بنك التسويات الدولية: بنك البنوك المركزية

إيهاب علي النواب

2017-07-04 06:48

يعد بنك التسويات الدولية (The Bank for International Settlements (BIS في حقيقة الأمر البنك المركزي لجميع البنوك المركزية في العالم تقريبا وهو كارتيل من القطاع الخاص تسيطر عليها اكبر البنوك العالمية التي هي الاخرى شركات خاصة تملكها عدد من الاسر في اغلب الحالات، وهو أقدم مؤسسة مالية دولية، تعمل على دعم الجهود التي تبذلها المصارف المركزية في سعيها لتحقيق الاستقرار النقدي والمالي، وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال. ويعد مصرفا للمصارف المركزية، حيث يتدخل أحيانا كوسيط يتمتع بثقة عالية بين هذه المصارف لتمكينها من إتمام صفقاتها المالية.

التأسيس

أسس بنك التسويات الدولية عام 1930 في إطار ما عرف حينئذ بـ"خطة يونغ" التي تمت المصادقة عليها في 20 يناير/كانون الثاني 1930. وتنظم هذه الخطة أداء ألمانيا للتعويضات المتعلقة بالحرب العالمية الأولى لفائدة الدول المنتصرة فرنسا وبريطانيا، والتي أقرتها اتفاقية فرساي، وبعد أن ألغت اتفاقية لوزان الموقعة في يوليو/تموز 1932 تعويضات الحرب التي طولبت ألمانيا بأدائها سابقا، نظرا لتداعيات الكساد العظيم الذي عرفه الاقتصاد العالمي خلال حقبة ثلاثينيات القرن العشرين، توجه عمل بنك التسويات الدولية إلى تعزيز التعاون الدولي بين المصارف المركزية، ويوجد مقر بنك التسويات الدولية بمدينة بازل في سويسرا.

الأهداف والمهام

يسعى البنك إلى أداء رسالته من خلال العمل على:

- تشجيع المصارف المركزية على النقاش وتبادل الآراء، وتيسير سبل التعاون والتنسيق بينها.

- تعزيز الحوار بين المصارف المركزية وباقي الهيئات الوطنية والدولية المسؤولة عن تأمين الاستقرار المالي.

- إنجاز الأبحاث والدراسات حول القضايا التي تعنى بالاستقرار النقدي والمالي، وتقييم السياسات المتبعة في هذا المجال.

- الوساطة بين المصارف المركزية من أجل إتمام صفقاتها المالية.

هيكلية وأساس البنك

تتم إدارة البنك على مستوى ثلاثة هيئات كبرى هي:

- الجمعية العامة وتتألف من محافظي المصارف المركزية الأعضاء في البنك، ويبلغ عددهم 60 مصرفا مركزيا. وهي أعلى هيئة تقريرية في الهرم التنظيمي للبنك، وهي الجهة الوحيدة المخولة المصادقة على الحسابات المالية للبنك وتقريره السنوي، إضافة إلى انتخاب أعضاء مجلس الإدارة.

- مجلس الإدارة ويعمل على رسم الخطة الإستراتيجية للبنك وتحديد التوجهات الكبرى لسياساته، كما يمارس دورا رقابيا على الأجهزة التنفيذية للبنك ويضم مجلس الإدارة 21 عضوا كحد أقصى، بينهم تسعة أعضاء يتم انتخابهم، إضافة إلى ستة أعضاء محددين سلفا وفقا للقانون الأساسي للبنك، وهؤلاء الأعضاء الستة هم: محافظو المصارف المركزية لألمانيا وبلجيكا والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة. ويحق لكل عضو من هؤلاء الأعضاء أن يعين عضوا إضافيا من بلده، وينتخب مجلس الإدارة من بين أعضائه رئيسا ونائبا للرئيس لمدة ثلاث سنوات، ويتولى الألماني ينس فايدمان رئاسة مجلس إدارة البنك منذ 1 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2015.

- الإدارة العامة وتشرف على تنفيذ خطط البنك، وتضطلع بمسؤولية إعداد الميزانية السنوية وتحديد برنامج العمل، كما تتابع الأعمال الإجرائية والميدانية التي تنجزها كافة مصالح وأقسام البنك.

مخاطر الديون

في تقريره الصادر عن المؤسسة يوم 6 مارس/آذار عام 2016؛ حذر فريق من الباحثين التابعين لبنك التسويات الدولية من تضخم حجم الديون في جميع بلدان العالم. واعتبروا أن هذا الوضع يشكل تهديدا جديا لقدرة الاقتصاد العالمي على استعادة عافيته، كما يزيد مخاطر سقوطه في أزمة جديدة مدمرة، وذكَّر التقرير بالهزات التي ضربت أسواق الأوراق المالية في العالم مطلع عام 2016 بسبب قلق المستثمرين بشأن تباطؤ الاقتصاد الصيني وباقي البلدان الصاعدة، مما أسهم في تراجع أسعار النفط. ثم عرفت الأسواق المالية موجة ثانية من الاضطرابات بسبب تزايد المخاوف حول صحة المصارف، خصوصا الأوروبية منها، ونبه تقرير بنك التسويات الدولية إلى وصول المديونية إلى مستويات قياسية في الاقتصادات المتقدمة بسبب تطبيق سياسة نقدية توسعية، وأظهرت البيانات الإحصائية لدى البنك عام 2016 تراجع التدفقات المالية، مما ينذر بخطر أزمة جديدة، بينما لم يعد لدى المصارف المركزية هامش حركة كبير كما كان الأمر عقب أزمة 2008.

وبنك التسويات الدولية كان مملوك في الأصل من قبل كل من الحكومات والأفراد و الشركات، ولكن الولايات المتحدة و فرنسا قررت أن تبيع بعض أسهمه لمستثمرين من القطاع الخاص، تداول أسهم بنك التسويات الدولية في أسواق الأسهم ، الأمر الذي جعل البنك مؤسسة غير عادية : منظمة كارتيل دولية ( بالمعنى التقني للقانون الدولي العام ) ، ولكن يسمح للمساهمين من القطاع الخاص. بدأت العديد من البنوك المركزية بالسير على هذا النحو للتحول الى مؤسسات خاصة ، على سبيل المثال، بنك انجلترا اصبح مملوك من القطاع الخاص حتى عام 1946، في السنوات الأخيرة تم عرض اسهم BIS للتداول كلها مرة واحدة. وهي الآن مملوكة بالكامل من قبل أفراد، وتعمل في سوق القطاع الخاص، لإدارة الأصول والمقرض للبنوك المركزية والدولية وتستخدمها المؤسسات المالية لتمويل الأنشطة الدولية الأخرى للبنك.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي