وارن بافيت.. الدروس المستفادة من تغييرات المحفظة الاستثمارية
سي ان ان
2023-11-22 07:51
أجرى وارن بافيت تغييرات واسعة في محفظته الاستثمارية أثارت دهشة المستثمرين في أسواق الأسهم، إذ قام ببيع عدد من أسهم الشركات الأميركية الكبرى في محفظته دون إضافة أسهم بديلة، ما رفع رصيده النقدي إلى مستوى قياسي جديد.
يتساءل مستثمرو الأسهم عن السبب وراء هذه الخطوة، ولماذا قام مالك شركة بيركشاير هاثاواي بمثل هذه التغييرات، وما إذا كانت هناك أي دروس مستفادة يمكنهم استخلاصها من هذا القرار نظراً لسجل بافيت الحافل بالنجاحات في سوق الأسهم.
من هو وارن بافيت؟
وارن بافيت، الذي يُنظر إليه كأحد أنجح المستثمرين في التاريخ، هو رجل أعمال أميركي، وناشط في الأعمال الخيرية، ورئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة بيركشاير هاثاواي.
ولد بافيت في عام 1930، وأظهر اهتماماً مبكراً بالأعمال والاستثمار؛ وعلى مدى العقود الماضية، أسس بافيت سجلاً حافلاً من الاستثمارات في سوق الأسهم.
يشتهر الملياردير الأميركي بالتركيز على الشركات ذات الأسس القوية والإمكانات طويلة الأجل، وتعتبر الخطابات السنوية التي يرسلها للمساهمين بمثابة توجيهات قيمة للمستثمرين في جميع أنحاء العالم.
ووفقاً لأحدث البيانات، تبلغ ثروة بافيت حالياً 118 مليار دولار، والتي يعود الفضل فيها إلى استثماراته الواعية وإدارته الناجحة لمحفظة بيركشاير هاثاواي المتنوعة، والتي تشمل شركات معروفة مثل كوكاكولا وأبل وجيكو.
إن ثروة بافيت العملاقة واستراتيجياته الاستثمارية المتميزة جعلا منه شخصية أيقونية في عالم المال والأعمال، ما أكسبه لقب (معجزة أوماها).
واعتباراً من 30 سبتمبر أيلول 2023، بلغت القيمة الإجمالية للأسهم التي تمتلكها شركة بيركشاير هاثاواي 354.23 مليار دولار، وزاد رصيده النقدي إلى 157.2 مليار دولار.
نموذج 13F
إن نموذج 13F هو تقرير ربع سنوي تصدره هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية (إس إي سي) ويكشف عن حجم الأسهم بحوزة مديري الاستثمار المؤسسي الذين يديرون ما لا يقل عن 100 مليون دولار من الأصول المُدارة.
توفر هذه النماذج لمحة عن القرارات الاستثمارية للمستثمرين المؤسسيين، بما في ذلك صناديق التحوط وصناديق الاستثمار المشتركة، من خلال الكشف عن مراكزهم الاستثمارية في الأوراق المالية المتداولة.
يهتم المستثمرون والمحللون بمتابعة نماذج 13F عن كثب للحصول على رؤى مفيدة بشأن استراتيجيات مديري الصناديق المعروفين مثل بيركشاير هاثاواي التابعة لوارن بافيت.
يمكن أن توفر دراسة هذه النماذج معلومات قيمة حول مكونات المحفظة واتجاهات الاستثمار والأنشطة المحتملة التي تحرك السوق.
وعلى الرغم من أن نماذج 13F قد لا تغطي استراتيجية المستثمر بالكامل، فإنها تظل أداة رئيسية للاعبين في السوق الذين يسعون إلى فهم ومحاكاة أساليب الاستثمار الناجحة في عالم المال الديناميكي.
وفقاً لنموذج 13F الذي أصدر هذا الأسبوع، لم يشترِ بافيت أي أسهم جديدة إلى محفظته الحالية.
أُعد النموذج في 14 نوفمبر تشرين الثاني، ليتيح للمستثمرين الاطلاع على كيفية إدارة أعظم مستثمر على الإطلاق لأمواله.
أعلنت شركة بيركشاير هاثاواي عن أرباحها في بداية الشهر، وقد فاجأت نتائج أعمالها المستثمرين، لكن ملف 13F هو ما يراقبه المستثمرون عن كثب، ويعتمد عليه البعض لاتخاذ قراراته.
وأكد النموذج أن محفظة بيركشاير البالغة 313 مليار دولار تتركز بشكل كبير حول 45 شركة؛ مقارنة بـ48 في التقرير السابق، إذ تخارج وارن بافيت من ثلاث شركات خلال هذا الربع، وهو ما سنتحدث عنه بعد قليل.
يستثمر بافيت أكثر من 79 في المئة من محفظته الاستثمارية في خمس شركات كبرى وهي أبل وبنك أوف أميركا وأميركان إكسبريس وكوكاكولا و شركة شيفرون.
وفي الربع الأول من عام 2023، ارتفعت حصة أبل في محفظة وارن بافيت إلى 50 في المئة من 39 في المئة في الربع السابق.
هذه الحصص الكبيرة، إلى جانب تلك الموجودة في أوكسيدنتال بتروليوم، تعني أن المحفظة لا تزال تستثمر بشكل كبير في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والسلع الاستهلاكية الأساسية، وبالطبع، أسهم الشركات المالية المدرجة بمؤشر (ستاندرد آند بورز 500).
ما الأسهم التي تخلى عنها وارن بافيت؟
باعت بيركشاير هاثاواي أسهماً بقيمة 5.3 مليار دولار خلال هذا الربع، وفقاً لنموذج 13F الصادر هذا الأسبوع.
وفي الربع الثالث، كانت بيركشاير مرة أخرى بائعاً صافياً للأسهم؛ وكانت جونسون آند جونسون وبروكتر آند جامبل من بين أصغر الشركات القابضة التي جرى بيعها.
فخلال الربع، باعت بيركشاير جزءاً كبيراً من حصصها في كل من شركة إتش بي وشيفرون.
كما خفضت حصتها في عدد من الأسهم المختلفة، بما في ذلك أسهم أمازون وغلوب لايف.
وكانت المفاجأة الكبرى هي تصفية شركة بيركشاير أسهمها في شركتي جنرال موتورز ويو بي إس إلى جانب شركات أخرى (كما هو موضح أدناه) في الربع الثالث.
لماذا باع بافيت هذه الأسهم؟
هناك بعض العوامل الرئيسية التي يجب الانتباه إليها قبل التحدث عن النقاط الرئيسية في عمليات البيع.
جاءت قرارات بافيت في فترة تتسم بعدم الوضوح بشأن اتجاه السياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي، إذ كان المركزي الأميركي لا يزال يسير على خطى السياسة النقدية المتشددة.
وانخفض التضخم في ذلك الربع لكنه تأثر بارتفاع أسعار النفط؛ وكانت التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين مستقرة، كما كانت سوق الأوراق المالية تسير بشكل جيد في ذلك الوقت.
لذلك كان من المنطقي جني بعض الأرباح، ومع ذلك فإن بيع كامل الحصص في شركات مثل جنرال موتورز يظل علامة استفهام بين المستثمرين، لكن على الرغم من أن الشركة تؤكد دائماً على الالتزام بمشروعات السيارات الكهربائية الخاصة بها، فإنه لا يمكن إغفال أنها تتخلف كثيراً عن منافسيها الذين أحرزوا تقدماً أكبر بكثير فيما يتعلق بعمر البطارية وعدد الأميال التي تقطعها السيارة ونظام القيادة الآلية.
أما بالنسبة لشركة شيفرون، فهي لا تزال واحدة من أكبر حصص الأسهم في محفظة بافيت، لكن العالم يتجه بإصرار نحو تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
أذون الخزانة قصيرة الأجل
أؤمن بأن الاستثمار في الأسهم يتطلب قدراً كبيراً من الفهم لتقييمات الشركة والعوامل التي تؤثر على سعر الأسهم، لكن ذلك لا ينفي أهمية نماذج 13F، خاصةً بالنسبة المتعلقة بمؤسسات مثل بيركشاير.
إذا نظرت إلى نموذج 13F عن كثب، سترى أن بافيت مهتم أكثر بأذون الخزانة قصيرة الأجل، والتي تدر عائداً أكثر من 5 في المئة.
وشهدت الأسواق حركة تصحيح كبيرة منذ اندلاع التوترات الجيوسياسية بعد الهجوم الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية؛ لكنها شهدت تحسناً ملحوظاً هذا الأسبوع.
بالإضافة إلى ذلك، قدمت بيانات التضخم الأميركية مزيداً من الثقة للمستثمرين بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد وصل إلى ذروة دورة رفع أسعار الفائدة، ما قد يعني التوقف عن اتباع سياسة نقدية متشددة، وينعكس بشكل إيجابي على أسواق الأسهم.
وأخيراً، من المؤكد أن الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس شي جين بينغ إلى الولايات المتحدة قد خففت حدة التوترات الراسخة بين الولايات المتحدة والصين، وستستفيد سوق الأوراق المالية من تلك البيئة الأكثر استقراراً.
لذا فإن بافيت، الذي زاد رصيده النقدي في الربع السابق، ربما يعيد استخدام تلك الأموال مرة أخرى، وقد نرى دليلاً على ذلك في الربع التالي، إلا إذا كان يعتقد أن هناك بعض المشاكل الهيكلية الخطيرة في الاقتصاد الأميركي وأن الانتخابات المقبلة تمثل تهديداً إضافياً لاقتصاد بلاده.