حرب الطاقة: كيف ستتغير الخرائط الجيواستراتيجيّة العالمية؟
ندى علي
2018-04-18 06:53
باتت حرب الطاقة العالمية حول الغاز الطبيعي، تمثل خطاً مؤثراً في خريطة الصراع السياسي دوليا وإقليمياً، نظرا لأهمية الطاقة الغازية باعتبارها صديقة للبيئة قياساً بالنفط، وهي الأوفر من حيث الاحتياطي، خاصة أن البترول قد استنفدته عقود طويلة من الاستهلاك، وهو على وشك النفاد في ظل عقود خمسة أو سبعة على أقصى تقدير، ومن يراجع خريطة الاحتياطي الغازي في العالم يمكنه أن يفهم طبيعة الصراع الدائر منذ سنوات في أماكن متفرقة، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، التي تمثل بؤرة الصراع الأكثر سخونة.
حيث يتوقع اغلب المحللين ان تكون للغاز الطبيعي أبعاد جيوسياسية خطيرة، فالمشكلة هي في الاقتصاد أيضاً وتقبع في قوانين العرض والطلب. فموارد الغاز في العالم محدودة ولا يمكن تجديدها حتى لو جرى ترشيد استهلاكها ببطء. فموارد الغاز مهددة بالنفاد نتيجة ارتفاع الطلب عليها. وهذا الطلب يحتم ندرتها واستنفادها يوماً ما. وهذا العامل الاقتصادي –الندرة – يوصلنا الى حروب الغاز حيث يفوق الطلب العالمي على الغاز الكميات المعروضة منه. وهذا الطلب جعل حرب الغاز ركناً رئيسياً في التخطيط الاستراتيجي العسكري والاقتصادي والسياسي في العالم، ويقدم أنموذجاً لمعارك المستقبل.
فيما يرى اخرون، إن ميزان القوى قد بدأ يتحول من الغرب الى الشرق ومن المحيط الأطلسي الى المحيط الهادئ، ما نبّه العالم الى أهمية طريق البحر المتوسط فهو أسرع كثيراً من المرور عبر قناة بنما في آخر الأرض أو الدوران عبر رأس الرجاء الصالح المحاذي لجنوب إفريقيا، وأي تهديد لطرق المتوسط سيرفع تكاليف الشحن.
حيث إن إمدادات الغاز العالمية تتجاوز الطلب حاليا في وضع قد يفضي إلى ”أزمة“ تراجع في الأسعار على غرار ما حدث بسوق النفط الخام، فقد هوت أسعار الغاز أكثر من 80 بالمئة في العشر سنوات الأخيرة ومازالت تحت ضغط من جراء تنامي إمدادات الغاز الصخري وتزايد الغاز الطبيعي المسال الذي يمكن شحنه بحرا، وزادت الولايات المتحدة إنتاجها من النفط الخام والغاز الطبيعي زيادة كبيرة في السنوات الأخيرة مع تحسن تقنيات الحفر الذي أتاح استغلال احتياطيات لم تكن في المتناول من قبل.
على صعيد ذي صلة، لا تقتصر حروب الغاز على الدول المصدرة لها بل على الدول التي تعبرها خطوط نقله فتحولت الى شرايين حياة لدول وكيانات ووسائل ضغط ومساومة لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية بحيث أصبحت هذه الخطوط أهدافاً رئيسية لقوى إقليمية وعالمية، ومن امثلة هذه الحروب والصراعات الغازية الحالية الصراع التركي القبرصي، حيث قالت قناة دويتشه فيله الألمانية عبر موقعها الإلكتروني إن تركيا أرسلت تحذير شديد اللهجة إلى قبرص حول عمليات التنقيب على الغاز بالبحر المتوسط.
وأشار تقرير القناة الألمانية إلى تركيا لا ترغب في أن يتم استئناف عمليات التنقيب على الغاز بالبحر المتوسط قبل أن تصل إلى اتفاق يقضي بمنح قبرص التركية حصة مشتركة من أرباح التنقيب مع قبرص اليونانية.
يذكر أن جزيرة قبرص تم تقسيمها عام 1974 عندما غزت تركيا الجزيرة في أعقاب الانقلاب الذي قام به قوميون يدعمون الاتحاد مع اليونان، ومنذ هذا العام احتفظت أنقرة بـ30 ألف جندي دائم في الجزيرة، وفشلت العديد من مفاوضات توحيد شطري جزيرة قبرص بسبب التعنت التركي والتي كان آخرها العام الماضي.
وقبرص العضو في الاتحاد الاوروبي مقسمة منذ اجتياح تركيا للشطر الشمالي من الجزيرة عام 1974، وهي تبسط سلطتها على ثلثي الجزيرة جنوبا، وتحتل تركيا الجزء الشمالي منها، وكان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان حذر الشركات النفطية العالمية بان "لا تتخطى الحدود" في شرق المتوسط معتبرا انه يدافع بذلك عن الحقوق القبرصية التركية في الموارد الطبيعية للجزيرة، وهذه الأزمة الاخيرة حول موارد الطاقة ادت الى تعقيد جهود بدء جولة مباحثات جديدة بهدف اعادة توحيد الجزيرة بعد انهيارها العام الفائت، وتدافع أنقرة بصرامة عن مطالبة القبارصة الأتراك بحصة من موارد الطاقة رغم تطمينات القبارصة اليونانيين بأن الطرفين سيستفيدان، وتقول قبرص إن الموارد الطبيعية غير المكتشفة في الجزيرة تعود إلى الدولة وإن الثروة سيتم تقاسمها مع الجانب القبرصي التركي حين تتم اعادة توحيد الجزيرة، في المقابل هددت خمس بوارج حربية تركية بمواجهة سفينة حفر ايطالية الجمعة حاولت كسر الحظر المفروض عليها والتقدم للتنقيب عن الغاز قبالة سواحل قبرص، بحسب ما أفاد مسؤولون قبارصة.
مثال اخر على استشراف حروب الغاز، ما تسعى اليه إسرائيل، حيث قال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز لرويترز إن إسرائيل تتوقع أن يتم بحلول أوائل 2019 اتخاذ قرار بالمضي قدما في بناء خط أنابيب بطول 2000 كيلومتر يربط موارد الغاز الضخمة في شرق البحر المتوسط بأوروبا.
ويشكل خط الأنابيب، الذي سيمتد من إسرائيل وقبرص إلى اليونان وإيطاليا في المياه العميقة، علامة بارزة على سرعة تطور صناعة الغاز في حوض ليفانتاين بشرق البحر المتوسط، وهو ما يتيح الدخول إلى سوق ضخمة.
من جهتها، أعلنت شركة غازبروم الروسية العملاقة انها تنوي اللجوء إلى محكمة تحكيم دولية من اجل فسخ عقدها مع أوكرانيا، بعدما رفضت المجموعة هذا الأسبوع استئناف إمدادات الغاز لهذا البلد في وسط موجة برد شديد.
فيما وقعت تيمور الشرقية واستراليا معاهدة في الأمم المتحدة تعين حدودهما البحرية للمرة الأولى وتشمل اتفاقا بشأن تقاسم إيرادات، الى ذلك قالت رويال داتش شل، أكبر شركة في العالم لتجارة الغاز الطبيعي المسال، إن هناك حاجة إلى استثمارات تزيد عن 200 مليار دولار في الغاز الطبيعي المسال لتلبية طفرة في الطلب بحلول 2030.
الولايات المتحدة تدعم قبرص
أكد دبلوماسي أميركي رفيع المستوى الجمعة أن واشنطن تدعم تنقيب قبرص عن الغاز والنفط في البحر المتوسط اثر خلاف مع تركيا، وقال ويس ميتشل مساعد وزير الخارجية الاميركية للشؤون الاوروبية والاوراسية إن "الولايات المتحدة تدعم جمهورية قبرص في حقها تطوير الموارد الطبيعية في المنطقة الاقتصادية الخالصة".
وأدلى ميتشل بهذه التصريحات اثر لقائه بالرئيس القبرصي نيكوس اناستاسيادس خلال مهمة تقصي حقائق في الجزيرة المتوسطية، وتابع "نحن داعمون جدا لجمهورية قبرص ونقدر علاقة الصداقة الممتدة معها"، قبل ان يجري مباحثات منفصلة مع الزعيم القبرصي الشمالي مصطفى أكينجي.
وتأتي زيارة ميتشل بعد توتر شديد في شرق المتوسط بعد أن منعت بوارج حربية تركية حفارا تابعاً لمجموعة "ايني" الايطالية من التنقيب عن الغاز في المياه القبرصية في نهاية شباط/فبراير الفائت. غادرت بعدها السفينة الإيطالية المياه القبرصية.
وتواكب زيارة الوفد الدبلوماسي الأميركي وصول سفينتي استطلاع من عملاق النفط الاميركي "اكسون موبيل" الى سواحل قبرص لاجراء مسح مبدئي قبل بدء تنقيب في وقت لاحق من العام الجاري. بحسب فرانس برس.
وقال ميتشل إن واشنطن تود رؤية استئناف المفاوضات التي انهارت بين الطرفين في تموز/يوليو الفائت، وبينما تحظى جمهورية قبرص اليونانية باعتراف دولي، فان "جمهورية شمال قبرص التركية" لا تعترف بها سوى انقرة.
الاتحاد الأوروبي يصفع تركيا
عبر زعماء الاتحاد الأوروبي عن تضامنهم مع قبرص واليونان يوم الجمعة بعدما اتهمت نيقوسيا تركيا بالتهديد باستخدام القوة ضد سفينة حفر استأجرتها شركة إيني، وقال دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي للصحفيين إن الاتحاد يدعو تركيا لوقف الأنشطة التي أدت إلى الحوادث التي وقعت في الآونة الأخيرة.
كان توسك يتحدث بعدما ألقى رئيس قبرص نيكوس أناستاسياديس كلمة أمام باقي زعماء الاتحاد في بروكسل حول المواجهة التي وقعت مؤخرا بسبب حقوق موارد الطاقة في شرق البحر المتوسطن وأكد توسك أن اليونان وقبرص لهما ”الحق السيادي“ في التنقيب عن الموارد في شرق البحر المتوسط.
على صعيد ذي صلة، اعلن مسؤول في شركة النفط الايطالية العملاقة ايني ان الشركة تدرس توسيع عملها في التنقيب عن الغاز امام السواحل القبرصية، وذلك بعد مواجهة مع تركيا في مياه الجزيرة المتوسطية ذات الحساسية السياسية.
وقال لوكا بيرتيللي رئيس وحدة الاستكشاف في ايني خلال مؤتمر صحافي في قبرص ان الشركة تقوم بتقييم مزيد من عمليات التنقيب المحتملة في منطقتين بحريتين، والاستفادة من اكتشاف واعد تم اعلانه الشهر الماضي.
وكانت سفن حربية تركية قد منعت سفينة تابعة لشركة ايني في شباط/فبراير الماضي من القيام باعمال تنقيب قبالة شواطىء قبرص، ما اجبرها على الانسحاب من المنطقة.
وتركيا في نزاع مع الجزء اليوناني من قبرص بسبب ادعاءات الطرفين بالحق في موارد الطاقة امام سواحل الجزيرة المنقسمة.
ولم يأت بارتيللي خلال مؤتمره على ذكر المواجهة مع تركيا التي استمرت لأسبوعين واجبرت منصة التنقيب التابعة للشركة الايطالية على التخلي عن خطط لاستكشاف في البلوك 3 محل النزاع، وقال ان ايني تنظر في مزيد من عمليات الاستكشاف في البلوكين 6 و11 بعد اعلان اكتشاف حقل كاليبسو في شباط/فبراير، وقال بارتيللي ان هذا الحقل يحتوي على "الميثاين الصافي الى حد كبير"، وتقدّر ايني ان البئر يحتوي من 6 الى 8 تريليون قدم مكعب من الغاز، واشار الى ان شرق المتوسط يحمل احتمال ان يتحول الى مركز للغاز لاوروبا، وقال "اعتقد ان علينا التقدم خطوة خطوة، وان نكون براغماتيين وواقعيين"، واضاف "المنطقة معقدة جغرافيا، وعلينا ان نجد حلولا بسيطة وبراغماتية للاستفادة من هذه الموارد"، وقال وزير الطاقة القبرصي جورج لاكوتريبيس الأربعاء انه بالرغم من الحادثة فان الحكومة القبرصية بقيت ملتزمة باستغلال الاحتياطات الهيدروكربونية للبلاد.
وحذر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الشركات العالمية من التنقيب عن الغاز في المياه القبرصية، وقال في خطاب عبر التلفزيون "لا تظنوا اننا غير منتبهين للمحاولات الانتهازية للتنقيب عن الغاز الطبيعي قبالة قبرص"، وردت ايني انها تفضل الانتظار حتى تحل الدول المعنية خلافاتها.
تركيا تهدد باستخدام "القوة"
هددت خمس بوارج حربية تركية بمواجهة سفينة حفر ايطالية الجمعة حاولت كسر الحظر المفروض عليها والتقدم للتنقيب عن الغاز قبالة سواحل قبرص، بحسب ما أفاد مسؤولون قبارصة.
وقال نائب المتحدث باسم الحكومة القبرصية فيكتوراس بابادوبولوس إن سفينة الحفر التابعة لشركة "ايني" الايطالية للطاقة حاولت التقدم للتنقيب عن الغاز في منطقة "بلوك 3" قبالة الساحل الجنوبي للجزيرة المتوسطية، رغم الحصار الذي تفرضه السفن الحربية التركية على هذه المنطقة منذ التاسع من شباط/فبراير.
واضاف بابادوبولوس لوكالة الأنباء القبرصية إنه اثناء توجه سفينة شركة "ايني" للحفر نحو "بلوك 3" "اعترضتها خمس بوارج حربية تركية فاضطرت إلى التراجع بعدما هددت (البوارج) باستخدام القوة ومواجهتها رغم الشجاعة التي أظهرها قبطانها".
لكن رئيس مجموعة "ايني" كلاوديو ديسكالزي قلل من أهمية الخلاف المستمر منذ أسبوعين، حيث قال للصحافيين في ايطاليا إن شركته لن تتخلى عن عمليات التنقيب التي تجريها قبالة قبرص، لكنها ستنتظر التوصل إلى حل دبلوماسي لبدء عملياتها، وقال "اعتدنا على احتمال اندلاع نزاعات. لم نترك ليبيا او اي دولة أخرى حيث كانت هناك اوضاع معقدة. هذا الأمر آخر ما يقلقني. نحن مطمئنون تماما".
وأكد ديسكالزي "هناك احتمال كبير بأن نضطر في الأيام القليلة المقبلة إلى نقل" السفينة لدولة أخرى كما كان مخططا في البداية، وأضاف "لاحقا، سنعود الى قبرص في انتظار ان تتوصل الدبلوماسية الدولية الى حل".
لكن وزير الطاقة القبرصي جورج لاكوتريبيس قال إن الجهود الدبلوماسية التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص فشلت حتى الآن في انهاء الخلاف، وقال لتلفزيون "سيغما" الخاص "تركنا فسحة للدبلوماسية. نأمل بأن يتم ايجاد حل (...) قمنا اليوم بمحاولة أخيرة (...) لكنها لم تكن مجدية بسبب موقف تركيا".
ويوم الأربعاء، قال الرئيس القبرصي نيكوس انستسيادس إن قبرص ستواصل عمليات التنقيب بغض النظر عن التهديدات التركية، لكن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان حذر شركات الطاقة الأجنبية من التنقيب عن الغاز في المياه القبرصية.
وتدافع أنقرة بصرامة عن مطالبة القبارصة الأتراك بحصة من موارد الطاقة رغم تطمينات القبارصة اليونانيين بأن الطرفين سيستفيدان، وهناك قلق من أن يؤدي النزاع على موارد الطاقة إلى تعقيد جهود إعادة توحيد الجزيرة المتعثرة أصلا منذ انهيار المحادثات التي رعتها الأمم المتحدة العام الماضي.
وقبرص العضو في الاتحاد الاوروبي مقسمة منذ اجتياح تركيا للشطر الشمالي من الجزيرة عام 1974. وتفصل بين القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك "منطقة عازلة" تحت اشراف الأمم المتحدة، وبينما تحظى جمهورية قبرص اليونانية باعتراف دولي، فان أنقرة هي الوحيدة التي تعترف بـ"جمهورية شمال قبرص التركية".
إسرائيل تهمين في 2019
قال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز لرويترز إن إسرائيل تتوقع أن يتم بحلول أوائل 2019 اتخاذ قرار بالمضي قدما في بناء خط أنابيب بطول 2000 كيلومتر يربط موارد الغاز الضخمة في شرق البحر المتوسط بأوروبا.
ويشكل خط الأنابيب، الذي سيمتد من إسرائيل وقبرص إلى اليونان وإيطاليا في المياه العميقة، علامة بارزة على سرعة تطور صناعة الغاز في حوض ليفانتاين بشرق البحر المتوسط، وهو ما يتيح الدخول إلى سوق ضخمة.
وقال شتاينتز لرويترز على هامش مؤتمر سيرا ويك للطاقة في هيوستون إن الاتحاد الأوروبي يعتبر خط الأنابيب، الذي تقدر تكلفته بنحو سبعة مليارات دولار، ”تنافسيا للغاية“، وأضاف قائلا ”سنتوصل هذا الصيف إلى اتفاق تفصيلي بين الدول الأربع التي ستبني خط أنابيب شرق المتوسط.. ونأمل بأن نرى قرارا استثماريا نهائيا في بداية 2019“.
وأضاف أن الخط، المعروف باسم إيست ميد، سيكون قادرا على نقل ما بين تسعة مليارات إلى 12 مليار متر مكعب من الغاز سنويا. ويملك المشروع آي.جي.آي بوسيدون، وهي مشروع مشترك بين ديبا اليونانية للغاز الطبيعي ومجموعة الطاقة الإيطالية إديسون، وتم اكتشاف أكثر من 900 مليار متر مكعب من الغاز في حقول بحرية قبالة إسرائيل بينما يحوي حقل الغاز القبرصي أفروديت 128 مليار متر مكعب إضافية. ومن المتوقع أن المنطقتين كلتيهما فيهما المزيد من الاحتياطيات. بحسب رويترز.
وقال شتاينتز إن إسرائيل، التي ارتفع استهلاك الغاز فيها بشكل حاد على مدار العقد الماضي، سيكون لديها ما بين 400 مليار إلى 500 مليار متر مكعب متاحة للتصدير، وتدرس إسرائيل أيضا بناء خط أنابيب إلى تركيا، حيث يشهد الطلب على الغاز نموا سريعا، رغم أن المشروع يبدو أنه تعثر في السنوات الماضية وسط توترات سياسية بين البلدين، وقال الوزير الإسرائيلي ”يمكننا التصدير إلى مصر والأردن وتركيا ويظل لدينا غاز إضافي كاف لخط الأنابيب“.
