سيارات يابانية مستعملة تعرفك على مستقبل التجارة في اليمن
وكالات
2018-05-12 06:57
(رويترز): على الرغم من القيود الصارمة المفروضة على واردات اليمن من مساعدات وإمدادات حيوية بسبب الحرب الدائرة هناك، ظلت السفن الخشبية المُحملة بسيارات يابانية مستعملة تبحر دون اعتراض إلى موانئ يمنية على مدى السنوات الثلاث الماضية، وشأنه شأن كثيرين من التجار اليمنيين، استغل علي المهري الفرصة لتحقيق ربح من بيع سيارات يشتريها بثمن زهيد من مزاد في دولة الإمارات لزبائنه في اليمن.
ويحارب تحالف عسكري تقوده السعودية ويضم الإمارات، المقاتلين الحوثيين منذ عام 2015 بهدف إعادة الحكومة اليمنية للسلطة، وفرض التحالف قيودا لمنع وصول أسلحة للحوثيين، الموالين لإيران، والذين يسيطرون على العاصمة صنعاء وميناء الحديدة أكبر موانئ اليمن. وتسببت تلك الإجراءات في تقليص إمدادات الوقود والمواد الغذائية والأدوية إلى اليمن، حيث يواجه ملايين الأشخاص الجوع والأمراض.
لكن يبدو أن قوات التحالف تغض الطرف عن السفن الخشبية التي عادة ما تحمل سيارات من ميناء خالد في الشارقة إلى مرسى صغير في منطقة الشحر، وهو ميناء في محافظة حضرموت تسيطر عليه قوات مدعومة من الإمارات.
ويقف المهري على ظهر سفينة خشبية استأجرها للرحلة وسط نحو 180 سيارة تشغل ظهر السفينة بالكامل تقريبا. يقول ”أقوم بهذه الرحلة نحو 30 مرة كل عام. أحيانا أشحن مواد غذائية وسلعا أخرى ولكنها تحتاج تصاريح مختلفة“، وأصبحت هذه السيارات تجارة مربحة لتجار في الإمارات واليمن.
ويحتشد تجار يمنيون يوميا في سوق العوير للسيارات المستعملة بدبي حيث تُنظم مزادات على السيارات بينما تومض لافتة ضخمة بأسعار السيارات اليابانية حيث تُباع نحو 80 سيارة يوميا في أحد المزادات.
وحالما تباع تلك السيارات، تُنقل إلى ميناء خالد حيث يتم شحن ما يصل إلى 200 سيارة على كل سفينة، وتُفتش السيارات في ميناء خالد ولدى وصولها إلى الشحر، لكن لم يُطلب من أصحابها الحصول على تصاريح أو دفع رسوم جمركية على مدى السنوات الثلاث الماضية، على عكس القيود التي تواجهها السفن التي تنقل إمدادات أخرى لموانئ يمنية.
وقال صالح العلي مدير ميناء الشحر ”كان التحالف يطلب منا أوراق السيارت ويتم الإفراج عنها هنا. على مدى السنوات الثلاث الماضية لم يكن هناك حاجة للحصول على تصاريح من الرياض“.
لكن التحالف غير القواعد في مارس آذار وطلب الحصول على تصاريح من السعودية بحسب العلي. أضاف أنه أبلغ أن الإجراءات الجديدة طبقت لأسباب أمنية، ولم يرد متحدث باسم التحالف على طلب للتعقيب عن سبب إعفاء السفن المحملة بالسيارات طوال هذه الفترة، وقال مسؤولون في الميناء إن تلك السفن قد تكون استثناء من القاعدة بكل بساطة وأضافوا إن إضفاء طابع أكثر رسمية على تجارة السيارات استغرق بعض الوقت على أي حال.
وقال مصطفى الجافري الذي اعتاد شحن سيارات مستعملة لليمن برا عن طريق عمان قبل الحرب إن أرباحه تضاعفت باستخدامه الطريق البحري، أضاف ”البيع والشحن بحرا أرخص بالنسبة لي“ مشيرا إلى أن السيارات اليابانية بشكل خاص عمل مربح له.
وتابع ”اليابانيون يقودون سياراتهم لنحو 50 ألف كيلومتر ثم يبيعونها لشراء سيارات جديدة، أي إنهم يستخدمونها أقل مما يفعل الخليجيون الذين يقودون السيارات لما يزيد عن 150 ألف كيلومتر قبل بيعها“.
ففي اليابان ترغم إجراءات السلامة والتلوث الصارمة كثيرين علي بيع سياراتهم بعد سنوت قليلة، لذا يوجد عدد كبير من السيارات الجيدة المتاحة.
ومثل هذه السيارات تباع في مزادات على الانترنت بمبلغ زهيد قد يصل إلى ألف دولار فقط في اليابان. ويمكن أن يشتري تاجر سيارة تويوتا بنحو 1900 دولار في دبي ويبيعها في اليمن بمثلي هذا السعر.
وقال حماد علي مدير التسويق في جان جابان أكبر شركة لإعادة تصدير السيارات في العوير في دبي ”أشتري السيارات اليابانية المستخدمة من مزاد في اليابان وأحيانا من مزاد على الإنترنت وأشحنها إلى هنا“.
ويستورد علي مثل هذه السيارات لإعادة تصديرها لأماكن مثل الصومال وأفغانستان. ويقول ”كان معظمها يذهب لأفغانستان والصومال... وقبل ثلاثة أعوام انفتحت اليمن“، ومع استمرار القتال في اليمن يسيطر الحوثيون على شمال البلاد بينما استولت قوات التحالف على ميناء عدن في الجنوب وحققت مكاسب على الساحل الجنوبي الغربي على البحر الأحمر، وقال مهدي المهري، وهو تاجر سيارات يدير سفينة شحن، ”اليمن بلد كبير والناس تحتاج للتنقل. السيارات تذهب إلى الجنوب حيث الأوضاع آمنة نسبيا ومنها إلى بقية مناطق البلاد“.
وتابع ”يمكن أن تشتري الناس إحدى تلك السيارات لاستخدامها في كسب المال لإعالة أسرهم ويشتري آخرون السيارة كوسيلة رخيصة وآمنة للانتقال“، لكن لم يحقق الجميع مكاسب من وراء هذه التجارة، فالحكومة اليمنية التي لها وجود في عدن بينما رئيسها في المنفى بالمملكة العربية السعودية تفوتها فرصة تحصيل رسوم جمركية لكنها تعتزم تنظيم تجارة السيارات، وقال رئيس مؤسسة موانئ البحر العربي اليمنية سالم علي باسمير ”بينما لم تخضع للتنظيم إلى حد كبير علي مدى السنوات الثلاث الماضية، نقترب من ذلك ببطء. وسوف ننظم التجارة مع استعداد الحكومة لفرض رسوم“.
لكنه أشار إلى أنه لا يعرف متى سيحدث ذلك ولا قيمة الرسوم المتوقعة. غير أن التجار متأكدون على ما يبدو من أن تلك الإجراءات الجديدة لن يكون لها ضرر كبير على نشاطهم، وقال غالب المهري، وهو صاحب معرض سيارات في الشحر، ”توظف التجارة المئات في الميناء الآن. لا يمكن أن يقوضوا ذلك حتى لو فرضوا ضريبة بسيطة“.