البنك الآسيوي للاستثمار في البينة الأساسية وعجز الشفافية
بروجيكت سنديكيت
2020-10-25 07:16
بقلم: كورينا هورتا/واوا وانغ
لشبونة/آرهوس ــ في عام 2016، افـتُـتِـحَ البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية ومقره بكين للعمل، وسرعان ما نجح في ترسيخ ذاته كمؤسسة إنـمائية كبرى متعددة الأطراف. والآن يسعى البنك إلى أن يصبح الممول الرائد على مستوى العالم لمشاريع البنية الأساسية الضخمة بحلول عام 2021. لكن البنك يحتاج أولا إلى تكثيف جهوده وتحسين أدائه في ما يتصل بالإفصاح العام في حينه عن المخاطر البيئية والاجتماعية المرتبطة بالمشاريع التي ينفذها.
يضم البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية في عضويته حاليا 82 دولة، ومن المتوقع أن تنضم إليه 21 دولة أخرى قريبا. تحدت أكبر اقتصادات أوروبا ــ ألمانيا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وإيطاليا ــ إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما صراحة بأن أصبحت من الأعضاء المؤسسين للبنك. أعطى القرار الذي اتخذته هذه الدول الصين نصرا دبلوماسيا وسمح لها بإظهار قدرتها على تقسيم الحلفاء التقليديين. وحتى الآن لم تلتحق الولايات المتحدة واليابان بعضوية البنك.
ساعدت العضوية الأوروبية في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية على ترسيخ مصداقيته الدولية والحصول على تصنيف ائتماني AAA. وهذا يضع المنظمة على قدم المساواة مع بنوك التنمية التقليدية المتعددة الأطراف مثل البنك الدولي، ويمكنها من جمع أموال إضافية في أسواق رأس المال الدولية لزيادة رأسمالها الأولي البالغ 100 مليار دولار أميركي.
بررت الحكومات الأوروبية قرارها بالانضمام إلى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية بأنها تعتزم دفع البنك إلى تبني أعلى المعايير الدولية ــ بدءا بقواعد واضحة ومحددة زمنيا بشأن نشر وثائق المشاريع الرئيسية. في غياب مثل هذه القواعد، تتضح المخاطر البيئية والاجتماعية بعد فوات الأوان للدفع بتدابير تخفيف حقيقية ومجدية.
الواقع أن مشاريع البنية الأساسية الضخمة مثل ممرات التصدير، ومحطات الطاقة، والسدود الضخمة، تنطوي دائما على مخاطر بيئية واجتماعية مرتفعة. كما أنها ترتبط في كثير من الأحيان بالفساد ومستويات متزايدة من الدين العام. وقد يؤدي تأثيرها إلى تحويل مناطق بأسرها، والتأثير على مجتمعات لا حصر لها، والمساهمة في تغير المناخ وخسارة التنوع البيولوجي بشكل لا رجعة فيه.
تُـعَـد الشفافية والمشاركة العامة من الضرورات الأساسية في إدارة مخاطر مثل هذه المشاريع. لكن الحكومة الصينية، القوة الدافعة للبنك وأكبر المساهمين فيه، تعمل في سياق سياسي لا تحكمه ضوابط ولا توازنات. وقد أحكمت قبضتها بشكل متزايد على المجتمع المدني المحلي ووسائل الإعلام، وأسكتت إلى حد كبير المدافعين عن حقوق الإنسان بل وحتى الصحة العامة.
علاوة على ذلك، تبنى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية نموذجا للحوكمة يؤكد على "الكفاءة". وبموجب ما يسمى "إطار المساءلة"، يقوم مجلس الإدارة، الذي يمثل البلدان الأعضاء، بتفويض قدر متزايد من سلطة اتخاذ القرار في ما يتصل بتمويل المشاريع إلى رئيس البنك.
في البداية ساهم البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية في الغالب في استثمارات مؤسسات إقراض متعددة الأطراف، ولهذا جرى تطبيق سياسات البنك الرائد في كل الأحوال. لكن البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية سيطور على نحو متزايد خطوط أنابيب الإقراض الخاصة به ــ بموجب قواعد يحددها هو ــ لكي يصبح الرائد العالمي في مجال تمويل مشاريع البنية الأساسية. وسوف يستهدف أفريقيا، وأميركا اللاتينية، وأوروبا، وكذا آسيا.
تتلخص أدوات السياسة الرئيسية التي يستخدمها البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية في ما يتصل بالشفافية ووصول الجمهور إلى المعلومات في سياسة المعلومات العامة لعام 2018، والإطار البيئي الاجتماعي لعام 2016، والذي جرى تعديله العام الماضي. في سبتمبر/أيلول من عام 2020، نَـشَـرَ البنك مسودة لإطار بيئي اجتماعي منقح، والذي من المقرر أن يوافق عليه مجلس إدارة البنك في فبراير/شباط المقبل بعد فترة من التشاور العام.
تعتبر مبادئ سياسة المعلومات العامة ــ بما في ذلك "الاستدلال بالقرائن لصالح الإفصاح" ــ موضع ترحيب، لكنها غير كافية. تتضمن السياسة عددا كبيرا للغاية من الاستثناءات حتى أن القرارات حول أي الوثائق ينبغي الإفصاح عنها تقع في النهاية على عاتق رئيس البنك.
يشتمل الإطار البيئي الاجتماعي الحالي (2016) على فقرتين حول الإفصاح. لا تذكر هاتان الفقرتان الأطر الزمنية الأساسية للإصدار العام للوثائق، مثل تقييمات الأثر البيئي والاجتماعي. بدلا من ذلك، يدعو الإطار البيئي الاجتماعي إلى إتاحة الوثائق "في حينه" أو "بمجرد توفرها". ومن الواضح أن مثل هذه الثغرات تسمح للمصالح المالية أو الشركاتية باكتساب أهمية أكبر من مصلحة جماهير الناس في التعرف على المخاطر البيئية والاجتماعية في وقت مبكر.
دعت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وحاملو الأسهم الأوروبيون في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية البنوك إلى اعتماد قواعد واضحة بشأن الإفصاح العام المحدد زمنيا عن الدراسات البيئية وغير ذلك من الوثائق ذات الصلة. وجاء رد البنك مستخدما لغة ومصطلحات مفصلة بعناية بما يراعي الحساسيات الغربية. ولكن من خلال قراءة متأنية، يتضح لنا غالبا أن المحتوى ضحل وتعوزه الدقة.
كما أن الإطار المقترح ضعيف إلى حد لافت للنظر في معالجة الاتجاه المتزايد إلى توجيه الاستثمارات من خلال وسطاء ماليين مثل البنوك التجارية وصناديق الأسهم الخاصة. وحتى عندما تمول هذه الكيانات أنشطة عالية المخاطر بدعم من البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية، فإنها غير ملزمة بنشر معلومات بعينها في ما يتعلق بالأثر البيئي والاجتماعي.
لمنع وتخفيف الضرر، ينبغي للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية أن يعمل على ضمان الإفصاح الكامل عن تقييمات الأثر البيئي والاجتماعي، بما في ذلك خطط حيازة الأراضي وإعادة التوطين، قبل الموافقة على المشاريع، عندما تكون الفرصة لا تزال قائمة للتأثير على النتيجة. لكن مسودة مراجعة الإطار البيئي الاجتماعي توضح نية البنك في تفويض المسؤولية عن المساءلة إلى عملائه في المستقبل.
ما لم تخضع المسودة لتغييرات جوهرية، فسوف نفوت فرصة بالغة الأهمية لتعزيز الحوكمة الشفافة، والعدالة، والاستدامة البيئية في مشاريع البنك. يتمثل الخطر الأوسع في أن النهج الذي يتبناه البنك يشجع معايير بيئية واجتماعية أضعف في مختلف المجالات حيث تتنافس المؤسسات المالية الدولية على فرص الاستثمار.
لقد بلغت الأزمة المناخية وخسارة التنوع البيولوجي بلا رجعة مستويات حرجة، في حين يتقلص الحيز السياسي المتاح لمنظمات المجتمع المدني في العديد من البلدان أو يختفي تماما. ومن الواضح أن افتقار البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية إلى الشفافية يزيد الموقف سوءا على سوء.