الصين أم امريكا: من سيكسب اللعبة الصفرية التجارية؟

عبد الامير رويح

2018-04-11 07:07

القرارات والإجراءات الجديدة التي فرضها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب ضد الصين، من خلال فرض رسوم كبيرة على واردات الصين إلى الولايات المتحدة تصل قيمتها الى اكثر من 60 مليار دولار، يمكن ان تسهم في زيادة التوترات بين البلدين واندلاع حرب تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، خصوصا وان الصين توعدت برد مماثل، وقال وزير التجارة الصيني، تشونغ شان إن أي حرب تجارية مع الولايات المتحدة ستجلب فقط كارثة للاقتصاد العالمي، وتعهدت الصين على نحو متكرر بالدفاع عن ”حقوقها ومصالحها المشروعة“ إذا استهدفتها إجراءات تجارية أمريكية.

وقال تشونغ إن الصين لا تريد حربا تجارية وإنها لن تبدأ حربا تجارية. وقال تشونغ "لا يوجد فائزون في الحرب التجارية...لن تجلب سوى كارثة للصين والولايات المتحدة والعالم". وأضاف أن الصين باستطاعتها التعامل مع أي تحديات وإنها ستحمي بقوة مصالحها، لكن البلدين سيواصلان الحديث. وقال "لا أحد يريد خوض حرب تجارية، والجميع يعلم أن خوض حرب يؤذي الآخرين ولا يفيده". وعزز إعلان ترامب للرسوم الجمركية المخاوف بشأن زيادة الحماية التجارية الأمريكية، وهي المخاوف التي كانت سببا في اضطراب في أسواق المال العالمية في الوقت الذي يخشى فيه المستثمرون من أن خلافا تجاريا مدمرا سيقوض التحسن المتزامن للنمو العالمي.

الى جانب ذلك نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مصادر لم تسمها أن الإدارة الأمريكية أرسلت خطابا إلى ليو خه نائب رئيس الوزراء الصيني المعني بالاقتصاد تطلب فيه خفضا على الرسوم الجمركية المفروضة على السيارات الأمريكية للمساعدة في تقليص الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة. وقالت الصحيفة نقلا عن مصادر مطلعة إن وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين والممثل التجاري الأمريكي روبرت لايتهايزر قالا في الخطاب إن على الصين أن تشتري المزيد من أشباه الموصلات الأمريكية وأن تسمح بحضور أكبر للشركات الأمريكية في القطاع المالي الصيني.

وفي رد تحذيري على رسوم جمركية أمريكية منفصلة على الصلب والألومنيوم، كشفت الصين عن خطط لفرض رسوم جمركية إضافية على واردات من الولايات المتحدة تصل قيمتها إلى ثلاثة مليارات دولار. وأبلغ ليو، أحد نواب رئيس الوزراء الصيني الذين عُينوا في الآونة الأخيرة، منوتشين في مكالمة هاتفية أن الولايات المتحدة غير ملتزمة بالقواعد التجارية في تحقيقها بشأن حقوق الملكية الفكرية وإن الصين ستدافع عن مصالحها.

كان مسؤولون أمريكيون قالوا إن تحقيقا استمر ثمانية أشهر بموجب قانون التجارة الأمريكي الصادر في 1974 قد خلص إلى أن الصين منخرطة في ممارسات تجارية غير عادلة عبر إجبار المستثمرين الأمريكيين على نقل تقنيات مهمة إلى الشركات الصينية. وصدرت أكثر التهديدات صراحة حتى الآن كما نقلت بعض المصادر عن قطاع صناعة المعادن الصينية، إذ حث الحكومة على الرد عبر استهداف الفحم الأمريكي، وهو قطاع مركزي لقاعدة ترامب السياسية وتعهده الانتخابي باستعادة الصناعات الأمريكية. والولايات المتحدة أكبر مستورد للصلب في العالم، واشترت 35 مليون طن من الخام في 2017. ومن بين تلك الواردات شكلت كوريا الجنوبية واليابان والصين والهند 6.6 مليون طن.

صندوق الشرور

وفي هذا الشأن حذرت الصين الولايات المتحدة من فتح ”صندوق الشرور“ وإطلاق موجة من ممارسات الحماية التجارية في أنحاء العالم في وقت لمحت فيه بكين إلى سلع أمريكية يمكن أن تستهدفها في إطار نزاع تجاري تشتد حدته بين البلدين. وذكرت صحيفة تشاينا ديلي الرسمية الصينية في مقالة افتتاحية إن الصين قد تستهدف مجموعة كبيرة من الشركات الأمريكية تشمل قطاعات الزراعة والطيران والسيارات وأشباه الموصلات وحتى الخدمات إذا تصاعدت النزاعات التجارية.

وردا على الخطوة التي اتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 60 مليار دولار على بعض الواردات الصينية، حذرت بكين من أنها قد تفرض رسوما تصل إلى ثلاثة مليارات دولارات على واردات أمريكية. وأكبر الواردات الأمريكية إلى الصين هي الطائرات والمعدات المرتبطة بها وفول الصويا والسيارات، وبلغت قيمة الفاتورة الإجمالية نحو 40 مليار دولار في العام الماضي.

وقال متحدث باسم وزارة التجارة الصينية ”الممارسات الخبيثة للولايات المتحدة أشبه بفتح صندوق الشرور، وهناك خطر ينذر بإثارة سلسلة ردود فعل قد تنشر فيروس الحماية التجارية في أنحاء العالم“. ولا يزال الموقف الرسمي من الصين متشددا رغم أن بكين تقول إنها مستعدة للمفاوضات والحوار. وأظهرت تقارير إعلامية أن تعليقات المسؤولين الأمريكيين والصينيين على طبيعة ونطاق المحادثات التجارية تظل متضاربة.

وذكرت صحيفة فايننشال تايمز، نقلا عن مصادر مطلعة على المفاوضات، أن الصين عرضت شراء المزيد من الرقائق الإلكترونية الأمريكية والتحرك بشكل أسرع نحو استكمال القواعد التي تسمح للشركات الأجنبية بالحصول على حصص أغلبية في شركات الأوراق المالية الصينية. وقالت وزارة التجارة الصينية إن النهج الأمريكي في التجارة قد يكون له تأثير الدومينو وإن الحماية التجارية الأمريكية لن تضر سوى المستهلكين الأمريكيين.

وقال قاو فنغ المتحدث باسم الوزارة في إفادة صحفية دورية في بكين إنه بينما تأمل الصين أن تحل الولايات المتحدة النزاعات التجارية معها عبر الحوار إلا أنها ستتخذ كافة الخطوات الممكنة لحماية مصالحها. وأضاف ”ينبغي أن تكون المفاوضات على قدم المساواة ولن تقبل الصين أي مشاورات تحت ضغط تحرك أحادي الجانب“.

من جانب اخر قال تشانغ شيان جتشن مبعوث الصين لدى منظمة التجارة العالمية إن على أعضاء المنظمة أن يعملوا معا لمنع الولايات المتحدة من تدمير المنظمة ويجب عليهم التصدي للرسوم الجمركية الأمريكية التي تستهدف ما تردد عن سرقة الصين لحقوق الملكية الفكرية. وأبلغ تشانغ اجتماعا للمنظمة قائلا ”أعضاء منظمة التجارة العالمية يجب أن يعملوا معا... لإعادة هذا الوحش إلى قفص قواعد منظمة التجارة“ في إشارة إلى تعهد سابق للولايات المتحدة بعدم استخدام مثل تلك الرسوم الجمركية دون الحصول على موافقة المنظمة أولا. وأضاف ”الانفرادية تتعارض بشكل جوهري مع منظمة التجارة العالمية، مثل النار والماء. إذا انقلب القارب في بحر مفتوح فلا أحد في مأمن من الغرق. يجب ألا نقف مكتوفي الأيدي ونحن نشاهد شخصا يخرب القارب. منظمة التجارة العالمية تحت الحصار وعلينا جميعا أن نتكاتف للدفاع عنها“.

ترامب لا يخشى

من جانب اخر قال وزير الخزانة الأمريكي ستيف منوتشين إن الرئيس دونالد ترامب لا ينوي التراجع عن الرسوم التي تعتزم الولايات المتحدة فرضها على سلع صينية رغم تهديدات من الصين بالرد، مضيفا أن ترامب ليس قلقا من نشوب حرب تجارية. وأبلغ الوزير قناة فوكس نيوز التلفزيونية ”سنمضي قدما في رسومنا الجمركية. نعكف على ذلك. ”لذا، كما قال الرئيس ترامب، لا نخشى نشوب حرب تجارية، لكن ذلك ليس هدفنا“.

ودفعت المخاوف من نشوب حرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين أسعار الأسهم الأمريكية للهبوط. وكان ترامب وقع أمرا رئاسيا يستهدف فرض رسوم جمركية على سلع صينية تصل قيمتها إلى 60 مليار دولار، بسبب ما تصفه إدارته بأنه انتهاك لحقوق الملكية الفكرية الأمريكية، ولكن بعد فترة مشاورات تستمر 30 يوما بدءا من نشر قائمة بالسلع.

وأمهل ترامب وزارة الخزانة 60 يوما لإعداد قيود استثمارية تهدف إلى منع الصناديق والشركات التي تسيطر عليها الصين من الاستحواذ على شركات أمريكية تعمل في التقنيات الحساسة. وقال منوتشين إنه يعتقد أن الولايات المتحدة قد تتوصل لاتفاق مع الصين بخصوص بعض المسائل، لكنه أضاف أنه لن يتم تعليق الرسوم الجمركية ”ما لم يكن لدينا اتفاق مقبول يصادق عليه الرئيس“. وحثت الصين الولايات المتحدة على ”التراجع عن حافة الهاوية“ فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، وهددت بالرد باستهداف صادرات زراعية أمريكية.

وردت وزارة التجارة الصينية بالقول في بيان ”الصين لا تأمل بأن تكون في حرب تجارية، لكنها ليست خائفة من الدخول في حرب كهذه. ”الصين تأمل في أن تبتعد الولايات المتحدة عن حافة الهاوية وأن تتخذ قرارات رشيدة وتتجنب جر العلاقات التجارية الثنائية إلى مكان خطير“. وعلى الرغم من أن البيت الأبيض ذكر أن الرسوم الجمركية المزمعة تأتي ردا على ”عدوان اقتصادي“ من الصين، إلا أن ترامب قال إنه ينظر إلى الصين كبلد ”صديق“ وإن البلدين منهمكان في مفاوضات. وقال مسؤول بوزارة التجارة الصينية إن الجانبين يجريان اتصالات مع بعضهما البعض وإن قنوات الاتصال معبدة.

في الوقت ذاته أبدت الصين استعدادا للثأر من خلال إعلان خطط لفرض رسوم إضافية على واردات من الولايات المتحدة تصل قيمتها إلى ثلاثة مليارات دولار من بينها الفاكهة الطازجة والنبيذ والجوز، ردا على الرسوم الجمركية التي أعلنها ترامب في وقت سابق هذا الشهر على واردات الصلب والألومنيوم، والتي من المنتظر أن تدخل حيز التنفيذ يوم الجمعة. بحسب رويترز.

وفي استهداف لواردات من الولايات المتحدة بثلاثة مليارات دولار، قالت وزارة التجارة إن الصين أفردت قائمة تضم 128 من المنتجات الأمريكية التي قد تخضع لرسوم جمركية إذا لم يتمكن البلدان من التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا التجارية. وأشارت الوزارة إلى أنها تدرس فرض إجراءات على مرحلتين: الأولى رسوم جمركية نسبتها 15 بالمئة على 120 منتجا من بينهم الأنابيب الصلب والفاكهة المجففة والنبيذ بقيمة 977 مليون دولار. وفي مرحلة لاحقة فرض رسوم أعلى تبلغ 25 بالمئة على واردات بقيمة 1.99 مليار دولار تشمل لحم الخنزير والألومنيوم المعاد تدويره.

شكاوى متبادلة

على صعيد متصل قدمت الولايات المتحدة شكوى بمنظمة التجارة العالمية ضد الصين في إطار حزمة إجراءات اقتصادية أعلنها الرئيس دونالد ترامب بخصوص مزاعم حول سرقة الصين لحقوق ملكية فكرية أمريكية. وقال بيان صادر عن الولايات المتحدة ”يبدو أن الصين تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية عبر حرمان حائزي براءات الاختراع الأجانب، بما في ذلك الشركات الأمريكية، من حقوق براءات الاختراع الأساسية في وقف استخدام أي كيان صيني للتكنولوجيا بعد انتهاء عقد ترخيص محدد“. أضافت ”يبدو أن الصين تنتهك أيضا قواعد منظمة التجارة العالمية عبر فرض شروط تعاقدية سلبية وملزمة تشكل تمييزا ضد التكنولوجيا الأجنبية المستوردة وتعد أقل ملاءمة لتلك التكنولوجيا“.

من جانب اخر قالت لجنة امتثال تابعة لمنظمة التجارة العالمية في حكم أصدرته إن الولايات المتحدة لم تلتزم بالكامل بحكم صادر في 2014 ضد رسوم مكافحة الدعم التي فرضتها على منتجات صينية. ولجأت الصين إلى منظمة التجارة في 2012 للطعن على رسوم مكافحة الدعم الأمريكية المفروضة على صادرات صينية مثل الألواح الشمسية وأبراج طاقة الرياح واسطوانات الصلب والألومنيوم.

وفي هذا الوقت قالت الصين إن شكواها شملت صادرات إلى الولايات المتحدة تصل قيمتها السنوية إلى 7.3 مليار دولار. وقضت لجنة منظمة التجارة العالمية بأن الولايات المتحدة لم تستخدم أسعار بلد ثالث بشكل صحيح لتقييم الدعم لكنها أيدت التأكيد الأمريكي بأن الصادرات كانت تحصل على دعم من ”مؤسسات عامة“ صينية رغم تأكيد الصين على العكس. بحسب رويترز.

وقالت وزارة التجارة الصينية إن حكم منظمة التجارة العالمية يظهر أن الولايات المتحدة ”تنتهك مرارا“ إجراءات إصلاح التجارة وحثت على تحرك فوري لتصحيح الممارسات المعيبة. وإذا اجتازت الشكوى الصينية التماسا محتملا فسوف تقترب خطوة من فرض عقوبات مضادة للعقوبات الأمريكية لكن ينبغي أن يتفق الجانبان أولا على قيمة العقوبات وهو ما سيشمل جولة من تقديم الدفوع القانونية.

ذات صلة

التنمية المتوازنة في نصوص الإمام علي (ع)أهمية التعداد السكاني وأهدافهالموازنة في العراق.. الدور والحجم والاثرفرصة الصعود في قطار الثقافةموقع العراق في سياسة إدارة ترامب الجديدة