لماذا أخفقت الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص؟
إيهاب علي النواب
2018-06-02 05:30
كثيراً ما تم طرح موضوح الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص كمسار لتحقيق الاصلاح الاقتصادي أو كهدف رئيس ازيادة وتطوير النمو وتحقيق التنمية الاقتصادية في العراق. وكثيرة هي الستراتيجيات والخطط التي تم وضعها من قبل الحكومة والتي تضمنت هذا الهدف أو المسعى ولكن دون جدوى أو فاعلية حقيقية على مستوى الصعيد العملي، كما إن العديد من الدراسات والباحثيين ومن هم على صلة بالموضوع شخصوا العديد من أسباب الفشل في تحقيق هذه الشراكة بين القطاعين، وعلى الرغم من بيان الاسباب وتعديل الكثير من الخطط والستراتيجيات وفقاً لما تم طرحه من أسباب الا أن التقدم مازال ضبابي والثمرات لم تُجنى من هذه الستراتيجيات رغم أهميتها.
إذن مالذي حدث؟ ولماذا فشل مشروع تحقيق الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص؟ وبداية لتحليل هذا الفشل، نذكر إن العديد من الباحثين حصر أسباب الفشل بالفساد وغياب القوانين وضعف التشريعات بينما ذهب الأخر الى عدم تطبيق القوانين الدافعة واللازمة لهذه الشراكة، وبصراحة ومن يطلع على ستراتيجية تطوير القطاع الخاص، فأنه سيجد أن اغلب فقراتها تضمنت ما بين اعداد وتنسيق وتفعيل ....الخ. وهو مما اعتدنا قراءته وسماعه دائماً عند وضع أي حلول لأي مشكلة اقتصادية.
إن سبب فشل هذه الستراتيجية في أن ترى النور، هو ببساطة هل من الممكن أن تتحقق الشراكة بين القطاعين في بلد يعاني من ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية لا نظير لها؟ في اعتقادي لا، اذ إن تحقيق الشراكة هو أشبه بالهدف الأمثل أو السامي الذي يمثل المرحلة الأخيرة من التنمية الاقتصادية وتحقيق التكامل الاقتصادي، إن تصور تحقيق الشراكة بأنه هدف قابل للتحقيق بمجرد سن وتشريع القوانين وانشاء مجالس او هيئات تعمل على تحقيق هذه الشراكة، هو مجرد هواء في شبك.
إذن ما الحل؟
يكمن الحل في أن يسبق طرح هدف أو موضوع الشراكة، أن يسبقه طرح موضوع القطاع العام والقطاع الخاص كلٌ على حده، فالمشكلة تكمن في القطاعين نفسهم، فكيف تريد تحقيق الشراكة في ظل وجود قطاع عام مترهل ويضج بالفساد والروتين والتعقيد الاداري ويعمل وفق منظومة ايدولوجية مركزية محضة وقوانين بالية تمثل فكراً ونموذجاً لدولة اشتراكية. نعم لقد كان الأجدر إن يطرح موضوع تأهيل واصلاح القطاع العام كبداية لأي شي، لأنه يمثل النافذة التي يمكن من خلالها يكون هناك قطاع خاص كانعكاس لما يصدره ويشرعه من قوانين وتشريعات تسهم في تطوير عمل وزيادة رقعة انتشار القطاع الخاص، ومن ثم يأتي موضوع الشراكة كحلقة أخيرة تسعى الى تحقيق التكامل الاقتصادي في البلد.
وكخطوة أولى يجب أن يكون مشروع وطني لأصلاح القطاع العام، عبر ترشيق القطاع العام من الترهل الاداري والقوانين التي تفضي الى تأويلات وتفسيرات متعددة ومن خلال بث قوانين فتيه بدل تلك القوانين الشائخة والمتهالكة للفكر القديم، وتطوير وتعديل الجيد منها بما يتلائم مع الأوضاع الحالية، أي بمعنى أخر هو رسم آلية عمل القطاع العام كقطاع مؤسساتي داخل جسد الدولة، إن تحقيق هذه الخطوة تمثل الانطلاقة نحو تحقيق الاهداف الاقتصادية الأخرى المرتبطة بموضوع الشراكة والتي تتبانها مؤسسات الدولة الباقية.
وفي ظل وجود قطاع عام رشيق ونشط وفاعل، فأن ذلك سينعكس حتماً على واقع القطاع الخاص سواء فيما يتعلق بسن القوانين والتشريعات وكذلك في الاشراف والمراقبة من قبل القطاع العام، وبالتالي زيادة عامل الثقة بين القطاعين والذي يعد عامل مهم في تحقيق هذه الشراكة، ورويداً رويداً سنشهد نمو وبزوغ قطاع خاص فاعل وقوي يأخذ على عاتقه تحريك عجلة التنمية الاقتصادية بل وقيادتها ايضاً. ومن هنا نفهم إن طرح موضوع الشراكة هو سابق لأوانه ومهما فعلنا ووضعنا من خطط وستراتيجيات فأن مصيرها سيكون الفشل لا محالة.