الشيخ الذاكري في حوار مع النبأ: لو ان الدول صرفت للمصالحة مع الشيعة معشار ما صرفته لقمعهم لكان الطريق أسهل والمسافة أقل

باسم حسين الزيدي

2016-01-20 06:08

انتقد الشيخ محمد تقي ذاكري، مستشار منظمة "شيعة رايتس وتش" الحقوقية الساسة في الشرق الاوسط باعتبارهم "بعيدون كل البعد عن المواطن اولا، وعن المواطن الشيعي ثانيا"، وذلك لوجود "مستشارين متطرفين ملئت وجودهم بالطائفية البغيضة وامتلأت بطونهم من الحرام".

وقال الشيخ الذاكري في حوار مع شبكة النبأ المعلوماتية، "لو عرف الحاكم ان الشيعي كان في البلد وشارك في بناء هذا الوطن، حاله كحال غيره، وأخلص لبلده أكثر من غيره، نعم الشيعي لا يصفق، ولكنه ايضا وفي لبلده، يحب الوطن، يبحث عن سلام يضمن حقه وحق اولاده والاجيال القادمة وبكرامة".

وأضاف: "ليس من الصحيح ان تأتي بهنود، باكستانيين، وغيرهم وتعطيهم جنسية لتغيّر نسبة الشيعة في البلد، انما عليك ايجاد اجواء تصالحية مع ابناء جلدتك وهذا هو الاصح، فلو هاجم عدو لهذا البلد من يدافع عنه؟ نعم المرتزقة يدافعون عن رزقهم فقط وفقط".

واقترح على الدول التي صرفت اموالها لقمع الشيعة، ان تسخر اموالها للمصالحة معهم لكان الطريق أسهل والمسافة أقل، فيما دعا "الدول الى تجربة هذه النظرية ولو لمدة ٥ سنوات على الأقل، لكن ضمن خطة صحيحة ومنهج سليم".

كما دعا الشيخ الذاكري "الحكام للتفكير بما حصل لسلفهم في الحكم واعترفوا بانه (لو دامت لغيرك لما وصلت اليك) لوصلوا الى قناعة كافية لتغيير منهجهم في التعامل مع الشيعة".

وانشأت منظمة "شيعة رايتس وتش" الحقوقية، ومقرها واشنطن، لرصد الانتهاكات التي يتعرض لها المسلمون الشيعة في العالم، وضمان حقهم في حرية ممارسة معتقداتهم الدينية التي كفلتها الأديان السماوية واللوائح القانونية الدولية.

وفيما يلي نص الحوار:

كيف أثر فيكم الامام الراحل شخصيا؟ سيما وأنتم تحملون الهم الشيعي الى العالم؟

منذ عام ١٤٠٥ من الهجرة طلب مني الامام الراحل العمل على نشر ثقافة اللاعنف في العالم، ومن هنا بدأت العمل مع علماء في طهران وقم ولبنان والعراق وباكستان لنشر ثقافة اللاعنف والعمل السلمي، واستفدت من شخصيات علمائية مهمة اذكر بعضهم على سبيل المثال: السيد شريعتمداري، السيد محمد الروحاني، الشيخ الغروي النجفي، الشيخ الفلسفي، الشيخ حسن السعيد، والشيخ محمد مهدي شمس الدين والسيد النقوي في لاهور، وعلماء آخرون اتحفظ من ذكر اسماء الاحياء منهم نظرا للوضع الامني.

وكان العمل شاقا لكنه أنتج الكثير في مختلف الدول، منها إيران ومصر والعراق، حيث تمكنا من ايجاد صحوة ثقافية، دينية واصلاحية في اوساط رجال الدين والشخصيات الشيعية والفعاليات السياسية مما ادى الى تغيير حقيقي في المنطقة.

كما تمكنا من ايصال افكار علماء الشيعة الى شخصيات برلمانية اوروبية وعربية، وكذلك ناقشنا معهم اسلوب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحكومة امير المؤمنين عليه السلام في التعاطي مع المعارضين السياسيين وكيفية ادارة البلاد، كما تمكنا من الضغط على دول لإطلاق سراح سجناء سياسيين...الخ، نجحنا مع بعضهم ولم نتوفق مع البعض الآخر.

وفي كل هذه الامور كان الامام الراحل المعلم والملهم الاول، وكان رحمه الله يقرأ هذه الايام منذ ذلك الوقت وتنبأ بحصول الكثير مما حصل للامة الاسلامية اليوم.

الحديث عن (منظمة شيعة رايتس ووتش) و(المسلم الحر) و(مؤسسة الامام الشيرازي العالمية) يحتاج الى فصول من الكتابة.... كيف تلخص لنا عملها منذ ان بدأت كفكرة وحتى اليوم؟

ابتدأنا بمنظمة اللاعنف العالمية (المسلم الحر) بتفريعاتها وتقسيماتها الادارية للدفاع عن الاسلام بشكل عام كفكر ومبدأ سماوي، ثم الدعوة الى الاسلام بلغة اللاعنف، ثم تبيين مفاسد العنف بشكل عملي في الوسط الاسلامي بشكل عام، ثم التنسيق مع اساتذة في جامعات امريكية واوروبية لتدريس الرفق الاسلامي وموقف الاسلام ضد العنف والارهاب، ثم دعوة الدول الاسلامية والعربية الى تبني مواجهة الارهاب.

منذ ذلك الوقت حاولنا ان نسجل المنظمة في بعض الدول العربية والاسلامية كـ(لبنان، مصر، ايران ، والباكستان على سبيل المثال) ولم نتوفق لظروف معروفة لكننا تمكنا من الاستفادة من الحرية النسبية الموجودة في امريكا وتم تسجيل المنظمة في واشنطن عام ٢٠٠٠ .

ثم انطلقنا (باهتمام اية الله السيد مرتضى الشيرازي حفظه الله) نحو توحيد الكلمة والتنسيق مع المؤسسات الاسلامية والعمل المشترك في مختلف دول العالم ضمن إطار نشاط مؤسسة الامام الشيرازي العالمية وتم تسجيلها في عدة دول اوروبية وفي العراق بعد سقوط صدام.

ومنذ احداث البحرين وتهميش الشيعة في دول المنطقة انطلقنا (بتوجيه من المرجع الديني الكبير سماحة السيد صادق الشيرازي حفظه الله ورعاه) وهمة الشباب المؤمنين في واشنطن نحو الامم المتحدة للمطالبة بحقوق الشيعة والدفاع عن مظلوميتهم عبر منظمة شيعة رايتس ووتش ووصلنا الى ما نحن عليه اليوم بمساعدة الكثير من الشخصيات الشيعية التي تعمل وتتواجد في الامم المتحدة، وحصلنا على دعم معنوي من المرجعيات الشيعية ولله الحمد لتكون الدعوة والعمل أكثر فاعلية.

وسط الارهاب والعنف الطائفي والاسلام فوبيا.... هل اصبحت المهمة أصعب في ايصال صوت وافكار اللاعنف بالنسبة للمسلمين في الغرب؟

على العكس، الظروف ساهمت في فهم المجتمع الدولي للإسلام ودعوته اللاعنفي ونبذه للإرهاب، وتمكنا من شرح قوانين المذهب الشيعي ودولة رسول الله صلى الله عليه وآله وكذلك دولة أمير المؤمنين عليه السلام وفتاوى فقهاء الامامية في هذه المجالات، حتى ان المحاكم الجنائية تفهمت ذلك وكان ذلك واضحا في المحاكمات التي ارتبطت بالمسلمين، وهذا مصداق لما روي عن المعصومين عليهم السلام في (ان الناس لو عرفوا محاسن كلامنا لاتبعونا).

ماهي افكاركم تجاه توحيد الخطاب الاعلامي للشيعة في العالم؟ وهل هي فكرة قابله للتحقق؟

لا اعتقد بجدوائية ذلك، الوسط الشيعي مبني على استقلالية الافراد والاتجاهات، ونرى ذلك في خلقة الله سبحانه وتعالى ايضا، الخلقة تدل على ثقافة الانشطار لا التوحد، انا اعتقد من اللازم العلاقة والتنسيق بين المؤسسات الشيعية والعمل المستقل، وكلنا نتعلم، وذلك حتى تتبلور الافكار وينشط الدماغ ويُبدع.

لماذا ركزتم على الجانب الحقوقي في عملكم الميداني؟ وما هي رسالتكم التي اردتم ايصالها للعالم خلال مسيرة حياتكم الحافلة؟

هذا الجانب لم يتطرق اليه أحد، وكانت هناك حاجة ملحة لإنقاذ المظلوم الشيعي الذي لم يحالفه الحظ في ايصال صوته السلمي الى دولته او المنظمات الحقوقية والانسانية، كلما اراد ان يقول (انا مظلوم) (انا مسالم) (ما لفرق بيني وبين جاري السني؟) (اين حقي) و...الخ، صعقته صفعة السياسة ولم يسمع له أحد.

وفي الواقع ان هذه المنظمات جاءت لتعمل مثل الهلال الاحمر، مثل الصليب الاحمر، تنقذ ما تبقى من حياة من ينادي ولم يسمعه أحد.

مع الاسف الساسة في الشرق الاوسط بعيدون كل البعد عن المواطن اولا، وعن المواطن الشيعي ثانيا، وذلك لوجود مستشارين متطرفين ملئت وجودهم بالطائفية البغيضة وامتلأت بطونهم من الحرام، فلو عرف الحاكم ان الشيعي كان في البلد وشارك في بناء هذا الوطن، حاله كحال غيره، وأخلص لبلده أكثر من غيره، نعم الشيعي لا يصفق، ولكنه ايضا وفي لبلده، يحب الوطن، يبحث عن سلام يضمن حقه وحق اولاده والاجيال القادمة وبكرامة.

ليس من الصحيح ان تأتي بهنود، باكستانيين، وغيرهم وتعطيهم جنسية لتغيّر نسبة الشيعة في البلد، انما عليك ايجاد اجواء تصالحية مع ابناء جلدتك وهذا هو الاصح، فلو هاجم عدو لهذا البلد من يدافع عنه؟ نعم المرتزقة يدافعون عن رزقهم فقط وفقط.

واني جازم، لو ان الدول صرفت معشار ما صرفته لقمع الشيعة، صرفته للمصالحة معهم لكان الطريق أسهل والمسافة أقل، وادعو الدول تجربة هذه النظرية ولو لمدة ٥ سنوات على الأقل، لكن ضمن خطة صحيحة ومنهج سليم.

كما واحذرهم واقول لهم ان بني امية وبني العباس بما فيهم امثال صلاح الدين الايوبي، والدولة العثمانية وغيرهم لم يتمكنوا من قمع الشيعة، فان التشيع مدعوم من الله سبحانه وتعالى مباشرة وبدعاء الرسول والائمة عليهم السلام، فلو يفكر الحكام بما حصل لسلفهم في الحكم واعترفوا بانه (لو دامت لغيرك لما وصلت اليك) لوصلوا الى قناعة كافية لتغيير منهجهم في التعامل مع الشيعة.

ما هو رأيكم بمبادرة مؤسسة النبأ حول دعم المنتج الوطني (صنع في العراق) وما هي مقترحاتكم؟

عموما هذه خطوة مباركة، نسأل الله عز وجل ان يطرح فيها البركة، واقترح من مؤسسة النبأ تكثيف جهودها الإعلامية، من خلال التركيز الإعلامي، في كل شهر بالكتابة عن شيء معين في العراق يمكن ان يتحول الى استثمارات تدر على البلد عوائد مالية تعزز اقتصاده.

والهدف من ذلك ان لا نكون مستوردين ومستهلكين، بل نكون مصدرين منتجين، فعلى سبيل المثال عندما يستورد البلد (جهاز نقل) لا يقتصر عنوان الاستيراد على الاستهلال فقط، فلنبني مصنع للهواتف النقالة يكفي حاجة البلد ونصدر منه الباقي العالم.

اما على جه الخصوص، وعند الحديث عن كربلاء المقدسة، وما تتمتع به من قدسية المقام الطاهر لسيدنا ومولانا أبا عبد الله الحسين (عليه السلام)، فان الله (عز وجل) قد أكرم تربتها ومياهها وسمائها، ويمكن (من خلال بركة الامام الحسين) تحقيق المنافع الاقتصادية العظيمة من ارض كربلاء فقط، لو كانت هناك نية حقيقية وإخلاص في العمل، (...)، فلو استثمرنا في "النخلة" التي باركها الله ورسوله، والتي غرست في هذه "الأرض" المباركة، وسقيت من "مياه" كربلاء المقدسة، لدرت الكثير من الخير، سيما وان كل أجزاء "النخلة" صالحة للاستثمار الاقتصادي.

كلمة اخيرة لسماحة الشيخ محمد تقي ذاكري؟

اعتقد انه يجب علينا ان نعرف كيف ننمي طاقاتنا و نستفيد من قدراتنا الاقتصادية والعلمية لنؤسس الى مجتمع منتج بدل ان نكون مجتمع مستهلك، وفي مجال السياسة والادارة نتعلم اسلوب الحوار حتى مع العدو، عندنا نصوص تدعو الى الاستشارة مع العدو ايضا، وهذا يعني ان الحوار يجب ان يكون سيد الموقف، فاذا لم يسمح لنا الحاكم الحوار معه في البلد فلنتحاكم الى محاكم قانونية عالمية، فان لم توجد هذه المحاكم فلنؤسس لها، وفي مجال العلوم والثقافة (وفي كل المجالات) نتعلم من امير المؤمنين عليه السلام ونعتبره أسوة في حياتنا، وكذلك نتعلم كيف نواجه الظلم، نحن نعيش عالم يمكن من خلاله رفع الظلم واحقاق الحق عبر طرق أكثر سلمية

طبعا في كل ذلك التوفيق من الله سبحانه وتعالى. انه سميع مجيب.

نبذة مختصرة عن الشيخ محمد تقي الذاكري

ولد عام ١٩٥٧ في كربلاء المقدسة، درس الابتدائية في مدرسة حفاظ القران الكريم ثم هاجر مع والديه الى إيران في السبعينات ثم واصل الدروس الحوزوية في قم المقدسة ثم تتوج بالعمامة قبيل نجاح الثورة الايرانية وواصل العمل التبليغي منذ السنة الاولى للثورة بدءا من المدن الايرانية: بروجن، شيراز، عبادان، يزد...الخ.

انتقل الى طهران السنة الثانية من نجاح الثورة الايرانية وأكمل دراسته الحوزوية عند العلامة الشيخ محمد تقي شريعتمدار وغيره في مدرسة مروي.

ثم بدأ عمله التبليغي والحقوقي بعد استشهاد المفكر الإسلامي الكبير الشهيد السيد حسن الشيرازي حيث سافر الى باكستان للمشاركة في الندوات الفكرية والمؤتمرات التي انعقدت لفضح جرائم حزب البعث.

ثم انتقل الى سوريا ولبنان كمساعد لأية الله الشيخ صادق الكلباسي في شؤون الحوزة العلمية الزينبية، ثم التزم بالعمل المرجعي والاداري في مكتب المرجع الديني الاعلى الامام الشيرازي رحمه الله كمساعد للعلامة السيد محسن الخاتمي، وأشرف على طباعة موسوعة الفقه في طبعته الثانية، ثم هاجر الى الولايات المتحدة واستقر في واشنطن العاصمة ليمارس نشاطه الحقوقي كمستشار للمنظمات الحقوقية الشيعية بالإضافة الى ممارسة عمله كرجل دين...

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا