تحدّيات كبيرة تواجه الخطط الاقتصادية للحكومة العراقية الجديدة

المونيتور

2018-11-15 04:18

بقلم سلام زيدان

 

تحدّيات كبيرة تواجه البرنامج الاقتصاديّ لحكومة عادل عبد المهدي، منها: ضعف الجهاز الإداريّ وانتشار الفساد الماليّ والإداريّ وغياب التخطيط الاستراتيجيّ وضعف القطاع الخاص والبيئة الاستثماريّة.

منح البرلمان العراقيّ، في 25 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي الثقة لرئيس الحكومة الجديد عادل عبد المهدي، الذي كان قدّم برنامجه الحكوميّ بعنوان "المنهاج الوزاريّ" إلى البرلمان، الذي صوّت عليه في 24 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي. وركّز عادل عبد المهدي في منهاجه على 15 محوراً لتطوير الاقتصاد، لكنّ هناك تحدّيات كبيرة تواجه هذا المشروع الطموح، تتمثّل بنقص الإيرادات الماليّة وانتشار الفساد الماليّ والإداريّ وضعف الجهاز الإداريّ وشبه غياب للقطاع الخاصّ. لقد شغل عبد المهدي مواقع اقتصاديّة مهمّة سابقاً، منها وزيرا الماليّة خلال عام 2004 والنفط خلال عام 2014، ويقدّم نفسه كاقتصاديّ قادر على معالجة أزمات البلاد عبر المقالات التي كان يكتبها في صحيفة "العدالة" التابعة له.

ويتضمّن البرنامج الاقتصاديّ لحكومة عبد المهدي، خطوطاً عريضة، منها تشجيع البيئة الاستثماريّة وتحفيزها والتوجّه نحو اقتصاد السوق وتطوير الصناعة النفطيّة وإيجاد مصادر تمويل دوليّة لدعم تنفيذ مشاريع خطّة التنمية الوطنيّة وتحقيق التنمية المستدامة في القطاع السياحيّ وتحقيق أيضاً الاكتفاء الذاتيّ من المحاصيل الزراعيّة والثروة الحيوانيّة وتعزيز الشراكة بين القطاعين العامّ والخاصّ وإبرام عقود شراكة مع شركات عالميّة وتعزيز دور الناقل الوطنيّ وغيرها.

ويركّز أيضاً البرنامج الاقتصاديّ والماليّ على تمويل وإنشاء أكثر من 100 مشروع في البلد، من ضمنها إضافة 11 ألف ميغاواط إلى قطاع الكهرباء، والتركيز على استثمار الغاز المصاحب للإنتاج الذي يهدر العراق جزءاً كبيراً منه، إضافة إلى إكمال مشروع إنشاء مصفى كربلاء في عام 2021.

لكنّ التحدّيات التي ستواجه عبد المهدي كبيرة جدّاً، لا سيّما أنّ العراق متورّط في فساد ماليّ وإداريّ مستشر في مؤسّسات الدولة، وهو يحتلّ المرتبة 169 من أصل 180 دولة في مؤشّرات الفساد لمؤسّسة الشفافيّة الدوليّة، وأنّ هناك سيطرة للأحزاب السياسيّة على بعض الوزارات من خلال اللجان الاقتصاديّة التي أنشأتها وقسّمت المشاريع على الأحزاب للاستحواذ عليها وتمويل نفسها، إضافة إلى الخلافات الكبيرة بين بغداد وإقليم كردستان حول منهج إدارة الاقتصاد.

وفي الاختبار الأوّل لتطبيق منهاج الحكومة الاقتصاديّ الجديد، الذي يتمثّل بمشروع قانون الموازنة الماليّة لعام 2019، لم يظهر عبد المهدي أيّ تطوّر في السلوك الاقتصاديّ للحكومة العراقيّة، بل وقع في مشاكل الميزانيّات السابقة نفسها، إذ أنّ مشروع الموازنة للعام المقبل لم يخصّص أيّ مبالغ لمشاريع عملاقة من النوع الذي أشير إليه في "المنهاج الوزاريّ".

وقالت الاقتصاديّة البارزة وعضو مجلس النوّاب عن حزب الاستقامة ماجدة التّميمي خلال مؤتمر صحافيّ حضره "المونيتور"، في 6 تشرين الثاني/نوفمبر: "إنّ مجلس النوّاب صوّت على البرنامج الحكوميّ، ولكن لم نر أيّ شيء منه في مشروع موازنة 2019".

وأشارت إلى أنّ "فلسفة الدولة ورؤيتها يجب أن تكونا في الموازنة الماليّة، ولكن للأسف هذا غير موجود إذ ما زال يتمتّع بعض الشخصيّات بازدواج الرواتب ويحصل على 3 رواتب تبلغ 80 مليون دينار شهريّاً (67 ألف دولار)، بينما يوجد الكثير من العراقيّين لا يحصلون على دولار واحد بسبب البطالة والفقر".

وتعدّ نسبتيّ البطالة والفقر في العراق عالية جدّاً، تبلغ أكثر من 20 في المئة، وسط ضغط شعبيّ مستمرّ يتمثّل بحركة الاحتجاجات في جنوب البلاد، الذي يشهد تظاهرات بين فترة وأخرى حول سوء الخدمات والبطالة.

وأشارت ماجدة التّميمي إلى أنّ "الاستثمار في العراق يعاني من خلل كبير، إذ أنّ المستثمر لا ينفق أمواله الخاصّة لإنشاء المشاريع، وإنّما يقوم بإنفاق أموال الدولة مع تخصيص أراض من الدولة"، وقالت: "إنّ مشروع موازنة عام 2019 لا يمكن أن يمرّر من دون أن تجري الحكومة تعديلات عليه لينسجم مع البرنامج الحكوميّ".

هذا في حين أنّ كتلتيّ "سائرون" و"الفتح" الداعمتين لعبد المهدي، ما زالتا تؤمنان بقدرته على مواجهة التحدّيات الاقتصاديّة، وتؤكّدان أنّ برنامجه وسلوكه الاقتصاديّ خير دليل على ذلك.

وفي مقابلة مع "المونيتور"، أشار عضو تحالف "سائرون" علاء الربيعي إلى أنّ "عبد المهدي هو رجل اقتصاديّ ولديه خبرة كافية للنهوض بالاقتصاد وحلّ المشاكل التي تواجه المواطن، وبرنامجه الاقتصاديّ يعتبر حلاًّ مثاليّاً لمشاكل الاقتصاد"، معتبراً "أنّ البرنامج الاقتصاديّ إذا نفّذ بالشكل الصحيح سيخلق الآلاف من فرص العمل ويحرّك القطاعين الصناعيّ والزراعيّ ويفعّل الاستثمار"، وقال: "إنّ المشكلة الأبرز، التي تواجه عبد المهدي، تتمثل بالبيروقراطيّة والفساد الماليّ والإداريّ المستشري في مؤسّسات الدولة".

من جهته، قال نائب رئيس جمعيّة الاقتصاديّين العراقيّين باسم جميل أنطون في حديث لـ"المونيتور": "إنّ البرنامج الاقتصاديّ لعادل عبد المهدي هو حبر على ورق ويحتاج إلى أدوات فعّالة لتنفيذه، منها جهاز إداريّ نزيه يمتلك إرادة حقيقيّة على التغيير".

وأكّد أنّ "برنامج الحكومة الجديدة هو جزء من برنامج الحكومة السابقة التي ترأسها حيدر العبادي وفشل بسبب الفساد والبيروقراطيّة والهيكل الإداريّ لموظّفي الدولة البالغ عددهم 4.5 ملايين موظّف وضعف الرقابة من قبل مجلس النوّاب".

عطّل صندوق النقد الدوليّ مفاوضاته مع الحكومة العراقيّة منذ أكثر من عام لمعرفة الرؤية الجديدة لحكومة عبد المهدي على أن يستأنف المفاوضات لتصحيح مسار الاقتصاد العراقيّ خلال الأشهر المقبلة في مدينتيّ عمان وواشنطن.

وتحدّث الباحث الاقتصاديّ سلام عادل عن رؤيته لبرنامج عبد المهدي الاقتصاديّ في حديث لـ"المونيتور"، لافتاً إلى أنّ "المنهاج الاقتصاديّ للحكومة الجديدة بدأت ملامحه تظهر، وهو لا يختلف عن الحكومات السابقة"، مشيراً إلى أنّ "مشكلة العراق حاليّاً هي القطاع العام، الذي لا يعمل بالشكل الصحيح ويستحوذ على أموال النفط بنسبة 90 في المئة، ويضع العراقيل أمام القطاع الخاص"، وقال: "إنّ العراق يحتاج إلى التخلّص من موظّفي القطاع العام، إذ ليس من المعقول إعطاء أكثر من 35 مليار دولار سنويّاً رواتب لهم، مقابل إنتاجيّة ضعيفة جدّاً".

https://www.al-monitor.com

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي