الإصلاح الاقتصادي في الخليج: من المستفيد؟
مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية
2019-04-11 06:40
الكاتب: جيمس دورسي الكاتب الأميركي المتخصص بشؤون الشرق الأوسط
الناشر: مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، نقلا عن موقع لوبي لوغ
ترجمة: هبـــه عباس محمد علي
بالنسبة لقادة دول الخليج لن تتسم الإصلاحات الاقتصادية التي طال انتظارها بالسهولة، اذ اكتشف هؤلاء القادة ومنهم امير المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، "محمد بن سلمان ومحمد بن زايد"، أن تكرار نموذج الصين للنمو الاقتصادي مع تشديد السيطرة السياسية سهل قولاً وصعب فعلاً، اذ أدركوا أن إعادة صياغة العقود الاجتماعية الممولة من ثروة النفط كان أكثر صعوبة لأن عرب الخليج كان عليهم أن يخسروا أكثر بكثير من الصينيين العاديين، وقد نجحت العقود الاجتماعية في دول الخليج بطرق لم تنجح بها البرامج الاجتماعية في الصين، وقد اسفر عن الصفقة التي عُقدت بين الدولة والمواطن في الخليج، والتي تعني تخليه عن حقوقه السياسية والاجتماعية مقابل توفير الرفاهية ارتياحا في كلا الجانبين.
فضلا على ذلك، فإن قادة الخليج، الذين يواجهون الانتقادات المتزايدة بشأن الحرب التي تقودها السعودية والإمارات العربية المتحدة في اليمن وتداعيات مقتل الصحفي جمال خاشقجي، يفتقرون أيضًا إلى النفوذ السياسي والاقتصادي الذي سمح للصين بإسكات أو تهميش منتقديها بشأن الحملة التي شنتها على المسلمين الأتراك في مقاطعة شينجيانغ المضطربة بشمال غرب البلاد.
ان غياب عقد اجتماعي قائم على الرعاية الاجتماعية في الصين سمح للحكومة بالنمو الاقتصادي، وانتشال الملايين من الفقر، وتوفير السلع العامة، دون الحاق الضرر بالمواطنين العاديين.
ونتيجة لذلك، تمكنت الصين من الاستمرار في الإصلاحات الاقتصادية دون القلق من أن يؤدي انخفاض مزايا الرعاية الاجتماعية إلى رد فعل عنيف عام وربما يهدد النظام.
يشكو رجال الأعمال والمستهلكون السعوديون -بعد مرور ثلاث سنوات على خطة محمد بن سلمان لرؤية 2030 الخاصة بتنويع الاقتصاد– من ارتفاع أسعار الخدمات العامة وضريبة القيمة المضافة البالغة ٥% المفروضة مؤخراً.
وهناك شكوك كبيرة في التزام الحكومة بخفض تكاليف الإصلاح، عبر المنح السنوية التي تقدر بمليارات الدولارات، منذ الإعلان عن الإصلاحات وإعادة كتابة العقد الاجتماعي.
وبعكس الصين، فإن الاستثمار المحلي او الاقليمي في الخليج يأتي من القطاع المالي او التكنولوجي او صناعة الأسلحة، وهي تركز بدورها على توفير الخدمات وتطوير البنية التحتية وتعزيز قدرات الدولة بدلا من التركيز على التنمية الصناعية والقطاع الخاص.
ان الجزء الأكبر من الاستثمارات الخليجية -باستثناء شركات النفط الوطنية وشركات الطيران -عبارة عن ملفات تديرها صناديق الدولة السيادية او استثمارات ترمي الى تعزيز مكانة الدولة وقوتها الناعمة.
وعلى العكس من ذلك، استخدمت الصين والهند الاستثمار كوسيلة لمحاربة الفقر ورعاية الطبقة المتوسطة وانشاء قاعدة صناعية، وبسبب وجود عدد قليل من السكان، من المرجح أن تضمن دول الخليج الاستدامة في الخدمات ومشتقات النفط والغاز بدلاً من التصنيع والصناعة.
وقد تكون مبادرة الحزام والطريق الصينية التي بلغت تكلفتها ترليون دولار هي الاستثناء الاسيوي الأقرب الى بعض استثمارات القوة الناعمة في الخليج، ومع ذلك فإن هذه المبادرة ستساهم في النمو المحلي للصين فضلا على التخفيف من الاستهلاك المحلي المفرط للطاقة من قبل الشركات التابعة للدولة والتي لا تخضع لطلبات المساهمين.
تمكنت الدول الاسيوية من إدارة توقعات المستثمرين في بيئة تتسم بالاستقرار السياسي النسبي. لكن بعكس ذلك، الحقت المملكة العربية السعودية الضرر بالثقة في قدرتها على تنويع اقتصادها القائم على النفط عندما أوقفت خططها الرامية الى ادراج ٥% من شركتها الوطنية للنفط، أو شركة النفط العربية السعودية، أو أرامكو، فيما كان ليكون أكبر عرض عام في العالم.
ومما لا شك فيه أن الصين ليست أقل استبدادا من دول الخليج، وهناك توافق بين القومية الهندوسية في الهند والاتجاه العالمي المتصاعد نحو التحضر والشعبوية والديمقراطية غير الليبرالية. لكن ما يميز جزءا كبيرا من آسيا عن منطقة الخليج، ويؤثر في نجاحها الاقتصادي، هو السياسات التي تضمن بيئة مستقرة نسبيا، ومن جانبها تركز هذه السياسات على التطوير الاجتماعي والاقتصادي بدلا من إبقاء النظام، وقد يكون هذا درس آسيا لحكام الخليج.