هل ينتهي عصر البترول باستخدام السيارات الكهربائية؟
إيهاب علي النواب
2017-04-13 06:33
ظهرت السيارات في بداية إختراعها من خلال ثلاثة أنواع , تمثلت الأولى بالسيارة البخارية والتي تعتمد على ضغط البخار في تسييرها , ثم ظهرت السيارات الكهربائية والتي كانت الأكثر إنتشاراً بسبب إختراع البطارية وتحسين أدائها الوظيفي مقارنة مع البخارية , حيث بلغت نسبة السيارات الكهربائية40% في الولايات المتحدة عام 1900 مقابل 22% للنوع الثالث وهي سيارات البنزين والتي أصبحت الأولى حتى يومنا هذا ومنذ إختراعها , وظهور الاعتماد الكلي على النفط والوقود الأحفوري بشكل عام.
الا أن السيارات الكهربائية عادت الى الساحة مجدداً مع نهاية العام 2008 , حيث أعلنت شركة ( TESLA ) عن أول سيارة كهربائية تجارية في العصر الحديث والتي أصبحت في الأسواق منذ العام 2011 , تبعها شركات أخرى مثل نيسان ليف وفورد وغيرها , لقد كان من الغريب أن لا تظهر السيارات الكهربائية مع وجود هذا التطور الهائل في التكنولوجيا وسرعة المعلومات المتناقلة وظهور مصادر الطاقة البديلة , إلا أن تكنولوجيا السيارات الكهربائية لا تختلف كثيراً عن السيارات العاملة بالوقود الأحفوري , سوى أن مصدر التغذية لحركة السيارة مختلف مع بعض التغييرات في الشكل الخارجي والذي يقلل من مقاومة الهواء .
وقد تجاوزت قيمة السوق لسيارات "تيسلا" الكهربائية قيمة سيارات "فورد" بعد ارتفاع أسهمها في سوق السيارات الكهربائية بنسبة 7 في المئة، وبلغت قيمة "تيسلا" مع إغلاق التداول 49 مليار دولار، بينما لم تتجاوز "فورد" 46 مليون دولار، وقد ارتفعت أسهم "تيسلا" بعد أن أعلنت الشركة عن بلوغها رقما قياسيا في تسليم السيارات الجاهزة في الشهور الثلاثة الأولى من السنة، حيث سلمت الشركة 25 ألف سيارة في الربع الأول من السنة، مما يعني ارتفاعا بقيمة 70 في المئة عن نفس الفترة من العام الماضي.
وبينما ترتفع مبيعات "تيسلا" بسرعة إلا أنها لا تقارن بمبيعات فورد التي باعت 6.7 مليون سيارة عام 2016، بينما باعت تيسلا 76 ألفا، وتخطط الشركة لبيع سيارة أرخص في الولايات المتحدة هذه السنة، "موديل 3"، والتي تأمل الشركة أن تنتشر بقوة في السوق الأمريكي، وأفاد بين كالو، وهو محلل في مجال تقنيات الطاقة "قبل 5 سنوات لم يكن أحد قد سمع بتيسلا، والآن يريد الناس "تيسلا". لقد تجاوزت بي أم دبليو كسيارة الأحلام".
واستثمرت شركة "تيسلا" بشكل كبير في مجال إنتاج البطاريات الكهربائية، فقد أنشأت مصنعا بتكلفة 5 مليارات دولار في ولاية نيفادا، والذي ستصبح بنايته أكبر بناية في العالم حين تكتمل.
ويأمل ماسك أن شركته سوف تتمكن من تخفيض تكلفة البطاريات بقيمة 30 في المئة.
وينتج المصنع بطاريات للمنازل والمؤسسات التجارية أيضا، وقد اشترت الصين ما قيمته 5 في المئة من أسهم شركة تيسلا بقيمة 1.78 مليار دولار، مما اعتبر بادرة ثقة بمستقبل الشركة.
السيارات الكهربائية تحفز المستثمرين على شراء الكوبالت
يقدم المستثمرون على شراء الكوبالت متوقعين أن يدفع نقص المعدن المستخدم في صناعة بطاريات الليثيوم أيون للسيارات الكهربائية الأسعار إلى أعلى مستوى لها منذ الأزمة المالية لعام 2008، وقفزت أسعار الكوبالت نحو 50 بالمئة منذ سبتمبر أيلول لتصل إلى أعلى مستوى في خمس سنوات عند حوالي 19 دولارا للرطل مستفيدة من القيود على الانبعاثات التي زادت الطلب على السيارات الكهربائية خصوصا في الصين التي تكافح للتغلب على نسب تلوث مدمرة في بعض المدن.
وأضافت مجموعة سي.آر.يو للاستشارات إن مبيعات السيارات الكهربائية والهجين قد تسجل 4.4 مليون وحدة في عام 2021 وأكثر من ستة ملايين مركبة في عام 2025 مقارنة بنحو 1.1 مليون سيارة في العام الماضي، بينما ذكرت شركة ئي.كوبالت سوليوشنز الكندية للتعدين إن 75 بالمئة من بطاريات الليثيوم إيون ستحتوي على الكوبالت بحلول عام 2020 موضحة أن خصائصه تسهم في إطالة فترة تشغيل البطارية إلى أن يعاد شحنها، وينتج حوالي 98 بالمئة من الكوبالت كمنتج ثانوي مع النحاس والنيكل، ومما يبرز أهمية المعدن إعلان وكالة الإمداد والتموين بوزارة الدفاع الأمريكية بعض مشتقات الكوبالت من المواد الإستراتيجية وقيامها بتخزينه منذ عام 2014، ويستخدم الكوبالت على نطاق واسع أيضا في صناعة التوربينات ومركبات الفضاء ومحركات الصواريخ ومحطات الطاقة.
تعاون بين نيسان ورينو وميتسوبيشي لخفض تكلفة السيارة الكهربائية
أفادت مصادر أن شركات نيسان موتور ورينو وميتسوبيشي موتورز ستدمج منصاتها لإنتاج السيارات الكهربائية في مسعى لخفض الأسعار إلى مستويات يمكن مقارنتها بالسيارات التقليدية التي تعمل بالبنزين، وتتبني الشركات الثلاث الاستراتيجية في وقت تسعى فيه شركتا فولكسفاجن وتويوتا موتور العملاقتان أيضا لإنتاج سيارات كهربائية بكميات تجارية مع صدور قواعد لخفض الانبعاثات والاقتصاد في استهلاك الوقود حول العالم.
ونيسان اليابانية وشريكتها الفرنسية رينو من أبرز داعمي التكنولوجيا الرامية للقضاء على الانبعاثات ولكنهما تواجهان صعوبة في خفض التكلفة إلى مستوى مناسب نظرا لأن كل منهما يطور سيارة كهربائية بشكل منفصل عن الآخر، وذكرت نيكي إن رينو وميتسوبيشي -التي خضعت لسيطرة نيسان في الآونة الأخيرة- ستستخدمان نفس المنصة الخاصة بتصنيع سيارة نيسان الكهربائية ليف بعد تعديل تصميمها والتي من المقرر طرحها للبيع خلال عام 2018، وأضافت الصحيفة دون الاستناد لمصادر أن الشركات الثلاث ستشترك في نفس المكونات الرئيسية مثل المحرك ومحول القدرة والبطارية في خطوة ستخفض سعر السيارة ليف بنحو 20 في المئة.
تويوتا تطور بطارية الليثيوم أيون لتعزز خيار دخول سوق السيارات الكهربائية
يذكر مهندسون في شركة تويوتا موتور اليابانية لصناعة السيارات إنهم حدوا من مشكلات تكنولوجيا بطاريات الليثيوم أيون ليصبح بإمكانها الآن بأمان تخزين طاقة أكبر بدون زيادة تذكر في التكلفة مما يتيح للشركة خيار دخول سوق السيارات الكهربائية الخالصة المتنامية، ورغم أن شركات منافسة مثل تيسلا موتورز ونيسان موتور بدأت في استخدام تكنولوجيا بطاريات الليثيوم أيون قبل نحو عشرة أعوام فقد تأخرت تويوتا بسبب مخاوف تتعلق بالتكلفة والحجم والسلامة.
فبطاريات الليثيوم أيون يمكن أن تكون غير مستقرة وألقي باللوم عليها في مشكلات احتراق هواتف سامسونج وتصاعد دخان بالطائرات دريملاينر، وسيشكل تبني تويوتا لتكنولوجيا الليثيوم أيون إضافة إلى التكنولوجيا المتطورة ويتيح للشركة خيار إنتاج سيارة ركاب تعمل بالكهرباء بشكل كامل وهو ما تجنبته تويوتا مفضلة أن تلقي بثقلها حتى الآن وراء السيارات التي تعمل بخلايا وقود الهيدروجين.
وتذكر تويوتا إن سيارتها بريوس برايم- وهي نسخة ستطلقها قريبا من سيارتها الهجين صاحبة أكبر مبيعات في العالم- ستستخدم بطاريات الليثيوم أيون التي ستمكنها من السير نحو 60 كيلومترا عند شحنها بشكل كامل قبل التحول إلى محرك البنزين، وتستخدم العديد من بطاريات السيارات الليثيوم أيون خليطا كيماويا من النيكل والكوبلت والمنجنيز. ويساعد ذلك على تخزين طاقة أكبر واستغراق وقت أقل في الشحن وتعتبر أكثر أمانا من تكنولوجيا الليثيوم أيون الأخرى، لكنها تظل عرضة لارتفاع درجة حرارتها والاحتراق إذا لم تصمم وتصنع ويتم التحكم فيها بشكل جيد.
ويرى كوجي تويوشيما كبير المهندسين في تويوتا المختصين بالطراز بريوس "إنه طموح بعيد المدى لتطوير بطارية سيارة ليثيوم أيون يمكنها أن تعمل بشكل يعتمد عليه وآمن لمدة عشر سنوات أو لمئات الآلاف من الكيلومترات." وأضاف الأمر يتعلق بالسلامة أولا وأخيرا، وكانت تويوتا تستخدم بطاريات هجينا من النيكل والمعدن لتشغيل المحرك في سيارة بريوس التي ينظر إليها على نطاق واسع باعتبارها رائدة السيارات الصديقة للبيئة برغم أنها استخدمت بالفعل بعض بطاريات الليثيوم ايون من 2009 في أول طراز من سيارات بريوس الهجين في نفس الوقت تقريبا الذي طرحت فيه تيسلا ونيسان أولى سيارتهما الكهربائية الخالصة التي تعمل ببطاريات الليثيوم ايون.
تأتي ثقة تويوتا في سلامة بطاريتها الجديدة واستقرارها من تحسين تكنولوجيا التحكم التي تراقب بشدة درجة حرارة وأحوال كل من 95 خلية في البطارية الجديدة، كما ذكر هيرواكي تاكيوتشي المهندس البارز المشارك في عملية التطوير "نظامنا للتحكم يمكنه تحديد حتى أبسط إشارة على احتمال انقطاع الدائرة الكهربية في كل خلية على حدة وسيقوم إما بمنع ذلك من الامتداد للخلايا الأخرى أو سيوقف البطارية بالكامل عن العمل."
دايملر تستثمر عشرة مليارات يورو في تطوير سيارات كهربائية
صرح رئيس إدارة الأبحاث والتطوير في شركة دايملر الألمانية لصناعة السيارات إن دايملر تعتزم استثمار ما يصل إلى عشرة مليارات يورو (11 مليار دولار) في تطوير سيارات كهربائية، وتستثمر الشركات الألمانية بشكل كبير في السيارات الكهربائية والتي كانت تتجنبها في الماضي بسبب ارتفاع تكاليفها ونطاق تشغيلها المحدود ولكنها الآن تستفيد من التقدم الذي حدث في الآونة الأخيرة في تكنولوجيا البطاريات ورد الفعل العنيف ضد الأدخنة الناجمة عن الديزل.
وأدى الآن التقدم التكنولوجي لزيادة مدى سيارة كهربائية بما يصل إلى 50 في المئة إلى تحفيز شركتي فولكسفاجن ودايملر وموردين مثل بوش وكونتننتال على القيام باستثمارات ضخمة.
وذكر توماس فيبر انه بحلول 2025 نريد تطوير عشر سيارات كهربائية بناء على نفس التصميم، وأضاف أن ثلاثة من النماذج ستكون سيارات سمارت وذلك بفضل البطاريات الأكبر التي ستمكنها من زيادة مدى المسافة التي تقطعها إلى 700 كيلومتر، وقد ذكرت مصادر مطلعة على خطط دايملر إن الشركة تعتزم طرح ما لا يقل عن ستة طرز لسيارات كهربائية في إطار حملتها للمنافسة مع تيسلا وأودي لشركة فولكسفاجن.
انخفاض السعر يدعم ازدهار سوق السيارات الكهربائية في الصين
يزيد عدد السيارات الكهربائية المباعة في الصين عنه في باقي العالم أجمع لكنها في الغالب أنواع محلية منخفضة السعر ومداها أقل من مثيلاتها التي تصنعها شركات أجنبية مثل تسلا ونيسان، وازدهرت سوق السيارة الصينية الكهربائية (إي.في) بسبب الدعم الحكومي الكبير لها في إطار سياسة بكين لإظهار دور قيادي عالمي في مجال الطاقة النظيفة.
وأنفقت الصين مليارات الدولارات على الدعم لمساعدة شركات لصناعة السيارات مثل (بي.واي.دي)- التي يدعمها الملياردير وارين بافيت- و(بي.أيه.آي.سي) في تحقيق إنتاج غزير من السيارات الكهربائية التي بدأت تكتسب شعبية بين السائقين في المدن وضمن أساطيل سيارات الأجرة والوكالات الحكومية، وزادت مبيعات هذه السيارات بنسبة 60 في المئة في الفترة بين يناير كانون الثاني ونوفمبر تشرين الثاني من العام الماضي لتصل إلى 402 ألف سيارة. وتستهدف الصين الوصول إلى خمسة ملايين سيارة كهربائية على طرقها بحلول العام 2020.
ولا تملك السيارة المحلية (إي.في) إمكانيات عالية فيما يتعلق بالسرعة أو المدى أو الفخامة مقارنة بالسيارة تسلا لكنها تحقق مبيعات بسبب سعرها الزهيد، وبعد الدعم بلغ سعر السيارة (شيري إي.كيو) ذات البابين نحو 60 ألف يوان (8655 دولارا) في شنغهاي العام الماضي. وبدون الدعم كان سعرها سيزيد 100 ألف يوان إضافية تقريبا.
وفي معرض ديترويت للسيارات هذا الأسبوع كشفت جنرال موتورز عن أحدث سياراتها (بولت إي.في) بسعر نحو 30 ألف دولار بعد إعفاء ضريبي اتحادي بقيمة 7500 دولار، وتتطلع أنواع من السيارات الصينية مثل (جي.إيه.سي موتور) و(بي.واي.دي) لمنافسة نظيراتها العالمية، وكشفت (جي.إيه.سي موتور) عن سيارتها الرياضية الكهربائية (جي.إي 3) خلال فعاليات معرض ديترويت. وذكرت إن الشركة تخطط لدخول سوق الولايات المتحدة بحلول عام 2019. وكان الهدف السابق للشركة هو عام 2017.
مستقبل السيارات الكهربائية
لا يمكن أن يختلف إثنان على أن المستقبل سيكون بالكامل للسيارات الكهربائية , فالصراعات القائمة على النفط في إزدياد , والإحطياطي العالمي في نقصان مستمر مع الزمن , كما أن تكنولوجيا المعلومات والتطور الهائل في العلوم والإبتكار ساهم في إيجاد حلول منطقية لا سيما في عالم الطاقة .
ولكن عاتق هذا المستقبل يقع بالدرجة الأولى على القوانين والأنظمة المشرعة التي تضعُها الحكومات ومدى تقديمها للدعم المادي والمعنوي للمُساهمة في إيجاد أفضل الحلول التي تُساعد في تقدم السيارات الكهربائية على غيرها , كما يعتمد على الضغط والوعيّ الشعبي الذي يرتقي بمفهوم إمتلاك السيارة الكهربائية وما تقدمه من حلول عصرية , وهُنا أضع بين أيديكم بعض الإقتراحات المُمكن تفعيلها للوصول إلى مُستقبل آمن :
1- الإسراع في تجهيز بنية تحتية قوية لعالم السيارات الكهربائية , وذلك بزيادة محطات الشحن وتوسيع إنتشارها , والتي تجعل من السهولة شحن السيارة خصوصاً في حال التفريغ الكامل للشحنة , مما يعني وجود الآمان بإقتنائها وإنهاء الخوف من هذه الحالات .
2- تسهيل الإجراءات الحكومية والإعفاءات من الضرائب العامة والجمارك عليها مما تُساهم فيه السيارات الكهربائية من تقليل العبء على الدول نتيجة الأثر البيئي وكميات البترول المستهلكة يومياً .
3- تبقى أهم النقاط وهي تطوير تكنولوجيا تخزين الطاقة الكهربائية ودعم الأبحاث العلمية التي تتجه صوب هذا القطاع , حيث أن التفوق في تخزين الطاقة يعد أكبر التحديات التي تواجه العصر الحديث , والتغلب عليها يحتاج بالتأكيد دعماً متواصلاً غير منقطع النظير للوصول إلى ما هو أفضل .