استراتيجية الاحتكار، هل تنهي صناعة السماء؟

إيهاب علي النواب

2017-02-04 06:54

الشيء المثير في علم الاقتصاد هو ان اي تغير يحصل سواء بشكل متعمد او بشكل عارض في أي مجال او نشاط لابد وأن تنتقل تأثيراته الى مفاصل وأنشطة أخرى، وكمثال على ذلك ان الخاسرين او المتضررين من انخفاض وتدهور اسعار النفط والتي هي الدول المصدرة له، افادت دول وشركات اخرى كالشركات المصنعة التي استفادت من هذا الانخفاض مما زاد الطلب على طائراتها وكذلك زيادة ارباح شركات الطيران بسبب ارتفاع الطلب لى السياحة والسفر، او مثلمل يقال مصائب قوم عند قوم فوائد.

وبما ان دوام الحال محال، فأن هناك توقعات ان تختفي او تقل هذه الارباح بسبب توقعات انتعاش اسعار النفط من جديد ، اذ بين الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) إن أرباح شركات الطيران ستتراجع في 2017 مع ارتفاع أسعار النفط وتباطؤ الطلب، وخفض إياتا الذي يمثل نحو 265 شركة طيران تسيطر على 83 بالمئة من حركة النقل الجوي العالمي توقعاته لصافي ربح القطاع إلى 35.6 مليار دولار هذا العام من 39.4 مليار دولار، ويتوقع الاتحاد تراجع الأرباح إلى 29.8 مليار دولار في 2017 بعد صعودها لخمس سنوات متتالية، لكن من المتوقع أن يبلغ عائد رأس المال 7.9 بالمئة متجاوزا تكلفة رأس المال في 2017 للعام الثالث على التوالي مما سيكون عامل تعزيز للمستثمرين في القطاع.

تسليمات ايرباص ترتفع 8% والطلبيات تفوق بوينج

سجلت ايرباص ارتفاعا بلغ ثمانية بالمئة في تسليمات العام الماضي بما يفوق توقعاتها بهامش كبير لتسجل الشركة مستوى قياسيا في الوقت الذي زادت فيه الطلبيات في الشهر الأخير من العام لتتفوق بذلك على منافستها بوينج.

وفي تأكيد لتقديرات ذكرت الشركة الأوروبية المنتجة للطائرات إنها سلمت 688 طائرة في 2016 مقارنة مع توقعات رسمية بتسليم أكثر من 650 طائرة وحجم مستهدف من مديرها المالي عند 670 طائرة، وانتعشت عمليات التسليم في نهاية العام بعد مشاكل في سلسلة الإمداد لكن رئيس ايرباص لصناعة الطائرات فابريس بريجييه صرح إنه لا يتوقع نهاية قياسية أخرى لعام 2017 حيث تستقر مستويات الإنتاج.

وظلت ايرباص خلف بوينج أكبر شركة لصناعة الطائرات في العالم فيما يتعلق بعمليات التسليم لكنها حققت فوزا آخر في السباق الخاص بالطلبيات الجديدة بعدما سجلت طلبيات صافية بلغت 731 طائرة في 2016، وسلمت بوينج 748 طائرة وتلقت طلبيات لشراء 668 طائرة جديدة العام الماضي، وشملت الطلبيات التي تلقتها ايرباص بيع 98 طائرة لإيران وسيتم تسليم الطائرة الأولى في هذه الطلبية في وقت لاحق، كما شملت الطلبيات أكثر من 100 طائرة لزبائن لم تكشف عنهم وتقول مصادر في القطاع إن تلك الطلبيات مرتبطة بطيران ناس السعودية وذراع الاستئجار التابع لبنك أوف كوميونيكيشنز الصيني.

منظمة التجارة العالمية تعاقب طيران اميركا

منحت ولاية واشنطن بوينغ إعفاء ضريبيا بشرط استخدام مواد خام محلية في صناعة جزء من الطراز الجديد، وأمهلت منظمة التجارة العالمية الولايات المتحدة تسعين يوما لإلغاء إعفاء ضريبي خاص ممنوح لشركة بوينغ العملاقة لصناعة الطائرات باعتباره غير قانوني، وأعلنت المنظمة الدولية قرارها الذي يحدد هذه المهلة بعد تحقيقات في شكوى تقدم بها الاتحاد الأوروبي بهذا الشأن، ومنحت ولاية واشنطن هذا الإعفاء الضريبي لبوينغ في عام 2013 لضمان أن يقتصر تصنيع أجنحة الطائرة النفاثة من طراز بوينغ 777x على المنطقة.

وأضافت المنظمة أن الإعفاء "استثنائي"، ويطبق معدلا ضريبيا منخفضا جدا لضريبة الأعمال على شركة بوينغ في الولايات المتحدة، وهو ما رأته مخالفا لقواعدها لأنه مشروط باستخدام شركة صناعات الطيران لمواد خام محلية، ما يضر بقواعد التجارة المعمول بها عالميا، وورد في قرار المنظمة أن اللجنة التي نظرت شكوى الاتحاد الأوروبي اقتنعت بما دفع به الاتحاد من أن الإعفاء الضريبي الممنوح لبوينغ على تصنيع ومبيعات الطائرات التجارية بموجب برنامج 777x يعد بمثابة دعم مشروط باستخدام مواد خام محلية، غير مستوردة، وهو ما يخالف القواعد.

وأضافت المنظمة "بناء عليه، وبعد النظر في الطبيعة المشروطة لهذا الدعم المحظور محل النزاع القانوني، توصي اللجنة بإلغائه دون تراخي، خلال تسعين يوما"، مع ذلك، رفضت المنظمة شكوى الاتحاد الأوروبي بخصوص ستة إجراءات ضريبية أخرى رغم اعتبارها من بين أشكال الدعم.

من جهتها، قللت شركة بوينغ من شأن القرار الصادر من منظمة التجارة العالمية ضدها، وبينت الشركة العملاقة في بيان "إجمالا، زعم الاتحاد الأوروبي أن بوينغ تلقت دعما بقيمة 8.7 مليار دولار، هذا الزعم رفضته منظمة التجارة العالمية، التي رأت أن من غير المسموح أن يتجاوز إجمالي الحوافز الضريبية المستقبلية 50 مليون دولار سنويا".

وتتنافس بيونغ الأمريكية وأيرباص الأوروبية على عرش صناعة الطائرات المدنية عالميا

وأضافت الشركة أن "منظمة التجارة العالمية اكتشفت أيضا أن بوينغ لم تحقق أي مصلحة من الحافز الضريبي الخاص ببرنامج 777X حتى الآن، ولن تستفيد منه حتى عام 2020 لأن أول طائرة من هذا الطراز لن تُسلم قبل هذا التاريخ"، رغم ذلك، تبنت المفوضة الأوروبية للشؤون التجارية سيسيليا مالمستورم تفسيرا مختلفا لقرار منظمة التجارة العالمية.

وأفادت سيسيليا مالمستورم إن "اللجنة رأت أن الدعم الهائل الإضافي بقيمة 5.7 مليار دولار الذي منحته ولاية واشنطن لبوينغ مخالف تماما للقانون"، وأضافت "نتوقع أن تحترم الولايات المتحدة القواعد، وأن تلتزم بقواعد المنافسة الشريفة من خلال إلغاء الإعفاء الضريبي دون تراخي".

وفي محاولة لتهدئة الموقف، ذكر توم أندرز، الرئيس التنفيذي لأيرباص، المنافس القوي لبوينغ "لا زلت على قناعة بأن الطريقة الوحيدة للخروج من دائرة النزاعات السخيفة التي تبدأها الولايات المتحدة هو الاتفاق على قواعد دولية تُطبق من أجل دعم صناعة الطائرات المدنية، وهو ما يحقق مصلحة جميع الدول على ضفتي الأطلسي"، ووقعت منظمة التجارة العالمية قرارا مماثلا على ايرباص بسبب دعم الاتحاد الأوروبي، ولا يحق لأي من طرفي النزاع بشأن دعم بوينغ - وهما الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة - الاستئناف ضد قرار منظمة التجارة العالمية.

الاتحاد للطيران تراجع استراتيجية الاستثمار في شركات الطيران الأوروبية

أفادت الاتحاد للطيران ومصادر بقطاع النقل الجوي إن شركة الاتحاد للطيران الإماراتية ومقرها أبوظبي تراجع استراتيجيتها للاستثمار في شركات الطيران الأوروبية وتسعى إلى تخارج في إطار عملية تغيير قد تؤدي إلى رحيل رئيسها التنفيذي جيمس هوجان، وانتهجت الاتحاد استراتيجية تتمثل في الاستحواذ على حصص في ناقلات مثل إير برلين وأليطاليا وإير صربيا كوسيلة لتوسعة شبكتها الأوروبية لكن الخسائر تراكمت مع إخفاق إير برلين وأليطاليا في العودة إلى الربحية.

وأعلنت الاتحاد عن خفض للوظائف بينما سارت منافستها المحلية طيران الإمارات على نفس المسار بعد ذلك بيوم بمراجعة قوتها العاملة حيث تضغط طاقة استيعابية فائضة وقوة الدولار على الأرباح، حيث تتوقع المصادر أن يترك هوجان منصبه خلال الأشهر الثلاثة القادمة، وان يتم إعادة هيكلة الاتحاد ونقلت عن مصادر قولها إن الشركة تريد بدء التخارج من استثماراتها الأوروبية.

واستكملت الاتحاد صفقة لإير برلين التي تملك فيها حصة قدرها 29 بالمئة تتضمن قيام الشركة الألمانية بتأجير 38 طائرة بأطقمها إلى لوفتهانزا، واشترت الاتحاد أيضا نيكي وهي وحدة تابعة لإير برلين وضمتها لمشروع مشترك جديد لشركة للطيران الفاخر مع توي للسياحة، وسيؤدي ذلك إلى خفض أسطول طائرات إير برلين بمقدار النصف حيث سيتبقى لها 75 طائرة فقط لتركز على الرحلات الطويلة من برلين ودوسلدورف، وتدرس أليطاليا خفضا للوظائف وتعليق استخدام طائرات وإن لوفتهانزا قد تصبح مستثمرا في الناقلة الإيطالية المتعثرة وهو ما نفته الشركتان.

شركات الرحلات الجوية المنخفضة التكلفة تواجه صعوبات في اميركا اللاتينية

فبحسب منظمة السياحة العالمية، زار 96,6 مليون سائح اميركا اللاتينية في العام 2015 مع نمو مقدر بنسبة تراوح بين 4 و5 % في 2016، وعلى رغم الطفرة المسجلة في اوروبا والولايات المتحدة وآسيا لشركات الرحلات الجوية المنخفضة التكلفة، يواجه هذا القطاع صعوبة في الانطلاق بزخم في اميركا اللاتينية على رغم الاهمية الكبرى للسياحة في هذه المنطقة.

وتكفي مقارنة اسعار تذاكر السفر تبعا لطول المسافة في اميركا الجنوبية ومناطق اخرى في العالم لملاحظة الغلاء النسبي الكبير للاسعار في هذه المنطقة.

والأسباب الكامنة وراء هذا الوضع معروفة وتتمثل خصوصا بقلة المطارات الثانوية والمسافات الطويلة بين المدن والضوابط التشريعية الصارمة في ظل عدم وجود سوق مشتركة كما الحال في اوروبا، وفي المنطقة، وحدها المكسيك والبرازيل وكولومبيا فيها شركات طيران للرحلات المنخفضة التكلفة منذ العقد الاول من القرن الحالي، غير أنها تسير رحلات داخلية بشكل رئيسي كما ان اسعارها اغلى من تلك المقدمة في اوروبا.

وبالإضافة الى المنحى الليبرالي الذي اخذته الارجنتين والبرازيل، وهما سوقان كانتا خاضعتين لضوابط قانونية مشددة، يشير المحللون الى التوسع الحاصل في شبكة شركات الرحلات المنخفضة التكلفة، وفي الارجنتين، تعتزم شركة "فلاي بوندي" التي يملك اكثرية اسهمها جوليان كوك مؤسس شركة "فلاي بابو" السويسرية، الانطلاق قريبا مع حوالى عشر رحلات داخلية.

أما مجموعة "فيفا" الموجودة في المكسيك مع "فيفا ايروبوص" وفي كولومبيا مع "فيفا كولومبيا" فقد دشنت شركة "فيفا اير" في البيرو.

وعلى صعيد عمليات نقل الركاب، تتوقع "بوينغ" زيادة بنسبة 5,8 % في المنطقة خلال السنوات العشرين المقبلة، على ما توضح دونا هيرناك رئيسة المجموعة لأميركا اللاتينية، مع طائرات مزودة بأكثريتها بدرجة واحدة "ما يعكس النمو المتواصل لشركات الرحلات المنخفضة التكلفة ونموها في اميركا اللاتينية والكاريبي".

لوفتهانزا تتوقع توقف النمو السريع لشركات الطيران الخليجية

أكد كارستن سبور الرئيس التنفيذي لشركة لوفتهانزا إن شركته تعتقد أن مرحلة النمو السريع لشركات الطيران الخليجية توشك على نهايتها بما قد يساعد في تخفيف الضغط على قطاع شديد التنافسية، وذكر سبور بعد توقيع اتفاقيات لخدمات التموين والصيانة مع شركة الاتحاد للطيران ومقرها أبوظبي إن هناك مؤشرات على أن المنافسين الخليجيين بصدد الوصول إلى نهاية مرحلة النمو الذي شهدوه في الآونة الأخيرة.

ولطالما انتقدت لوفتهانزا النمو السريع لشركات الطيران الخليجية ومن بينها طيران الإمارات والخطوط الجوية القطرية والاتحاد للطيران مؤكدة إن دعم الدولة لتلك الشركات يخلق مناخ عمل غير عادل، وتخفض شركات طيران أوروبية مثل لوفتهانزا التكاليف وتطور مقصورات الركاب في مسعى للتأقلم مع منافسة الشركات الخليجية على رحلات المسافات الطويلة.

الا ان بعض شركات الطيران الخليجية تبنت في الآونة الأخيرة نبرة أكثر حذرا، وتجرى الاتحاد للطيران على سبيل المثال مراجعة لحصصها في ناقلات مثل ابر برلين وأليطاليا واير صربيا.

وجاءت تصريحات هوجان وسبور بعد أن وقعت الاتحاد اتفاقا بقيمة 100 مليون دولار للحصول على خدمات توريد الأطعمة والمشروبات من إل.إس.جي التابعة لشركة لوفتهانزا وافاد الجانبان إنهما سيستكشفان الفرص المتاحة لتقديم خدمات الصيانة وحدة تكنيك التابعة للوفتهانزا.

ويسري اتفاق التموين لمدة أربع سنوات وستقدم إل.إس.جي بموجبه خدمات الأطعمة والمشروبات في 16 مدينة خارج مركز الاتحاد للطيران في أبوظبي، وتأتي هذه الخطوة عقب توقيع الشركتين اتفاقا للمشاركة في الرمز العام الماضي وهو ما جرى الموافقة عليه بعد أن ذكرت لوفتهانزا إنها ستؤجر 38 طائرة بأطقمها من اير برلين التي تمتلك فيها الاتحاد حصة تبلغ 29 في المئة.

هبوط واقلاع مستمر

مثلما هو حال الطائرات الدائم مابين هبوط واقلاع، فأن صناعة الطائرات التي تعد من الصناعات الثقيلة والصناعات ذات الطابع الاحتكاري كون هناك عدة شركات فقط هي المسيطرة على السماء، بسبب طبيعة هذه الصناعة المكلفة والضخمة، فأن هذه الصناعة والتي لفترة طويلة لم تتأثر بقوة الرياح والاعاصير الحاصلة في الاقتصاد، بسبب قوة الاحتكار المطلقة التي تمتلكها تلك الشركات، الا ان الواقع الحالي جعل ارباب هذه الشركات يشعرون ان التحليق العالي قد لايستمر وان قد يجبروا على الهبوط الاضطراري بين الحين والاخر، والاسباب كثيرة منها انعكاسات الازمات الاقتصادية الحاصلة في مجال معين بفعل العولمة والاندماجات الصناعية واستمرار الابتكارات، ومنها سياسية لاسيما بعد تولي ترامب زمام السلطة في اميركا والذي هدد بالكثير من الحمائية التي هي الاخرى قد تنعكس على صناعة السماء بشكل سلبي، ومنها ضغوطات المنظمات العالمية على هذه الصناعة، فضلا عن دخول الوافدين الجدد على هذه الصناعة، مما يزحزح اباطرة سابقين عن عرشها، الامر الذي قد يعيد هيكلة هذه الصناعة بالكامل.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي