مسار الاقتصاد الياباني بعد فوز آبي

إيهاب علي النواب

2017-10-25 05:35

حقق رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي انتصاراً كبيراً في الانتخابات التشريعية المبكرة بعد حصول تحالف حزبه الليبرالي الديموقراطي وحزب كوميتو على 311 من أصل 465 مقعداً في البرلمان، هذا، وتعهد آبي ابأن تمضي حكومته قدما في زيادة مقررة لضريبة المبيعات في 2019 ما لم يتعرض الاقتصاد لصدمة في حجم انهيار بنك ليمان براذرز عام 2008.

ودافع رئيس الوزراء الياباني عن خطة الحكومة لتحويل بعض عائدات زيادة ضريبة المبيعات من 8 في المئة لـ 10 في المئة إلى رعاية وتعليم الأطفال قائلا إن الاستثمار في الأطفال "سيؤدي دون شك إلى نمو اقتصادي أقوى"، يشار إلى أن آبي أرجأ مرتين زيادة ضريبة المبيعات إلى عشرة في المئة بعدما أدت زيادتها لثمانية في المئة إلى جعل الاقتصاد على شفا الكساد.

التحديات الاقتصادية

تواجه اليابان صعوبة على صعيد العولمة، فمفاوضات اتفاقات التبادل الحر شاقة، وقد آبي نجح بعد أكثر من أربعة أعوام لإبرام الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي الذي لم تتحدد تفاصيله، في إبرام معاهدة عبر المحيط الهادئ مع 11 بلدا في منطقة آسيا - المحيط الهادئ، لكن الولايات المتحدة التي دفعته إلى ذلك في عهد باراك أوباما، انسحبت من الاتفاق في نهاية المطاف بناء على قرار من دونالد ترمب.

كما تواجه المؤسسات اليابانية أيضا صعوبة في التصدي للتنامي الكبير للمجموعات الآسيوية، ولا سيما الصينية والكورية الجنوبية منها، وشركات أمريكية في مجالات كانت مع ذلك تسيطر عليها (المعلوماتية والتجهيزات الإلكترونية والسمعية –البصرية ...)، بسبب عدم تكييف طريقة عملها، ومقارنة بمنافساتها الأجنبية، فهي تفتقر إلى التنشيط في بيئة تغيرت كثيرا بسبب التسارع الناجم عن الإنترنت، وتنسف فضائح متكررة أيضا صورتها لدى المستثمرين والمستهلكين.

ولم تتوصل اليابان إلى التخلص لمدة طويلة من الانكماش الذي يكبح منذ عقدين نشاط الأفراد والمؤسسات، على الرغم من تطبيق سياسة نقدية متساهلة وخطط لإنعاش الموازنة يفترض أن تشجع الإنفاق المنزلي واستثمارات المؤسسات، وما زال المواطنون والمؤسسات اليابانية الذين خيبتهم الأزمات السابقة، يميلون إلى الادخار وتأجيل النفقات غير الضرورية إلى وقت لاحق، ولم يجد رئيس الوزراء بعد الطريقة المثلى لإعادة الثقة إلى نفوسهم.

قلق محلي وعالمي

اعترف آبي أخيرا بأن حجم الموازنة السنوية للإدارات العامة (بمعزل عن خدمة الدين) لن تستعيد توازنها في 2020 كما كان متوقعا، ويبرر هذا التأجيل الجديد بضرورة القيام بمزيد من الخطوات للأطفال (مجانية قسم من التعليم)، في الوقت نفسه، يؤكد آبي أنه لن يؤخر مرة أخرى الزيادة الجديدة في رسوم الاستهلاك، التي سترتفع من 8 في المائة حاليا إلى 10 في المائة في تشرين الأول (أكتوبر) 2019.

وتحذر كل المنظمات الدولية، بدءا بصندوق النقد الدولي، وأعضاء في فريقه من الدين العام الهائل للبلاد - أكثر من 200 في المائة من إجمالي ناتجها المحلي - ومن الخطر الذي يشكله ذلك، من خلال سياسته الانعاشية التي أطلقها أواخر 2012 لدى عودته إلى الحكم، وعد آبي بعدد من الإصلاحات البنيوية (رفع القيود وإعادة النظر في قوانين العمل وتعزيز وضع المرأة وإصلاحات زراعية)، لكن قليلا منها أحرز تقدما، ويعتبر المحللون أن البلاد لن تتوصل من دون هذه الإصلاحات الأساسية إلى التخلص من مشاكلها، ويرى آبي أنه من أجل تسديد الدين العام الياباني يجب أن تحقق النمو الاقتصادي، وأنه يجب المضي باتجاه الإصلاح المالي بتحفيز النمو الاقتصادي والاستثمار مشيرا إلى أن إدارته ستواصل التركيز على زيادة النمو بدلا من التقشف المالي.

من جهة ثانية أظهر محضر اجتماع مجلس السياسة النقدية في البنك المركزي الياباني أن أعضاء المجلس يرون أن الاقتصاد الياباني ينمو بوتيرة معتدلة، وأضاف المحضر أن الاقتصادات في الخارج تواصل النمو أيضا وهو ما أدى إلى ارتفاع الصادرات اليابانية. كما يظل معدل التضخم منخفضا لكن أعضاء المجلس يتوقعون ارتفاعه خلال الشهور المقبلة، وخلال ذلك الاجتماع صوت مجلس السياسة النقدية لصالح الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسية عند مستوى سالب 1,0%. كما أبقى المجلس على حزمة التحفيز النقدي الضخمة دون تغيير وتمديد الفترة المستهدفة للوصول بمعدل التضخم إلى 2% سنويا.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي