الشبكة الإجتماعية للأمن الغذائي

بروجيكت سنديكيت

2018-03-26 06:10

LEAH SAMBERG

 

منيابولس - في عام 2015، عندما تم تبني أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة رسمياً، بدأ العد التنازلي لتحقيق هدف في غاية الطموح وهو القضاء على الجوع العالمي بحلول عام 2030. لقد بدا هذا الهدف في ذلك الوقت قابلاً للتحقيق فخلال الخمسة عشرة سنة الماضية، إنخفض عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية على هذا الكوكب بمقدار النصف وهذا يعتبر إنجازاً مذهلاً يعزى إلى حد كبير إلى الإستثمار الدولي في البنية التحتية الزراعية والإقتصادية.

ثم أصبح العالم أكثر جوعًا مرة أخرى فقد إرتفع عدد الأشخاص الذين ليس لديهم ما يكفي من الطعام في عام 2016 إلى 815 مليون شخص بعد ان كان العدد 777 مليون شخص في العام الذي سبقه، فما الذي حدث؟

إن جزء من هذا الجواب يعد قديماً كقدم الحضارة نفسها حيث أضر الجفاف والفيضانات والصراع والتهجير بالمحاصيل وأضعف الإنتاج ولكن هناك عامل غير ملموس وإن لا يقل أهمية عن العوامل الأخرى وهو أن العديد من الشبكات التي يعتمد عليها المزارعون تقليديًا للتعامل مع هذه الكوارث قد ضاعت أو تدهورت أوضاعها.

إن القضاء على الجوع في العالم لا يقتصر على تطوير الذرة المقاومة للجفاف فقط بل يتعلق بوضع خطة عندما تفشل هذه الذرة أي بعبارة أخرى، فإن الأمر يتعلق بإعادة تصور الشبكات الإجتماعية بقدر ما يتعلق بما يزرع في الأرض.

وبالنسبة لأفقر المزارعين ورعاة الأغنام في العالم والذين هم من أصحاب الحيازات الصغيرة، فإن عدم القدرة على التنبؤ هي الحقيقة الثابتة ومن أجل الحد من المخاطر، إعتمد الناس في المناطق الريفية دائمًا على شبكاتهم الشخصية للحصول على المعلومات لمساعدتهم على مواجهة الأزمات وتحسين الإنتاجية والحد من خسائر المحاصيل وفي المقابل سهلت هذه العلاقات تبادل المعلومات والسلع والوجبات الغذائية المتنوعة وعملت على تعزيز تقنيات الزراعة بالإضافة إلى الحماية من الجوع.

واليوم، تضعف الشبكات الشخصية للمزارعين كما تتضرر المزارع بشكل متكرر بسبب الأحوال الجوية القاسية ويتزايد الصراع العنيف في المناطق المنكوبة بالفقر وهذه المتغيرات وغيرها تعمل على تشريد المزارعين في كل مكان فبينما كان الناس يغادرون منازلهم دائمًا بحثًا عن الأمان أو الفرص فإن عددًا قياسيًا من الأشخاص يتنقلون حاليا من مكان لآخر.

إن كل هذه التغيرات تؤثر سلباً على البنى الإجتماعية التقليدية التي تعتمد عليها المجتمعات من أجل البقاء كما لا يوجد إهتمام كافي بدور هذه الهياكل في ضمان الأمن الغذائي فإذا تم القضاء على الجوع في العالم، يجب دعم أسس المرونة الريفية وتوسيعها وتنويعها.

إن واحدة من أفضل الطرق للقيام بذلك هي من خلال الإستثمار في التقنيات الجديدة التي تمكن المزارعين من التواصل مع المعلومات والمؤسسات التي يمكن أن تقلل من حالة الغموض وتعمل على تخفيف المخاطر ووفقاً لبحث أولي في سنة 2017 أعده برنامج البحوث التابع للجماعة الإستشارية للبحوث الزراعية الدولية حول تغير المناخ والزراعة والأمن الغذائي، فإن بعض الإبتكارات الواعدة في الزراعة الريفية تعتمد على التكنولوجيا والخدمات ومع إمكانية الوصول إلى البيانات والأسواق والخدمات المالية، يمكن للمزارعين زراعة وتسميد وحصاد وبيع المنتجات بشكل أكثر فعالية.

وفي الوقت الحالي، لا تظهر هذه الأنواع من الإبتكارات بشكل بارز في معظم إستراتيجيات تخفيف الجوع ولكن هذا يتغير ببطء، خاصة مع تزايد أعداد الأفراد في الإقتصادات الناشئة المشتركين في شبكات الهاتف المحمول بالإضافة إلى الزياده الحاصلة في القدرة على الوصول الى التطبيقات المصممة لجمع المعلومات الزراعية ومشاركتها.

فعلى سبيل المثال، في مصر والسودان وإثيوبيا، تقدم خدمات الإرشاد المحلية بيانات الطقس عند حدوثها إلى مزارعي الخضار عبر الرسائل القصيرة وفي غرب أفريقيا، تقوم شركات خاصة مثل شركة إجنيشا بتوسيع دقة تنبيهات الرسائل النصية القصيرة إلى المزارعين البعيدين.

وفي منغوليا، يتلقى رعاة المناطق الريفية معلومات عن تفشي الأمراض لمساعدتهم على الحفاظ على صحة مواشيهم ويتحول المزارعون في جميع أنحاء الجنوب العالمي إلى الخدمات القائمة على الرسائل النصية القصيرة من أجل الدعم التقني الذي يتيح لهم بسهولة أكبر تبني محاصيل جديدة وتقنيات زراعيه مع فوائد لكل من الموارد الطبيعية ودخل الأسرة والتغذية.

كما يعمل الإتصال على تحسين أداء الأسواق من خلال السماح للمزارعين ورعاة الماشية بالوصول إلى معلومات دقيقة عن الأسعار وتنسيق النقل والخدمات اللوجستية الأخرى وتسهيل تبادل أسهل للأطعمة القابلة للتلف والمغذية مثل المنتجات الحيوانية والخضروات وتمكّن عملية تحويل الأموال من خلال الهاتف النقال والمعلومات عن الأسعار رعاة الماشية من تعديل أحجام القطعان بما يتوافق مع ظروف بيئية متغيرة مع تمكين المزارعين من تأمين البذور والسماد لمواسم حصاد مقبلة.

وعلاوة على ذلك، من خلال تمكين التحويل السريع والآمن للأموال فقد تسمح الخدمات المصرفية المتنقلة للمنتجين بالوصول إلى الأسواق بشكل أكثر كفاءة وتخفيض تكاليف معاملاتهم والإستفادة من قطاعات السوق الأعلى قيمة كما تسهل أنظمة الدفع عبر الهاتف المحمول التحويلات المالية من المناطق الحضرية إلى المناطق الريفية وهو مكون يتزايد أهميته في سبل المعيشة الريفية.

وبطبيعة الحال، لن يؤدي مجرد وجود هذه التكنولوجيا إلى القضاء على الجوع ويتمثل التحدي في توسيع نطاق الوصول إلى جميع هذه الأدوات وضمان تلبية إحتياجات المزارعين الذين يستخدمونها وهذا يتطلب أن تأخذ التقنيات المتنقلة في الإعتبار الإختلافات بين الذكور والإناث والتعليم ومستويات الموارد بين المزارعين وتستجيب للظروف المتغيرة حيث أنه يجب رصد وتقييم تأثير هذه الأدوات والبرامج وتقييمها مع تحسين أو إستبدال الأساليب غير الفعالة.

لقد أجريت أبحاثًا في المجتمعات الريفية حول العالم وتتمثل إحدى السمات المشتركة بينها هي في الصعوبة التي يواجهها المزارعون ورعاة الماشية في الوصول إلى معلومات موثوقة عن الأسواق والطقس والتمويل ومع تزايد حركة تنقل الجيران وتزايد المخاوف بسبب تغير المناخ، أصبحت شبكات المعلومات التقليدية غير كافية ويحتاج المزارعون في كل مكان وخاصة في الإقتصادات النامية إلى دعم المجتمعات الرقمية.

وبالنسبة لمئات الملايين من الناس، فإن المعلومات تحدث الفرق بين الأمن الغذائي والجوع ولكن في خضم التهديدات الثلاثية المتمثلة في تغير المناخ والصراع العنيف والهجرة الجماعية فإن هناك تغير في كيفية جمع هذه المعلومات وتقاسمها حيث أصبحت الشبكات الشخصية الآن للمزارعين شبكات عالمية وعبر الإنترنت ومن أجل إطعام عالم سريع التغير، يجب علينا إستخدام التكنولوجيا الجديدة لإعادة تصور أقدم شكل من أشكال التخفيف من المخاطر وهو المجتمع.

* ليا سامبرج، عالمة أبحاث في مبادرة المناظر الطبيعية العالمية في معهد البيئة التابع لجامعة مينيسوتا
https://www.project-syndicate.org

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي