دفاعاً عن المليارديرات
بروجيكت سنديكيت
2024-01-15 04:57
بقلم: مايكل آر سترين
واشنطن العاصمة- يقول السناتور، بيرني ساندرز، الذي ينحدر من فيرمونت، والذي طالما وصف نفسه بأنه اشتراكي ديمقراطي، أنه لا ينبغي أن يكون هناك مليارديرات. وبالفعل، أصبحت عبارة "كل ملياردير يدل على فشل في السياسات" شعارا شائعا بين القوى التقدمية الأمريكية.
وليس من الغريب أن يتفق الشعبيون الاقتصاديون والقوميون في اليمين السياسي مع اليسار التقدمي. فقبل بضعة أشهر، دعا ستيف بانون، كبير الاستراتيجيين السابق للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، إلى "إجراء زيادات كبيرة في الضرائب المفروضة على أصحاب المليارات" لأن قلة قليلة جدا منهم تؤيد شعار "MAGA" (لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى).
إن هؤلاء القوميون والتقدميون يفسرون الأمور تفسيرا خاطئا: يجب أن نرغب في زيادة عدد الأثرياء، وليس الحد منهم.
إن المبتكرين من أصحاب المليارات يخلقون قيمة هائلة للمجتمع. إذ في ورقة بحثية لعام 2004، خلص الخبير الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل، ويليام د. نوردهاوس، أن "نسبة ضئيلة جدًا"- نحو 2.2 في المئة- "من العوائد الاجتماعية الناتجة عن التقدم التكنولوجي" عادت إلى المبتكرين أنفسهم. بينما عادت بقية الفوائد (أي معظمها) إلى المستهلكين.
ووفقًا لمؤشر بلومبرغ للمليارديرات، تبلغ قيمة صافي ثروة مؤسس أمازون، جيف بيزوس، 170 مليار دولار. واستنادا لنتائج نوردهاوس، يمكن أن نستنتج أن بيزوس قد خلق للمجتمع قيمة تقدر بأكثر من 8 تريليون دولار- أكثر من ثلث الناتج المحلي الإجمالي السنوي للولايات المتحدة. فعلى سبيل المثال، خفضت أمازون من أسعار العديد من السلع الاستهلاكية، ووفرت لملايين الأمريكيين الكثير من الوقت بتجنيبهم عناء زيارة متاجر التجزئة التقليدية. ومع ذلك، لم يحصل بيزوس إلا على جزء صغير من تلك الفوائد الاجتماعية.
وبالطبع، ليس جميع من يملكون مليارات الدولارات مبتكرين. ويمكن أن ينطبق هذا على الأثرياء أيا كانت خلفياتهم المهنية. فعلى سبيل المثال، يخلق جبابرة "وول ستريت" قيمة عن طريق تخصيص رأس المال بكفاءة في مختلف القطاعات الاقتصادية. ومع مرور الوقت، يؤدي هذا إلى خفض التكاليف وتحفيز الإنتاجية والابتكار، مما يعود بالفائدة على ملايين الأسر والشركات.
إن ريادة الأعمال والعمل الجاد، هما المسار الرئيسي نحو صافي قيمة تقدر بمئات الملايين أو المليارات، وليس الميراث السلالي. إذ تمتلك نحو ثلاثة أرباع شريحة الواحد في المئة من العائلات الأمريكية الأشد ثراء شركات خاصة (مقابل 5 في المئة من العائلات في النصف الأدنى من هرم توزيع الثروة)، حيث تشكل أصول الأعمال أكثر من ثلث رصيدهم. وخلصت ورقة بحثية صدرت عام 2013 أن نحو سبعة من كل عشرة من أثرى 400 أمريكي صنعوا أنفسهم بأنفسهم، وأن ثلثيهم لم ينشؤوا في عائلات غنية.
وعلى العموم، يتمتع نظام رأس المال الديمقراطي في أمريكا بالفعالية. إذ في دولة ديمقراطية معينة، يقبل المجتمع نتائج السوق غير المتساوية إذا كانت قائمة على اختلافات في الجهود المبذولة في العمل، أو درجة تحمل المخاطر، أو المهارات. وتظهر الأدلة أن المحدد الرئيسي لأجور العاملين هو الإنتاجية.
ومن المؤكد أن هناك مجال للتحسن. ولكن بدلاً من انتقاد أصحاب المليارات، ينبغي التركيز على توفير سبل تمكن الفقراء والطبقة العاملة من النهوض اقتصاديا. والفرص متاحة في الولايات المتحدة. فعلى سبيل المثال، هناك العديد من الجامعات ذات جودة عالية، تقدم دورات دراسية مدتها سنة إلى سنتان، وهناك أيضا بطالة هيكلية منخفضة.
كذلك، لا يُثري الانتقاد اللاذع للأثرياء النقاش الذي يتناول عدم المساواة في الدخل، الذي يفترض أن الدخل يُوزع على الأسر ويستفسر عن الحصة التي تحصل عليها الطبقة العليا. ولكن في اقتصاد السوق، يُكتسب الدخل ولا يُوزع. وفضلا على ذلك، عندما قيست عدم المساواة بناء على دخل جميع الأسر -وليس فقط الأثرياء- تبين أن عدم المساواة ظلت ثابتة أو في انخفاض لأكثر من عقد من الزمن.
والأهم من ذلك أن الانتقاد الموجه للمليارديرات يرسل رسالة فظيعة ومضللة إلى الشباب تفيد بأن النجاح أمر سيء. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تقليل طموحاتهم، ومن جهودهم، ومن مدى تحملهم للمخاطر. وبالضبط لأن العمل الجاد يؤتي ثماره -حيث تحدد الإنتاجية قيمة الأجور- يمكن أن تزيد مثل هذه الرسائل من حدة عدم المساواة، الأمر الذي يزعم دعاة مكافحة المليارديرات أنهم يرغبون في حله.
ومن المفارقات أن أشد المروجين لهذه الرسالة ينتمون إلى الأسر ذات الدخول العالية. ومن المرجح أن يكون أطفالهم هم الأقل تأثرًا بها (رغم ذلك، سيجلون في مدارس وكليات عالية الجودة، غالباً برسوم دراسية باهظة)، بينما يلتحق العديد من الأطفال المنحدرين من الأسر ذات الدخل المنخفض الذين يستمعون إلى هذه الرسائل بمدارس ذات جودة أقل نسبياً، ومن المحتمل أن لا يسجلوا بالجامعات.
ومن غير المقبول أخلاقيًا معاملة أي مجموعة من الأمريكيين بالطريقة التي يعامِل بها الشعبويون والقوميون الأثرياء. ويرغب المتشددون من اليمين في استخدام سلطة الدولة لمعاقبتهم على عدم ولائهم الكافي لترامب. والكثيرون من اليسار يرغبون أيضًا في فرض ضرائب خاصة عليهم. فعلى سبيل المثال، ستفرض "ضريبة المليونير الفاحش الثراء" التي اقترحتها النائبة، إليزابيث وورن، على 0.05 في المئة فقط من الأسر. وبدلاً من أن تعامل هذه المقرحات المليارديرات على أنهم مشاركون مشاركة كاملة في مشروع اجتماعي مشترك، تحولهم إلى مولِّدي إيرادات يتعين تقليص قيمة ثرواتهم. إن النظام الضريبي يجب ألا يُسلَّح لمعاقبة أي مجموعة من الأمريكيين، بمن فيهم الأثرياء.
خذ على سبيل المثال أغنى عشر أشخاص في مؤشر بلومبرغ. إن أغلب هؤلاء الأثرياء صنعوا أنفسهم بأنفسهم، وغيّروا أسلوب حياتنا: فقد أحدث بيل غيتس وستيف بالمر ثورة في مجال الحواسيب الشخصية؛ وقلب جيف بيزوس مجال التجزئة رأسًا على عقب؛ ورفع لاري بيدج وسيرجي برين ولاري إليسون من مستوى البحث على شبكة الانترنيت وبرامج قواعد البيانات؛ وأحدث إيلون ماسك تغييرا جذريا في صناعة السيارات والتجارة الفضائية. ويعد مارك زوكربيرغ رائدا في وسائل التواصل الاجتماعي، ويعتبر برنار أرنو رئيسا تنفيذيا ماهرا، أما وارن بافيت فهو مستثمر أسطوري.
ولا أحد منهم يدل على "فشل سياسي". وبدلاً من أن نتمنى عدم وجودهم، يجب أن نكون ممتنين لوجودهم. فالقيمة التي خلقوها لملايين الأشخاص حول العالم تفوق قيمة صافي ثرواتهم. وسيظل بعضهم في كتب التاريخ طويلا بعد أن يطال النسيان السياسيين الحاليين المتبجحين.
يجب أن ينظر الأطفال إلى مهن هؤلاء الأشخاص على أنها نموذج تستحق أن يحتذى بها، وتثير مخيلاتهم وتغذي تطلعاتهم. وسيعود ذلك بالفائدة، ليس فقط على هؤلاء الأطفال عندما يصلون إلى سن الرشد، ولكن على جميع أفراد المجتمع، الذين سيجنون ثمار أفكارهم ومهاراتهم وجهودهم.