خبراء للنبأ عن إصلاحات الورقة البيضاء للاقتصاد العراقي

شبكة النبأ

2020-10-18 09:01

مجلس الوزراء العراقي أقر آليات جديدة للإصلاح الاقتصادي أطلق عليها اسم الورقة البيضاء قال إنها تتضمن مئات الإجراءات الكفيلة بإحياء الاقتصاد العراقي، وقال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، إن ورقة الإصلاح هي مشروع حل لأزمة إدارة الاقتصاد المزمنة، والاعتماد الكامل على النفط وعدم تنويع مصادر الدخل.

شبكة النبأ المعلوماتية وجهت اسئلتها لمجموعة الخبراء عن هذا الموضوع:

ماهو رأيكم، هل ستؤدي إصلاحات الورقة البيضاء الى حل مشكلة الاقتصاد العراقي المزمنة؟

ماهو تقييمكم الإجمالي للورقة البيضاء؟

ماهي الإيجابيات التي ستؤدي اليها هذه الورقة؟ وماهي السلبيات التي ستفرزها هذه الورقة؟

ماهي العقبات التي تقف امام تطبيق هذه الورقة؟

ماهي الآثار القريبة المدى والمتوسطة والبعيدة التي ستتركها هذه الورقة على المواطن العراقي؟

وكانت هذه الإجابات:

- الدكتور حيدر آل طعمة:

الأجوبة وفق التسلسل:

١. مضمون الورقة مطروح منذ سنوات في استراتيجيات التنمية والإصلاح الاقتصادي كما أنها تناولت محاور تتطلب الإصلاح والتغيير والحوكمة معروفة لدى الحكومة والخبراء والمختصين. رغم ذلك فإنها جاءت في وقت مناسب ومن جهة وزارة المالية في حين كانت جميع الخطط توضع من قبل الأمانة العامة ووزارة التخطيط.

٢. إيجابيات الورقة كثيرة اذا ما طبقت خاصة وأن وزارة المالية تنوي اذا ما تم الاتفاق على الورقة تضمينها في بنية موازنة العام 2021 لتكون حيز التطبيق وهو منجز كبير مقارنة ببقية سياسات الإصلاح التي بقيت حبرا على ورق. خصوصا وأن الأهداف العليا للورقة تتركز على الحوكمة والتنويع وترشيد الإنفاق وتعظيم الإيرادات وإصلاح ملامح التشوه في الاقتصاد العراقي ولو بشكل اولي على ان تعتمد الوزارة خطة مفصلا لاحقا كما تمت الإشارة في نهاية الورقة.

٣.لا توجد وصفة علاج بدون آثار جانبية وألم ولا يوجد إصلاح بدون تداعيات اقتصادية ومالية.. ولا يعني ذلك أن مضمون الورقة ثوري وصادم بقدر ما يعني تراكم الاختلالات الهيكلية واحتقان الوضع المالي بسبب سنوات من تأجيل الإصلاح وترحيل المشاكل الاقتصادية الكبرى نظرا لانعدام المسؤولية الوطنية لدى النخب القابضة على السلطة وتفصيل خيار تحقيق المكاسب المادية والشعبية على حساب الإصلاح الاقتصادي وما قد يخلفه من أضرار للسلطة الحاكمة خاصة فيما يخص خسارة صوت الناخب.

٤. لا يوجد إصلاح اقتصادي ناجع دون إصلاح سياسي مسبق وبالتالي فإن وضع سياسات الإصلاح في إناء ملوث قد يفقد تلك السياسات النقاء والفاعلية، ويتوقع أن ترفض تلك الإصلاحات ويعلو الصوت الشعبوي. كما أن الإصلاحات المطروحة بحاجة لمدة زمنية ما بين ٣-٥ سنوات ولا تملك حكومة الكاظمي ذلك الو قت.

٥. اذا ما طبقت تلك الإصلاحات حرفيا فان الآثار السلبية المرشحة للظهور قد تكون خفض الرواتب رفع الدعم عن بعض السلع والخدمات إيقاف التوظيف الحكومي خفض سعر صرف الدينار ورفع الضرائب... أما الآثار الموجبة فهي إيقاف انزلاق الاقتصاد صوب الهاوية وخفض الدين العام وتحقيق العدالة النسبية في الرواتب وتعظيم الإيرادات غير النفطية وتنويع الاقتصاد وتنشيط القطاع الخاص وضبط الإنفاق وتقليل منافذ الفساد وإيقاف التهرب الضريبي والركوب المجاني وتعزيز الحماية الاجتماعية.

- الدكتور رائد الهاشمي:

أولاً وقبل كل شيء ان وضع الاقتصادي العراقي لن تُحلّ مشاكله بسهولة لا بورقة بيضاء ولا سوداء وانما يحتاج الى استراتيجية علمية دقيقة تثبت فيها الحلول الناجعة وتثبت بها التوقيتات الزمنية وبصورة تدريجية لأن اصلاح الاقتصاد بشكل كامل يحتاج الى فترة زمنية طويلة لكبر حجم الخراب ولتعاظم المشاكل الاقتصادية التي خلفتها سوء ادارة الحكومات المتعاقبة.

تقييمي الإجمالي للورقة البيضاء: ان الورقة البيضاء ليست حلاً سريعاً لمشاكل الاقتصاد العراقي بل يجب التعامل معها بأنها خارطة طريق طويلة الأمد، والذي يطلع على تفاصيلها يتعرف بسهولة على بصمة صندوق النقد الدولي فيها واجرائاته التي يؤكد عليها مع كل الدول التي تعاني من مشاكل اقتصادية كبيرة.

بشكل عام تحتوي هذه الورقة على اجراءات وحلول كثيرة تنفع للتعامل مع المشاكل الاقتصادية وتنقذه من وضعه المتردي ولكنها بنفس الوقت تحتوي على ألغام كبيرة لو انفجرت فإنها ستخلف ثورة غضب شعبي كبير وستطيح بالأخضر واليابس.

الايجابيات كثيرة أهمها: انه ولأول مرة اعترفت حكومة عراقية بخطأ الاعتماد على النفط بشكل أساسي لرفد موازنة البلد ووضعت حلولاً للنهوض بالقطاعات الاقتصادية المهمة مثل الصناعة والزراعة والسياحة والكمارك والمنافذ الحدودية وكذلك اعترافها بأهمية دور القطاع الخاص العراقي وضرورة دعمه بشكل كبير لأخذ دوره المطلوب، وكذلك تفعيل دور مجلس الخدمة الاتحادي والتعاون الذي حددته الورقة بين هذا المجلس وبعض الوزارات مثل العمل والشؤون الاجتماعية والتخطيط والعمل على تهيئة قاعدة بيانات كاملة ودقيقة للعاطلين عن العمل في عموم البلد عبر النافذة الالكترونية الجديدة التي تم تفعيلها في الأيام الماضية، وعلى العموم فان هذه الورقة تحتوي على ايجابيات كثيرة لايمكن حصرها في هذه الأسطر القليلة لأنها شاملة لجميع مفاصل الاقتصاد العراقي ومن أهدافها اعادة هيكلته بالكامل.

أهم السلبيات في الورقة وأخطرها: انها أخذت تعليمات الصندوق الدولي بحذافيرها دون أن تدرس عواقب تطبيق بعض الفقرات الخطيرة فيها، حيث كما معلوم للجميع بأن الشعب العراقي ناهز تعداد سكانه على الاربعين مليوناً يعتبر أكثر من ثلاثون مليوناً منه من الطبقة الفقيرة والتي تضم العاطلين والعاملين في القطاع الخاص والمسجلين في شبكة الرعاية الاجتماعية وهذه الأكثرية الساحقة هي التي ستتضرر من كثير من الفقرات في هذه الورقة البيضاء، ومنها رفع الدعم الحكومي عن الكهرباء والماء والمحروقات والكثير من الخدمات الصحية والنقل وغيرها، وهنا التساؤل المشروع هل فكرت الحكومة كيف سيتمكن الأغلبية الساحقة من الشعب والعاطلين من دفع فواتير الكهرباء والماء وكيف سيتحملون أعباء ارتفاع أسعار الخدمات الصحية والنقل وغيرها وهل سيبقى الشعب ساكتاً على هذا الأمر؟

العقبات كثيرة أهمها: قصر فترة حكومة الكاظمي والسخط الشعبي المتوقع للطبقات الفقيرة، وكذلك الخلافات الكبيرة بين الكتل السياسية فكيف ستتفق هذه الكتل على هذه الورقة التي تشمل كل تفاصيل الاقتصاد العراقي والتي معظمها يضرب مصالحهم وامتيازاتهم، وباعتقادي المتواضع فان هذه الورقة لن ترى النور اذا دخلت في دهاليز البرلمان وستدخل في نقاشات وصراعات عقيمة كما عودنا برلماننا العراقي.

- الاستاذ الدكتور مناضل الجواري:

ان انتقال الدول وخصوصا النامية منها من التخصص الى التنويع الانتاجي ليس سهل المنال بل يحتاج الى تضحيات كبيرة وزمن ليس بالقصير للتحول الاقتصادي او التحول البنياني، وفي هذا الصدد فان التنافسية الاقتصادية تطرح نفسها للنقاش ومؤشرات الاداء التنافسي للصادرات يطرح نفسه هو الاخر وجاهزية المؤسسات الحكومية ذات العلاقة بتنمية الصادرات والتنويع وحال الوزارات كوزارة التخطيط والصناعة والتجارة وواقع مؤسسات الاستثمار وغرف التجارة والصناعة ومدى تقدمها وتطورها.

ومهما كان الامر فانه لايتعدى تحقيق (تنمية) والتنمية بحاجة الى تمويل يسمى (تمويل التنمية) وتمويل التنمية اقتصاديا يكون اما خارجيا كالقروض والمنح والمساعدات ( التمويل الخارجي) او داخليا (التمويل الداخلي) ويدخل تحت مظلتها الجهاز المصرفي-كالبنوك المركزية والتجارية ومدى توفر الودائع لديها وغيرها وكفاءة السوق المالية (البورصات) وفي العراق مثلا سوق العراق للأوراق المالية او عامل الاستثمار ومدى فعاليته في الاقتصاد الوطني او القروض المقدمة للقطاع الخاص والعام والايرادات العامة غير النفطية هنا مادمنا نبحث خارج اطار النفط اي الايرادات الضريبية ومدى اسهامها في النمو الاقتصادي للبلد.

وفي العراق عندما نناقش ايجاد بدائل للنفط اي ايرادات غير نفطية فعلينا التفكير بتنمية الصادرات والصادرات الصناعية التحويلية حصرا والاهتمام بالقطاع الصناعي التحويلي وانشاء جبهة عريضة من الصناعات القائدة او الرائدة او المحورية في الاقتصاد مع تغيير السياسة التجارية التي تتطلبها العملية هذه وهذا بحاجة الى تمويل فمن اين يكون التمويل والبلد في ازمة مالية والجهاز المصرفي غير كفوء والدولة في اقتراض داخلي متكرر منه والسوق المالية اداء السوق المالية في العراق ضعيف وعدم وجود قروض لتنشيط القطاع الخاص، حتى مع وجود صادرات فإنها تحتاج الى بعد وامتداد زمني طويل للوقوف امام المنافسة الاجنبية التي قطعت شوطا بالتنمية والتطور.. وتصطدم بعامل الجودة والنوعية او I.S.O ناهيك عن وجود الفساد الاداري والمالي لازال يهدد البنيان الاقتصادي للاقتصاد الوطني كعامل تسرب كبير..

الامر بحاجة الى تمويل والى امتداد زمني مقترن بإعادة هيكلة العديد من الاجراءات والسياسات الاقتصادية التي انحرفت عن المسار المرسوم لها اقتصاديا مع الاخذ بنظر الاعتبار عامل النوعية والكفاءة والمنافسة.

الدكتور احمد عدنان الميالي:

الورقة البيضاء خطة اصلاح لامست الواقع الاقتصادي وشخصت الثغرات والتحديات ووضعت المقترحات والحلول والاليات لمواجهة هذه الثغرات والتحديات بشكل علمي ومنهجي وصحيح، اذ يحتاج العراق الى حلول جذرية وليست ترقيعية يحتاج الى سياسة الحسم وليس سياسة الترحيل والتأجيل للازمات، يحتاج ان تغادر الشعبوية والوعود الانتخابية وتوزيع الموارد على اصحاب القرار السياسي على حساب الاخرين.

لكن تبقى هذه الورقة في اطار عدم وجود ضمانات وسياقات قانونية حاكمة وملزمة داعمة لتنفيذها خاصة انها تتطلب جهود مشتركة مع مجلس النواب وجميع القوى السياسية وموظفي القطاع العام وكافة الشرائح المجتمعية، وحتى تحتاج الى دعم دولي اقليمي يتعلق بشطب الديون الخارجية او تأجيل سدادها وعدم شمول العراق بسياسات اوبك المحددة للتصدير من جهة واي عوائق ترتبط بسياسات البنك الدولي التقشفية او عقوبات مالية او غير ذلك.

ومن المستبعد ان تنجز حكومة الكاظمي مستلزمات تطبيق هذه الورقة لقساوة الاجراءات التقشفية وتضرر شرائح متعددة بالإصلاحات المقترحة وعدم حصولها على الدعم التشريعي والاجتماعي والوظيفي خاص فيما يتعلق بالرواتب رغم ان الورقة اشارت الى تخفيض فاتورة الرواتب والاجور وليس قيمة الرواتب بنسبة ٢٥-١٢.٥٪؜ من اجمالي تدفق النفقات الجارية في الموازنات للسنوات الثلاثة القادمة، أي لامساس برواتب الموظفين حسب علمنا لكن خفض الفاتورة يعني ويتطلب اعادة هيكلة القطاع العام وايقاف التعيينات وعدم التمديد لمستحقي التقاعد وغربلة الموظفين الفائضين عن الحاجة وكشف ازدواج الرواتب وايقافه ومعالجة وضع المستشارين في عموم مفاصل الدولة المحسوبين على الاحزاب ومعالجة الموظفين الفضائيين وقد يصل الحال الى فرض ضريبة تصاعدية على موظفي الدولة والغاء بعض المخصصات غير المغطاة بقانون نيابي، وهذا سيعزز من رفضها تماما.

ما لفت انتباهنا ان هذه الورقة رغم وضعها للعديد والكثير من الحزم الاصلاحية في معظم القطاعات واعطاء حلول جيدة تنعش الاقتصاد لكنها اغفلت شركات الاتصالات والهاتف النقال فلم تشر الورقة الى استحصال الديون وقيمة الضرائب المستحقة الدولة بذمة شركات الهاتف النقال التي تشكل حجر الزاوية في رفد مالية الدولة وفيما لو نجحت الحكومة في ذلك فيسنسحب على باقي الشركات الرابحة ويعزز موارد الموازنة، ولكن استغربنا عدم التطرق لتلك الشركات مما يخل في عملية التوازن في ايجاد حلول وموارد في قبال وضع حلول في قطاعات اخرى ايراداتها اقل بكثير من الشركات المشار اليها اعلاه..

الدكتور اسعد كاظم شبيب:

من حيث التقييم يمكن عد الورقة البيضاء التي اصدرتها وزارة المالية العراقية محاولة لتشخيص الازمة المالية والاقتصادية التي يعيشها العراق، وهي اي الازمة نتاج سنوات من غياب التخطيط والتخبط السياسي وغياب القرار والقوانين المساهمة في بناء الدولة من الناحية الاقتصادية.

الورقة هذه شخصت الكثير من المشاكل لكنها تريد ان تتبرأ من المشاكل والاجراءات يمكن ان تكون قاسية باعتبار أن هناك مستهلكات كثيرة لموازنات الدولة ومنها رواتب الموظفين ناسية ان الحكومات السابقة ومجلس النواب ايضا لم يضع خطط لتطوير القطاع الخاص، بل ان الحكومات ورغبة الأحزاب دمرت الاقتصاد عبر الإضرار بالصناعات والزراعة وتحول نحو التجارة الخارجية لتكون هذه الأحزاب والكتل عبارة عن اولغارشيات نفعية على حساب الوطن وتنمية اقتصادياته.

من ايجابيات الورقة البيضاء انها شخصت الكثير من مكامن الخلل ووضع جداول وإحصائيات بها، لكن احتوت على سلبيات كثيرة منها ستكون على سابقاتها حبرا على الورقة اذ ان المشاريع تحتاج إلى ارادة وطنية صادقة بعيدا عن النفعية الاقتصادية والسياسية، ومن السلبيات ايضا لم توضح الفلسفة الاقتصادية المتبناة في المرحلة القادمة والصراحة والصرامة في تنفيذها.

وقد لا يلمس المواطن البسيط ثمار هذه الورقة اذ ان هناك ارادات سياسية مسيطرة ومتنفذة وماسكة بزمام كل مؤسسات الدولة لاسيما الاقتصادية منها وقد يلمس المواطن ضرر التقشف المالي الذي هو يعاني منه بالأصل.

- الدكتور طارق عبد الحافظ الزبيدي:

جميع العراقيين يتطلعون إلى أي إجراءات من شأنها الخلاص من شبح انهيار الاقتصاد الوطني وتلبية متطلبات الدولة الضرورية لا سيما تامين رواتب الموظفين والمتقاعدين والحماية الاجتماعية، لكن السؤال من يستطيع تقديم إجراءات حقيقية وواقعية هل الحكومة أم البرلمان ام تعاون الاثنين معا؟ ثم التساؤل الأهم هل هذه الإجراءات تمس رواتب الشرائح الاجتماعية المشار إليها أعلاه ام إجراءات تساهم في دعم النفقات لكن ليس على حساب المواطن بل على أساس تنظيم الصرف المالي في الدولة العراقية بالذات المصروفات غير الضرورية وكذلك المصروفات التي فيها طابع أو شبهة فساد.

وقدر تعلق الأمر بالورقة البيضاء التي أعلنت من قبل الحكومة العراقية إعلامية أكثر من كونها إجرائية والدليل ظهرت بالعنوان دون توضيح التفاصيل. ثم ليس من باب التشكيك بالنوايا لكن أعتقد أنها محاولة ذكية من الحكومة لرمي الكرة في سلة البرلمان لكي يتشارك في تحمل المسؤولية وعدم ترك الحكومة تواجه الأزمة بمفردها.

إن تقديم الورقة البيضاء في ظل تأخر إعطاء الرواتب لمدة شهر كامل له دلالة واضحة أن العراق مقبل على وضع اقتصادي حرج لم يمر به البلد منذ 2003 لغاية اليوم حيث أنها اول حكومة أخرت الرواتب لشهر كامل.

ثم الأهم في هذا الموضوع ليس ما تحتويه الورقة البيضاء بل الأهم من ذلك من يستطيع تطبيق مفرداتها على أرض الواقع. لأن البلد فيه من الخطط والاستراتيجيات الكثيرة لكن نعاني من تطبيقها لأن القيود كثيرة أبرزها الفساد المالي والإداري والاحترافية التي يتعامل بها السارق مع مؤسسات الدولة. فجميع السراق يسرقون ويحاولون أن يبررون السرقة قانونيا من خلال الحيلة. لذلك نحتاج قانوني وسياسي أكثر احترافا من السارق المختلس لأموال الدولة التي هي جوهر المشكلة الاقتصادية في العراق ما بعد 2003.

- الدكتور حيدر الغريباوي:

وجهة نظري بخصوص الورقة البيضاء بأنها نظرت باتجاه واحد للإصلاح الذي يستند على مفاهيم وسياقات معتمدة من قبل صندوق النقد الدولي، متغافلة ومتناسية اساس وجوهر التراجع الاقتصادي المتمثل بمنظومة الفساد التي استحوذت على كل مجريات الامور في مفاصل الدولة العراقية...

فردهة الانعاش الوحيدة للإصلاح الاقتصادي تتمحور في اتجاهات رئيسة: ‏

الاول: حصر الاموال المنهوبة طيلة سبعة عشر عاماً والمقدرة ب (800) مليار دولار ‏واستحصال القدر المستطاع منها ودور الجهاز الرقابي والقضائي بهذا الشأن.‏

الثاني: إيقاف نافذة العملة: حيث تتمحور الفكرة الأساسية لمزاد العملة حول "بيع الدولار إلى ‏المصارف الأهلية وشركات التحويل المالي لإدارة عملية استيراد البضائع" ‏وتصل مبيعاته من ‏الدولار يومياً إلى حدود 180 مليون دولار وهي واجهة استنزاف للدولار وفرصة لبعض ‏المصارف التي تمتلكها ‏جهات متنفذة لتحقيق أرباح كبيرة"، تتحدث غالبية التقديرات عن أكثر ‏من 500 مليار دينار باعها البنك المركزي في عملياته اليومية ‏المستمرة منذ عام 2003، ‏حيث يقدر حصيلة غسيل الأموال من المبيعات اليومية للبنك المركزي بنحو "15 بالمئة"، ‏علماً لم يتوقف ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة منذ عام 2014 عن إرسال تقارير إلى ‏مجلس النواب تؤشر ‏عمليات تهريب للعملة ‏الصعبة وخروقات مالية كبيرة تحصل في نافذة بيع ‏العملة ترتكبها بعض المصارف ‏الأهلية وشركات الصيرفة، وتتحدث التقارير عن أن حجم ‏مبيعات البنك المركزي من الدولار إلى هذه المصارف والشركات الأهلية تصل ‏إلى 45 مليار ‏دولار في ‏السنة جميعها تذهب إلى خارج العراق من دون دفع ضرائبها‎، وبدورها تقدر الضرائب ‏الفعلية لهذه المبالغ بنحو عشرة تريليونات دينار عراقي سنوياً، في حين لم تستلم الدوائر ‏المالية ‏سوى تريليون دينار ‏عراقي سنوياً فقط.‏

ثالثاً: وضع موازنة حكومية استثمارية تحقق هدفين هما تمويل «التعلّم» التكنولوجي، وتمويل ‏تطوير البنى التحتية. من أجل تطبيق برنامج دعم وتمويل مؤسسات صناعية جديدة تدعم رفع ‏مستويات الإنتاج. ‏

رابعاً: يجب أن نميز بين من يبحث عن (وظيفة) ومن يبحث عن (عمل) ودور وزارة ‏التخطيط في العراق في وضع أسس لذلك من خلال التعبير عن وجود رؤية اقتصادية ‏شاملة ‏لتوجيه قوى السوق في ظل وباء كورونا الذي يمثل تهديدًا جديدًا لتعطل النموذج ‏الاستثماري الذي كان يعاني من الكثير من الخلل قبل هذه الأزمة، مع ما يفرضه الحظر من ‏صعوبات بشأن تدفق العمال بسلاسة لمواقع الإنتاج، أي أن العرض في مشكلة، والطلب ‏أيضًا في مشكلة إذ إننا أمام مستهلك منهك من إجراءات التقشف التي طبقها العراق منذ ‏‏2016 تحت وصاية صندوق النقد ‏الدولي وازدياد الدين الخارجي.‏

خامساً: حضور الدولة الفاعل في الحياة الاستثمارية، ممثلة عن مصلحة المجتمع، وذلك ‏باستخدام أدواتها النقدية (أسعار الفائدة) وسياساتها المالية، لكي تصلح الخلل الذي يصيب أيًا ‏من أجزاء التقدم الاقتصادي، فإذا نظرنا لسياسات العراق منذ 2003 إلى الوقت الراهن سنجد ‏أنها مع سياسات كينز، ‏وضدها في نفس الوقت. لقد أدرك العراق أن تطوير الاقتصاد لا ‏يتطلب فقط تحديث الصناعة ‏ولكن أيضًا بناء قاعدة انتاجية حقيقية، فـالإنتاج الحديث واسع ‏النطاق يحتاج لاستهلاك واسع ‏النطاق أيضًا، لذا كان من المنطقي أن يفكر النظام الاقتصادي ‏في العراق في اتباع سياسة ‏تشغيل كل الخريجين حتى لو اقتضى الأمر توظيفهم في ‏وظائف ‏إدارية تكاد تكون منعدمة ‏القيمة أو أنشطة منخفضة الإنتاجية‏، فهي طريقة لتوفير الدخول لهم ‏لكي يقوموا بالاستهلاك. ‏

سادساً: إيقاف 80% من الاستيرادات خصوصاً الاستيرادات من دول، حيث تداولت تقارير ‏رسمية وصحفية أرقاماً هائلة فيما يتعلق باستيراد العراق لسلع تتجاوز حدود حاجته، حيث تبين ‏الوثائق الرسمية أن بعض تلك المواد المستوردة تضاعفت بحدود ألف مرة عما كان العراق ‏يستورده في سنوات سابقة بينها استيراد الطماطم والفستق.‏

ذات صلة

التنمية المتوازنة في نصوص الإمام علي (ع)أهمية التعداد السكاني وأهدافهالموازنة في العراق.. الدور والحجم والاثرفرصة الصعود في قطار الثقافةموقع العراق في سياسة إدارة ترامب الجديدة