كلية العلوم الطبية التطبيقية مجزرة سبايكر الثانية
زهراء فلاح
2015-11-04 05:22
تأسست كلية العلوم الطبية التطبيقية التابعة لجامعة كربلاء عام 2011 بقسميها "التحليلات المرضية والصحة البيئية" وفقا لضرورة ماسة وافتقار العراق لهذه الأقسام خصوصا قسم الصحة البيئية الذي يعنى ببحث ومناقشة الأضرار البيئية وتأثيرها على صحة الإنسان وعلاقتها المباشرة وغير المباشرة بالأمراض المتفشية والتشوهات والتي ازدادت نسبة انتشارها حديثا، كما يعنى بدراسة الحلول الصحية لبناء بيئة أفضل وتهيئة السبل المناسبة لذلك، وتم قبول الطلاب وانتقائهم بالمفاضلة تحت معدل لا يقل عن 92% وقد أرفقت مع اسم هذه الكلية العديد من الكتب التي تؤيد انتمائها إلى المجموعة الطبية والتعيين المركزي من قبل هيئة التعليم العالي والبحث العلمي، وعلى هذا الأساس تم تدريس الطلاب تحت مناهج علمية رصينة ذات معلومات صحية وطبية وافية مناظرة للدراسة في الكليات التقنية الصحية والطبية في المحافظات الأخرى وبمستوى علمي عالي.
والمفاجأة إن الكلية قد خرجت دفعتها الأولى العام الفائت بدون مسمى أو لقب وظيفي أو تعيين مركزي وبعد المراجعة والتدقيق من قبل الطلاب تم استلام كتاب من وزارة الصحة "قبل شهر تقريبا" بعدم شمول هذه الكلية بالتدرج الطبي ولا بالمجموعة الطبية وبالتالي بالتعيين المركزي أي إن الكتب كانت مزيفة لإسكات الطلاب بعد وصولهم الى المراحل الأخيرة وقبول المزيد منهم تحت معدلات عالية.
بعد انتشار هذه الحقيقة وبعد إنكار المسؤولين أمر الوعود والكتب وأنهم لم يذكروا شيئا عن تخصصات الكلية وامتيازاتها، انتشرت حالة اليأس بين الطلبة وبدا الإحباط واضحا عليهم خصوصا طلبة المحافظات الأخرى مثل الديوانية والناصرية وصلاح الدين والذين يتحملون مبالغ عالية تصل إلى 500 الف شهريا بين مصرف الكلية ومتطلباتها وبين أجرة السيارة او تكاليف الطعام وغيرها في القسم الداخلي، وبعد ان تم تخريج ما يفوق ال100 طالب من ذوي المعدلات العالية الى مصير مجهول وبين بقاء وحيرة الطلبة الذين لم يتخرجوا بعد وقد وصلوا الى مراحل منتهية امثال طلاب المرحلة الثالثة والرابعة والذين فوتوا سنين عمرهم وفرصة تقديمهم الى كليات أخرى أفضل او قد تكون لها مؤهلات اعلى أمثال كلية الهندسة او التقنيات الطبية في محافظات أخرى خصوصا أنهم يمتلكون المعدلات والمؤهلات الكافية لقبولهم إلا إن بريق هذه الكلية وامتيازاتها من ناحية الموقع الآمن والقريب وامتيازاتها الوظيفية دفعت الطلاب لمنحها الأفضلية ودفعت ذويهم للموافقة على تحمل مصاريفهم العالية أملاً في الحصول على مستقبل جيد لابنائهم.
بعد كل ما ورد أعلاه لا عجب من مقارنة هذه الكلية مع مجزرة سبايكر فهي المجزرة التي حصدت أرواح شباب بعمر الزهور تحت وطأة الغدر والخيانة وبعد تخلي المسؤولين عنهم وتركهم وسط صحراء لمصارعة الموت بدون أية فكرة عنه او أية خطط.
هكذا تم قتل مجموعة شباب سبايكر بالامس وما أشبه الامس باليوم فقد تم قتل ما يزيد عن 700شاب وشابة مع ذويهم قتلا معنويا باردا بل أسوء، فان قتل شاب ودفنه ليخلد بدمائه صفحات البطولة وليكون مثالا يحتذى به في التضحية والفداء خير من قتل آخر وسحق معنوياته ثم تركة عاطلا عن العمل، ميت الفكر، عالة على المجتمع، وقد ينحرف تدريجيا ليكون مرضا يضاف الى مجموعة الأمراض المتفشية او قد يهاجر فيخدم آخرين وينسب الى غير بلده.
مع بداية العام الجديد وبداية الاستعدادات وشحذ همم الطلبة لبداية موفقة وفتح صفحة جديدة لمستوى دراسي أفضل يفاجئ الجميع بهذه الحقيقة وليس لهم إلا الاعتصام وسيلة لنكران موقفهم عسى أن ينظر احد في شأنهم خصوصا بعد تنازل عميدها المحترم وعدم مبالاته للأمر وتهديد بعض الأساتذة للطلاب بفصلهم او ترقين قيودهم بسبب إهمال المحاضرات وتضييع الوقت، الا إن الطلبة وجدوا الاعتصام هو حل امثل لأخذ مسألة تعيينهم والسعي بها سعيا جديا، بل إنهم وبفضل مجموعة من الشباب المثقف تكفلوا بأخذ جميع الكتب الخاصة بالكلية وبدؤوا بالسعي بها بأنفسهم سعيا منهم للوصول الى حل او مسمى وظيفي على الاقل يضمن لهم ذرة من أتعابهم خلال سنين دراستهم المنصرمة، وبعد الالتقاء بعدد من المسؤولين وطلب توفير حماية للطلبة رغم كل الضغوطات التي واجهتهم من ناحية توفير لقاء مع الشخصيات ذات الشأن بالمجتمع وذوي السلطة من اعضاء مجلس المحافظة الى الشخصيات الدينية الى الوزراء، وقد ابدى البعض تعاونه بينما أعطى الآخر وعدا مكذوبا مزينا بالأماني.