الصدمة النفطية توقف تحليق أسعار النفط عاليا

وكالات

2022-03-12 07:04

استقرت أسعار النفط على انخفاض يوم الخميس عقب جلسة متقلبة، بعد يوم من أكبر انخفاض يومي لها منذ عامين، إذ تعهدت روسيا بالوفاء بالتزاماتها التعاقدية وقال متعاملون إن مخاوف تعطل الإمدادات مبالغ فيها.

ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير شباط، كانت أسواق النفط الأكثر تقلبا في عامين، إذ سجل خام برنت القياسي العالمي أكبر انخفاض له منذ أبريل نيسان 2020 يوم الأربعاء، بعد يومين فقط من تسجيله أعلى مستوى في 14 عاما عند أكثر من 139 دولارا للبرميل.

وقال الرئيس فلاديمير بوتين في كلمة أمام اجتماع حكومي إن روسيا ستواصل الوفاء بالتزاماتها التعاقدية بشأن إمدادات الطاقة. وروسيا منتج رئيسي للطاقة يزود أوروبا بثلث الغاز وسبعة في المئة من النفط العالمي.

ومع ذلك، يتم تجنب النفط من ثاني أكبر مصدر للنفط في العالم بسبب غزوها لأوكرانيا. ووسط حالة من عدم اليقين بشأن مصدر الإمدادات البديلة، أرسلت تعليقات المسؤولين في الإمارات إشارات متضاربة، مما زاد من التقلبات.

ونزل خام برنت 13 بالمئة يوم الأربعاء بعد أن قال سفير الإمارات في واشنطن إن بلاده ستشجع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) على النظر في زيادة الإنتاج.

وتراجع وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي عن تصريح السفير وقال إن بلاده ملتزمة بالاتفاقات القائمة مع أوبك لزيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل فقط يوميا كل شهر.

وفي حين أن الإمارات والسعودية لديهما طاقة فائضة، يكافح بعض المنتجين الآخرين في تحالف أوبك+ لتحقيق أهداف الإنتاج بسبب نقص الاستثمار في البنية التحتية على مدى السنوات القليلة الماضية.

أسعار النفط قد تقفز فوق 300 دولار

لكن نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك قال محذرا من ان أسعار النفط قد تقفز فوق 300 دولار للبرميل إذا حظرت الولايات المتحدة وأوروبا واردات الخام من روسيا.

وأضاف نوفاك في بيان بالفيديو أذاعه التلفزيون الروسي "من الواضح تماما أن رفض النفط الروسي سيؤدي إلى عواقب كارثية للسوق العالمي."

"القفزة في الأسعار ستكون من المتعذر التنبؤ بها. سيصل (السعر) إلى 300 دولار للبرميل إن لم يكن أكثر."

وقال محللون في شركة (ريستاد إنرجي) الاستشارية ومقرها أوسلو إن أسعار النفط العالمية ربما ترتفع إلى 200 دولار للبرميل إذا حظرت أوروبا والولايات المتحدة واردات النفط الروسية في أعقاب غزو أوكرانيا.

وجري الأسبوع الماضي تداول عقود خام القياس العالمي مزيج برنت عند 129 دولارا للبرميل حاليا مقارنة مع حوالي 97 دولارا قبل الحرب.

وارتفعت أسعار النفط مع فرض الولايات المتحدة حظرا على واردات النفط الروسية وتصريحات بريطانيا بأنها ستتوقف تدريجيا عن استيراد النفط ومنتجاته من روسيا بنهاية العام.

ومن المتوقع أن تحدث هذه القرارات المزيد من الاضطرابات بسوق الطاقة العالمية إذ أن روسيا ثاني أكبر مصدر للنفط الخام.

وارتفعت أسعار النفط أكثر من 30 بالمئة منذ غزو روسيا لأوكرانيا. وفرضت الولايات المتحدة ودول أخرى مجموعة من العقوبات، التي عرقلت بالفعل صادرات النفط والغاز من روسيا حتى قبل فرض الحظر مع سعي التجار إلى تجنب الوقوع تحت طائلة عقوبات مستقبلية.

وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن حظر واردات النفط وواردات الطاقة الأخرى من روسيا. وقالت بريطانيا إنها ستتوقف تدريجيا عن استيراد النفط ومنتجاته من روسيا بنهاية عام 2022 لتمنح السوق والشركات وقتا لإيجاد بديل.

وسجلت العقود الآجلة لخام برنت 127.98 دولار للبرميل عند التسوية بارتفاع 3.9 بالمئة، بينما بلغت العقود الأمريكية الآجلة 123.70 دولار للبرميل بزيادة نسبتها 3.60 بالمئة.

وتُصدر روسيا ما بين سبعة وثمانية ملايين برميل يوميا من النفط الخام والوقود للأسواق العالمية.

وقال مات سميث، كبير محللي النفط بشركة كبلر، إن الولايات المتحدة تستورد كميات ضئيلة جدا من النفط من روسيا، غير أن الحظر يمثل "سببا إضافيا آخر لخسارة إمدادات".

وتابع "إنه مجرد تصعيد آخر ضمن سلسلة أحداث دفعت أسعار النفط الخام والمنتجات للارتفاع".

ورفع جولدمان ساكس توقعاته لسعر خام برنت في 2022 إلى 135 دولارا للبرميل من 98 دولارا، ولعام 2023 إلى 115 دولارا للبرميل من 105 دولارات، قائلا إن الاقتصاد العالمي ربما يواجه "أكبر صدمات على الإطلاق في إمدادات الطاقة" بسبب دور روسيا الرئيسي.

تأتي اضطرابات الإمدادات في وقت يستمر فيه انخفاض المخزونات على مستوى العالم. وتوقع خمسة محللين استطلعت رويترز آرائهم انخفاض المخزون الأمريكي من الخام بنحو 700 ألف برميل في الأسبوع المنتهي في الرابع من مارس آذار.

أزمة شبيهة بالصدمة النفطية في 1973

من جهته قال وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير إن أزمة الطاقة الحالية المترافقة مع ارتفاع كبير في الأسعار "شبيهة بحدتها بالصدمة النفطية في العام 1973".

وأوضح أن خطة ثانية كبيرة من المساعدات الرسمية على غرار ما حصل خلال كوفيد-19 "ستغذي ارتفاع الأسعار".

وقال لومير "ذلك يعود إلى صب الزيت على النار. في العام 1973، تسببت هذه الاستجابة في حدوث الصدمة التضخمية التي تعلمونها، ما دفع البنوك المركزية إلى زيادة معدلات الفائدة بشكل كبير، الامر الذي قضى على النمو".

وتابع الوزير الفرنسي في بداية مؤتمر يجمع في باريس سياسيين وأصحاب أعمال ومتخصصين في الطاقة واقتصاديين "هذا له اسم، هو الركود التضخمي، إنه بالتحديد ما لا نريد أن نعيشه مجددا في العام 2022".

وتعتمد أوروبا بشكل كبير على الطاقة الروسية وتحاول إيجاد حل للأشهر القليلة المقبلة.

ووفقا له، فإن "الاستجابة الجيدة التي نعرفها هي الاستقلال التام"، داعيا الفرنسيين والأوروبيين إلى تنويع إمداداتهم عبر زيادة احتياطات الغاز لفصل الشتاء المقبل وحماية الأسر ذات الدخل المنخفض والشركات المتضررة.

وأعلنت وزيرة التحوّل البيئي الفرنسية باربرا بومبيلي التي تتولّى بلادها حالياً الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي خلال زيارة إلى نيويورك الأربعاء أنّ دول التكتّل الـ27 لا يمكنها أن تفرض حظراً تاماً على وارداتها من النفط والغاز الروسيين على غرار ما فعلت الولايات المتحدة.

وفي حين قرّرت واشنطن ولندن وقف وارداتهما من الغاز والنفط الروسيين، الأولى فوراً والثانية بحلول نهاية العام، فإنّ الاتّحاد الأوروبي، الذي يعتمد أكثر بكثير منهما على مصادر الطاقة الروسية ليس جاهزاً لأن يحذو حذوهما، لكنّه مع ذلك قرّر التصرّف بطريقة يخفّض فيها مشترياته من الغاز الروسي بمقدار الثلثين اعتباراً من هذا العام.

وخلال زيارة إلى مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك قالت بومبيلي للصحافيين إنّ الدول الـ27 ستتّخذ "إجراءات شديدة للغاية. من الآن وحتى نهاية العام (ينبغي أن) ننجح في الاستغناء عن ثلثي وارداتنا "من الغاز الروسي.

وشدّدت الوزيرة الفرنسية على "مدى ما يعنيه هذا الأمر بالنظر إلى تبعيتنا الراهنة" للغاز الروسي.

وقالت الوزيرة الفرنسية إن "الرئيس (الأميركي) جو بايدن هو نفسه قال إنّ الوضع في الولايات المتحدة وأوروبا لا يمكن مقارنته وإنه لم يكن ينوي أن يطلب منّا أن نتّخذ قراراً من نفس النوع".

ويمثّل النفط الروسي 8% فقط من واردات الولايات المتحدة من الذهب الأسود، أما الغاز الروسي فلا تستورده الولايات المتحدة بتاتاً.

بالمقابل يستورد الاتّحاد الأوروبي من روسيا 45% من مشترياته من الغاز والفحم و25% من مشترياته من النفط.

وفي إطار سعيها لتخفيف هذه التبعية الأوروبية لروسيا في مجال الطاقة من دون أن تعرّض في الوقت نفسه اقتصادات دولها للخطر، اقترحت بروكسل على الدول الـ27 تنويع إمداداتها وزيادة احتياطياتها وترشيد استهلاكها للطاقة.

تقلص نمو الاقتصادات

بدورهم قال مسؤول بالبنك الدولي إن استمرار ارتفاع أسعار النفط الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا قد يقلص نمو الاقتصادات النامية الكبيرة المستوردة للخام، مثل الصين وإندونيسيا وجنوب إفريقيا وتركيا، بواقع نقطة مئوية كاملة.

وأضاف إندرميت جيل، نائب رئيس البنك للنمو العادل والتمويل والمؤسسات، في مدونة نشرها أن الحرب ستوجه المزيد من انتكاسات النمو للأسواق الناشئة المتراجعة بالفعل على مسار التعافي من جائحة كوفيد-19 والتي تجد صعوبة في مواجهة مجموعة من أوجه عدم اليقين، من الديون إلى التضخم.

وقال جيل "أدت الحرب إلى تفاقم حالة عدم اليقين بطرق ستتردد صداها في جميع أنحاء العالم، وتضر بالأشخاص الأكثر ضعفا في الأماكن الأكثر هشاشة".

وأضاف "من السابق لأوانه معرفة الدرجة التي سيغير بها الصراع التوقعات الاقتصادية العالمية".

ويعتمد بعض البلدان في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأفريقيا وأوروبا اعتمادا كبيرا على روسيا وأوكرانيا في الغذاء، إذ يشكل البلدان معا أكثر من 20 في المئة من صادرات القمح العالمية.

وقال جيل إن التقديرات الصادرة عن نشرة مقبلة للبنك الدولي تشير إلى أن زيادة في أسعار النفط عشرة بالمئة تستمر سنوات عدة يمكن أن تخفض النمو في الاقتصادات النامية المستوردة للسلع الأساسية بمقدار عُشر نقطة مئوية.

وتضاعفت أسعار النفط خلال الأشهر الستة الماضية.

وقال جيل "إذا استمر هذا، فقد يقلص النفط النمو في مستوردي النفط، مثل الصين وإندونيسيا وجنوب إفريقيا وتركيا، بواقع نقطة مئوية كاملة".

وأضاف "قبل اندلاع الحرب، كان من المتوقع أن تنمو جنوب إفريقيا بنحو اثنين في المئة سنويا في عامي 2022 و2023،وتركيا اثنين إلى ثلاثة في المئة، والصين وإندونيسيا خمسة بالمئة".

وتصف روسيا أفعالها في أوكرانيا بأنها "عملية خاصة".

أمريكا مستعدة للتحرك بمفردها

وفي سياق متصل قال مصدران مطلعان لرويترز إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مستعدة للتحرك قدما في فرض حظر على واردات النفط من روسيا إلى الولايات المتحدة بدون مشاركة حلفائها في أوروبا.

ومن المتوقع أن يعقد بايدن مؤتمرا عبر دائرة تلفزيونية مغلقة مع زعماء فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة يوم الاثنين بينما تواصل إدارته السعي إلى دعم لحظر على تلك الواردات.

وقال مسؤول أمريكي بارز لرويترز إنه لم يتم اتخاذ قرار نهائي لكن "من المرجح إذا حدث أن يقتصر على الولايات المتحدة."

وقفزت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها منذ 2008 بسبب تأجيلات في العودة المحتملة للخام الإيراني إلى الأسواق العالمية وبينما تدرس الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون حظر الواردات الروسية.

وتعتمد أوروبا بشدة على روسيا في النفط الخام والغاز الطبيعي لكنها أصبحت أكثر انفتاحا على فكرة حظر المنتجات الروسية. وتعتمد الولايات المتحدة بدرجة أقل بكثير على الخام والمنتجات النفطية من روسيا لكن فرض حظر سيساعد في دفع الأسعار لمزيد من الصعود والإضرار بالمستهلكين الأمريكيين الذين يعانون بالفعل من أسعار عند مستويات تاريخية مرتفعة في محطات الوقود.

وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الثلاثاء فرض حظر على واردات النفط وواردات الطاقة الأخرى من روسيا ردا على غزو أوكرانيا مؤكدا دعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي القوي لخطوة اعترف بأنها سترفع أسعار الطاقة الأمريكية.

وقال بايدن للصحفيين في البيت الأبيض "نعلن حظر جميع واردات النفط والغاز الروسية.. وهذا يعني أنه لن يتم قبول النفط الروسي بعد الآن في الموانئ الأمريكية وسيوجه الشعب الأمريكي ضربة قوية أخرى لآلة حرب (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين".

ويعمل بايدن مع الحلفاء في أوروبا الذين يعتمدون بشكل أكبر على النفط الروسي لعزل الاقتصاد الروسي وبوتين.

وأعلنت بريطانيا قبل وقت قصير من تصريحات بايدن أنها ستتوقف تدريجيا عن استيراد النفط ومنتجاته من روسيا بنهاية عام 2022.

وقال بايدن إن التحركات الأخيرة تمت بالتشاور الوثيق مع الحلفاء والشركاء في جميع أنحاء العالم.

وتوقع بايدن أن ترتفع الأسعار أكثر نتيجة "حرب بوتين"، لكنه تعهد ببذل كل ما في وسعه لتقليل التأثير على الشعب الأمريكي.

كما حذر شركات الغاز الأمريكية من استغلال الموقف للتربح أو التلاعب في الأسعار.

وفي موازاة ذلك، أعلن وزير الأعمال والطاقة البريطاني كواسي كوارتنغ وقف بلاده استيراد النفط الخام والمنتجات البترولية الروسية بحلول نهاية العام 2022.

وترفض أوروبا في الوقت الحالي فرض حظر على الواردات الروسية التي توفر 40% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي و30% من نفط.

لكن الولايات المتحدة هي مصدّرة بحتة للطاقة أي أنها تُنتج كميات نفط وغاز أكثر من حاجتها الاستهلاكية، حسبما ذكّر بايدن.

وأوضح "يمكننا اتخاذ هذا القرار فيما لا يستطيع آخرون ذلك".

وتابع "لكننا نعمل بشكل وثيق مع أوروبا وشركائنا لوضع استراتيجية على المدى الطويل من أجل تخفيف اعتمادهم على الطاقة الروسية".

وأضاف الرئيس الأميركي "نبقى متّحدين في نيّتنا مواصلة ممارسة ضغط متزايد على بوتين وعلى آلته الحربية".

كذلك، تدرس اليابان، من بين خيارات أخرى، فرض حظر على واردات الطاقة الروسية، بحسب وسائل إعلام يابانية.

أما شركات النفط فتعلن الواحدة تلو الأخرى انسحابها من روسيا. وسارت شل على خطى "بي بي" و"إكسون موبيل" الأميركية و "إيني" الإيطالية.

ولا يشكّل النفط الروسي إلّا 8% من الواردات الأميركية و4% من استهلاك المشتقات النفطية في الولايات المتحدة التي لا تستورد الغاز الروسي. حتى قبل غزو أوكرانيا، خفضت واردات الولايات المتحدة بالفعل إلى حد كبير.

تردد بايدن في البداية، خصوصا أن من شأن هذا الحظر أن يفاقم التضخم الذي يلقي بثقله على ولايته منذ أشهر، وهو بذلك يستجيب لطلب الكثير من أعضاء الكونغرس الذين يحثونه على التحرك منذ عدة أيام.

وكان المشرعون الأميركيون باشروا إعداد مشروع قانون تدعمه الغالبية الديموقراطية والمعارضة الجمهورية - وهو أمر نادر في سياق الانقسام السياسي الشديد في الولايات المتحدة - لحظر هذه الواردات من النفط والغاز الروسي.

وقرر بايدن بذلك استباق خطوتهم راغبا في ترسيخ التحسن الطفيف في شعبيته الذي حصده في استطلاعات الرأي بفضل إدارته للحرب في أوكرانيا.

قال السناتور الجمهوري عن ولاية تكساس تيد كروز لمحطة "سي إن بي سي" إنه اتخذ "القرار الصحيح" مضيفاً "أن الخطوة التالية هي العمل مع أوروبا للقيام بالشيء نفسه، والتخلص من النفط والغاز الروسيين".

وحذر السناتور الديموقراطي عن ولاية ديلاوير كريس كونز في تصريح لمحطة "سي إن إن" من أن الولايات المتحدة "ستشهد ارتفاعا في أسعار الوقود" و"أوروبا، ستشهد ارتفاعاً هائلاً. هو ثمن الدفاع عن الحرية ومساندة الشعب الأوكراني".

وحتى من دون فرض حظر، ارتفعت أسعار النفط بحوالى 30 بالمئة على وقع الغزو الروسي، فيما اقتربت عقود برنت الآجلة من 130 دولار الثلاثاء.

وارتفعت الأسعار في المحطات إلى 4,17 دولارات للغالون الثلاثاء، بحسب جمعية السيارات الأميركية، مقارنة ب3,46 دولارات قبل شهر.

الخليج يواجه ضغوط الغرب

رغم الدعوات للعمل على الحدّ من ارتفاع أسعار النفط الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا، تقاوم دول الخليج الغنية بموارد الطاقة الضغوط الغربية سعيا لحماية مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية، بحسب خبراء.

وكانت منظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفاؤها في تحالف "أوبك بلاس" بقيادة السعوديين والروس، رفضوا الدعوة إلى زيادة الإنتاج بوتيرة أسرع.

ويقول الخبير في شؤون الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية حسن الحسن لوكالة فرانس برس "تختبر دول الخليج قدرتها على التمتع باستقلالية استراتيجية للدفاع عن مصالحها".

ويبدو أن الدول الخليجية المنتجة التي عانت من انخفاض أسعار النفط منذ العام 2014، أقل ميلًا للتحرك الفوري، لأنها تستفيد من ارتفاع الأسعار على المدى القصير.

وفي حال بقي سعر البرميل فوق مستوى 100 دولار، فلن تعاني أي من ميزانيات دول مجلس التعاون الخليجي الست عجزا في عام 2022، وفق ما كتبت الخبيرة في أسواق الطاقة كارين يونغ على موقع معهد دول الخليج العربي ومقره واشنطن.

بالنسبة لنائبة رئيس مكتب مؤسسة "إنرجي انتليجنس" المتخصصة بالطاقة أمينة بكر، "لا يوجد نقص في النفط الخام في السوق، بحسب أوبك"، مضيفة أنّ "تأثير العقوبات الغربية على صادرات النفط والغاز الروسية ما زال مجهولا".

وترى بكر أنّ الدولتين الوحيدتين في "اوبك بلاس" القادرتين على زيادة الضخ، هما السعودية والإمارات، لكنهما تبقيان بعيدتان عن سدّ فجوة الصادرات الروسية، موضحة أنّ الانتاج الإضافي يمكن أن يصل إلى 2,5 مليون برميل يوميا "بينما تقترب الصادرات الروسية من 4,8 ملايين برميل".

رغم الأرباح السريعة، تدرك البلدان المنتجة للنفط أن الأسعار المرتفعة تخاطر بضرب الاقتصاد العالمي وتسريع عملية التحوّل "الخضراء" في الطاقة، خصوصا أن الارتفاع يأتي في خضم حملة التعافي من تبعات فيروس كورونا.

ويقول الحسن إنه بالنسبة للسعودية "الأهم هو أن تكون قادرة على تثبيت الأسعار"، وهو أمر يعتمد على التعاون مع روسيا في إطار "أوبك بلاس"، مضيفا "في آخر مرة تواجه فيها العرب وروسيا حول حصص الإنتاج، أدى ذلك إلى حرب أسعار ثم إلى انهيار في الأسعار".

وتؤكّد بكر من جهتها أن "إبقاء روسيا ضمن أوبك بلاس أمر ضروري للدول الأعضاء. إنها الطريقة الوحيدة للحفاظ على دفة إدارة السوق في السنوات القادمة".

بينما ترتفع الأسعار، أعلنت وكالة الطاقة الدولية أن الدول الأعضاء فيها ستفرج عن 60 مليون برميل من احتياطياتها الطارئة من أجل استقرار السوق، نصفها من الولايات المتحدة.

ويرى الحسن أن الضغط الذي مارسته الولايات المتحدة على شركائها الخليجيين المقربين كان "محدودًا" حتى الآن، ويجب أن "ننتظر لنرى ما إذا كان سيزداد في الأيام المقبلة".

وتابع "رد دول الخليج هو أن +هذه الحرب ليست حربنا+، وهي رسالة تشبه إلى حد بعيد الرسالة التي يرسلها لهم الأميركيون منذ سنوات عدة حول اليمن".

وتوقّعت الرياض وأبوظبي مواقف أكثر حزماً من واشنطن ضد المتمردين، إذ يتردّد الأميركيون في تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية"، وقد سحبوا دعمهم العسكري المباشر للتحالف. وتتّهم منظمات حقوقية أطراف الصراع كافة بارتكاب "جرائم حرب".

وأقرّ سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة يوسف العتيبة خلال مؤتمر في أبوظبي بأن العلاقات بين الولايات المتحدة والإمارات تمرّ بمرحلة "اختبار"، لكنّه أضاف أنّه "واثق من أننا سنخرج منها وسنكون في موقع أفضل".

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا