ماذا يعني تطبيق نظام إدارة المعلومات المالية في العراق؟

د. حيدر حسين آل طعمة

2019-05-28 09:19

رغم الاهمية التي تشكلها الموازنة العامة في العراق، فإن تخلف الادارة المالية وقدم الاساليب المعتمدة في اعداد وتخطيط وتنفيذ ومراقبة بنود الموازنة الاتحادية أسهم بشكل كبير في سوء تخصيص الموارد المالية وبطء تنفيذ المشاريع الاستثمارية فضلا على الفساد المالي والاداري الناجم عن الادارة التقليدية للمال العام في البلد.

في هذا السياق، طرح البرنامج الحكومي الجديد (2018-2022) ضمن المحور الرابع (تقوية الاقتصاد) مشروع تطوير واصلاح الادارة المالية في العراق عبر اعادة النظر في فلسفة الموازنة العامة وتحويلها من متوالية عددية الى ارقام تقابلها اهداف تنموية ذات نواتج ومردودات اقتصادية واجتماعية وسياسية. والعمل على ذلك ضمن موازنة العام 2020 لتكون موازنة مشاريع واداء والسعي لتقديم حسابات الارباح والخسائر والحسابات الختامية بدءاً من العام 2019.

ولتنفيذ ذلك، الزم البرنامج الجديد الحكومة الاتحادية، وزارة المالية تحديدا، البدء باعتماد نظام إدارة المعلومات المالية الحكومية Government Financial Management Information System لينجز بشكل كامل خلال السنوات الثلاث الاولى من عمر الحكومة الحالية.

لماذا تبنت الحكومة تطبيق نظام إدارة المعلومات المالية الحكومية GFMIS؟

يمثل تطبيق نظام إدارة المعلومات المالية الحكومية GFMIS في العراق تحولاً جوهرياً في الأساليب المتبعة لتنفيذ العمليات المالية والمحاسبية في الوزارات والدوائر الحكومية، بالانتقال من العمل بالأساليب التقليدية كاستخدام السجلات اليدوية أو أنظمة المعلوماتية المالية غير المترابطة، واستبدالها بنظام إدارة معلومات مالي حكومي موحد ومتكامل يتوافق مع معايير المحاسبة الدولية للقطاع العام والممارسات المثلى ويهدف ايضا الى رفع كفاءة عمليات تخطيط وإدارة الموارد المالية الحكومية؛ دعماً لعمليات الإصلاح الإداري والمالي الحكومي.

ويساعد نظام إدارة المعلومات المالية الحكومية GFMIS ايضا في زيادة سرعة التواصل الالكتروني لوزارة المالية وباقي الوزارات وتوفير معلومات دقيقة ولحظية، وتحسين عملية الرقابة على الحسابات المالية وعدم تجاوز الاعتمادات المالية المقررة بالموازنة، بالإضافة إلى اختصار الوقت والجهد في إعداد الحسابات الختامية وتوفير قاعدة بيانات تاريخية دقيقة عن حجم النفقات والإيرادات العامة لكل الوحدات وتسهيل عملية تطبيق موازنة البرامج والأداء.

نظام GFMIS والمؤسسات الحكومية

يعمل نظام GFMIS في الوزارات والدوائر الحكومية المسؤولة عن الإنفاق وتحصيل الإيرادات من خلال مشاركة المعلومات التي تنتج خلال تنفيذ إجراءاتها المالية مع كل من وزارة المالية ودائرة الموازنة العامة بشكل مباشر، ليتم تتبع مسار النفقات والايرادات في جميع مراحلها وتحسين عملية التخطيط والمراقبة خلال إعداد وتنفيذ الموازنة العامة للدولة، والذي ينعكس ايجابا على مخرجات هذه الجهات، مثل تحسين الأداء وزيادة دقة المعلومات المالية، وتوفيرها في الوقت المناسب، كما يؤثر على كفاءة العمليات المالية وعلى استجابتها ومرونتها ودعم عملية صنع القرارات وضمان جودة الخدمات المالية الحكومية.

كما يوفر النظام الجديد بيئة معلوماتية آمنة ومتكاملة لعمليات الإدارة المالية بشكل يتيح انتقالاً سريعاً للمعلومات فيما بين الوزارات والدوائر الحكومية، وتأمين بيئة متكاملة تتوفر فيها المعلومة بشكل آني ودقيق لكافة الأطراف المعنية على اختلاف مواقعهم الجغرافية والوظائف التي يشغلونها، مما يوفر الأثر المباشر في رفع مستوى كفاءة وفعالية الإجراءات المالية التي تنفذ خلال المراحل المختلفة لإعداد وتنفيذ قانون الموازنة العامة للدولة.

فوائد عامة لاستخدام نظام إدارة المعلومات المالية الحكومية GFMIS:

يوفر تطبيق نظام GFMIS العديد من المزايا منها:

1. توفير معلومات دقيقة ولحظية وتحسين عمليات الرقابة على الحسابات المالية.

2. توفير المعلومات الخاصة بالإدارة المالية وتنفيذ الموازنة للجهات التنفيذية والتشريعية المعنية باتخاذ القرارات.

3. تحقيق الاستدامة المالية من خلال إدارة السيولة النقدية بشكل أكثر كفاءة وفاعلية.

4. تنفيذ الموازنة بما يتوافق ومخصصاتها بالتأكيد على أن تكون ضمن حدود الإنفاق ومحددات توفر السيولة النقدية.

5. تحقيق الشفافية والتوافق مع الممارسات الدولية فيما يخص عمليات إعداد الموازنة ومتابعة تنفيذها.

6. ربط جميع المؤسسات الحكومية لدعم عملية اتخاذ القرار بناء على معرفة مسبقة جيدة.

7. اختصار الوقت والجهد في إعداد الحسابات الختامية.

8. يقوم النظام الجديد بحوسبة كافة إجراءات إعداد الموازنة، وتنفيذ الموازنة، ورفع التقارير المالية.

9. الالتزام بمواعد إعداد وإصدار التقارير المالية ودقتها في جميع المستويات الحكومية.

اخيرا تجدر الاشارة الى ان إلزام البرنامج الحكومي لوزارة المالية بتطبيق نظام GFMIS سيكون تحديا صعبا على حكومة عادل عبد المهدي الوفاء به إذا ما كانت جادة في عملية الاصلاح الاقتصادي وتخصيص الموارد بشكل أمثل ومحاربة الفساد، خصوصا وان تعزيز الشفافية وتطبيق القواعد المالية والمحاسبية الدولية بشكل الكتروني قابل للمتابعة والتدقيق خطوة طويلة باتجاه تنفيذ باقي فقرات البرنامج الحكومي بنجاح وانسيابية.

* باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية/2004-Ⓒ2019
www.fcdrs.com

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا