الرياضة تواجه فقاعة كروية صينية
2017-04-20 08:06
أكمل سيلفيو برلسكوني رئيس الوزراء الايطالي السابق عملية البيع المتعثرة لنادي ميلانو لكرة القدم إلى كونسورتيوم بقيادة صينية في صفقة تبلغ قيمتها 740 مليون يورو (788 مليون دولار) ستشدد قبضة الصين على اللعبة في ايطاليا، وتأتي الصفقة، التي تمثل أكبر استثمار صيني في ناد اوروبي، بعد شراء مجموعة سونينج للتجارة للمنافس المحلي انترناسيونالي العام الماضي. وتملك شركة صينية أيضا الحقوق الاعلامية لدوري الدرجة الأولى الايطالي.
ويمثل بيع ميلانو نهاية عهد برلسكوني الذي اشترى النادي في ثمانينات القرن الماضي وحوله سريعا إلى فريق بارز في اوروبا كما استخدمه كمنصة بجانب امبراطوريته الاعلامية من أجل مساعدته في اطلاق مسيرته السياسية، وفي بيان مشترك بينت مؤسسة فينينفست القابضة والمملوكة لبرلسكوني إنها باعت جميع أسهمها في النادي إلى شركة روسونيري سبورت انفستمنت لوكس ومقرها لوكسمبورج وهي شركة يقودها لي يونجهونج حلت محل الشركة الصينية صاحبة العرض الأصلي.
ويتضمن سعر النادي البالغ 740 مليون يورو ديونا قيمتها 220 مليون يورو. والتزم المشترون، الذين دفعوا الشريحة النهائية وقيمتها 370 مليون يورو ، باعادة تمويل ودعم مالي للنادي وفقا للبيان، ويبيع برلسكوني (80 عاما) النادي لأنه لا يرغب في ضخ أموال إضافية مطلوبة لكي يتنافس الفريق مع أبرز أندية القارة المدعومة الان بملاك خليجيين وآسيويين أثرياء، ووافق برلسكوني على صفقة بيع ميلانو في أغسطس آب الماضي لكن العملية تعثرت واستغرقت وقتا أطول من المتوقع مع تشديد بكين لاجراءات الاستحواذات الأجنبية غير الاستراتيجية خاصة في الرياضة.
وتدخلت شركة التمويل الامريكية ايليوت في اللحظات الأخيرة لانقاذ الصفقة الشهر الماضي ووافقت على اقراض روسونيري سبورت انفستمنت المال، وذكر مصدر على صلة بالأمر إن الشركة حصلت على 180 مليون يورو من ايليوت و140 مليون يورو أخرى من هوارونج الصينية، وأضاف المصدر أن لي دفع 50 مليون يورو إضافية.
ويحتاج النادي، الذي سجل خسائر قيمتها 93.5 مليون يورو في 2015، إلى تمويل شراء لاعبين بارزين إضافة للاستثمار في علامته التجارية داخل وخارج ايطاليا، ولم يعلن ميلانو بعد عن نتائجه المالية لعام 2016 لكن مصدرا قريبا من ادارته المالية قال إن النادي خسر من 70 إلى 80 مليون يورو، ويبلغ اجمالي التمويل الذي قدمته ايليوت 300 مليون يورو ويتضمن المبلغ قرضا لميلانو نفسه بمتوسط فائدة حوالي 10 بالمئة.
إنفاق قياسي للأندية الصينية على لاعبي كرة القدم خارج الضوابط
دفعت الاندية الصينية لكرة القدم مبلغا قياسيا بلغ 388 مليون يورو (411 مليون دولار) لاستقدام اللاعبين خلال فترة الانتقالات الشتوية الممتدة شهرا، على رغم ضوابط السلطات للحد من الانفاق الرياضي، وشكل البرازيلي اوسكار المنتقل الى نادي شنغهاي سيبغ أبرز الصفقات التي تسعى السلطات لضبطها بهدف خفض الانفاق "غير العقلاني" في كرة القدم. وعلى رغم ذلك، تجاوزت أندية دوري السوبر الصيني هذه السنة مبلغ 345 يورو الذي حققته خلال الانتقالات الشتوية عام 2016 (بين كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير).
وتفوقت الاندية الصينية للعام الثاني تواليا على اندية الدوري الانكليزي الممتاز التي انفقت 259 مليون يورو خلال الانتقالات الشتوية، بحسب موقع "ترانسفر ماركت" المتخصص، وسجلت صفقة انتقال اوسكار من تشلسي الى شنغهاي سيبغ، والتي قدرت قيمتها بستين مليون يورو، رقما قياسيا آسيويا. وبات اللاعب (25 عاما) صاحب ثاني اعلى راتب سنويا بين لاعبي كرة القدم عالميا، خلف الارجنتيني كارلوس تيفيز المنتقل ايضا خلال الفترة نفسها الى شنغهاي شينهوا براتب سنوي قدر بانه 38 مليون يورو.
وأنفقت الاندية الصينية هذه المبالغ سعيا لاستقطاب نجوم بارزين عالميا. وعلى رغم عدم اكتمال صفقات ورد الحديث عنها مرارا في تقارير صحافية، لاسيما النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو والانكليزي واين روني، الا ان آخرين منهم البرازيلي باتو والبلجيكي أكسل فيتسل، انضموا الى الاندية الصينية مؤخرا، وتم انتقال اوسكار وتيفيز قبل تحرك الاتحاد الصيني لكرة القدم من اجل الحد من الانفاق الكروي، واتخاذ خطوات تشمل وضع سقف لقيمة صفقات الانتقال والرواتب السنوية وتقليص عدد اللاعبين الاجانب في صفوف الفرق خلال المباريات من اربعة الى ثلاثة، ويبدو ان الاجراءات جمدت صفقات كبرى كان يعد لها، تشمل لاعبين كالاسباني دييغو كوستا والاوروغوياني ادينسون كافاني والكولومبي راداميل فالكاو وغيرهم، بحسب ما اعلن مسؤولون في اندية صينية.
ويرى المسؤول في شركة التسويق الرياضي مايلمان غروب" طوم إلسدن نتوقع ان نرى مستويات عالية من الانفاق حتى في ظل التعديل في القواعد" الكروية في الصين، وشكل الانتقال القياسي لأوسكار في كانون الاول/ديسمبر، استمرارا لسياسة بدأت تظهر جليا خلال 2016، وشملت صفقات للبرازيليين هولك وأليكس تيكسييرا وراميريش والكولومبي جاكسون مارتينيز، وبعد انتقال تيفيز، بدأت التقارير الصحافية تتوالى عن احتمال حصول صفقات تشمل أسماء أكبر، منها رونالدو نجم ريال مدريد والحاصل على جائزة الكرة الذهبية لافضل لاعب في العالم اربع مرات، و"الفتى الذهبي" لمانشستر يونايتد والمنتخب الانكليزي واين روني.
ولم يأت الانفاق الباذخ للاندية من عدم، بل هي تستفيد من دعم شركات راعية كبرى، وتسعى لمواءمة المسعى الصيني الرسمي بالتحول الى قوة كروية عالمية في السنوات المقبلة، بما يشمل استضافة كأس العالم وتحسين تصنيف منتخبها عالميا (86 حاليا)، الا ان هذا الانفاق لاقى انتقادات واسعة من المجتمع ووسائل الاعلام الرسمية، ما دفع السلطات مطلع كانون الثاني/يناير الى التدخل وحض الاندية على استخدام الاموال لتطوير المواهب المحلية، وتعهد نادي غوانغجو ايفرغراند حامل لقب الدوري ست مرات بان يعتمد على تشكيلة صينية بحتة بحلول 2020، في تغيير جذري لسياسته منذ اعوام والقائمة بشكل رئيسي على اللاعبين الاجانب.
وبحسب تقرير للاتحاد الدولي لكرة القدم في كانون الثاني/يناير الماضي، تقدمت الصين على لائحة اكبر المنفقين عالميا في اللعبة، من المركز العشرين الى المركز الخامس خلال عام واحد فقط، وفي حين ان الانفاق الصيني يشكل ثلث الانفاق الاجمالي في الدوري الانكليزي الممتاز (1,3 مليار يورو في 2016)، الا انه بات يتفوق بشكل صريح على قوى اوروبية اساسية كفرنسا والبرتغال.
الصين تحذر باولينيو وتطالبه بالابتعاد عن إعلانات المراهنات
وجهت السلطات الرياضية في الصين تحذيرا إلى لاعب الوسط البرازيلي الشهير باولينيو وطالبته بإنهاء أي علاقة بينه وبين شركة مراهنات أجنبية كما ناشدت جميع لاعبي الدوري الصيني الممتاز لكرة القدم "بالحرص على الظهور بصورة مشرفة، وجاءت هذه التحذيرات بعد ظهور باولينيو الذي يلعب حاليا لبطل الصين قوانغتشو ايفرجراند في إعلان لشركة مراهنات تتخذ من الفلبين مقرا لها إلى جانب الممثلة والعارضة تسوكاسا اوي التي شاركت في العديد من الأفلام الإباحية في اليابان.
ولا تسمح القوانين الصينية بالمراهنات أو الأفلام الإباحية ومن ثم أصدر الاتحاد الصيني لكرة القدم بيانا حذر فيه باولينيو نتيجة هذا الإعلان، وجاء في البيان بناءاً على تحقيق تبين أن اللاعب ظهر في الإعلان بإرادته ولم يبلغ النادي بذلك، وأضاف البيان "انتقد قوانغتشو ايفرجراند باولينيو وطلب منه وقف نشاطه في الإعلانات مع شركة المراهنات فورا منعا لأي أنشطة مماثلة مستقبلا، وكان باولينيو انضم إلى النادي الصيني قادما من توتنهام هوتسبير الانجليزي في صفقة بلغت قيمتها 14 مليون يورو (14.85 مليون دولار) قبل نحو عامين.
وبعد ذلك تعاقدت الأندية الصينية مع الكثير من اللاعبين والمدربين البارزين أملا في تطوير وتحسين مستوى اللعبة في الدولة الأكبر سكانا على مستوى العالم، وأضاف الاتحاد نأمل أن يحترم اللاعبون المحترفون اللوائح والحرص على الالتزام بها كما نأمل أن يحترم اللاعبون مسيرتهم المهنية، وأكد الاتحاد "ونحن هنا أيضا نحث اللاعبين المحترفين على الحرص على الظهور بصورة مشرفة وتبني مواقف إيجابية والحرص على وجود بيئة كروية صحية نظرا لاهتمام الشبان بتصرفات اللاعبين وتقليدها."
فقاعة كروية رياضية
وعلى رغم تحذير وسائل الاعلام الرسمية من "فقاعة" كروية، تنفق الاندية الصينية من دون اكتراث، اذ لم تقتصر هذه الصفقات على نهاية السنة، اذ تخللت الاشهر الماضية خمس صفقات كبرى على الاقل، منها للبرازيليين أليكس تيكسييرا وهولك والكولومبي جاكسون مارتينيز وغيرهم.
ويرى مؤسس موقع "تشاينا سبورتس انسايدر" الالكتروني مارك داير، ان العالم "فوجىء" بالصفقات الخيالية التي ابرمتها الاندية الصينية سابقا، الا ان "عامل المفاجأة اختفى. الجميع يتوقع الآن الامر ذاته"، اذ ان الانفاق غير المضبوط يلقى انتقادات الصحافة المحلية ومنها الرسمية، التي رأت ان انفاق النوادي في 2016 (فاق مليار يورو) "يتجاوز بفارق كبير القيمة الاقتصادية التي اضيفت الى الدوري"، حيث اعلن الاتحاد الصيني خفض كوتا اللاعبين الاجانب في الاندية من خمسة لاعبين الى اربعة في الموسم المقبل، سعيا للحد من اقبال الاندية على استقطابهم مقابل مبالغ طائلة، وذكر الاتحاد ان "اللاعبين الاجانب ذوي المستوى المرتفع اضافوا طاقة الى دوري السوبر الصيني، وجعلوا مباريات الدوري ممتعة أكثر، الا انهم تسببوا بأعباء مالية للاندية وقلصوا فرص اللاعبين المحليين".