الاقتصاد العالمي بحيث لا يكون مبعثا للقلق، وسجل خام برنت أعلى مستوى في 2016 وبلغ 48.50 دولار للبرميل بفضل التفاؤل بانحسار التخمة العالمية وتضافر ذلك مع ضعف الدولار الذي ساهم في صعود أسعار العقود الآجلة للخام أكثر من 20 دولارا للبرميل منذ أن هوت لأقل مستوى في 12 عاما دون 30 دولارا للبرميل في الربع الأول من السنة.

وقال بيرول لرويترز علي هامش اجتماع وزراء طاقة مجموعة السبع في كيتاكيوشو بجنوب غرب اليابان إن تراجع الانتاج بما يزيد على 700 ألف برميل يوميا العام الجاري وتعطل الانتاج في أماكن من بينها نيجيريا والكويت قاد الاتجاه الصعودي، وسئل بيرول إذا كانت الأسعار بلغت القاع فأجاب "قد يكون الحال كذلك ولكنه يتوقف على ما يبدو على الاقتصاد العالمي، في الأحوال الاقتصادية العادية سنرى الأسعار تتجه صعودا وليس صوب الهبوط." وأضاف "نعتقد أنه في ظل الظروف العادية قرب نهاية هذا العام.. النصف الثاني من العام أو 2017 كحد أقصي ستحقق الأسواق توازنا"، وتابع بيرول أنه يأمل أن يرى تعافيا في استثمارات المنبع في العام المقبل بعد أن تراجعت 40 بالمئة في العامين الماضيين.

وتوقع انخفاض الإنتاج في الدول غير الأعضاء بأوبك أكثر من 700 ألف برميل يوميا وهو أكبر تراجع في نحو 20 عاما، وقال "ما نود أن نراه بعد التراجع الكبير في 2015 و2016 أن تتعافي الاستثمارات (في 2017) وأن تصل لمستوى 600 مليار دولار مرة أخرى"، وقال بيرول إن تراجع الاستثمارات للعام الثالث سيكون إشكاليا لأسواق النفط إذ قد يقود لقفزة في أسعار الخام وتذبذبا أكبر وهو ليس لصالح المستهلكين.وأضاف أنه في ظل توقعات نمو الطلب العالمي بواقع 1.2 مليون برميل يوميا العام الجاري فسيبدأ قريبا السحب من المخزونات العالمية مما سيسهم في ارتفاع الأسعار.

وقال "أعتقد أن ثمة اتجاها لتراجع المخزون عالميا كما أن وتيرة تكوين المخزونات تتباطأ بشكل كبير ونتوقع أن يبدأ ظهور تأثير السحب من المخزونات قرب نهاية العام"، وأضاف بيرول أنه رغم ارتفاع أسعار النفط في الآونة الأخيرة فإن تغير الاتجاه النزولي للإنتاج في الولايات المتحدة يحتاج وقتا، وقال "يتوقف الأمر على مدى تعافي الأسعار وإلى متى يستمر مستوى الأسعار"، وأضاف "تشير تحليلاتنا إلى الحاجة لسعر بين 60 و65 دولارا للبرميل من أجل عكس اتجاه (إنتاج) النفط الصخري وهذا يتطلب بعض الوقت لعودة النفط الصخري لأنه يحتاج الكثير من العمل.. أعتقد أن الأمر سيستغرق ما يصل إلى عام واحد لتغيير اتجاه إنتاج النفط الصخري".

العرض والطلب على النفط سيتوازنان خلال عام

قال وزير الطاقة الأمريكي إرنست مونيز إنه يتوقع عودة التوازن بين العرض والطلب على النفط العالمي خلال عام تقريبا، وبعد أن هبط لأدنى مستوياته خلال 13 عاما في وقت سابق من العام الحالي ارتفع خام القياس الأمريكي نحو 20 بالمئة في أبريل نيسان مع تراجع الدولار وانخفاض الإنتاج في الولايات المتحدة. بحسب رويترز.

لكن متعاملين في السوق لا تزال تساورهم الشكوك تجاه مدى استمرارية الأداء القوي للخام الأمريكي في ضوء التخمة المزمنة في الإمدادات العالمية، وقال مونيز للصحفيين بعد اجتماع وزراء طاقة الدول السبع الكبرى في كيتاكيوشو بجنوب غرب اليابان "لا اعتقد أن الارتفاع الأخير في الأسعار شيء يدفع الشركات لتغيير اتجاهات الاستثمار بناء عليه"، وأضاف "عدد منصات النفط في الولايات المتحدة منخفض للغاية... تبدو إعادة التوازن بين العرض والطلب على مستوى العالم ممكنة بشدة ونتحدث هنا عن إطار زمني عام تقريبا. قد يغير ذلك تحركات السوق لكن من الناحية الهيكلية من الواضح أننا سنواصل حيازة مخزونات نفط كبيرة للغاية"، واستطرد "مازلنا نواجه خللا"، وقال مونيز نقلا عن توقعات وزارة الطاقة إن من المتوقع انخفاض الإنتاج الأمريكي بمقدار 600 ألف برميل يوميا خلال العام الحالي مقارنة بمعدل الإنتاج قبل عام حيث استجاب المنتجون لانخفاض أسعار النفط الخام، وفيما يتعلق بسوق الغاز الطبيعي المسال قال مونيز إن الصادرات بدأت حيث وافقت الولايات المتحدة على شحن أكثر من 120 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا إلى دول خارج اتفاقية التجارة الحرة، وقال "غادرت أول ست أو سبع شحنات من الغاز الطبيعي المسال خليج المكسيك إلى ثلاث دول من بينها اليابان".

قلة إنتاج النفط النيجيري بسبب العنف

أظهرت بيانات لرويترز أن سلسلة من الهجمات التي استهدفت المنشآت النفطية في نيجيريا دفعت إنتاج البلاد من الخام إلى التراجع مقتربا من أدنى مستوياته في 22 عاما مما يزيد الضغوط المالية بشدة.

وتم إجلاء عمال شل من حقل بونجا النفطي في دلتا النيجر بجنوب نيجيريا بعد تهديد من مسلحين حسبما قاله مسؤول نقابي رفيع ليوم الاثنين بينما دفعت هجمات في أواخر الأسبوع الماضي شيفرون لإغلاق حقلها البحري أوكان الذي كان ينتج 35 ألف برميل يوميا، وقالت شل إن الاضطرابات الأخيرة لم تؤثر بعد على الإنتاج لكن حقلها فوركادوس مازال مغلقا وتحت حالة القوة القاهرة في أعقاب هجوم على خط أنابيب بحري في فبراير شباط وهو ما أسفر عن توقف إنتاج 250 ألف برميل يوميا. بحسب رويترز.

وأدى اتساع نطاق العنف إلى هبوط إنتاج نيجيريا أكبر منتج للخام في أفريقيا إلى نحو 1.69 مليون برميل يوميا في مايو أيار مسجلا أدنى مستوياته منذ يونيو حزيران 2007 على الأقل حينما تراجع إلى 1.68 مليون برميل يوميا بحسب بيانات وكالة الطاقة الدولية.

الأمريكتان وآسيا يخفضون إنتاج النفط

في الوقت الذي تشتعل فيه حرائق غابات في كندا وتعاني فنزويلا من اضطرابات وتتوقف منصات حفر في الولايات المتحدة يتقلص إنتاج النفط بوتيرة سريعة جدا تجعل الأمر يبدو كما لو أن الأمريكتين وحدهما تستطيعان حل مشكلة تخمة المعروض العالمي من الخام، ويعزى هبوط أسعار النفط بنحو 70 بالمئة خلال الفترة من 2014 حتى أوائل 2016 إلى مشكلة واحدة وهي الإنتاج الذي يزيد على مستوى الطلب بنحو مليوني برميل يوميا.

لكن تلك التخمة تتلاشى بسرعة جراء تخفيض الإنتاج في الأمريكتين بما فيها الولايات المتحدة وكندا وأمريكا اللاتينية وتقلص الإنتاج أيضا بشكل متزايد في آسيا، ويقول جاي بابر المحلل لدى سيمونس آند كو "حالات تعطل الإنتاج التي لم تكن في الحسبان عنصر أساسي ساهم منذ بداية العام في تحسين التوازن (بين العرض والطلب) بسوق النفط على نحو أفضل مما كان متوقعا"، وحذر من أنه إذا استمر التعطل سيصبح هناك فائض محدود في الطاقة الإنتاجية فوق الطلب، وانخفض إنتاج الأمريكتين بأكثر من 1.5 مليون برميل يوميا في الربع الماضي في الوقت الذي خفض فيه المنتجون في آسيا وأستراليا إنتاجهم بنحو 250 ألف برميل يوميا بما قلص جزءا كبيرا من تخمة المعروض العالمي بحسب ما تظهره بيانات حكومية وأخرى من القطاع وشركات استشارية، يأتي هذا في الوقت الذي رفض فيه أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بقيادة السعودية تخفيض الإنتاج دفاعا عن الحصة السوقية وللضغط على المنافسين الذي ينتجون الخام بتكلفة أعلى، ويقول نيل بيفيريدج كبير المحللين لدى سانفورد سي. برنشتاين "السعوديون حققوا ما يريدونه بأن تستعيد السوق توازنها من خلال الأسعار"، وأضاف "خلال الأشهر الاثنى عشر الأخيرة رفعت السعودية الإنتاج مما فرض ضغوطا نزولية على الأسعار لاستعادة الانضباط بين المنتجين. وذلك يحدث الآن".

وفي الحقيقة فإنه مع خروج قدر كبير جدا من إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك من السوق صار باستطاعة منتجين مثل السعودية وقطر زيادة الإمدادات وأسعار الشحنات المتجهة إلى آسيا أكبر منطقة مستهلكة للخام في العالم.

تقليص كبير في الإنتاج

تسببت حرائق الغابات في فورت مكماري في قلب منطقة الرمال النفطية الكندية في توقف طاقة إنتاجية تتجاوز 690 ألف برميل يوميا بحسب تقديرات رويترز مع احتمال حدوث المزيد من التعطل في الإنتاج، ويقول ريتشارد جوري مدير جيه.بي.سي إنرجي آسيا "في العامين الماضيين لم يكن التركيز على تعطل الإنتاج بسبب اختلال التوزان في السوق لكن هذا يتغير الآن مع تقلص الفجوة (بين العرض والطلب) في السوق".

ومن المتوقع أن يواصل الإنتاج الأمريكي تراجعه لينخفض 800 ألف برميل يوميا خلال الأشهر الخمسة المقبلة بحسب إدارة معلومات الطاقة بعد أن تقلص بواقع 410 آلاف برميل يوميا منذ بداية العام و800 ألف برميل يوميا منذ منتصف 2015، وهبط إنتاج النفط الخام في أمريكا اللاتينية التي تعاني من قلة الاستثمار في القطاع 4.6 بالمئة في الربع الأول من العام إلى 9.13 مليون برميل يوميا بانخفاض قدره 441 ألف برميل يوميا مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي بحسب بيانات كل دولة على حدة وبيانات أوبك.

وكان أكبر انخفاض من نصيب فنزويلا التي تراجع إنتاجها بواقع 188 ألف برميل يوميا في الربع الأول في الوقت الذي تواجه فيه حكومة الرئيس نيكولاس مادورو أزمة اقتصادية كبيرة، كما يتراجع الإنتاج أيضا في أنحاء منطقة آسيا والمحيط الهادي، وقال بنك ستاندرد تشارترد إن من المتوقع أن تسجل الصين أكبر منتج ومستهلك للنفط في المنطقة انخفاضا بنسبة ستة بالمئة في إنتاج النفط الخام في 2016 بسبب تقادم الحقول وضعف الأحوال الاقتصادية.

وساعدت الإشارات على تقلص الإمدادات في رفع أسعار النفط إلى مستويات هي الأعلى في أكثر من خمسة أشهر الأسبوع الماضي. وبلغ خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي أعلى مستوى له خلال الجلسة فوق 46 دولارا للبرميل ليقترب كثيرا من الذروة التي سجلها في الآونة الأخيرة.

لكن على الرغم من ذلك تظل التخمة العالمية مرشحة للاستمرار لبعض الوقت في ظل ارتفاع الإنتاج في منطقة الشرق الأوسط واقتراب روسيا من مستويات إنتاج غير مسبوقة وامتلاء صهاريج التخزين عن آخرها، وتزيد العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت للتسليم خلال خمس سنوات بعلاوة بسيطة عن عقود أقرب استحقاق تبلغ عشرة دولارات للبرميل وهو مؤشر على أن سيناريو الأسعار "الأقل لفترة أطول" قد يستمر لفترة طويلة.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي