مضاعفة الطاقة الصديقة للبيئة يطرد الطاقة التقليدية خارج المنافسة
ندى علي
2016-02-14 03:26
من الآراء التي تغرد خارج السرب كما يُقال، تلك التي طرحها بعض الخبراء في مجال النفط، حيث رأى هؤلاء أن أزمة هبوط أسعار النفط قد تعود بالفائدة على العالم أجمع حتى لو أخذ ذلك بعض الوقت، وقد اختلف هؤلاء مع معظم الخبراء الذين أكدوا على أن العالم يواجه أزمة مالية قد تكون لها عواقبها الوخيمة، خاصة أن هذا الهبود لم يتم وفق التوقعات، وانما جاء بصورة فاجأت المنتجين والمستهلكين على حد سواء.
واذا عرفنا أن هناك دولا تعيش على أنواع الطاقة التقليدية كالفحم والنفط الاحفوري وهي انواع مسيئة للبيئة، فإننا يمكن أن نتكهن بنوع وحجم المشكلات التي سوف تواجهها هذه الدول، وحسب رأي الخبراء من المنتظر أن يكون الفحم هو الخاسر الرئيسي من تحول العالم نحو أشكال الطاقة الأكثر نظافة مع توقع هبوط حصته في مزيج الطاقة إلى أدنى مستوى على الاطلاق بحلول 2035. ومن المنتظر أن تنمو المصادر المتجددة للطاقة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بحوالي 6.6 بالمئة سنويا لتزيد حصتها في مزيج الطاقة من 3 بالمئة حاليا إلى 9 بالمئة.
وفي الوقت نفسه هناك خطوات حثيثة لتقليل استهلاك الطاقة، لاسيما في الدول المتطورة، حيث تعمل الجهات المعنية فيها على مدار الساعة ليجاد بدائل للطاقة التقليدية، وهي تحاول ليل نهار لتقليل استهلاك الطاقة من خلال استحداث البدائل الصديقة للبيئة من خلال صناعة المباني الذكية التي لا تستهلك طاقة كبيرة.
حيث تقول المفوضية الاوروبية ان المباني القائمة في معظم بلدانها تستهلك 40 في المئة من موارد الطاقة في الاتحاد وفرص التوفير كبيرة لان ثلاثة ارباع هذه المباني لا تعمل بكفاءة. وتضيف ان المباني الذكية ستخلق ملايين الوظائف وتذكي النمو وتقلص الفواتير الصحية: فالمواد العازلة تعالج الرطوبة التي تسبب نوبات الربو كما ان تقليص استهلاك الطاقة يقلل الانبعاثات الغازية ويحسن جودة الهواء. وتقول الصناعة ان هذا هو الرد الاوروبي على ثورة الغاز الصخري الامريكية التي قلصت بدرجة كبيرة نفقات الطاقة في الولايات المتحدة.
إذاً هو صراع أو منافسة بين أرباب هذا النوع من الطاقة التي تحتاجها التجمعات البشرية الصغيرة والكبيرة ايضا، حيث بدأ واضعو السياسات في المفوضية الاوروبية مراجعة قوانين البناء في الاتحاد الاوروبي، والهدف هو دراسة سبل تنفيذ خطة تصبح معها كل المباني الجديدة غير مستهلكة للطاقة تقريبا بحلول عام 2020 وتعديل المباني القائمة من خلال عمليات تجديد جذرية وهو ما يعني معالجة 80 في المئة أو أكثر من المبنى وخفض استهلاكه للطاقة بنفس النسبة. علما أن الغاز وأنواع الطاقة المتجددة هي التي سوف تأخذ مجالها الاوسع في الانتاج والاستهلاك في غضون العقود القليلة القادمة.
مضاعفة انتاج النفط الصخري
في هذا السياق توقع عملاق الطاقة البريطاني بي.بي أن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة سيتضاعف على مدى العشرين عاما القادمة مع تطوير الشركات المنتجة تقنيات تجعلها أكثر كفاءة في استغلال موارد جديدة وسط هبوط أسعار الخام. وفي تقريرها لتوقعات الطاقة حتى عام 2035 قالت بي.بي إن الطلب العالمي على الطاقة سيزيد بنسبة 34 بالمئة مدفوعا بالنمو السكاني والاقتصادي العالمي وأن حصة النفط ستنخفض لصالح الغاز والطاقة المتجددة.
ورغم أن انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة تضرر من هبوط حاد بلغ 70 بالمئة في أسعار النفط على مدى الاشهر الثمانية عشر الماضية إلا أن تقرير بي.بي قال إنه في الاجل الطويل من المنتظر أن ينمو إنتاج النفط الصخري من حوالي أربعة ملايين برميل يوميا حاليا إلى ثمانية ملايين برميل يوميا في عقد الثلاثينات ليشكل 40 بالمئة تقريبا من الانتاج الامريكي.
وقال سبنسر دالي كبير الخبراء الاقتصاديين في بي.بي "نتوقع أن يهبط النفط الصخري الامريكي على مدى الاعوام المقبلة لكن بعد ذلك سيتزايد الانتاج." وتوقع تقرير بي.بي أن إنتاج النفط الصخري حول العالم سيزيد بمقدار 5.7 مليون برميل يوميا ليصل إلى 10 ملايين برميل يوميا لكنه سيبقى متركزا في الولايات المتحدة.
وقال دالي أيضا إن الطلب العالمي على النفط الذي زاد بمقدار 1.8 مليون برميل يوميا العام الماضي سيواصل النمو "بقوة" هذا العام رغم انه سيكون بوتيرة أبطأ. واضاف قائلا "من الواضح جدا أن السوق تستجيب لانخفاض أسعار النفط." وقال تقرير بي.بي إن الوقود الاحفوري -الذي يشمل النفط والغاز والفحم- سيبقى المصدر المهيمن على الطاقة مع توقع أن يشكل حوالي 80 بالمئة من إمدادات الطاقة في 2035 . ويبقى الغاز هو الوقود الاحفوري الاسرع نموا مع ارتفاعه بنسبة 1.8 بالمئة سنويا مقارنة مع نمو قدره 0.9 بالمئة للنفط.
ومن المنتظر أن يكون الفحم هو الخاسر الرئيسي من تحول العالم نحو أشكال الطاقة الأكثر نظافة مع توقع هبوط حصته في مزيج الطاقة إلى أدنى مستوى على الاطلاق بحلول 2035. ومن المنتظر أن تنمو المصادر المتجددة للطاقة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بحوالي 6.6 بالمئة سنويا لتزيد حصتها في مزيج الطاقة من 3 بالمئة حاليا إلى 9 بالمئة. ورغم هذا فإنه مع التوقعات الحالية فإن العالم سيبقى بعيدا عن الوفاء بالتعهدات التي حددتها الامم المتحدة لكبح ظاهرة الاحترار العالمي إلى 2 درجة مئوية (3.6 درجة فهرنهايت) فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي بحلول نهاية العقد الحالي بحسب رويترز.
صراع ضد النفط الصخري
من جهته قال رئيس مجلس إدارة شركة أرامكو السعودية في مقابلة تلفزيونية إن السعودية لا تهدف للقضاء على النفط الصخري وإنما تريد سوقا متوازنة. وقال خالد الفالح لتلفزيون العربية في مقابلة جرت معه في منتجع دافوس السويسري الذي شهد الأسبوع الماضي المنتدي الاقتصادي العالمي "السعودية لا تهدف للقضاء على النفط الصخري بشكل عام. ما نحتاجه في السوق العالمي هو التوازن حيث يكون الإنتاج المضاف كل سنة متوازنا مع الطلب المضاف بحيث لا يكون هناك فائض." وأضاف "على المدى البعيد ستكون هناك حاجة إلى النفط الصخري. يجب أن تكون المساهمة من (منتجي) النفط الصخري ومن الدول الأخرى ومن الدول ذات التكلفة القليلة مثل السعودية متوازنة فيما بينها."
وتابع الفالح قائلا "سنحتاج إلى بعض الوقت لامتصاص المخزون قبل أن نرى ارتفاعا مريحا للدول والشركات المنتجة." وتوقع الفالح "تحسنا ملحوظا" في أسواق البترول في النصف الثاني من 2016 مع ارتفاع الطلب على النفط بين 1.2 مليون و1.5 مليون برميل يوميا بحسب رويترز.
الحاجة لأموال كبيرة لمواصلة الانتاج
في السياق نفسه قال مارك بابا الرئيس السابق لشركة النفط إي.او.جي ريسورسيز إن نمو إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة سيتوقف هذا الشهر وسيبدأ بالتراجع أوائل العام القادم نظرا لهبوط أسعار الخام. وأبلغ بابا -وهو حاليا شريك في شركة استثمارات الطاقة الأمريكية ريفرستون هولدنجز- مؤتمرا عن صناعة النفط في لندن أن صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة تحتاج سعرا للخام قدره 80 دولارا على الأقل للبرميل لاستئناف نمو الانتاج.
وقال بابا الذي كان شخصية بارزة ساهمت في تحفيز طفرة النفط الصخري في أمريكا "نحن على وشك أن نرى هبوطا حادا في نمو الإنتاج في الولايات المتحدة." ونما إنتاج النفط في الولايات المتحدة بنحو مليون برميل يوميا على أساس سنوي منذ منتصف 2012 بفضل استخدام تقنيات جديدة في الحفر أطلقت النفط والغاز من مكامن صخرية. لكن الإنتاج في أمريكا الشمالية بدأ يتباطأ في الأشهر القليلة الماضية مع الهبوط الحاد في الأسعار.
وقال بابا إن الهبوط المتوقع في الإنتاج الأمريكي يرجع بشكل رئيسي إلى ضعف التمويل المصرفي لمشروعات النفط الصخري الجديدة. وأضاف أنه إذا عاودت أسعار الخام الأمريكي الخفيف الصعود إلى 75 دولارا للبرميل فإن إنتاج النفط في الولايات المتحدة سيستأنف النمو بنحو 500 ألف برميل يوميا أو حوالي نصف معدلات النمو القياسي التي شهدها في الأعوام القليلة الماضية بحسب رويترز.
منتجو الغاز الصخري الأمريكيون يواجهون ضغوطا من السعودية
من ناحيته قال الرئيس التنفيذي لشركة النفط العملاقة رويال داتش شل في مقابلة مع فايننشال تايمز إن قرار منظمة أوبك بقيادة السعودية عدم خفض إنتاج النفط أحدث ضغوطا على منتجي الغاز الصخري في الولايات المتحدة وهو ما أدى بدوره لكبح جماح طفرة الطاقة الأمريكية.
وذكر بن فان بيوردن خلال مقابلة أن قرار أوبك في مواجهة الارتفاع الهائل للإنتاج الأمريكي والطلب الأقل من المتوقع على النفط بعث بإشارات قوية على أن الرياض "لن تتعهد بخفض السعر" عبر استغلال إمداداتها في إحداث التوازن بالسوق. ولم يصل رئيس شل إلى حد توقع هبوط حاد في الإنتاج الأمريكي وقال إن جهود الشركات لخفض التكلفة وتحسين الكفاءة تعني أن من المرجح استقرار الإنتاج عند المستويات الحالية لبعض الوقت. وكانت أوبك قررت خلال اجتماعها في الخامس من يونيو حزيران الإبقاء على سياستها دون تغيير وسط إشارات على أن هبوط أسعار النفط بنحو 50 بالمئة منذ يونيو حزيران 2014 يعزز الطلب ويهديء من وتيرة طفرة النفط الصخري في الولايات المتحدة بحسب رويترز.
خبير في بي.بي يتوقع صمود النفط الصخري
وفي هذا السياق قال كبير الخبراء الاقتصاديين بشركة بي.بي إن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة سيظهر قدرة على الصمود امام أسعار النفط المنخفضة التي من المرجح أن يطول أمدها في ظل احتمال عودة نصف مليون برميل يوميا من الخام الإيراني إلى السوق. وقد تسفر المحادثات الجارية في فيينا بين القوى العالمية لمحاولة إنهاء العقوبات المفروضة على طهران في مقابل قيود على أنشطتها النووية الحساسة عن زيادة كبيرة في صادرات النفط الإيرانية. لكن سبنسر ديل الاقتصادي في بي.بي أبلغ رويترز أن تأثر أسواق النفط بأي تخفيف للعقوبات في حالة الموافقة على اتفاق مع إيران سيستغرق وقتا على الأرجح.
وقال إنه "يستشعر" أن نتيجة المحادثات ستكون أقرب إلى المطالب الأمريكية بأن يكون تخفيف العقوبات بعد فترة مراقبة وليس التغيير السريع الذي تريده إيران. وتحظر العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على شركاتهما شراء النفط الإيراني. وقال ديل إن وجهة النظر المجمع عليها هي أن النصف تقريبا من أصل مليون برميل يوميا من الإمدادات الإيرانية التي خرجت من السوق منذ فرض العقوبات قد يرجع على مدى ثلاثة إلى أربعة أشهر.
وقال الخبير الاقتصادي السابق ببنك انجلترا المركزي "تستغرق السوق وقتا لكي تتعامل مع المعروض الإضافي لأوبك واحتمال (عودة إمدادات) إيران يطيل عملية التأقلم." وقال ديل إنه في ظل السعر الحالي لخام برنت الذي لا يزيد على 62 دولارا للبرميل تراجع عدد الحفارات الأمريكية العاملة حوالي 60 بالمئة عن الذروة المسجلة في أكتوبر تشرين الأول الماضي لكن هذا لا يعني أن النفط الصخري الأمريكي لن يحتفظ بدوره كنوع المعروض الأكثر مرونة. وقال "عند هذا المستوى لأسعار النفط لا نتوقع عودة عدد الحفارات إلى هذه المستويات لكن ينبغي ألا يستنتج أحد أن النفط الصخري الأمريكي قد قضي عليه. "ما نراه هو أن النفط المحكم الأمريكي سيظل في أغلب الأحيان شكل المعروض الأكثر حساسية للسعر. إنه نوع من المعروض بالغ المرونة."
وقال ديل إن السعر الذي ينخفض عنده إنتاج النفط غير التقليدي عالي التكلفة هو "هدف متحرك" نظرا لحجم التحوط والزيادات السريعة التي تحققت على صعيد الإنتاجية وخفض التكاليف. وأضاف أنه لا أسعار ما بعد الربيع العربي التي تجاوزت المئة دولار للبرميل ولا الأسعار الحالية البالغة حوالي 60 دولارا - والراجعة إلى قرارات الإنتاج التي أخذتها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) - يمكن اعتبارها "المستقر الطبيعي" لسوق النفط بحسب رويترز.
أوبك قد تقبل النفط الصخري
من جهتها أبدت منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) استعدادها لقبول النفط الصخري الاميركي بغية اعادة التوازن الى السوق في حين كانت استراتيجيتها تقوم حتى الان على ابعاد هذا المنافس الجديد. وصرح امين عام اوبك عبدالله البدري لصحافيين اثناء ندوة نظمها الكارتل النفطي في فيينا "ان النفط الصخري (الشيست) ظاهرة لن تزول، وعلينا ان نتعايش معها وايجاد توازن". وامين عام اوبك ليس الوحيد الذي يؤكد على وجوب التعامل من الان فصاعدا مع النفط الصخري الاميركي. وشدد وزير الطاقة في دولة الامارات المتحدة سهيل محمد المزروعي على القول "لا نعتقد، ولا نتصور او نحلم ان منتجي النفط الصخري سيختفون".
وقال المزروعي "نريد ان يبقوا، ان يشكلوا توازنا جيدا للسوق ونريد ان يتحمل كل طرف جزءا من مسؤولية اعادة توازنه". وغالبا ما اعتبر الانتاج الاميركي الذي ارتفع بفضل ازدهار النفط الصخري، الهدف الرئيسي للكارتل بعد قرار المنظمة الابقاء على سقف انتاجها على حاله اي 30 مليون برميل في اليوم في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وكانت اوبك قررت قبل ستة اشهر عدم تغيير حصص دولها الاعضاء للتخفيف من وطأة زيادة الانتاج خارج اوبك وخاصة انتاج الذهب الاسود غير التقليدي مثل النفط الصخري او النفط القاري.
وذلك القرار سرع وتيرة تراجع اسعار النفط الذي بدأ في صيف 2014 واثر في نهاية المطاف على انتاج النفط الصخري الاميركي الذي بدأ يتباطأ في الاشهر الاخيرة. لكن المحلل لدى سيتي اريك لي قال "ان اعتقد البعض ان اوبك كسبت الشوط الاول في وجه النفط الصخري، فان الفوز كان مراً مع هبوط نفط برنت الى 64 دولارا مقابل 115 دولارا عند ذروته في حزيران/يونيو الماضي". واضاف المحلل ان النفط الصخري يعد منافسا هائلا للكارتل ويمكن القول ان اوبك اضطرت لاعطائه مكانا كما اضطرت للقبول باسعار اكثر انخفاضا بغية الحفاظ على حصصها في السوق. ومع سعر 60 دولارا للنفط المرجعي الخام الاميركي بدأ النفط الصخري ان يصبح مربحا كما قال ابهيشك ديشباندي المحلل لدى ماتيكسيس، مضيفا "ان اوبك لا يمكنها التضييق على الانتاج الاميركي لفترة طويلة".
ولفت الكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي الى "ان لاوبك دورا كبيرا في ضبط السوق. لكننا نشهد تناميا لاهمية البلدان خارج اوبك والتي لا تصدر نفطها الخام" مثل الولايات المتحدة التي تصدر فقط منتجاتها النفطية. واضاف محذرا "ان كانت قرارات اوبك فيما مضى لزيادة حصصها او ابقائها على حالها او تخفيضها تؤثر مباشرة على التوازن بين العرض والطلب وعلى الاسعار، فيتوجب اليوم تقييم هذه القرارات مع الاخذ بالاعتبار انتاج البلدان التي لا تصدر الى الخارج".
وراى جون واتسون رئيس مجلس ادارة مجموعة شيفورن النفطية الاميركية العملاقة ان اسواق البترول دخلت عصرا جديدا. واضاف "الفرق اليوم ان اوبك اختارت ان تنتج وليس ان تدير السوق". وقال واتسون "ان النفط الصخري شكل ثورة مذهلة في الولايات المتحدة. اننا ننتج قرابة خمسة ملايين برميل في اليوم وهو امر لم يكن متوقعا. ونفط الشيست الاميركي سيصبح آلية اعادة توازن للسوق في الاعوام المقبلة".
وخلص ريتشارد مالينسون من "اينرجي اسبيكتس" الى القول "اعتقد ان اوبك او على الاقل السعودية، اقرت قبل بعض الوقت بان انخفاض العرض لا يمكن ان يأتي فقط من النفط الصخري". لان انتاج النفط الصخري سيكون اول من سيسجل قفزة عند ارتفاع الاسعار، وهو ليس الخام الاعلى كلفة انتاجية في السوق بحسب فرانس برس.
في سياق مقارب قال المحللون في جولدمان ساكس إن شركات النفط الصخري في الولايات المتحدة بدأت نقل منصات الحفر إلى مواقع أعلى إنتاجية بحوضي بيرميان وإيجل فورد. كانت بيانات شركة خدمات النفط بيكر هيوز أظهرت تباطؤ التراجع في عدد الحفارات النفطية العاملة بالولايات المتحدة الأسبوع الماضي مما ينبئ بأن انهيار أعمال الحفر ربما ينتهي في ظل تحسن الأسعار. وتأتي ملاحظة محللي جولدمان الواردة في تقرير أسبوعي بعد قول المحللين في الأسابيع العديدة الماضية إن بيانات الحفارات تظهر أدلة قليلة على قيام المنتجين بوقف عمل المنصات الأقل كفاءة أولا ونقلها إلى مناطق أعلى إنتاجية وهي الممارسة التي قد تساعد في الوصول إلى استقرار الإنتاج. وقال جولدمان ساكس إن عدد الحفارات الحالي ينبئ بأن نمو إنتاج النفط الأمريكي قد يبلغ 185 ألف برميل يوميا على أساس سنوي بحلول الربع الأخير من العام مع حدوث تراجع طفيف في الإنتاج بين الربعين الثاني والثالث بحسب رويترز.
مشاريع لاستخراج الغاز الصخري
من جهتها وقعت حكومة المستشارة الألمانية انجيلا ميركل مسودة قانون تحظر فعليا تقنية التكسير الهيدروليكي المثيرة للجدل للتنقيب عن الغاز الصخري. وتتضمن عملية التكسير الهيدروليكي ضخ كميات هائلة من السوائل والمواد الكيماوية في التكوينات الصخرية تحت ضغط عال لاحداث شقوق لتسهيل عمليات التنقيب عن النفط والغاز. وتشتد المعارضة لهذه التقنية في المناطق الكثيفة السكان بألمانيا بسبب مخاوف من تلويث مياه الشرب.
وقالت وزيرة البيئة الالمانية باربره هندريكس إن القانون الجديد سيفرض شروطا قاسية لتنفيذ هذه الانشطة بالبلاد. وقالت في مؤتمر صحفي "حماية الصحة ومياه الشرب من أهم الأولويات ولهذا السبب فاننا نريد ان نقيد التكسير الهيدروليكي بقدر الامكان". والقانون الجديد -الذي أحيل الى البرلمان لبحث الموافقة عليه- سيفرض حظرا كليا على التكسير الهيدروليكي للتنقيب عن الغاز الصخري خلال السنوات القليلة القادمة ولن يسمح الا باختبارات علمية للحفر تحت ظروف مشددة لتقييم المخاطر والآثار البيئية.
وتثير تقنية التكسير غضب المنظمات البيئية في ألمانيا ومختلف أنحاء العالم بسبب مخاوف من تسرب المواد الكيماوية المستخدمة في هذه العملية إلى طبقات المياه الجوفية وتلويثها لكن مجتمع الأعمال يرى أن تكسير الصخور لاستخراج الغاز وسيلة لتقليل اعتماد أوروبا الغربية على وارداتها من الغاز الروسي بحسب رويترز.
منازل صحية موفرة للطاقة حلم أوروبي
في هذا السياق تحمل الشوارع اسماء منها (اعتدال) و(صحي) وبها العديد من الاماكن المفتوحة الخضراء فالهدف من اقامة منطقة (الهواء العليل) السكنية في حي للطبقة العاملة في العاصمة البلجيكية بروكسل هو توفير "مدينة غناء" يعيش فيها السكان حياة صحية. ويسعى مخططو المدن في القرن الحادي والعشرين لجعلها نموذجا مثاليا من النوع المتطور الذي يريده واضعو السياسة في الاتحاد الاوروبي الذين يحلمون في مكاتبهم الأنيقة المنتشرة في بروكسل بتنفيذه في شتى انحاء دول الاتحاد.
ويبدأ العمل في منطقة الهواء العليل في سبتمبر ايلول لتحويل منزل رطب كئيب ومظلم الى منزل نموذجي ساطع الضوء يتمتع بقدر جيد من التهوية ولا يستهلك الكثير من الطاقة. انه نموذج لما يصل إلى 86 بيتا في منطقة الهواء العليل ومنطقة اخرى اسمها (العجلة) في حي اندرلخت في بروكسل بميزانية قدرها 17.4 مليون يورو (19.7 مليون دولار).
في ذات الوقت بدأ واضعو السياسات في المفوضية الاوروبية مراجعة قوانين البناء في الاتحاد الاوروبي. والهدف هو دراسة سبل تنفيذ خطة تصبح معها كل المباني الجديدة غير مستهلكة للطاقة تقريبا بحلول عام 2020 وتعديل المباني القائمة من خلال عمليات تجديد جذرية وهو ما يعني معالجة 80 في المئة أو أكثر من المبنى وخفض استهلاكه للطاقة بنفس النسبة. ويستورد الاتحاد الاوروبي والذي يضم 28 دولة وقودا احفوريا يزيد سعره في اليوم الواحد على مليار يورو تذهب معظمها الى المباني سواء للتدفئة او التبريد.
وتقول المفوضية الاوروبية ان المباني تستهلك 40 في المئة من موارد الطاقة في الاتحاد وفرص التوفير كبيرة لان ثلاثة ارباع هذه المباني لا تعمل بكفاءة. وتضيف ان المباني الذكية ستخلق ملايين الوظائف وتذكي النمو وتقلص الفواتير الصحية: فالمواد العازلة تعالج الرطوبة التي تسبب نوبات الربو كما ان تقليص استهلاك الطاقة يقلل الانبعاثات الغازية ويحسن جودة الهواء. وتقول الصناعة ان هذا هو الرد الاوروبي على ثورة الغاز الصخري الامريكية التي قلصت بدرجة كبيرة نفقات الطاقة في الولايات المتحدة.
ويقول المنفذون ان تكلفة الوقود في النموذج السكني بمنطقة الهواء العليل ستتقلص من 6000 يورو تقريبا في العام الى نحو 580 يورو. ويقول باري لينهام مدير الاستراتيجيات في شركة (كناوف انسوليشن) الالمانية "هذا القطاع مستعد وينتظر لكي يجعل نجم الغاز الصخري يتوارى الى جواره كأكبر مصدر لتوفير الطاقة بحسب رويترز.
مشاريع لخفض الكربون في بريطانيا
من جهتها قالت مهمة عمل تمولها صناعة الغاز الصخري إنه على بريطانيا ان تستخدم عائدات هذه الصناعة للمساعدة في تمويل وتطوير مشروعات تعمل على امتصاص انبعاثات ثاني اكسيد الكربون وتخزينها تحت الأرض. ويقدر أن بريطانيا تملك كميات كبيرة من الغاز الصخري موجودة في الصخور الجوفية ووعد رئيس الوزراء ديفيد كاميرون "بتأييد كامل للغاز الصخري" على أمل أن يقلل اعتماد البلاد على استيراد الطاقة ويحقق عائدات ضرائب اضافية.
وجاء في تقرير قوة العمل الخاص بالغاز الصخري انه اذا قررت بريطانيا المضي قدما في تطوير هذه الصناعة سيكون عليها ان تطور أولا صناعة امتصاص الكربون وتخزينه لضمان التزامها بأهداف خفض الانبعاثات الغازية. وأضاف "اذا بدأت صناعة الغاز الصخري تتطور على نطاق كبير ستصبح صناعة احتجاز الكربون وتخزينه (سي.سي.إس) ضرورية." ولم تحقق تكنولوجيات احتجاز وتخزين ثاني اكسيد الكربون الآمال التي توقعت لها تطبيقا على نطاق واسع لابطاء تغير المناخ. وقال كريس سميث رئيس قوة العمل إن استخراج الغاز الصخري سيستغرق أربع أو خمس سنوات وان تكنولوجيات احتجاز وتخزين الكربون يجب ان تحقق تقدما بحلول ذلك الوقت. وتعهدت الحكومة البريطانية بتخصيص مليار جنيه استرليني من أجل مشروعين لتكنولوجيا احتجاز وتخزين الكربون أحدهما في محطة للغاز والاخر في مصنع للفحم بحسب رويترز.