العرب.. في صدارة الغش التعليمي
عبد الامير رويح
2016-06-14 01:00
تعد ظاهرة الغش في الامتحانات من اخطر الظواهر، التي تعاني منها الكثير من دول العالم ومنها الدول العربية والاسلامية، التي اصبحت تعاني انتشار هذه الظاهرة الخطيرة بشكل كبير، بسبب تفشي الفساد في المؤسسات التعليمية وضعف الرقابة والقوانين واتساع رقعة الخلافات والمشكلات السياسية وغيرها من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية.
وبتقدم الثورة المعلوماتية وتطور وسائل الاتصال الحديثة وكما تنقل بعض المصادر فقد اختفت طرق الغش السابقة، إذ صار الطلبة يستخدمون طرق وتقنيات جديدة يصعب اكتشافها، كالهواتف الذكية، وسماعات "البْلُوتُوث" صغيرة الحجم وأجهزة إرسال دقيقة توضع خلف الآذان وتحت الملابس، وبعض الساعات الإلكترونية المزودة بشاشات وغيرها من الوسائل الاخرى. ولمواجهة استفحال هذه الظاهرة، طوَّرت بلدانُ نظاما لكشف حالات الغش، من خلال رصد الذبذبات الصادرة عن الأجهزة الرقمية وتشويش عليها او القيام بحجب خدمات الإنترنت والاتصالات، وبحسب بعض التقارير فقد شهدت العديد من الدول العربية ودول أخرى في العالم حالات غش في امتحانات الثانوية العامة. ففي المغرب اعتقل 21 شخصا حاولوا تسريب الامتحانات.
وفي الجزائر أعلنت وزارة التربية إعادة إجراء الدورة الأولى من الامتحانات الثانوية بسبب شبهة تسريب أسئلة الامتحانات. وتسبب هذا بأزمة سياسية في الجزائر، واتهم الإسلاميون بالوقوف وراء العملية. وأعلنت وزارة التربية والتعليم أن 38 في المئة من أصل 818 ألف طالب سيعيدون الامتحانات في سبع مواد أساسية. وفي مصر طالب رئيس الحكومة المصرية شريف إسماعيل بإجراء تحقيق شامل فى واقعة تسريب امتحان اللغة العربية والتربية الدينية للثانوية العامة ومعاقبة المسؤولين عن ذلك، هذا بالإضافة الى الحالات الاخرى في الصين والهند واليابان وغيرها من الدول الاخرى التي اعتمدت طرق خاصة في محاربة هذه الظاهرة.
الغش في مصر
في هذا الشأن تحاول مصر مكافحة الغش في امتحانات الثانوية العامة بعد أن ألغت أحدها لتسريبه قبل دخول الطلاب فصول الامتحان. وأثار تسريب امتحان التربية الدينية بالإضافة لوقائع غش جماعي وفردي واسعة قلقا في دولة يرجع تاريخ التعليم فيها إلى أكثر من ألف عام. وقالت قناة تلفزيون محلية إن رئيس الوزاء شريف إسماعيل زار غرفة العمليات الخاصة بامتحانات الثانوية العامة في وزارة التربية والتعليم للاطمئنان إلى سلامة سير الامتحانات بعد عمليات الغش وتسريب امتحان التربية الدينية.
لكن مصادر في محافظة أسيوط جنوبي القاهرة قالت إن رئيس إحدى لجان الامتحانات اعتذر عن عدم مواصلة العمل لعجزه عن منع غش جماعي في اللجنة. وقالت المصادر إن الطلاب في اللجنة ومقرها مدينة البداري المعروفة بالخصومات الثأرية دخلوا فصول الامتحان ومعهم هواتف محمولة تلقوا عليها إجابات الأسئلة سواء في مكالمات أو رسائل أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال مصدر "كان من الصعب أن يكون هناك انضباط في اللجنة لأن بعض السكان يحملون آسلحة آلية خارجها وبعض الطلاب يحملون أسلحة نارية صغيرة داخلها." وردت وزارة التربية والتعليم على تسريب امتحان التربية الدينية بإحالة 12 من مسؤوليها وموظفيها إلى النيابة العامة التي أمرت بحبسهم 15 يوما على ذمة التحقيق.
لكن بشير حسن المتحدث باسم الوزارة قال "أنت أمام مافيا تتحدى الدولة وتحاول تقويض مؤسساتها." وأضاف مشيرا إلى تنسيق بين الوزارات في سبيل مكافحة الغش "في البداية كان هناك تعاون بين وزارة التربية والتعليم ووزارة الداخلية ووزارة الاتصالات. الآن الوزارات كلها تتكاتف معنا." وتابع "وزارة التربية والتعليم لا تخجل من قرارها إعادة امتحان مادة التربية الدينية بعد تسريبه. الوزارة لا تخجل من إحالة 12 من العاملين فيها إلى النيابة العامة."
وسيؤدي طلاب الثانوية العامة امتحان التربية الدينية الجديد يوم 29 يونيو حزيران. وفي السابق سجلت وقائع غش في امتحانات الثانوية العامة لكن ندر تسريب امتحان. وأثار الغش ضيق طلاب استذكروا الدروس. وقال أحمد من محافظة البحيرة في دلتا النيل "الآن كل طالب يتحين الفرصة ليفعل شيئا يحقق له النجاح بدرجات كبيرة."
وقال مدير المباحث الجنائية في المحافظة اللواء محمد خريصة إن الشرطة ألقت القبض على ثلاثة أشخاص "قام أحدهم بإدارة صفحة على مواقع التواصل الاجتماعى بعنوان (مهايطي لغش امتحانات الثانوية العامة)." وتابع "قام الثالث بإدارة محل لخدمة الإنترنت والقيام بتوصيل الخدمة للمنازل بالمخالفة لشروط التعاقد والتي استغلها الشخصان الآخران فى الترويج للسماعات ولصفحة الغش فى الثانوية العامة."
وكان امتحان اللغة العربية قد ظهر على صفحة على فيسبوك تسمى "شاومينج بيغشش ثانوية عامة" بعد قرابة ساعة من بدئه. وقال رواد إن الصفحة بها إجابات الأسئلة. وفي نطاق مكافحة الغش قال شهود عيان في محافظة القليوبية المجاورة للقاهرة إن لجان امتحانات أجرت تفتيشا دقيقا للطلاب قبل دخولهم الفصول وإن ذلك عطلهم نحو نصف ساعة لم يعوضوا عنها بعد نهاية الامتحان. ورفض مسؤولو مديرية التربية والتعليم بالمحافظة التعليق. بحسب رويترز.
وفي محافظة المنيا المجاورة لأسيوط قال والد طالب مشترطا ألا ينشر اسمه "ما يحدث تدمير لأجيال بأكملها. بينما أضاع أبناؤنا عشرة أشهر في كد وكفاح لاستذكار مناهج الوزارة وتم استنزاف الأسر ماليا في مصاريف الدروس الخصوصية (الخاصة) نجد طلابا فاشلين بمقاييس العلم يحصلون على الامتحان بمعاونة أصدقائهم ومعارفهم أو أموال والديهم الأغنياء ليسلبوا حق المتفاني والمجتهد." وقال حسن سلامة أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية إن الغش والتسريب "مأساة أخلاقية قبل أن تكون مأساة قانونية. الطالب الذي يغش الامتحان يغش المجتمع كله".
الغش والسياسة
على صعيد متصل أعلنت وزارة التربية الجزائرية إعادة إجراء امتحان البكالوريا 2016 في الـ19 يونيو/حزيران بعد فضيحة تسريب أسئلته في الدورة الأولى، والتي أخذت أبعادا سياسية كبيرة، حيث اعتبرها رئيس الحكومة مساسا بأمن الدولة، فيما اتهم أحمد أويحيي مدير ديوان رئاسة الجمهورية الإسلاميين بالوقوف وراءها، في حين طالبت جمعية أولياء التلاميذ السياسيين بترك أولادهم بعيدا عن الحسابات والمعارك السلطوية.
وتتواصل تداعيات فضيحة تسريب مواضيع امتحان البكالوريا 2016 في الجزائر، رغم الإجراءات الصارمة التي اتخذتها السلطات لمنع حدوث ذلك حيث حجبت مواقع التواصل الاجتماعي وقامت بإيقاف خدمة تقنية الجيل الثالث خلال فترة الامتحان. وأعلنت وزيرة التربية نورية بن غبريط خلال ندوة صحفية عقدتها بمقر وزارتها بالجزائر العاصمة إعادة جزئية لامتحان البكالوريا في الفترة ما بين الـ19 و23 يونيو/حزيران، و38 بالمئة من أصل 818 ألف مترشح سيعيدونه، و7 مواد أساسية (العلوم الطبيعية، الرياضيات، الفيزياء، اللغة الفرنسية...) معنية بهذا القرار، واعتبرت بن غبريط، التي تترأس وزارة التربية والتعليم منذ 2014 "إن العمل على تسريب مواضيع مثل هذا الامتحان يعتبر محاولة لتخريب البلد"، مضيفة "دون المساس بمجريات التحقيق واستباق الأحداث فيما يخص نتائج التحريات التي تقوم بها مصالح الأمن المختصة يمكننا الجزم أن الاشخاص الذين يقفون وراء هذا العمل الإجرامي كانوا يريدون ضرب بلدنا في أهم ما يكسب وهو نظام التربية والتعليم".
وأخذت فضيحة تسريب مواضيع امتحان البكالوريا بعدا سياسيا كبيرا، كما تصدرت عناوين وسائل الإعلام الجزائرية وأثيرت حولها الكثير من الشائعات التي غذت فكرة المؤامرة عند الكثير من الجزائريين. واعتبر رئيس الحكومة الجزائري عبد المالك سلال ما حدث خلال امتحان البكالوريا مساسا بالأمن القومي، المراد منه هو زعزعة استقرار الجزائر.
من جهته دعا رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي ومدير ديوان الرئيس بوتفليقة أحمد أويحيي، خلال مؤتمر صحفي الأحد إلى معاقبة المسؤولين عن تسريب المواضيع، وقال إنه يتأسف "لتسييس البكالوريا في الجزائر". واعتبر أويحيي أن عملية الاحتيال هذه ليست مجانية بل هي مؤامرة تستهدف الإصلاحات التي اقترحتها الوزيرة، في إشارة إلى الإسلاميين دون أن يذكرهم. وتساءل أويحيي "وزيرة التربية كانت تسعى لتطبيق برنامج إصلاح يعود تاريخه لعام 2000 يعارضه المحافظون بشدة، هل يجب على 800 ألف طالب أن يدفع ثمن هذه المعارضة؟".
وعبر أويحيي عن مساندة الحكومة لوزيرة التربية قائلا وفق ما نقلت صحيفة البلاد الجزائرية إن "هذه الوزيرة ظلت تواجه هجوما مركزا يقوده محافظون بطريقة مشينة وصلت إلى حد التشكيك في أصولها وعقيدتها، وأنا أٌقولها بصراحة إنها الوزيرة الوحيدة التي أعادت الهيبة للقطاع من خلال الإصلاحات التي تقودها وكفانا متاجرة بالدين لتحقيق أغراض سياسيوية". فيما قال النائب عن حزب العدالة والتنمية خضر بن خلاف، في تصريح لـصحيفة الشروق الجزائرية إنه تم توجيه مراسلة لرئيس الجمهورية للمطالبة بإقالة الوزيرة نورية بن غبريط، من منصبها بسبب الفضيحة التي هزت أركان الدولة.
من جانبه أكد رئيس حزب جبهة الشباب الديمقراطي للمواطنة أحمد قوراية أن عملية تسريب مواضيع البكالوريا تم التخطيط لها من قبل أياد خارجية مشيرا لوجود مؤامرة في الأفق تهدف إلى كسر المؤسسة التعليمية الجزائرية"، وفق ما جاء في بيان له نشرته وسائل إعلام جزائرية. وتابع قوارية "إن تسريب المواضيع مقصود ومدبر تم التخطيط له من قبل أياد خارجية ونفذ أجندتها بإيعاز من الداخل الذين يفتقدون إلى الوعي والقيم الوطنية المثلى".
وإثر هذه التسريبات فتحت مصالح الدرك الوطني تحقيقا معمقا في العديد من الولايات حيث تم إيقاف نحو 50 شخصا يشتبه بتورطهم في هذه القضية من بينهم أصحاب صفحات على موقع فيس بوك. وليست هي المرة الأولى التي يعرف فيها امتحان البكالوريا فضيحة بهذا الشكل في الجزائر، حيث تمت إعادته عام 1992 إثر حصول تسريب، ما دفع وزير التربية آنذاك علي بن محمد إلى الاستقالة، وهو ما جعل بعض وسائل الإعلام الجزائرية تتنبأ برحيل بن غبريط كذلك. بحسب رويترز.
ونورية بن غبريط، كانت مديرة مركز البحث الأنتروبلوجي الاجتماعي والثقافي بوهران، وسعت منذ تعيينها على رأس وزارة التربية لإصلاح القطاع والبرامج المدرسية. وقد أثارت جدلا بدعوتها لإدراج اللهجة الدارجة في المدارس. كما دعت أيضا إلى تكييف التقويم المدرسي للطلاب مع منطقة الصحراء الكبرى الجزائرية. إلا أن النقابات والطلاب وأولياءهم وسياسيين عبروا عن رفضهم لهذه الإصلاحات ونظموا اعتصامات وإضرابات الجوع أمام الوزارة.
دول اخرى
وفي الصين يتقدم لامتحانات الثانوية العامة هذه السنة 9 ملايين طالب، والرسوب في هذه الامتحانات سيؤثر على مستقبل الطالب مدى الحياة، حيث سيضطر إلى القبول بوظيفة متواضعة الأجر ونمط حياة فقير. ويستنزف التحضير لامتحانات الثانوية في الصين طاقة وأعصاب الطلاب، ولذلك تحاول السلطات الحيلولة دون لجوء الطلاب إلى الغش. ويجري تفتيش الطلاب قبل دخولهم قاعات الامتحانات، واستخدام مجسات خاصة بالمعادن، وكذلك طائرات بدون طيار تقوم بإجراء مسح لاسلكي.
واستخدم الطلاب وسائل متعددة للغش، من السماعات غير المرئية إلى الساعات والقمصان وأجهزة الاستقبال. ويواجه من يضبط متلبسا بالغش عقوبة السجن لمدة سبع سنوات، ويحظر من تقديم أي نوع من الامتحانات لمدة ثلاث سنوات. وقد شنت السلطات حملة لضبط وسائل الغش اللاسلكية، وكذلك حظرت نشر مواد الامتحانات على الانترنت بشكل غير مرخص. ومن وسائل الغش التي يلجأ إليها أولياء الأمور الاتفاق مع شخص يقوم بتزوير بطاقة دخول الامتحان باسم ابنهم أو ابنتهم مقابل مبلغ مالي قد يصل إلى 25 ألف يوان صيني.
وفي الهند قدمت الشرطة لائحة اتهام ضد 4 طلاب حصلوا على علامات عالية في امتحان الثانوية العامة في إقليم بيهار ، بعد أن بين تحقيق أنهم قاموا بالغش. وقامت لجنة الامتحانات بإعادة فحص أوراق 13 طالبا الجمعة بعد ان انتشرت لقطة فيديو تظهر فيها طالبة تدعى روبي راي وهي تقول إن العلوم السياسية هي فن الطبخ.
وأبطلت اللجنة نتائج اثنين من طلاب العلوم وبرأت 11 آخرين. وقد تقدم لامتحانات الثانوية في إقليم بيهار مليون طالب. وكان أولياء أمور الطلاب في بيهار قد تسلقوا أسوار المدارس العام الماضي من أجل مساعدة أبنائهم وبناتهم على الغش، لذلك أعلنت السلطات عن فرض عقوبات، منها الغرامة والسجن لمن يحاول الغش أو يساعد على ارتكابه.
من جانب اخر ألغي اختبار للإلتحاق بكلية "إيه سي تي" لجميع المتقدمين في كوريا الجنوبية وهونج كونج في أحدث مثال على مدى الأرق الذي يسببه وباء الغش في شرق آسيا للتعليم العالي في الولايات المتحدة. وقال إيد كولباي المتحدث باسم كلية "إيه سي تي" إن الحادث يمثل أول الغاء معروف لاختبار يحظى بأهمية كبيرة لكل أنحاء البلاد. وقالت مؤسسة "إي سي تي" غير الربحية ومقرها ولاية ايوا والتي تدير الاختبار إنها علقت الاختبار بعد اكتشاف انه تسرب مسبقا.
وقالت "إيه سي تي" في بيان إن "إيه سي تي تلقت دليلا موثوقا على أن مواد الاختبار التي ستجرى في تلك المناطق تعرضت للتسرب". وجاء الالغاء قبل ساعات فقط من دخول الطلاب لاجراء الاختبار الذي تستخدمه معظم الكليات في الولايات المتحدة لتقييم المتقدمين. وامتنع كولباي عن مناقشة كيفية ومكان تسرب الاختبار.
وقال كولباي إن هذا الالغاء أثر على 5500 طالبا كان من المقرر أن يؤدوا الاختبار في 56 مركز اختبار مختلف. وسوف يستعيدون رسم التسجيل مرة أخرى. وقال "ليس من الممكن اعادة تحديد موعد جديد لهذا الامتحان. فلن تجري إيه سي تي الاختبار مرة أخرى حتى سبتمبر ايلول". وأصبحت كوريا الجنوبية معروفة بعصابات غش الاختبارات الموحدة. ففي مايو آيار 2013 اضطرت كوليدج بورت التي تدير الاختبار المنافس لدخول الكليات "إس إيه تي" الى الغاء اختبارها للبلاد بأكملها بسبب تسرب مواد لاختبار. ويجري حاليا في سول مقاضاة المعلمين وأصحاب الشركة الخاصة التي تجري الاختبارات في كوريا الجنوبية في ذلك الحادث. بحسب رويترز.
ويعد الطلب على اختبار "ايه سي تي" و "إس إيه تي" في تزايد في الخارج حيث يسعى المزيد من الدارسين الاجانب الى الالتحاق بالجامعات الأمريكية. وتجاوز اختبار "ايه سي تي" اختبار "إس إيه تي" في الولايات المتحدة بوصفه الاختبار الاوسع انتشارا للالتحاق بالكليات في 2012. ويأتي اختبار "ايه سي تي" بعد "إس إيه تي" في خارج الولايات المتحدة لكنه تزايد بشكل سريع في الخارج في السنوات الأخيرة وذلك وفقا لما ذكره مسؤولون في كلية "إيه سي تي".
إجراءات لمنع الغش
في السياق ذاته فهناك العديد من دول العالم التي عانت من أزمة تسريب الأسئلة قبل بداية الامتحانات، وقامت باتخاذ اجراءات خاصة لتجنب تكرار ذلك، فقد تعرضت الصين لحالات تسريب الامتحانات على نطاق واسع عبر الإنترنت خلال العامين 2014 و2015، وهو ما ترتب عليه إلغاء الامتحانات. لكن مدينة صينية تمكنت من التوصل إلى حل لتلك المشكلة، حيث قامت بمراقبة الامتحانات بطائرات صغيرة دون طيار ونجحت الخطة وأوقفت الغش الجماعي.
وأنشأت اليابان هيئة مستقلة لوضع الامتحانات باسم "الوكالة الإدارية المستقلة"؛ وذلك للقضاء على الغش في الامتحانات خاصة بعد أن ابتكر الطلبة طرقاً جديدة تمكنهم من الحصول على الإجابات، وهذا ما نجحت فيه بالفعل، كما اختصرت فترة الامتحانات في المرحلة الثانوية ليومين فقط من التاسعة صباحاً حتى السادسة مساءً. إلا أن واقعة غش طالبة بالمرحلة الإعدادية عبر البريد الإلكتروني من هاتفها دفع فريقاً من الباحثين لاختراع جهاز لتحديد أماكن الطلاب الذين يستخدمون الهواتف المحمولة داخل قاعات الامتحانات.
من جانبها اتخذت الحكومة الهندية إجراءات غريبة لمنع تسرب الامتحانات والغش، كان من أبرزها قطع خدمات الهواتف والإنترنت خلال وقت الامتحانات، وكان الإجراء الأغرب يتمثل في قيام الجيش الهندي بإجبار مؤدّي امتحانات القبول على خلع ملابسهم والبقاء في اللجان بالملابس الداخلية لتفادي الغش. وجاءت تلك الإجراءات بعد أن تم إلغاء عدد من الامتحانات بسبب تسربها على مواقع الإنترنت على نطاق واسع عدة مرات.
كما شهدت الإمارات التي تحتل المركز الأول عربياً والـ45 عالمياً في قائمة جودة النظام التعليمي، بعض وقائع تسريب الامتحانات، إلا أن نظام SIS "إدارة معلومات الطلبة" استطاع أن يحدّ من تلك الوقائع، حيث تنقل عبره الامتحانات من الوزارة إلى المدارس وسط نظام أمني مُحكم. كما تخطط الإمارات لإجراء الاختبارات المدرسية إلكترونياً بشكل تدريجي بدءاً من العام الدراسي القادم، بحيث يشمل التحديث الجديد رفع سرعة الإنترنت، وزيادة سعة خوادم التخزين ومعالجات البيانات، فضلاً عن تعزيز أنظمة الحماية الرقمية وذلك وفقاً لموقع "الاقتصادي" الإماراتي.
يعتقد الكثيرون أن فساد النظام التعليمي واعتماده على الحفظ دون الفهم "الحشو" السبب الرئيسي وراء الغش وتسريب الامتحانات، ورغم أن ذلك صحيح نسبياً إلا أن ما حدث في كوريا الجنوبية، صاحبة أفضل نظام تعليمي في العالم، أمر مثير للجدل، حيث تم تسريب امتحان التأهيل للجامعة قبل أسبوع من موعده على مدار عامين متتاليين (2013، 2014)، وتم إلغاء الامتحانات نتيجة لذلك. واتخذت الجهات المسؤولة العديد من الإجراءات، أبرزها تشديد الرقابة الأمنية قبل وخلال أداء الامتحانات، بجانب منح المراقبين على الامتحانات دورات تدريبية لتمكنهم من رصد أي محاولة للغش.
كما اتخذت الحكومة العراقية إجراءات لوضع حد لمشكلة تسريب الامتحانات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قامت بقطع الإنترنت عن الدولة بأكملها بالتزامن مع مواعيد امتحانات طلاب الصف السادس الابتدائي، وبدأت الحكومة في تنفيذ ذلك القرار منذ 2015، وذلك وفقاً لما ذكرته وسائل إعلام غربية. والسبب وراء ذلك الإجراء الحاسم مع طلاب الصف السادس الابتدائي، يرجع إلى أن تلك المرحلة التعليمية هي الأهم في العراق، فالقانون العراقي ينص على أن التعليم إلزامي على جميع الأطفال حتى الصف السادس الابتدائي، ومن لا يتمكن من النجاح في تلك المرحلة يتم إخراجه من المدرسة؛ لذا فهي مرحلة مصيرية. بحسب رويترز.
وشهدت إسرائيل هذا العام 4 حالات تسريب للامتحانات ونشرها على الإنترنت، ولمنع تكرار ذلك الأمر تم اتخاذ العديد من التدابير الأمنية، كان أبرزها ضرورة دخول الطلاب إلى قاعات الامتحان قبل بدء الامتحان بـ45 دقيقة، وإرسال نموذج الامتحان عبر الإنترنت إلى المدارس قبل 45 دقيقة من موعد بدء الامتحان، على أن يقوم مسؤولو المدارس بطباعتها وتسليمها للطلبة.