ما مصير حقل غزة مارين بعد خروج شل؟
قال صندوق الاستثمار الفلسطيني في بيان إن تحالفا جديدا يضم الصندوق سيحل محل شركة شل في حقل الغاز الطبيعي غزة مارين، والذي سيتم فيه تخصيص 45 بالمئة لشركة عالمية مطورة.
وأضاف البيان أن التحالف الجديد ”يتكون من صندوق الاستثمار الفلسطيني وشركة سي.سي.سي (اتحاد المقاولين) بنسبة 27.5 بالمئة لكل منهما... وتخصيص 45 بالمئة لشركة عالمية مطورة يتم المصادقة عليها من قبل مجلس الوزراء الفلسطيني“.
كانت شل تملك حصة نسبتها 55 بالمئة في الحقل، الذي يقع على مسافة نحو 30 كيلومترا قبالة ساحل غزة ويحوي ما يقدر بأكثر من تريليون قدم مكعبة من الغاز، بينما كان صندوق الاستثمار الفلسطيني يحوز 17.5 بالمئة قبل الترتيبات الجديدة.
وذكر الصندوق، الذراع الاستثمارية للسلطة الفلسطينية، في بيانه يوم الأربعاء أنه تم ”التوصل إلى اتفاق مع شركة شل حول خروجها من رخصة تطوير حقل الغاز الطبيعي“ ضمن التريبات الجديدة، وأضاف أن المشروع ”سيعمل على تلبية احتياجات السوق الفلسطينية من الغاز الطبيعي، بما يشمل تزويد محطات توليد الكهرباء في غزة وجنين بالغاز الطبيعي، وقد يجعل من فلسطين بلدا مصدرا للطاقة للدول العربية المجاورة“.
وينظر إلى حقل الغاز منذ فترة طويلة على أنه فرصة ذهبية أمام السلطة الفلسطينية التي تعاني شحا في السيولة المالية للانضمام إلى المستفيدين من طفرة الغاز في البحر المتوسط، وهو ما يوفر لها مصدرا رئيسيا للدخل لتقليص اعتمادها على المساعدات الأجنبية.
"غازبروم" الروسية تعتزم انهاء عقدها مع اوكرانيا
أعلنت شركة غازبروم الروسية العملاقة انها تنوي اللجوء إلى محكمة تحكيم دولية من اجل فسخ عقدها مع أوكرانيا، بعدما رفضت المجموعة هذا الأسبوع استئناف إمدادات الغاز لهذا البلد في وسط موجة برد شديد.
وقال المدير العام لمجموعة الغاز ألكسي ميلر وفق ما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية إن "غازبروم ملزمة أن تباشر على الفور أمام محكمة التحكيم في ستوكهولم اجراءات فسخ عقودها مع نفتوغاز (الأوكرانية) التي تنظم تسليم ونقل الغاز" معها.
وينظم العقد الموقع عام 2009 ولفترة تمتد حتى 2019، إمدادات الغاز الروسي لأوكرانيا ومرور إمدادات الغاز الروسي إلى الدول الأوروبية عبر الأراضي الأوكرانية، ومنذ وصول سلطات مؤيدة لأوروبا في كييف في مطلع 2014، كان العقد موضع آلية قضائية طويلة أمام محكمة ستوكهولم انتهت بمراجعة شروطه وإلزام غازبروم دفع مبلغ 2,5 مليار دولار لمجموعة نفتوغاز الأوكرانية، وقال ألكسي ميلر معلقا على الحكم "برر الحكام قرارهم بالتدهور الشديد للاقتصاد الأوكراني. إننا نعارض تسوية مشكلات أوكرانيا الاقتصادية على حسابنا"، وتابع "إن تمديد العقود ليس بالتالي أمرا مناسبا ولا مفيدا ماليا لغازبروم".
