ثلاث طرق لنجاح الشراكات بين القطاعين العام والخاص
البنك الدولي
2018-12-27 06:45
بقلم لينكولن فلور
تتسم الشراكة الصحية بين القطاعين العام والخاص بعدة سمات مميزة هي: توفر منافسة قوية، وإمكانية التمويل بتكاليف مالية منخفضة، وانخفاض مخاطر إعادة التفاوض، وضمان تحقيق أعلى جودة بأقل تكلفة، ورفع مستوى الكفاءة.
ما الذي يجب على البلدان فعله من أجل تطوير شراكات بين القطاعين العام والخاص تتفق مع هذا الوصف؟ لماذا تمكنت بعض البلدان مثل الهند وكولومبيا وتركيا ومصر من وضع برامج قوية وناجحة للشراكات في حين لم تتمكن بلدان أخرى من ترسية أي مشروعات بموجب التشريعات المحددة الغرض الخاصة بذلك؟
تشير تجاربنا في مشروعات الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مجال البنية التحتية في جميع أنحاء العالم إلى الحاجة إلى توفر ثلاث ركائز مؤسسية لزيادة احتمال نجاحها.
1. الإرادة السياسية
إن مشاركة القطاع الخاص في توفير مرافق البنية التحتية والخدمات يمثل تغييرًا جذريًا في الوضع القائم. وفي العديد من الثقافات، تُعد فكرة إدارة القطاع الخاص "للخدمات العامة"، أو تشغيلها، أو ملكيتها فكرة غريبة، ويتطلب ضمان دعم الشراكات بين القطاعين العام والخاص قيادة سياسية قوية.
في هذا السياق، تود الشركات التي تتطلع إلى دخول سوق جديدة لإقامة شراكة بين القطاعين العام والخاص أن ترى دعمًا سياسيًا قويا على أعلى المستويات في الحكومة (من رئيس الدولة أو رئيس الوزراء أو شخص مقرب منهما)، ولاسيما مع الأخذ في الاعتبار أن الشركات تتحمل من المخاطر في الشراكة بين القطاعين العام والخاص أكثر بكثير مما تتحمله بموجب عقد تقليدي للتوريدات العامة (ففي تصميم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، تتحمل الشركات الخاصة مخاطر الإنشاء والتشغيل والتمويل بموجب عقد طويل الأجل. أما في التوريدات التقليدية، على النقيض من ذلك، يتم دفع تكاليف الأشغال مقدما).
2. المؤسسات والحوكمة
يتطلب تقديم عروض ذات مصداقية عالية الجودة للشراكة بين القطاعين العام والخاص وقتًا وجهدًا ومالًا. ولتبرير هذه التكاليف المرتفعة للمعاملات، يجب على الشركات التي تدرس الدخول في شراكة بين القطاعين العام والخاص معرفة أن عروضها ستخضع للمراجعة في الوقت المناسب باستخدام عملية موحدة وشفافة. ويُعد هذا الأمر بالغ الأهمية للحد من حالات التأخير والمخاطر المتعلقة بالإجراءات القضائية، أو الدعاية السلبية في الصحافة، أو التحقيقات غير المتوقعة، أو أي نوع من القرارات التقديرية. ويُعد التوحيد القياسي أمرًا بالغ الأهمية للمستثمرين الدوليين الذين يحتاجون إلى الشعور بالارتياح والثقة في الطريقة التي سيُعامَلون بها (وتُعد الشروط المتعلقة بإنهاء العقود، والتحكيم، وفض المنازعات، وتحويل الأرباح بالغة الأهمية في هذا السياق).
يمكن أن ينظر مقدمو العروض المحتملون إلى المعاملات التي يجب أن تحصل على موافقة من سلطات الحكومة - إذ تشترط بعض البلدان موافقة البرلمان - على أنها تمثل مخاطر كبيرة. ومن وجهة نظر المستثمرين، سيكون من الأفضل أن تركز الموافقة على المشروع والإجراءات، والتأكد من أنه يمكن الحصول عليها قبل تقديم العروض الفعلية.
من ناحية أخرى، من المرجح أن تخيف الإجراءات السريعة للغاية مقدمي العروض عالية الجودة أيضًا – ليس فقط لأن إعداد عروض جيدة يتطلب وقتًا، بل أيضًا لأن الإجراءات المختصرة لإعداد وتقديم العروض تصبح أكثر عرضة للتحقيقات القضائية أو غيرها من التحقيقات لاحقا.
3. الفرق الفنية
ثمة شرط أساسي آخر لنجاح الشراكات بين القطاعين العام والخاص يتعلق بوجود فريق فني قوي في الحكومة لديه فهم لآليات السوق، والمجموعة المحتملة من مقدمي العروض ومتطلباتهم والقيود المفروضة عليهم، ويضمن وضوح الإجراءات واتساقها.
ولكن ربما يكون وجود فريق فني قوي في الحكومة أكثر أهمية لإدارة العقود في أثناء مرحلة التنفيذ. وتُعد الشراكات بين القطاعين العام والخاص من الأعمال المعقدة التي تتطلب مهارات مالية وقانونية وفنية قوية معينة لتحديد مستوى الخدمة وتوزيع المخاطر/تدابير الحد منها، وتمويل المشروع، والشروط القانونية للعقود والرقابة عليها على أساس النتائج، وما إلى ذلك. ويجب على الحكومات أن تتوقع من الشركات التي تستثمر مبالغ مالية كبيرة في مشروع ما أن تستعين بأفضل دعم قانوني ومالي وفني لحماية مصالحها. ومن الأهمية بمكان أن تكون المهارات لدى الحكومة على هذا المستوى، حتى لمجرد تجنب مخاطر عمليات إعادة التفاوض المكلفة التي من شأنها أن تقوض المزايا العامة لهذه الشراكة.
ويجب على البلدان الانتباه إلى الركائز الثلاث في آن واحد، فإذا كانت ركيزتان قويتين والثالثة ضعيفة أو مفقودة، فسيتعرض نجاح إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص برمته للخطر. ومن أجل تحقيق نتائج أفضل، يتعين على الحكومات تقوية هذه الركائز الثلاث أولًا ثم البدء بتنفيذ مشروعات بسيطة نسبيًا مثل مشروعات الطرق أو الموانئ. وربما لا يكون هذا هو الطريق السهل، إلا أن وضع القواعد المؤسسية على نحو صحيح هو الخطوة الأولى المهمة لأي بلد يسعى لاكتساب الخبرة، وخلق الثقة في برنامجه للشراكة، وتحقيق نتائج مستدامة.