فقر التعلّم.. وانصاف الفقراء في التعليم
شبكة النبأ
2023-01-21 06:45
الأطفال من الأسر المعيشية الأشد فقراً يحصلون على أقل فائدة من التمويل الوطني للتعليم العام، ويمكن لزيادة مخصصات موارد التعليم العام بمقدار نقطة مئوية واحدة لأفقر 20 بالمئة من الطلاب أن تنتشل 35 مليون طفل في سن الدراسة الابتدائية في العالم من فقر التعليم.
فقد أفادت اليونيسف في تقرير بأن الأطفال من الأسر المعيشية الأشد فقراً يحصلون على أقل فائدة من التمويل المخصص للتعليم العام، ودعت إلى تخصيص استثمار إضافي وأكثر إنصافاً لانتشال ملايين الأطفال من أزمة التعلّم.
ويشير التقرير، وعنوانه ’تحويل التعليم عبر التمويل المنصف‘، إلى أن الخُمس الأفقر من المتعلمين، بالمعدّل، يستفيدون من 16 بالمئة فقط من التمويل العام للتعليم، مقارنة بالخُمس الأغنى الذين يستفيدون من 28 بالمئة من هذا التمويل. وفي البلدان المنخفضة الدخل، يُوجَّه 11 بالمئة فقط من تمويل التعليم العام نحو المتعلمين الأشد فقراً، بينما يوجَّه 42 منه إلى المتعلمين الأكثر ثراءً.
وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف، السيدة كاثرين راسل، "نحن نخذل الأطفال، فالعديد من الأنظمة التعليمية في العالم تخصص الاستثمار الأقل للأطفال الذين يحتاجونه أمسّ الحاجة. إن الاستثمار في تعليم الأطفال الأشد فقراً هو الطريقة الأكثر فاعلية من حيث الكلفة لضمان المستقبل للأطفال والمجتمعات المحلية والبلدان. ولا يمكن أن يتحقق تقدم حقيقي إلا عندما نستثمر في كل طفل، في كل مكان".
ويتفحّص التقرير بيانات حول الإنفاق الحكومي على امتداد مراحل التعليم قبل الابتدائي، والابتدائي، والثانوي، وما بعد الثانوي من 102 بلداً. ووجد التقرير أن زيادة قدرها نقطة مئوية واحدة في المخصصات لموارد التعليم العام لأفقر 20 بالمئة من الطلاب يمكنها انتشال 35 مليون طفل في سن الدراسة الابتدائية من فقر التعلّم. وأشارت الدراسة إلى أن الأرجحية أكبر بأن يصل الإنفاق على التعليم العام في العالم إلى المتعلمين من الأسر المعيشية الأكثر ثراءً، وذلك في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل على حدٍ سواء.
تبرُز هذه الفجوة إلى الحد الأقصى في البلدان المنخفضة الدخل إذ تُظهر البيانات في عدة أمثلة أن حصة المتعلمين من الأسر المعيشية الأكثر ثراءً من التمويل للتعليم العام تزيد بأكثر من ستة أضعاف عنها للمتعلمين من الأسر المعيشية الأشد فقراً. أما في البلدان المتوسطة الدخل، يحصل المتعلمون من الأسر المعيشية الأكثر ثراًء في أماكن من قبيل كوت ديفوار والسنغال على زهاء أربعة أضعاف الإنفاق على التعليم العام مقارنة بالطلاب الأشد فقراً. ولكن الفجوة أقل في البلدان المرتفعة الدخل، إذ عادة ما يستفيد الطلاب الأكثر ثراء مما يتراوح بين 1.1 إلى 1.6 ضعفاً من الإنفاق على التعليم العام مقارنة بالطلاب الأشد فقراً، وقد أتت كل من فرنسا وأوروغواي ضمن النطاق الأعلى لهذه الفجوة.
ووفقاً للتقرير، تكون الأرجحية أقل للأطفال الذين يعيشون في الفقر أن يلتحقوا بالمدارس، كما أنهم يتركونها أبكر من غيرهم. إضافة على ذلك، يقل تمثيل الأطفال من الأسر المعيشية الفقيرة في المستويات الأعلى للتعليم التي تحظى بحصة أكبر بكثير لكل فرد من الإنفاق المخصص للتعليم العام، كما أن الأرجحية أكبر أن يعيشوا في مناطق نائية وريفية تتسم عموماً بنقص خدمات التعليم وتتخلف عن الركب من حيث انتشار التقنيات الرقمية.
وحتى قبل جائحة كوفيد-19، كانت الأنظمة التعليمية في جميع أنحاء العالم تخذل الأطفال في غالب الحالات، إذ يلتحق عشرات ملايين الطلاب بالمدارس لكنهم لا يجيدون مهارات القراءة والحساب الأساسية. وتُظهر التقديرات الأخيرة أن ثلثي جميع الأطفال بسن 10 سنوات في العالم غير قادرين على قراءة قصة بسيطة وفهمها.
ووفقاً للتقرير، تتمثل إحدى الخطوات الرئيسية لمعالجة أزمة التعلّم في أن توفر الحكومات تمويلاً منصفاً وأن تولي الأولوية لموارد التعليم العام، بما في ذلك التركيز المتزايد على التعلّم الأساسي. وهذا يتطلب ضمان توفير التمويل العام للتعليم قبل الابتدائي والتعليم الابتدائي للجميع، واستهداف الفقراء والمهمشين في المستويات الأعلى للتعليم.
ومن بين النتائج الأخرى التي توصل إليها التقرير:
في العقد الماضي، أصبح الإنفاق على التعليم العام أكثر إنصافاً في 60 بالمئة من البلدان التي تتوفر عنها بيانات.
ومع ذلك، يُنفق 30% من البلدان أقل من 15 بالمئة من مخصصات التعليم العام على الطلاب الأشد فقراً. وبين البلدان المنخفضة الدخل، تصل النسبة إلى 80 بالمئة.
في 1 من كل 10 بلدان، يحصل المتعلمون من الأسر المعيشية الأكثر ثراءً على أربعة أضعاف أو أكثر من قيمة الإنفاق على التعليم العام مقارنة مع المتعلمين من الأسر المعيشية الأشد فقراً.
عادة ما تتلقى النداءات الإنسانية المخصصة للتعليم في أوضاع الطوارئ ما بين 10 إلى 30 بالمئة فقط من الأموال المطلوبة، وثمة تفاوتات كبيرة بين البلدان والمناطق.
ثمة حاجة إلى عمل عاجل لضمان وصول موارد التعليم إلى كل متعلّم. ويطرح التقرير أربع توصيات رئيسية: إطلاق التمويل العام للتعليم والقائم على الإنصاف؛ وإيلاء الأولوية للتعليم الأساسي في التمويل العام للتعليم؛ ورصد الإنصاف في تخصيص المساعدات التعليمية في السياقات الإنمائية والإنسانية وضمانه؛ والاستثمار في طرق مبتكرة لتقديم التعليم.
نحو تحقيق تحول في التعليم
تسببت الجائحة على امتداد السنوات الثلاث الماضية بتعطيلات هائلة لتعليم الأطفال، وفاقمت أزمة التعليم العالمية التي كانت قائمة أصلاً. علينا أن نتصرف بسرعة ليتعافى التعلّم ولنستفيد من هذه الفرصة لإعادة بناء الأنظمة التعليمية لتكون أفضل مما كانت عليه سابقاً. ومع ذلك ثمة نتائج جديدة من الدراسة الاستقصائية الرابعة بشأن التدابير المتخذة على مستوى التعليم الوطني للتصدي إلى تبعات إغلاق المدارس جراء جائحة كوفيد-19 وهي تُظهر أن العديد من البلدان ما زالت لم تتخذ بعد خطوات موجّهة ثبتت فاعليتها لمعالجة الخسارة التي لحقت بالتعلّم.
إن تقرير ’انطلاقة من تعافي التعليم نحو تحقيق تحول في التعليم‘ يبحث في الكيفية التي تتقدم فيها البلدان في تنفيذ تدابير إطار الاستجابة السريعة ’رابيد‘لتعافي التعلّم: الوصول إلى جميع الأطفال وإبقاؤهم في المدارس؛ وإجراء تقييمات دورية لمستويات التعلّم؛ وإيلاء الأولوية لتدريس الأساسيات؛ وتعزيز كفاءة التدريس؛ وتطوير الصحة والعافية النفسيتين والاجتماعيتين. وقد وجدنا أنه بينما حققت البلدان بعض التقدم في تنفيذ التدابير التي تعالج تعافي التعلّم، إلا أنه يتوجب علينا زيادة جهودنا للحد بسرعة من تأثيرات الجائحة على تعلّم الأطفال وعافيتهم بصفة عامة. مع ذلك، ونظراً لضخامة التحدي، يجب أن يُحدِث تعافي التعلّم تحولاً حقيقياً كي يكون فعالاً ومستداماً وقائماً على الإنصاف.
كيف يمكننا تحقيق التعافي في التعلّم بعد جائحة كوفيد وتحقيق نهضة في التعلّم نحو الأفضل؟ علينا أن نقوم بما يلي:
1- تنفيذ جهود ’للوصول إلى الجميع‘
إن الوصول إلى كل طفل هو القاسم المشترك لتعافي التعليم. وتتخذ معظم البلدان ترتيبات على مستويي التعليم الابتدائي والثانوي من قبيل إعادة الالتحاق التلقائي بالمدارس وحملات تعبئة مجتمعية لإعادة الأطفال إلى المدارس. مع ذلك، لم يقم ربع البلدان لغاية الآن بجمع معلومات حول الأطفال الذين عادوا إلى المدارس وأولئك الذين لم يعودوا إليها. وبغية تحقيق تحوّل حقيقي في أنظمة التعليم، علينا إزالة العوائق التي تُقصي الجماعات المستضعفة، وضمان التكريس الكامل للحق في التعليم في الأطر القانونية والتنظيمية الوطنية، وتعزيز نماذج التعليم المرنة، والاستثمار في تعزيز أنظمة معلومات إدارة التعليم بغية الحصول على معلومات مصنفة وفي الوقت الحقيقي.
2- تقييم مستويات التعلّم لدى الأطفال ...
وجد استعراض للأبحاث المنشورة جرى في آذار/ مارس 2022 أن أقل من 20 بالمئة من البلدان نشرت معلومات حول التأثير الفعلي لإغلاق المدارس على التعلّم. وإذ يعود الأطفال إلى المدارس، نحن بحاجة إلى تقييم ما يعرفونه ويفهمونه وما يتمكنون من القيام به بغية توجيه السياسات والتدريس. ومن المشجّع أن غالبية البلدان استأنفت برامج الامتحانات الموحدة (بما في ذلك تقييمات واسعة النطاق وامتحانات بالغة الأهمية للمسيرة التعليمية) في السنة الدراسية 2021–2022، خصوصاً في موضوعي الرياضيات والقراءة، بيد أن نسبة قليلة فقط من البلدان تسعى إلى فهم تأثير إغلاق المدارس على المهارات غير الإدراكية، وهي على القدر نفسه من الأهمية لنجاح الأطفال في عالم اليوم. وبوسع أنشطة التقييم المتنوعة، بما في ذلك استخدام التقييمات التكوينية وتقنيات متنوعة من قبيل التقييمات المرقمنة، أن تساعد الطلاب أن يصبحوا أكثر إدراكاً لكيفية تعلّمهم وما يتعلمونه، ومساعدة المعلمين على فهم العوامل التي يمكن أن تعيق تقدّم تعلّم الطلاب أو تيسّره.
3- ... وإيلاء الأولوية لمعايير المناهج وتدريسها لتلائم الطلاب حسب المرحلة التي وصلوها في تعلّمهم.
علينا إيلاء الأولوية للمعارف والمهارات الأساسية في المناهج لمساعدة الأطفال على التعافي بسرعة أكبر من خسارة التعلّم. وقد كان الأطفال في العديد من البلدان يفتقرون إلى المهارات التأسيسية حتى قبل الجائحة، كما أن المناهج المُثقلة تجعل من الصعب عليهم استدراك ما فاتهم — خصوصاً بعد فترات طويلة من إغلاق المدارس. وعلى الرغم من خسارة وقت التدريس أثناء الجائحة، أبلغ أقل من نصف البلدان عن تنفيذ تعديلات على المناهج في مستويي التعليم الابتدائي والثانوي. وبغية دعم إحداث تحول في المناهج، يتعين على البلدان أن تضمن تحقيق انسجام أقوى بين المناهج والتقييم والتدريس، وإشراك المعلمين في تصميم تعديلات المناهج وتيسيرها.
4- زيادة فاعلية التدريس من خلال تدابير ثبت نجاحها.
من المثير للقلق أن عدداً قليلاً من البلدان تبدو بأنها تستثمر في إجراءات ثبت نجاحها للحد من خسارة التعلّم: فقد أبلغ 39 بالمئة فقط من البلدان أنها تنفّذ إجراءات بشأن زيادة وقت التدريس، و29 بالمئة بشأن برامج دروس التقوية الإضافية، و16 بالمئة بشأن التدريس الموجّه. وبدلاً من البرامج الآنية المخصصة أو التدخلات المشتتة في مجال السياسات، يجب على البلدان تنفيذ تدخلات متعددة السنوات وقائمة على الأدلة وأن توفّر دعماً مكثفاً للمعلمين الذين يقفون في الخطوط الأمامية للدفع بالتعافي في الغرف الصفية.
ولتحقيق تحول أطول أجلاً، يجب على البلدان تحسين أنظمة ترخيص المعلمين واعتمادهم، وجعل التدريس مهنة جذابة من خلال تحسين رفاهية المعلمين عبر تقديم أجر ملائم وظروف عمل جيدة. ويجب أن يكون التطوير المهني للمعلمين مستمراً ومكيفاً ومركزاً وأن يتضمن تدريبات على المهارات الرقمية والاستخدام الفعال للتكنولوجيا. وينبغي إشراك المعلمين إشراكاً فعالاً في تصميم هذه السياسات وتخطيطها، وذلك من خلال حوار اجتماعي بشأن تطوير السياسات.
5- تطوير العافية العامة للأطفال.
إلى جانب التأثيرات السلبية للجائحة على التعلّم، فقد هددت الصحة العقلية للأطفال وعافيتهم العامة. وتُمثِّل إعادة فتح المدارس فرصة استثنائية لضمان تمتع جميع الأطفال ببيئة تعلّم آمنة وداعمة وزيادة إمكانيتهم في الحصول على الخدمات الأساسية. ومع ذلك، أبلغ أقل من ثلثي البلدان عن تنفيذ دعم نفسي-اجتماعي وللصحة العقلية للطلاب والمعلمين في مرحلتي الدراسة الابتدائية والثانوية. وبغية تعزيز القدرة على الصمود أمام الصدمات المستقبلية، فإن فهم احتياجات المتعلمين والمعلمين هو أمر أساسي لضمان أن المدارس توفر خدمات شاملة من خلال نهج قائم على المجتمع بأكمله، وبالتعاون فيما بين القطاعات بما في ذلك التعليم، وحماية الأطفال، والصحة، والتغذية.
ويُعد التمويل المستدام والقائم على الإنصاف أمراً أساسياً لتعافي التعليم ونهضته. وبينما أبلغ عدد أكبر من البلدان – 77 بالمئة في مستويي الدراسة الابتدائية والثانوية – عن زيادة في تمويل التعليم من عام 2020 إلى عام 2021 مقارنة مع ما كان متوقعاً في الدراسة الاستقصائية الثالثة، ثمة فجوات واسعة بين البلدان حسب مستوى دخلها. فقد أبلغ أقل من أربعة من كل عشرة من البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا عن زيادة في موازنات التعليم، مقارنة مع تسعة من كل عشرة من البلدان المرتفعة الدخل.
وإذ يواجه مجموع الإنفاق العام أعباء إضافية بسبب زيادة الضغوط المالية والتضخم، ثمة خطر بأن الإنفاق على التعليم في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا لن يكون كافياً لاتخاذ الإجراءات المستعجلة المطلوبة للحد من خسارة التعلّم. وثمة حاجة إلى إحداث تحوّل في تمويل التعليم لتحقيق تحسينات مستدامة وطويلة الأجل – بما في ذلك وضع أولويات للمخصصات المالية، وتنقيح كيفية الحصول على الموارد المالية وكيفية استثمارها، وتعزيز الابتكارات لزيادة الفاعلية في الإنفاق.
وفي قمة تحويل التعليم، نحن نسلط الضوء على أزمة التعليم العالمية والحاجة إلى تعبئة العمل من أجل استعادة ما تمت خسارته من تعلّم وإحداث نهضة تعليمية. ولتحقيق ذلك، لا يمكننا العودة إلى سير العمل كالمعتاد وإلى الطرق التي كانت سائدة قبل وقوع الجائحة. فنحن بحاجة إلى إصلاحات جريئة وجديدة لضمان ليس فقط أن تتعافى جميع الأنظمة التعليمية من تأثيرات الجائحة، ولكن أيضاً للبناء على نحو أفضل لبلوغ مستقبل يمكن فيه لجميع الأطفال أن يتعلموا وأن ينموا لتحقيق كامل إمكاناتهم.
انخفاض صادم في مستويات التعلم
واصدرت اليونيسف، تحذيراً من الانخفاض الصادم في مستويات التعلم، حيث يقدر أن ثلث أطفال العالم في سن العاشرة فقط قادرون على قراءة قصة بسيطة وفهمها، مقارنة مع النصف قبل الجائحة.
وقالت السيدة كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لليونيسف: "إن قلة الموارد في المدارس، وتدني رواتب المعلمين ومؤهلاتهم، واكتظاظ الفصول الدراسية، وتقادم المناهج، كلها تقوض قدرة أطفالنا على تحقيق إمكاناتهم كاملة. إن مسار أنظمتنا التعليمية، بحكم التعريف، هو مسار مستقبلنا. وعلينا أن نعكس الاتجاهات الحالية وإلا سنواجه عواقب الفشل في تعليم جيل بأكمله. فانخفاض مستويات التعلم اليوم يعني فرصاً أقل غداً".
وتحذر اليونيسف من أن إغلاق المدارس لفترات طويلة ونقص توفر التعليم الجيد خلال جائحة كوفيد-19 قد فاقما أزمة تعلم موجودة أصلاً وخلفت ملايين التلاميذ في جميع أنحاء العالم دون مهارات أساسية في الحساب وفي القراءة والكتابة.
ولجذب الانتباه إلى أزمة التعليم وضرورة تغيير واقع التعلم في العالم، كشفت اليونيسف علناً عن "الفصل الدراسي المعبر عن أزمة التعليم"، وهو نموذج لصفوف مدرسية يُظهر مقدار فشل الأطفال في تعلم المهارات الأساسية الحاسمة في الحياة بعد المدرسة.
ثلث المقاعد في هذا الفصل الدراسي مصنوعة من الخشب وبحالة جيدة مع حقيبة ظهر تحمل شعار اليونيسف موضوعة على أمكنة جلوس التلاميذ، في إشارة إلى أن ثلث أطفال العالم في سن العاشرة فقط قادرون على قراءة واستيعاب قصة بسيطة — وهو مؤشر الحد الأدنى على محو الأمية. أما المقاعد المتبقية فبالكاد مرئية لأنها مصنوعة من مواد شفافة، في إشارة إلى وجود 64 في المئة من الأطفال في سن العاشرة لا يستطيعون قراءة قصة بسيطة وفهمها.
ودعت اليونيسف الحكومات إلى الالتزام بتوفير تعليم جيد لجميع الأطفال. وحثت على بذل الجهود وتنفيذ استثمارات جديدة لإعادة التحاق جميع الأطفال بالمدرسة وإبقائهم فيها، لزيادة الوصول إلى التعلم الأساسي والتعويضي، ودعم المعلمين ومنحهم الأدوات الضرورية لعملهم، والتأكد من أن المدارس توفر بيئة آمنة وداعمة وبالتالي جاهزية الأطفال جميعاً للتعلم.
لماذا نحتاج إلى تحويل التعليم؟
التعليم حقٌ من حقوق الإنسان. يجب علينا إحداث التحويل في التعليم بحيث لا تُحرم أي فتاة أو فتى أو شاب أو كل من أشرف على تخطي مرحلة الشباب من حقهم في الحصول على تعليم جيد، أينما كانوا. فاستبعاد أي شخص غير مقبول.
يجب أن تكون المدارس شاملة وآمنة وصحية. ينبغي ألا تستبعد المدارس أي شخص، بل عليها أن تقبل كل فتاة أو فتى أو شاب، وتجعلهم يشعرون بالترحيب والرعاية والحماية والتحفيز والدعم.
التعلم التأسيسي أمر بالغ الأهمية. يطور التعليم الجيد قدرة كل طالب على تعلم اللبنات الأساسية للمعرفة، وهي المتمثلة في القراءة والكتابة والحساب والتفكير العلمي الأساسي. ويشمل أيضاً المهارات الاجتماعية والعاطفية الأساسية.
التعلّم مدى الحياة. يعزز التعليم الجيد أيضاً القدرة الممتدة مدى الحياة على تعلم المهارات الضرورية لعالم العمل سريع التغير وإعادة تعلم تلك المهارات.
يجب أن يعزز التعليم التنمية المستدامة. الأهم من ذلك، أن التعليم الجيد يطوّر قيم كل شخص وقدرته على التعايش في سلام، واحترام وتقدير التنوع البشري والمساواة بين الجنسين وحقوق الإنسان، والتقيّد بالتزام نشط بالتنمية المستدامة.
يجب على التدريس أن يتغير: يحتاج المعلمون إلى الشروط والأجور والموارد والاستقلالية والاحترام الذي يستحقونه حتى يتمكنوا من إحداث التحول المنشود في التعليم.
الثورة الرقمية هي مفتاح التحول: إذا تم تسخير القدرة على الاتصال الإلكتروني وموارد التعليم والتعلم الرقمية – ذات قابلية الوصول المفتوحة – بشكل صحيح، فإنه يمكنها أن تسهم في تحويل التعليم وإضفاء الطابع الديمقراطي عليه.
التعليم يتطلب الاستثمار العمومي. التمويل العمومي للتعليم هو الاستثمار الأكثر كفاءة وأشد التزاماً بمبادئ المسؤولية الاجتماعية الذي يمكن للبلدان أن تقوم به. فكل دولار يُستثمر في التعليم يدر عائداً أعلى للأفراد وحتى للمجتمع أكثر من أي استثمار آخر.