شركة أوبر: لماذا فقدت رونقها اقتصادياً؟
إيهاب علي النواب
2019-03-13 06:40
أصبحت شركة أوبر في الآونة الأخيرة محط اهتمام وسائل الاعلام بسبب حوادث مختلفة تناقلتها الأخبار من قتل أو سرقة بيانات أو حوادث اغتصاب أو تحرش جنسي. كما منعت الشركة من العمل في العديد من المدن حول العالم الشركة لأسباب مختلفة، مثل مدينة لندن التي الغت رخصة عمل الشركة. فالشركة التي تقدم نفسها كشركة تقنية رقمية متطورة تواجه حاليا عددا من المشاكل والدعاوى القانونية حول العالم مثل الدعوى المرفوعة عليها في الولايات المتحدة الأمريكية بسرقة الأسرار التقنية لشركة اخرى تطور تقنية السيارات من دون سائق.
فقد تتجه شركة "أوبر"، الشركة الناشئة الأكثر قيمة في الولايات المتحدة، إلى الاكتتاب العام الأولي الذي طال انتظاره بعد تحقيقها خسائر تقترب من ملياري في العام الماضي، وخسرت الشركة الرائدة عالميا في النقل التشاركي، 1.8 مليار دولار في عام 2018، وهي أول سنة كاملة في ظل الرئيس التنفيذي الجديد دارا خسروشاهي، مقارنة بخسائر بلغت 2.2 مليار دولار عام 2017، وبلغت إيراداتها 3 مليارات دولار في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2018، بزيادة 2٪ فقط عن الربع الثالث، وبارتفاع 25٪ مقارنة بنفس الفترة من 2018.
في عام 2018، باعت "أوبر" أعمالها في جنوب شرق آسيا ودمجت أعمالها في روسيا مع ياندكس، وقد يؤدي تباطؤ نمو المبيعات إلى رفع أجراس الإنذار للمستثمرين المحتملين في "وول ستريت"، والذين يتوقعون أن يشهدوا نشاطًا تجاريًا لتبرير التقييم المتداول للشركة والذي يقدر قيمتها بنحو 120 مليار دولار، وفيما يتردد على نطاق واسع أن الشركة قد قدمت أوراقًا سرية للطرح في أسواق المال، ذكر خسروشاهي في عدة مناسبات إن الشركة ستسعى للطرح في عام 2019، وتولى خسروشاهي منصب الرئيس التنفيذي في فترة من الاضطرابات القوية التي عصفت بالشركة، والتي تضمنت مزاعم التحرش الجنسي والتمييز بين الجنسين، فضلا عن الأدوار التنفيذية الشاغرة والسائقين الذين كانوا على وشك التمرد.
من جهة اخرى ذكرت أوبر تكنولوجيز إن نمو حجوزات خدمات نقل الركاب وتوصيل الطلبات التي تقدمها ارتفع ستة بالمئة في الربع الماضي ليظل لثالث فصل على التوالي في خانة الآحاد بعدما كان في خانة العشرات في العام الماضي بأكمله، وخسرت الشركة، ومقرها سان فرانسيسكو، 1.07 مليار دولار في الأشهر الثلاثة المنتهية في الثلاثين من سبتمبر أيلول، بزيادة 20 بالمئة مقارنة مع الربع السابق، لكنها أقل من العام الماضي بنسبة 27 بالمئة، وبلغت خسارتها المعدلة قبل الفائدة والضرائب والإهلاك والاستهلاك 592 مليون دولار، انخفاضا من 614 مليون دولار في الربع السابق و1.02 مليار قبل عام.
كما تقترب شركة أوبر من التوصل إلى تسوية نهائية متعلقة باتهامات بالتحرش الجنسي والتمييز العنصري، وستدفع أوبر 1.9 مليون دولار إلى 56 موظفا حاليا وسابقا (نحو 34 ألف دولار لكل منهم) زعموا أنهم كانوا ضحايا للتحرش الجنسي أثناء عملهم بالشركة، كما سيحصل هؤلاء على نحو 11 ألف دولار لكل منهم ضمن دعوى قضائية جماعية ضمت 485 شخصا زعموا فيها تعرضهم للتمييز العنصري.
وبينما جرى التوصل إلى تسويات بشأن عدد من القضايا، لا تزال أوبر تواجه بعض المشاكل، ومنها احتمال خسارتها لرخصة التشغيل في لندن ودعوى قضائية في الولايات المتحدة رفعتها امرأة اتهمت مسؤولين تنفيذيين في الشركة بالحصول على سجلها الطبي بطريقة غير مناسبة بعدما تعرضت للاغتصاب على يد سائق في الهند.
محكمة العدل الأوروبية
صرحت أعلى محكمة في الاتحاد الأوروبي في حكم تاريخي إنه يجب تصنيف شركة أوبر على أنها خدمة نقل وتخضع للقوانين المنظمة لعمل الشركات الأخرى المشغلة لسيارات الأجرة، وقد يؤثر الحكم على الشركات الأخرى التي تقدم خدمات عبر الإنترنت في أوروبا، وفي أحدث سلسلة من المعارك القانونية، دافعت أوبر بأنها ببساطة تطبيق رقمي يعمل كوسيط بين السائقين والزبائن لتوفير وسيلة انتقال وإنها من ثم يجب أن تخضع لقواعد أوروبية أقل صرامة للخدمات التي تقدم عبر الإنترنت، وذكرت محكمة العدل الأوروبية “الخدمة التي تقدمها أوبر بتوفير وسيلة للتواصل بين الأشخاص والسائقين غير المحترفين تغطيها الخدمات في مجال النقل، وتأتي القضية بعد شكوى من جمعية لسائقي الأجرة المحترفين في برشلونة من أن أنشطة أوبر في إسبانيا ترقى إلى حد الممارسات المضللة والمنافسة غير العادلة من حيث استخدام أوبر لسائقين غير محترفين“.
وبالنسبة إلى "اوبر"، لن يغير القرار الصادر الوضع السائد في غالبية بلدان الاتحاد الأوروبي "حيث نحترم التشريعات السارية" في مجال النقل، بحسب ما صرحت ناطقة باسم المجموعة مرددة الموقف الذي تتمسك به هذه الأخيرة. من جهة اخرى حذرت نقابة عمالية بريطانية من أن ساعات العمل الطويلة لسائقي سيارات أوبر للأجرة تجعل استخدام خدمات الشركة خطرا على السلامة العامة، وقد أوضحت النقابة لمحكمة إبتدائية في العاصمة البريطانية لندن أنها تمتلك دليلا على تشجيع شركة أوبر وتحفيزها للسائقين للعمل لساعات طويلة. وكانت هيئة النقل العام في لندن قد اعتبرت أن أوبر غير مؤهلة لإدارة خدمات التاكسي ورفضت تجديد رخصتها فى سبتمبر/ أيلول الماضي.
يذكر أن إدارة هيئة النقل العام في لندن قد عددت الأسباب لعدم تجديد رخصة أوبر فى المدينة. تمثلت تلك الأسباب فى دواعي السلامة العامة والأمن، بما فى ذلك كيفية قيام شركة أوبر بالتحقق من خلفيات السائقين، والإبلاغ عن الانتهاكات الجنائية الخطيرة، كما أن رخصة أوبر قد انتهت فى أكتوبر / تشرين الأول الماضي ولكن يمكن لسائقيها الاستمرار فى العمل حتى يتم البت فى الاستئناف الذى قدمته الشركة أمام المحكمة. وقد حذر عمدة لندن صادق خان من أن عملية الاستئناف قد تستغرق سنوات.
ايقاف خدمة أوبر لنقل الركاب
اذ أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وقف خدمة أوبر لنقل الركاب، عبر تطبيق على الهواتف الذكية يسمح باستدعاء سيارة، في البلاد بعد ضغط من سائقي سيارات الأجرة في اسطنبول الذين اعتبروا الخدمة غير قانونية وطالبوا بحظرها. ويبلغ عدد سيارات الأجرة العاملة في اسطنبول نحو 17400 ويعيش في المدينة نحو خمس سكان تركيا البالغ عددهم 81 مليونا. وأثار عمل أوبر توترا شديدا منذ بدء تشغيل الخدمة في البلاد عام 2014.
وجاء تعليق إردوغان بعد الإعلان عن قوانين جديدة قبل أسابيع تفرض قيودا على متطلبات ترخيص وسائل النقل وتسجيل السائقين للعمل مع أوبر ويهدد بمنعهم من القيادة لمدة عامين في حالة انتهاكها. اذ بين إردوغان في خطاب في اسطنبول لقد ”ظهر هذا الشيء المدعو أوبر. هذه الشركة انتهت. لن يكون لها وجود (هنا) بعد اليوم“. وأضاف ”لدينا نظام سيارات الأجرة الخاص بنا. من أين أتى هذا (أوبر) إلينا؟ هو يستخدم في أوروبا. هذا لا يعنيني. سنقرر بأنفسنا“. ورفضت أوبر الكشف عن عدد مستخدمي خدمتها في تركيا حيث تعمل في اسطنبول وفي منتجعي بوضروم وتشيشمي أثناء شهور الصيف.
من جهة اخرى وفي مصر، حيث أقر البرلمان المصري قانونا جديدا ينظم عمل الشركات التي تقدم خدمات النقل البري للركاب باستخدام تطبيقات الانترنت وعلى رأسها شركتي أوبر وكريم ليغلق بذلك فيما يبدو ملف قضية كانت من الممكن أن تتسبب في إنهاء عمل الشركتين في واحدة من أكبر أسواقهما، لكنه يفرض رسوما ومتطلبات لإتاحة البيانات، وأصبح إصدار تشريع لخدمات النقل البري عبر تطبيقات الانترنت، والتي تتزايد شعبيتها، أمرا ملحا في مارس آذار عندما أمرت محكمة القضاء الإداري الحكومة بوقف الشركتين عن مزاولة نشاطهما بعدما أقامت مجموعة من سائقي سيارات الأجرة دعوى قضائية موضحين إنهما تستخدمان سيارات خاصة في نقل الركاب بالمخالفة للقانون.
الا انه وبرغم كل هذا التحديات والمصاعب لايزال البعض مؤمن بقدرة أوبر على تخطي كل هذه المعوقات، فعلى سبيل المثال، اذ يرى ياسر الرميان المشرف على صندوق الاستثمارات العامة، أكبر صندوق للثروة السيادية في السعودية، إن مستقبل أوبر إيجابي، وإن إيرادات الشركة تضاعفت منذ استثمر الصندوق فيها. وجاء الاستثمار في أوبر في إطار تحول في إستراتيجية صندوق الاستثمارات العامة صوب استثمارات تستهدف تعزيز عائداته، مع ضمان الحصول على التكنولوجيا وحصة سوقية في صناعات إستراتيجية للمساعدة في تطوير الاقتصاد السعودي. الا ان ذلك لايوقف مصاعب أوبر سيما بعد الاحتجاجات المتكررة والمخاوف من صمودها في ظل القرارات الصادرة بحق موظفيها وآلية عملها. وهذا مايفرض مزيد من التعقيدات على عمل أوبر في المستقبل.