من جهتها، أفادت مجموعة نفتوغاز أنها لم تتسلم "أي وثيقة من غازبروم"، رافضة الإدلاء بأي تعليق آخر، وبعد بضع ساعات على صدور قرار محكمة التحكيم في ستوكهولم، ألغت غازبروم استئناف إمدادات الغاز لأوكرانيا التي كانت مقررة في الأول من آذار/مارس بعد توقف استمر أكثر من سنتين عملا بقرار مؤقت للهيئة ذاتها، وأعادت إلى نفتوغاز الدفعة المسبقة التي تقاضتها منها، وقررت أوكرانيا التي تواجه على غرار قسم من أوروبا موجة برد جليدي، إغلاق مدارسها وطلبت من الشركات إبطاء عملها لتفادي انقطاع موارد الطاقة.
ويمر قسم من إمدادات الغاز الروسي لأوروبا عبر الأراضي الأوكرانية وأدت بعض الخلافات حول الغاز في الماضي إلى بلبلة الإمدادات بالنسبة للعديد من دول الاتحاد الأوروبي، غير أن بروكسل أكدت أن وارداتها تصل بصورة طبيعية كما هي الحال منذ أن توقفت أوكرانيا عن استيراد الغاز من غازبروم في نهاية 2015.
معاهدة استراليا وتيمور الشرقية
وقعت تيمور الشرقية واستراليا معاهدة في الأمم المتحدة تعين حدودهما البحرية للمرة الأولى وتشمل اتفاقا بشأن تقاسم إيرادات محتملة تقدر بنحو 65 مليار دولار من حقول غاز ”الشروق الأعظم“ في بحر تيمور.
وتطوير تلك الحقول بالغ الأهمية لتيمور الشرقية التي تعاني من الفقر والبالغ عدد سكانها 1.3 مليون نسمة فقط إذ إن حقل بايو أوندان للغاز، المصدر الرئيسي لإيرادات البلاد منذ 2014، على وشك النضوب بحلول 2022.
وتوقيع المعاهدة في نيويورك هو أول تسوية بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وهي عملية قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إنها قد توفر لدول أخرى سبيلا إلى حل الخلافات ذات الصلة بالحدود البحرية المتنازع عليها. بحسب رويترز.
وبأسعار السوق الحالية، تعادل احتياطيات الشروق الأعظم أكثر من 23 مثل الناتج المحلي الإجمالي السنوي لتيمور الشرقية البالغ 2.8 مليار دولار، وظل تطوير تلك الاحتياطيات رهين النزاع الحدودي البحري بين استراليا وتيمور الشرقية، وهي مستعمرة برتغالية سابقة حصلت على الاستقلال عن إندونيسيا في 2002.
وقالت وزيرة الخارجية الاسترالية جولي بيشوب التي وقعت المعاهدة في نيويورك يوم الثلاثاء مع هيرمينيجيلدو أوجاستو كابرال بيريرا الوزير المعني بترسيم الحدود بمكتب رئيس وزراء تيمور الشرقية ”المعاهدة خطوة مهمة تفتح الطريق أمام تطوير مورد ثري ومشترك هو حقول الشروق الأعظم للغاز. نعرف أن هذا المورد مهم للتنمية في تيمور الشرقية“.
بيد أن شركة مشروع الشروق الأعظم المشترك الذي تقوده وودسايد بتروليوم الاسترالية، والتي كانت طرفا مهما في المفاوضات التي استمرت طويلا، قالت إنها أصيبت بخيبة أمل لأن المعاهدة لم تتضمن خطة شاملة لتطوير احتياطيات الغاز.
وقالت شركة المشروع في بيان ”إنه لأمر مخيب للآمال أن هذه العملية لم تفرز اصطفافا حول مفهوم للتطوير“، ولم يحدد شركاء الشروق ما الذي يرون أنه ينقص الاتفاق لكن من المرجح أن تكون حكومة تيمور الشرقية قد أصرت على إنتاج الغاز داخل البلاد لبيعه في الخارج بينما يفضل المشروع المشترك ضخ الغاز عبر أنابيب إلى استراليا، وبموجب شروط الاتفاق، ستحصل تيمور الشرقية على 70 بالمئة من الإيرادات إذا تمت عملية الإنتاج في البلاد بينما ستحصل على 80 بالمئة إذا جرى ضخ الغاز إلى استراليا، وبالمقارنة كان توزيع الإيرادات مناصفة في اتفاق أبرمته تيمور الشرقية مع كانبيرا في 2006، ومن المتوقع أن تظل أسواق الغاز الطبيعي المسال الآسيوية، التي ستخدمها حقول الشروق الأعظم، متخمة حتى أوائل العشرينيات في ظل زيادة الإنتاج في استراليا وأمريكا الشمالية وبابوا غينيا الجديدة وقطر أيضا، ومن المرجح أن شركاء الشروق سيتمهلون قبل رصد مليارات الدولارات لإقامة مثل ذلك المشروع الضخم.
سوق الغاز الطبيعي المسال تحتاج 200 مليار دولار استثمارات لتلبية الطلب
قالت رويال داتش شل، أكبر شركة في العالم لتجارة الغاز الطبيعي المسال، إن هناك حاجة إلى استثمارات تزيد عن 200 مليار دولار في الغاز الطبيعي المسال لتلبية طفرة في الطلب بحلول 2030.
ومن المنتظر أن تواصل سوق الغاز الطبيعي المسال نموها السريع حتى 2020 مع بدء تشغيل المنشآت التي حصلت على موافقات على البناء في النصف الأول من العقد، في تطور من المتوقع أن يلبي بسهولة نموا حادا في استهلاك الغاز الطبيعي المسال.
لكن شل تقول في توقعاتها للغاز الطبيعي المسال للعام 2018 إن انخفاضا في الإنفاق في القطاع منذ 2014 نتيجة لضعف أسعار الطاقة سيخلق فجوة في المعروض اعتبارا من منتصف العقد القادم ما لم تظهر استثمارات جديدة.
ومحطات الغاز الطبيعي المسال معقدة ومكلفة، وتتطلب وحدات معالجة كبيرة تقوم بخفض درجة حرارة الغاز الطبيعي إلى -160 درجة مئوية. ثم يُشحن الغاز المسال إلى مراكز الطلب حيث يجري تحويله مجددا إلى غاز. بحسب رويترز.
وقال مارتن ويتسلر رئيس الغاز المتكامل والطاقات الجديدة لدى شل إنه بينما من المتوقع أن ينمو الطلب على الغاز الطبيعي المسال من 293 مليون طن سنويا في 2017 إلى نحو 500 مليون طن سنويا بحلول 2030، فإن من المتوقع أن تنخفض الإمدادات إلى 300 مليون طن سنويا بسبب نقص في المشروعات الجديدة وانخفاضات طبيعية في الإنتاج القائم، وقال ويتسلر إن تكلفة تطوير الطاقة المطلوبة تبلغ نحو مليار دولار لكل مليون طن سنويا. وأبلغ الصحفيين أن ذلك لا يشمل الاستثمارات في تطوير حقول الغاز المرتبطة بمحطات للغاز الطبيعي المسال، وقال ”الصناعة ما زالت تواجه تحديا كبيرا لبناء إمدادات من أجل تلبية الطلب في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين“.
وفي تقريرها السنوي، توقعت شل أن ينمو الطلب العالمي على الغاز بنسبة 2 بالمئة سنويا في المتوسط حتى 2035. ومن شأن ذلك أن يجعل الغاز أسرع موارد الطاقة نموا خلال تلك الفترة، وقالت شل إن من المنتظر أن ينمو الطلب على الغاز الطبيعي المسال بنسبة 4 بالمئة بينما تتحول محطات الكهرباء في الصين وكوريا الجنوبية والهند إلى العمل بالغاز بدلا من الفحم، ومع تحرك الحكومات صوب خفض انبعاثات الكربون.