سقف سعر النفط الروسي.. هل يتسبب باهتياج الأسواق؟
وكالات
2022-09-05 07:56
اتفقت الدول الغنية على محاولة الحد من السعر العالمي للنفط الروسي، في حين أرجأت روسيا معاودة فتح خط أنابيب الغاز الرئيسي إلى ألمانيا، مع رفع الجانبين المخاطر في حرب طاقة بين موسكو والغرب بسبب أوكرانيا.
وأرجع عملاق الطاقة الروسي جازبروم الإغلاق إلى خطأ فني في خط أنابيب نورد ستريم 1. لكن المناورات على أعلى المستويات في سياسات الطاقة أبرزت تأثير الصراع وكيف أنه يتجاوز كثيرا حدود أوكرانيا.
وقالت جازبروم إنها لم تعد قادرة على توفير إطار زمني لاستئناف عمليات التسليم عبر خط الأنابيب، وهو إعلان من شأنه أن يزيد الصعوبات التي تواجه أوروبا في تأمين الوقود لفصل الشتاء في وقت تواجه فيه زيادة في تكاليف المعيشة بسبب ارتفاع فواتير الطاقة.
وكان من المقرر أن يستأنف نورد ستريم 1، الذي يمر تحت بحر البلطيق لتزويد ألمانيا وغيرها بالغاز، العمل بعد توقف لمدة ثلاثة أيام للصيانة.
وألقت موسكو باللوم على العقوبات التي فرضها الغرب بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في عرقلة العمليات الروتينية وصيانة نورد ستريم 1. وتقول بروكسل إن هذه ذريعة وإن روسيا تستخدم الغاز سلاحا اقتصاديا للرد على مسألة تحديد سقف سعري لنفطها وكذلك العقوبات التي يفرضها الغرب عليها.
وكان وزراء مالية مجموعة الديمقراطيات السبع الثرية - بريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة - قالوا في وقت سابق إن تحديد سقف لأسعار النفط الروسي يهدف إلى "تقليل... قدرة روسيا على تمويل حربها العدوانية مع الحد من تأثير الحرب الروسية على أسعار الطاقة العالمية" التي ارتفعت بشدة.
وقال الكرملين - الذي يصف الصراع بأنه "عملية عسكرية خاصة" - إنه سيتوقف عن بيع النفط إلى أي دولة تطبق ذلك الحد الأقصى.
وقف بيع النفط
قال الكرملين إن روسيا ستوقف بيع النفط للدول التي تفرض حدا أقصى لأسعار موارد الطاقة الروسية، وهو ما قالت موسكو إنه سيؤدي إلى زعزعة كبيرة لاستقرار سوق النفط العالمية.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين في مؤتمر عبر الهاتف "الشركات التي تفرض حدا أقصى للسعر لن تكون بين الحاصلين على النفط الروسي"، مؤيدا تعليقات أدلى بها ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي.
وأضاف بيسكوف "ببساطة، لن نتعاون معها على مبادئ غير سوقية".
وفرض الاتحاد الأوروبي في وقت سابق هذا العام حظرا جزئيا على مشتريات النفط الروسي، والذي تقول بروكسل إنه سيوقف 90 بالمئة من صادرات روسيا إلى التكتل المكون من 27 دولة عندما يدخل حيز التنفيذ بالكامل.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن الوقت حان ليبحث الاتحاد الأوروبي فرض حد أقصى مماثل للسعر على مشتريات الغاز الروسي.
وأشار بيسكوف إلى أن المواطنين الأوروبيين هم من يدفعون ثمن مثل هذه الإجراءات، التي جاءت ردا على عملية موسكو العسكرية في أوكرانيا.
وأضاف أن "أسواق الطاقة مصابة بالاهتياج. وهذا بشكل رئيسي في أوروبا، حيث أدت الإجراءات المناهضة لروسيا إلى وضع تشتري فيه أوروبا الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة مقابل الكثير من المال - أموال غير مبررة. الشركات الأمريكية تزداد ثراء ودافعو الضرائب الأوروبيون يزدادون فقرا".
وقال بيسكوف إن روسيا تدرس كيف يمكن أن يؤثر تحديد سقف لأسعار صادراتها النفطية على اقتصادها.
وأردف قائلا "شيء واحد يمكن قوله بثقة: مثل هذا التحرك سيؤدي إلى زعزعة استقرار أسواق النفط بشدة".
وقبل أن ترسل روسيا عشرات الآلاف من الجنود إلى أوكرانيا في فبراير شباط، كانت أوروبا وجهة لما يقرب من نصف صادرات روسيا من النفط الخام والمنتجات البترولية، وفقا للوكالة الدولية للطاقة.
كما نقلت وكالة انترفاكس للأنباء عن نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك قوله إن روسيا لن تورد النفط إلى السوق العالمي إذا فُرض سقف للأسعار.
وتحث وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين على وضع سقف لدفع أسعار النفط للانخفاض وجعل الأمر أكثر صعوبة على موسكو لتمويل حربها في أوكرانيا.
ونقلت انترفاكس عن نوفاك قوله للتلفزيون الروسي "إذا كانت هذه الأسعار التي يتحدثون عنها أقل من تكلفة إنتاج النفط، عندئذ فإن روسيا بالطبع لن تضمن توريد هذا النفط إلى الأسواق العالمية. هذا يعني أننا ببساطة لن نعمل بخسارة."
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للصحفيين في وقت سابق من إن أسعار النفط ستشهد زيادات حادة إذا فُرض سقف.
وتزيد البرازيل والصين والهند وبعض الدول في افريقيا والشرق الأوسط واردات الطاقة من روسيا التي تبيع بخصومات حادة عن خامات القياس العالمية لأن الكثير من شركات التكرير الأوروبية توقفت عن شراء النفط الروسي.
لا غاز لأوروبا
بدوره قال الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف إن موسكو ستوقف إمدادات الغاز لأوروبا إذا مضت بروكسل قدما في تحديد سقف لسعر الغاز الروسي.
وكتب ميدفيديف على تطبيق تيليجرام "ببساطة، لن يكون هناك غاز روسي في أوروبا"، ردا على تصريحات لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بشأن وضع سقف للسعر الذي تدفعه أوروبا مقابل الغاز الروسي.
وقال نائب وزير الخزانة الأمريكي والي أديمو إن الولايات المتحدة تأمل في فرض سقف عالمي لأسعار النفط الروسي بحلول ديسمبر كانون الأول.
وأضاف في منتدى آسبن الأمني في كولورادو "إننا نتابع العمل على ما فعله الأوروبيون... لقد طرحوا فكرة النظر في وضع حد أقصى للسعر لكنهم قالوا أيضا إنهم يخططون بحلول ديسمبر لفرض حظرهم على التأمين".
وتابع قائلا "هدفنا هو التأكد من أنه مع سريان حظر التأمين، سنكون في وضع يتضمن حدا أقصى للسعر يمكن ضمه إليه وأن يكون دوليا يساعد في خفض أسعار الطاقة العالمية ويسمح أيضا للطاقة الروسية بالتدفق إلى السوق".
ونقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك قوله للتلفزيون الروسي في وقت سابق الأربعاء إن بلاده لن تصدر النفط إلى السوق العالمية إذا فُرض سقف للأسعار دون تكلفة الإنتاج.
إيطاليا ستنفق 100 مليار يورو
من جهته قال وزير الاقتصاد الإيطالي دانييلي فرانكو إن صافي تكاليف واردات الطاقة الإيطالية سيقترب من 100 مليار يورو (99.5 مليار دولار) هذا العام، مما يقضي على صافي الفائض في المبادلات مع بقية العالم الذي سجلته البلاد في السنوات الأخيرة.
وأضاف فرانكو أن إيطاليا اعتمدت العام الماضي على الواردات في 75 بالمئة من استهلاكها للطاقة. ويبلغ صافي تكلفة واردات الطاقة 43 مليار يورو.
وقال فرانكو في منتدى أمبروسيتي السنوي للأعمال في تشيرنوبيو "إننا ننقل الثروة إلى الخارج".
وتابع قائلا إن مبلغ 100 مليار يورو "يصل الى ثلاث نقاط مئوية من الناتج المحلي الاجمالي والذي ننقله الى دول منتجة للطاقة".
وذكر أن الحكومة أنفقت 33 مليار يورو منذ بداية العام لتبديد أثر ارتفاع أسعار الطاقة على الاقتصاد، لكن هذه الاستراتيجية مكلفة جدا ولا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية.
وقال "ما يهم هو معالجة أداء سوق الطاقة الأوروبية... من أجل توصيل أسعار الغاز والطاقة إلى مستويات محتملة".
البدائل المتاحة لأوروبا
قالت شركة جازبروم الروسية، قبل يوم من حلول أجل استئناف تدفقات الغاز الطبيعي عبر خط الأنابيب نورد ستريم 1 الذي يوصل الغاز الروسي إلى ألمانيا، إن الخط سيخضع لمزيد من أعمال الصيانة، الأمر الذي يعمق المصاعب التي تواجه أوروبا في الحصول على احتياجاتها من الوقود.
وكانت جازبروم تنفذ بالفعل أعمال صيانة في الخط في الفترة من 31 أغسطس آب إلى الثاني من سبتمبر أيلول مما أثار مخاوف بشأن الإمدادات لأوروبا قبل بداية فصل الشتاء إذا تم تمديد وقف الضخ.
وقلصت روسيا التدفقات عبر الخط إلى 40 في المئة في يونيو حزيران و20 في المئة في يوليو تموز.
وقطعت أيضا الإمدادات عن عدة دول أوروبية مثل بلغاريا والدنمرك وفنلندا وهولندا وبولندا، وخفضت التدفقات عبر خطوط أنابيت أخرى منذ إطلاق ما تسميه "عملية عسكرية خاصة" في أوكرانيا.
وفيما يلي إيضاح لخيارات أوروبا:
ما هي الطرق الرئيسية لنقل لغاز الروسي إلى أوروبا؟
في العادة تزود روسيا أوروبا بنحو 40 في المئة من احتياجاتها من الغاز، معظمها عبر خطوط أنابيب. وبلغت الإمدادات في العام الماضي نحو 155 مليار متر مكعب.
وعن طريق أوكرانيا، يصل الغاز إلى النمسا وإيطاليا وسلوفاكيا ودول أخرى في أوروبا الشرقية. وأغلقت أوكرانيا خط الأنابيب سوخرانوفكا الذي يمر في الأراضي التي تحتلها روسيا في شرق البلاد.
وتسعى الدول الأوروبية إلى إيجاد إمدادات بديلة، ويشمل ذلك بعض الغاز الروسي الذي أوقفت موسكو ضخه بعد رفض طلب روسيا دفع الثمن بالروبل.
وما زالت دول أخرى، من بينها ألمانيا، في احتياج إلى الغاز الروسي وتحاول إعادة ملء مستودعاتها قبل حلول الشتاء.
وتشمل الطرق البديلة إلى أوروبا، والتي لا تمر عبر أوكرانيا، خط الأنابيب يامال-أوروبا الذي يمر عبر روسيا البيضاء وبولندا إلى ألمانيا.
وتبلغ طاقة خط يامال-أوروبا 33 مليار متر مكعب، أي نحو سُدس صادرات الغاز الطبيعي الروسية لأوروبا. ومنذ بداية العام الجاري تم عكس التدفقات لتكون إلى الشرق بين ألمانيا وبولندا.
وفرضت موسكو عقوبات على مالك الجزء البولندي من الخط يامال-أوروبا. ومع ذلك، قال وزير المناخ البولندي إن بإمكان بلاده أن تستخدم الخط دون عكس تدفق الغاز في خط يامال.
وفيما يتصل بنورد ستريم 1، ألقى الكرملين باللوم على العقوبات الغربية في التأخير في عودة معدات خاصة بالخط أُرسلت إلى كندا للصيانة.
ما هي خيارات توريد الغاز المتاحة أمام أوروبا؟
بعض البلدان لديها خيارات إمداد بديلة وشبكة غاز أوروبية متصلة ببعضها بحيث يمكن تقاسم الإمدادات، على الرغم من أن سوق الغاز العالمية كانت شحيحة حتى قبل الأزمة الأوكرانية.
وربما تستورد ألمانيا، أكبر مستهلك للغاز الروسي في أوروبا والتي أوقفت التصديق على خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 الجديد القادم من روسيا بسبب حرب أوكرانيا، الغاز من بريطانيا والدنمرك والنرويج وهولندا عبر خطوط أنابيب.
وتعمل النرويج، ثاني أكبر مورد للغاز في أوروبا بعد روسيا، على زيادة الإنتاج لمساعدة الاتحاد الأوروبي في تحقيق هدفه المتمثل في إنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي بحلول عام 2027.
وأبرمت شركة سنتريكا البريطانية اتفاقا مع شركة إكوينور النرويجية لزيادة الإمدادات في فصول الشتاء الثلاثة المقبلة. ولا تعتمد بريطانيا على الغاز الروسي ويمكنها أيضا التصدير إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب.
ويمكن لجنوب أوروبا استقبال الغاز الأذربيجاني عبر خط الأنابيب العابر للبحر الأدرياتيكي إلى إيطاليا وخط أنابيب الغاز الطبيعي عبر تركيا.
وقالت الولايات المتحدة إنها تستطيع توريد 15 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال إلى الاتحاد الأوروبي هذا العام.
لكن مصانع الغاز الطبيعي المسال الأمريكية تنتج بكامل طاقتها، وسيؤدي انفجار وقع في محطة تصدير الغاز الطبيعي المسال الرئيسية في تكساس إلى بقائها معطلة حتى أواخر نوفمبر تشرين الثاني.
ولدى محطات الغاز الطبيعي المسال في أوروبا قدرة محدودة أيضا على توريد كميات إضافية، على الرغم من أن بعض الدول تقول إنها تبحث عن طرق لزيادة الواردات والتخزين.
وألمانيا من بين أولئك الذين يرغبون في بناء محطات جديدة للغاز الطبيعي المسال وتخطط لبناء اثنتين في غضون عامين فقط.
وقالت بولندا، التي تعتمد على روسيا في نحو 50 بالمئة من استهلاكها من الغاز أو نحو عشرة مليارات متر مكعب، إنها تستطيع الحصول على الغاز عبر وصلتين مع ألمانيا. وسيُفتتح خط أنابيب جديد يسمح بتدفق ما يصل إلى عشرة مليارات متر مكعب من الغاز سنويا بين بولندا والنرويج في أكتوبر تشرين الأول. كما تم تشغيل وصلة غاز جديدة بين بولندا وسلوفاكيا الأسبوع الماضي.
وتريد إسبانيا إحياء مشروع لبناء خط ثالث للغاز عبر جبال البرانس، لكن فرنسا قالت إن محطات الغاز الطبيعي المسال الجديدة، التي يمكن أن تكون عائمة، ستكون خيارا أسرع وأرخص من عمل خط أنابيب جديد.
خيارات بديلة
يمكن لبعض الدول أن تسعى لسد الفجوة في إمدادات الطاقة من خلال اللجوء لواردات الكهرباء عبر الموصلات من جاراتها أو من خلال تعزيز القدرة على توليد الكهرباء من الطاقة النووية أو الطاقة المتجددة أو الطاقة الكهرومائية أو الفحم.
ويتراجع حجم المتاح من الطاقة النووية في بلجيكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا مع تعرض المحطات في هذه الدول لانقطاعات مع تقادمها أو وقف تشغيلها أو خروجها من الخدمة. وانحسرت مستويات المياه هذا الصيف بسبب قلة الأمطار وموجة الحر.
وتسعى أوروبا للابتعاد عن استخدام الفحم لتلبية أهداف المناخ، لكن أُعيد تشغيل بعض المصانع منذ منتصف عام 2021 بسبب ارتفاع أسعار الغاز.
واتفق وزراء الطاقة على أنه يتعين على جميع دول الاتحاد الأوروبي خفض استخدام الغاز طوعا بنسبة 15 بالمئة اعتبارا من أغسطس آب إلى مارس آذار، مقارنة بمتوسط الاستهلاك السنوي خلال الفترة من 2017 إلى 2021، وطرحوا أهدافا على مستوى الاتحاد الأوروبي لتخزين الغاز.
وأطلقت ألمانيا المرحلة الثانية من خطتها الطارئة ذات المراحل الثلاث وحثت الشركات والمستهلكين على توفير الغاز لتجنب الاضطرار لترشيد الاستهلاك قسرا.
وقال وزير الطاقة الهولندي إن من الممكن اللجوء لحقل خرونينجن الهولندي لمساعدة الدول المجاورة في حالة القطع الكامل للإمدادات الروسية، لكن زيادة الإنتاج قد تتسبب في حدوث زلازل.