في مصر: السيسي ينتقد البدناء والخاسر هم الفقراء
عبد الامير رويح
2018-12-27 06:56
الاصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة المصرية في الفترة الاخيرة، من اجل انعاش الوضع الاقتصادي في هذا البلد، كان لها اثر سلبي على حياة المواطن المصري الذي اصبح يعاني من ارتفاع اسعار بعض السلع الاساسية، لا سيما ما يرتبط بالجانب المعيشي لملايين البشر خاصة في ظل التراجع المستمر في قيمة الجنيه، الذي يؤدي إلى مزيد من ارتفاع أسعار المواد الغذائية ويزيد من الضغط على الفقراء. خصوصا مع استمرار الازمات والمشكلات السياسية والاقتصادية واضطراب الوضع الأمني في مصر، فقد أصبح المواطن المصري وكما نقلت بعض المصادر بين فكي كماشة: ارتفاع الأسعار وانخفاض الأجور، وكلاهما أصبح واقعاً مراً، فالتضخم الاقتصادي الذي تشهده الأسواق المصرية، أطاح بقيمة الجنيه المصري، ما دفع بالعديد من التجار لرفع أسعار السلع الاستهلاكية وأهمها الخبز. ويرى الشارع المصري أن الحكومة المصرية مقصرة تجاه توفير السلع الأساسية كالخبز، وهو قوت المواطن اليومي الرئيسي الذي يعيش عليه.
وتمثل الإصلاحات التي تعتمد على التقشف تحديا كبيرا للسيسي. فمصر ملتزمة بتلك الإجراءات بمقتضى قرض من صندوق النقد الدولي قيمته 12 مليار دولار تم الاتفاق عليه في عام 2016 ويهدف إلى جذب الاستثمار الأجنبي. وخفضت مصر وفقا لبرنامج الإصلاح الاقتصادي قيمة عملتها وتوقف تدريجيا دعم الوقود وهو ما جعل ملايين المصريين يئنون تحت وطأة زيادة كلفة المعيشة.
وتقديم الخبز المدعم سياسة ثابتة للحكومات المصرية المتعاقبة منذ الستينيات. ولم يجر المساس بهذا الدعم في ظل الإصلاحات الحالية. وعندما يشكو المصريون من نقص في السلع الغذائية، وزادت مصر بالفعل أسعار الوقود والكهرباء والنقل هذا العام، لتلبية شروط اتفاق القرض مع صندوق النقد الدولي، وهو ما أدى إلى احتجاجات نادرة في مايو أيار شارك فيها ركاب غاضبون من ارتفاع أسعار تذاكر مترو الأنفاق.
وتعكف مصر على تنفيذ إصلاحات صعبة بموجب برنامج قرض صندوق النقد الدولي البالغة قيمته 12 مليار دولار، وبموجب الاتفاق مع الصندوق، حررت مصر سعر صرف عملتها الجنيه مما أدى لانخفاض قيمتها، وترفع الدعم تدريجيا عن الوقود، وهو ما يفرض ضغوطا على حياة عشرات الملايين من المصريين.
من جانب اخر أكد اقتصاديون دوليون أن الاقتصاد المصرى يسير على الطريق الصحيح بفضل الإصلاحات الاقتصادية التى أسهمت فى زيادة معدلات النمو الاقتصادي، مشيدين بإصرار الحكومة على مواصلة الإصلاحات من أجل استعادة مكانة مصر الاقتصادية إقليميا ودوليا.
وأوضح الاقتصاديون أن الإصلاحات الاقتصادية والمالية التى نفذتها مصر بالتعاون مع صندوق النقد الدولى أسهمت فى تحسن تصنيف مصر الائتمانى والاستقرار المالى والنقدي، متوقعين زيادة معدلات التدفقات الاستثمارية الأجنبية بالسوق المصرية خلال الأعوام القليلة القادمة. وقال الخبير الاقتصادى اليونانى كوستاس فرانوس مدير عام مؤسسة تنمية الأعمال الدولية بأثينا، إن معدلات النمو الاقتصادى فى مصر ستعد الأكبر فى منطقة الشرق الأوسط خلال العامين القادمين، نتيجة تحسن بيئة الاستثمار وزيادة التنافسية، مثمنا الإجراءات الاقتصادية التى اتخذتها الحكومة المصرية خلال العامين الماضيين ومن بينها تحرير سعر صرف الجنيه، وزيادة احتياطى النقد الأجنبي.
من جانبه، أشار جورج بليوس أستاذ الاقتصاد بجامعة (كابوديستريان أثنيا اليونانية) إلى أن مصر تمتلك مقومات اقتصادية كبيرة تؤهلها للعب دور هام فى تعزيز التعاون الاستقرار الاقتصادى فى منطقة البحر المتوسط بينها الموارد الطبيعية والبشرية، لافتا إلى أن الاقتصاد المصرى يقف حاليا على أعتاب تجاوز المرحلة الاقتصادية الخطرة بفضل الإصلاحات الاقتصادية. وتوقع بليوس استمرار تحسين أداء المؤشرات الاقتصادية فى مصر خلال العام القادم، منوها بأن تقارير المؤسسات الدولية من بينها صندوق النقد الدولى تؤكد استمرار التعافى الاقتصادى فى مصر
السيسي يعد الفقراء
وفي هذا الشأن وعد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مواطني بلاده البسطاء بتمكينهم من تناول طعام ”أورجانيك“ أو طعام عضوي من انتاج الجيش وهو الطعام الذي قال إنه يقتصر على الأغنياء حاليا. وأطلق السيسي هذا الوعد خلال افتتاح محطة للصوب الزراعية أنشأتها الشركة الوطنية للزراعات المحمية التابعة للجيش في مدينة العاشر من رمضان شمال شرقي القاهرة، وهي جزء من المرحلة الأولى لمشروع قومي يستهدف إنشاء 100 ألف فدان من الصوب الزراعية في عدة مناطق.
وقال السيسي في كلمة على هامش افتتاح المحطة التي تضم 600 صوبة زراعية على مساحة 2500 فدان ”احنا كنا دايما يقولك في السوبر ماركت الكبير... دا أورجانيك، يعنى الناس تاكل أورجانيك والمصريين مياكلوش اورجانيك ولا ايه؟ يعني اللى معاه فلوس ياكل اورجانيك... والمصريين الباقي مياكلوش؟“ وأضاف ”لأ، ان شاء الله كله هيبقى كده، بس انتم اجروا معانا ونجرى مع بعض عشان اللي تحقق النهاردة بكل تواضع أمر يسعد ويشرف“.
ويعيش ما يقرب من 30 في المئة من سكان مصر البالغ عددهم حاليا 98 مليون نسمة تحت خط الفقر، ويعيش ملايين آخرين بالقرب منه، وقد زادت الإصلاحات الاقتصادية القاسية التي يدعمها صندوق النقد الدولي من معاناتهم خلال العامين الماضيين. ومحطة العاشر من رمضان التي تضم أيضا محطة فرز وتعبئة وتغليف وثلاجات للحفظ والتبريد جزء من المرحلة الأولى للمشروع القومي والتي تشمل 7100 صوبة زراعية على مساحة 34 ألف فدان في خمس مناطق. وكان السيسي أعلن تدشين المشروع قبل 10 أشهر.
وقال اللواء مصطفى أمين مدير عام جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، وهو الجهاز الذي تتبعه العديد من شركات الجيش ومن بينها الشركة الوطنية للزراعات المحمية، إن مصر ستصبح ثاني أكبر دولة في العالم في مجال زراعة الصوب بعد اكتمال إقامة المئة ألف فدان. ولم يذكر أمين القيمة الاجمالية للمشروع ولم يحدد موعدا لاكتماله. وقال أمين إن المشروع يهدف إلى زيادة انتاجية وجودة الخضروات والفواكه وخفض أسعارها وترشيد استهلاك المياه بالإضافة إلى توفير فرص عمل.
وتشارك ثلاث شركات أجنبية في المرحلة الأولى وهي روفيبا لإنتاج الصوب الزراعية وميريديم سيدز لانتاج البذور من إسبانيا وشركة الصين الوطنية لصناعة الماكينات (سينوماك). وقال أمين إن المخطط أن تحقق المرحلة الأولى بعد اكتمالها انتاجية تقدر بنحو 1.5 مليون طن سنويا من الخضراوات والفواكه تعادل انتاجية أكثر من 150 ألف فدان من الزراعات المكشوفة.
وأضاف أن الصوب العادية ترشد استهلاك المياه بنسبة 40 بالمئة مقارنة بما تستهلكه نفس المساحة من الأراضي العادية مع مضاعفة الانتاج، في حين ترشد الصوب عالية التكنولوجيا استهلاك المياه بنسبة تصل لنحو 80 بالمئة مع زيادة الانتاج لأربعة أمثال. وتخشى مصر أن يؤثر سد النهضة العملاق الذي تبنيه إثيوبيا على حصتها من نهر النيل وبذلت جهودا في السنوات القليلة الماضية لتوفير مصادر جديدة للمياه العذبة ولترشيد الاستهلاك.
وقال أمين إن إجمالي موارد المياه العذبة المتاحة في مصر حاليا يبلغ نحو 77 مليار متر مكعب سنويا تمثل نسبة مياه النيل منها 72 بالمئة وتمثل المياه الناتجة عن تدوير الصرف الزراعي 16 بالمئة. وأضاف أن الزراعة تستهلك 62.7 مليار متر مكعب سنويا وهو ما يشكل نسبة 81.3 بالمئة من إجمالي الموارد، في حين يبلغ الاستهلاك المنزلي 11 مليار متر مكعب سنويا تقريبا. بحسب رويترز.
وتعهد السيسي أيضا بمزيد من المشروعات الزراعية، وقال إن بلاده بدأت في إنشاء مزرعة لإنتاج ”أفخر أنواع“ التمور على مساحة 40 ألف فدان وتضم 2.5 مليون نخلة. ودعا السيسي، وهو يتفقد إنتاج محطة العاشر من رمضان، المزارعين إلى إقامة صوب زراعية على غرار التي يقيمها الجيش لتحقيق المكاسب بدلا من تبوير الأراضي والبناء عليها.
الخاسر الأكبر
من جانب اخر وفي منزله الذي كان يعيش فيه مع إخوته الأحد عشر لم يكن لدى محمد عبد الحميد غرفة يبدأ فيها حياته الزوجية. وفي عام 2016 بدأ بناء منزل جديد في حقل عائلته القريب لكنه دفع منذ ذلك الحين 80 ألف جنيه مصري (4500 دولار) غرامات بسبب البناء على أرض زراعية. وقال عبد الحميد (30 عاما) وهو يقف أمام منزله المطلي باللون الوردي في قرية أكياد دجوي بدلتا النيل في محافظة القليوبية إلى الشمال من القاهرة ”مفيش بديل. هأجر شقة في القاهرة؟ أنا مش هتحمل إيجار شقة“. وينمو سكان مصر البالغ عددهم حوالي 100 مليون نسمة بسرعة ويعيش نحو 38 مليونا منهم في مناطق عشوائية.
وعلى مدى عشرات السنين تآكلت الأراضي الزراعية المحدودة نتيجة النمو السكاني والزحف العمراني الخارج عن السيطرة غير أن وتيرة البناء المخالف انطلقت بسرعة منذ عام 2011 حين أفضت الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك في انتفاضة شعبية إلى فراغ أمني. وتشن السلطات الآن حملة على من يبنون على الأرض الزراعية لكنها لا تقدم بدائل تذكر لمن يحتاجون إلى مساكن في متناول اليد.
وأجرت مصر تعديلا قانونيا دخل حيز التنفيذ في يناير كانون الثاني يمكن بمقتضاه الحكم على من يبني على الأرض الزراعية بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات وغرامة تصل إلى خمسة ملايين جنيه مصري (280 ألف دولار). وكانت الغرامة القصوى من قبل 50 ألف جنيه مصري (2800 دولار) ولم تكن عقوبة السجن محددة قبل التعديل. وتقول السلطات إنها تريد إنهاء البناء غير المرخص على الأراضي الزراعية والحد من الزحام وتوفير المسكن للفقراء لكن محللين يقولون إن الكثير من الوحدات في مشاريع الإسكان الحكومية الجديدة غالية الثمن وإن الخدمات فيها غير كافية.
ونتيجة لذلك يظل عدد كبير من الوحدات السكنية الجديدة خاليا بينما يواصل الناس إقامة مبانٍ غير مرخصة على الأرض الزراعية. وقالت ميشيل دنّ الباحثة الأولى في برنامج كارنيجي للشرق الأوسط وهي مؤسسة أبحاث عالمية ”هذا يبين لك أن سوق الإسكان مشوهة ولم تفلح حوافز الأسعار وسهولة التعامل“. وقالت ”يبدو أن أحد هذه الطرق هو التحكم في التطوير العقاري وتوجيه الناس نحو التجمعات السكنية التي تبنيها الحكومة بدلا من التجمعات التي تنمو بشكل طبيعي في الأماكن التي يرغب الناس في العيش فيها“.
وفقا لبيانات وزارة الزراعة أتى البناء بالمخالفة للقانون على ما يقرب من 85 ألف فدان من الأراضي الزراعية منذ ثورة 2011. وهذا يمثل زيادة بنسبة 40 بالمئة في المتوسط سنويا مقارنة بفترة ما قبل الثورة استنادا إلى بيانات تعود إلى عام 1983. وأضافت الوزارة في البيان أنه تم استعادة 28 ألف فدان من هذه المساحة لكن معظم هذه الأراضي لم يتم زراعتها مرة أخرى. وبدأت الحكومة المصرية حمله لإزالة التعديات على 19 ألف فدان من الأراضي الزراعية.
وعلق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في إحدي المناسبات في سبتمبر أيلول على صورة تظهر المنازل في الأراضي الزراعية قائلا ”بص على عمق الأراضي الزراعية وحجم التعديات الموجودة عليها“. وأضاف ”إذا كان الأمر هيمشي كده.. إحنا رايحين لنمو عشوائي عايز صرف صحي مش موجود ومية نقية مش موجودة وشبكة طرق وكهرباء مش موجودة ده مش هينفع احنا نعيش كده“.
ومنطقة دلتا النيل واحدة من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في البلاد وهي أيضا واحدة من أكثر المناطق تضررا من البناء غير المرخص. وقالت سحر (40 عاما) شقيقة عبد الحميد التي بنت أيضا منزلا على أرض العائلة الزراعية في القرية ”غصب عننا إننا بنبني في أرض زراعية. ساكنه في بيت عيلة وكل واحد مجوز في أوضة (غرفة) وفي عيال اتولدوا. هنوديهم فين؟“. وأضافت ”الأولاد كبروا في الكليات وعايزين يجوزوا ومفيش هنا شقق بتتأجر. الأرض ملكنا، هنبني فين؟“.
وقال حامد عبد الدايم المتحدث باسم وزارة الزراعة إن الافتقار إلى السكن ليس مبررا للتعدي على الأراضي الزراعية. وأضاف عبد الدايم ”ده مش مبرر، إذا كان عندي أزمة إسكان فهي أزمة في الريف وكذلك في المدينة“. وقال إن الحكومة لديها مشاريع إسكان كبيرة. وأضاف ”في بعض الأماكن مش لاقيين حد يسكن“. وفي محاولة لمعالجة الاحتياجات السكنية المتزايدة أطلقت مصر سلسلة من مشاريع الإسكان وتقوم بتطوير 42 مدينة جديدة لكن الكثير منها لم يشغل وحداته السكنية سوى عدد قليل من السكان.
وقالت ليلاني فرحة مقررة الأمم المتحدة للحق في السكن الملائم إن معدل شغل الوحدات السكنية في القاهرة الجديدة والشيخ زايد والشروق يبلغ 65 في المئة و50 في المئة و55 في المئة على التوالي. وأضافت فرحة أن واحدة من أقدم المدن الجديدة، 6 أكتوبر، يبلغ معدل الاشغال فيها 75 بالمئة. وقالت إن معدلات الإسكان المنخفضة تعني أن الناس في بعض المدن الجديدة يعانون من نقص خدمات التعليم والصحة وخدمات الطوارئ والنقل ومصادر الأغذية.
وقالت فرحة في بيان عقب زيارة لمصر الشهر الماضي ”يبدو أن هناك تفاوتا في الدخل في المناطق السكنية وميلا نحو مجتمعات مسورة لإسكان أصحاب الدخل المرتفع“. وقالت إن لدى الحكومة برنامجا للإسكان الاجتماعي للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط لكن المصريين من أصحاب أقل الدخول لا يستفيدون سوى من 2.2 بالمئة فقط من السكن الاجتماعي. وقال جمال السيد الذي كان يمتلك جرارا زراعيا إنه ترك الزراعة بعدما أصبحت أسعار الوقود باهظة مشيرا إلى أنه لم ير بديلاً للبناء على أرضه الزراعية.
وأضاف السيد البالغ من العمر 53 عاماً ويعمل الآن في مخبز ”عندي أرض بنيت حتة ولسه مجوز ابني“. وأضاف أن المنازل في القرية صغيرة ويضطر الناس للبناء عندما تكبر عائلاتهم. وقال إنه دفع غرامة قدرها 60 ألف جنيه مصري (3000 دولار) منذ أن قام ببناء المنزل في عام 2013. وقال كيفن جراهام مدير تحرير مجموعة أكسفورد للأعمال في مصر إن الأرض المخصصة للإسكان باهظة الثمن في العادة. وأضاف ”تقتنص شركات التطوير العقاري هذه الأراضي لكن ينتهي بها الأمر في كثير من الأحيان إلى بناء منازل باهظة الثمن بدلاً من بناء منازل بأسعار معقولة“.
وقال جراهام إن العقوبات الجديدة الأكثر صرامة للبناء على الأرض الزراعية هي جزء من جهد أوسع من جانب الحكومة من أجل تعزيز الإيرادات من خلال الضرائب. وتابع ”لكي يكون هذا الحل حلاً حقيقياً يجب إتاحة خيارات لأولئك الذين يدفعون للبناء خارج النطاق الرسمي“. وتعتبر مصر أكبر مستورد للقمح في العالم وتقول السلطات إنها تريد إنهاء البناء على الأراضي الزراعية وزيادة محصول القمح المحلي. بحسب رويترز.
وقال اللواء أركان حرب محمد حلمي عبد الحميد المدير التنفيذي للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية إن الحكومة تحاول زيادة الرقعة الزراعية من خلال استصلاح الأراضي في الصحراء. وأضاف حلمي”احنا بنشتغل ونعمر في الصحراء علشان نزود الرقعة الزراعية. مش ممكن وأنا بعمر في الصحراء أضيع الأرض الطينية المصرية الجميلة“. وقال إنه بالإضافة إلى تشديد العقوبات تعمل الحكومة على التوسع في هدم المنازل المخالفة على الأراضي الزراعية. وأضاف ”الأرض الزراعية خط أحمر لا يجوز الاقتراب منها أو التعدي عليها“.
أزمة دواء
على صعيد متصل أثار قرار وزيرة الصحة المصرية هالة زايد بشأن رفع القيود نهائيا عن الأدوية "المماثلة"، التي تحتوي على نفس المادة الفعالة، حالة من الجدل داخل مصر، بين مؤيد يرى أن ذلك سوف يضبط السوق ويحد من احتكار شركات الدواء، ومعارض يقول إن القرار يأتي استجابة لضغوط المستثمرين في قطاع الدواء. ويعاني المواطن المصري من نقص في عدد كبير من الأدوية الأساسية مثل الأنسولين والضغط والسكر وألبان الأطفال، والتي تحجم الشركات عن تصنيعها لعدم جدواها الاقتصادية وارتفاع تكلفة استيراد المواد الخام الداخلة في صناعتها.
وقرار وزيرة الصحة المصرية الأخير هو تعديل لقرار سابق في العام 2015 يقصر عدد "الأدوية المماثلة" المتداولة لكل عقار علاجي بنحو 12 مثيلا فقط ليفتح الباب أمام تسجيل غير محدود لهذه المثائل من جانب مستوردي ومصنعي الأدوية. ويشمل القرار المستحضرات التي يتقدم بها أصحاب المصانع تحت الإنشاء، والمستحضرات الطبية التي تنتج بغرض التداول المحلي أوالتصدير للخارج.
و"نظام صندوق المماثلات الذي كان معمولا به سابقا لم يحقق الهدف المرجو منه" هكذا قال دكتور أسامة رستم نائب رئيس غرفة صناعة الأدوية باتحاد الصناعات المصرية. ويوضح رستم أن مماثلات الأدوية هي التي تحتوي على نفس المادة الفعالة والتركيبة الدوائية، بينما البدائل هي الأدوية التي تحتوي على مادة فعالة قريبة من الدواء الأصلي وقد لا يكون لها نفس الأثر العلاجي أو لها بعض الآثار الجانبية الأخرى.
نائب رئيس غرفة صناعة الأدوية يؤيد القرار الوزاري بفتح صندوق "المماثلات" ويقول إنه بالرغم من وجود هذا الصندوق الذي يحتوي على 12 مماثلا لكل دواء إلا أن السوق تعاني من نقص حاد في بعض صناديق المماثلات. وأرجع رستم السب إلى أن هناك العديد من شركات الأدوية التي سجلت في صندوق مثائل للأدوية، لكنها لا تقوم بإنتاجها لأسباب مختلفة منها إن السعر غير مناسب أو لم يتمكن من تحقيق التسويق الجديد ولم يحقق مبيعات، وبالتالي فهو قام بحجز مثيل لا ينتجه بالفعل ويغلق الطريق أمام الشركات الجادة في الانتاج على حد قوله. ووفقا لبيانات غرفة صناعة الأدوية في مصر يوجد نحو 14 ألف صنف دوائي مسجل لدى إدارة الشؤون الصيدلية بوزارة الصحة ينتج منها فقط نحو 6 آلاف صنف داخل السوق المحلي.
النائب البرلماني أحمد العرجاوي عضو لجنة الصحة بمجلس النواب المصري قال إن قرار فتح صندوق مماثلات الأدوية "سيدخلنا في منحى خطير يؤدي إلى زيادة أسعار الأدوية" مشيرا إلى أن الوزيرة لم ترجع إلى اللجنة المنوطة بدراسة القرار. وأكد البرلماني المصري أنه سيقدم طلب إحاطة حول قرار وزيرة الصحة الذي يرى أنه سيكون في صالح شركات الأدوية التي ستستغله لتسجيل المزيد من الأدوية داخل السوق المصرية دون ضوابط واضحة.
وقال العرجاوي "كان الأولى بالوزيرة أن تقوم بتنقيح صناديق المماثلات الموجود فعلا بإزالة الأصناف التي لا يتم انتاجها .. ويحل محله بدائل جديدة أخداً في الاعتبار معايير حاجة السوق والسعر المناسب والجودة المطلوبة" وحث عضو مجلس النواب الحكومة المصرية على سرعة إصدار قانون هيئة الدواء المصرية الذي يرى أنه سيضبط السوق من خلال تداول الدواء بالاسم العملي وليس العلامات أو الماركات التجارية.
من جانبه يقول محمد فؤاد المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء إن مصر تعاني منذ 5 سنوات من ظاهرة النقص في الدواء، مضيفا "نستيقظ صباحا على طوابير لنقص أدوية مهمة مثل البنسلين مثلا ولا توجد جهة أو إدارة أو هيئة مسؤولة تتنبأ بوقوع الأزمة". ويشير المحامي الحقوقي إلى بعض أمثلة "صارخة" في أزمة نقص بعض الأدوية المهمة فيقول "تخيل أن الشركات التسعة التي تقوم بانتاج البنسلين في مصر لا تنتجه منذ عام 2005 لأن سعره زهيد جدا رغم أنه ضروري". وأوضح فؤاد أنه لا يوجد إلزام من جانب الدولة لحث الشركات المتوقفة عن إنتاج هذا الدواء المهم لاستئناف عمليات الانتاج.
ويقول المحامي الحقوقي في حديثه لبي بي سي إن هناك "تجارة خفية في ملفات المماثلات" تقوم خلالها بعض الشركات بحجز المثيل الدوائي نظير ملف يقدم لوزارة الصحة لا تزيد تكلفته عن 30 ألف جنيه ولكن بمجرد الحصول عليه يمكنها بيع حق انتاج هذا الدواء بمبالغ طائلة قد تصل إلى ملايين الجنيهات. وقد حدث هذا الأمر بالفعل مع عقار "السوفالدي" المصري المخصص لعلاج الالتهاب الكبدي الفيروسي، وهو عقار مازال له احتياج قومي وشعبي حيث بيع الملف لأحد شركات الأدوية بمبلغ ضخم وصل إلى 28 مليون جنيه (1.6 مليون دولار أمريكي) فهي تجارة على حد قوله.
وقال محمد سعودي وكيل نقابة الصيادلة في مصر إن قرار فتح صندوق "المماثلات" الأدوية الذي اتخذته وزيرة الصحة في مصر سوف يؤدي إلى كارثة في سوق الدواء المتشبع أصلا. وأوضح سعودي أن سوق الدواء في مصر لا يحتاج إلى وجود المزيد من الأدوية المسجلة بالفعل والتي تحجم العديد من الشركات عن إنتاجها. وأضاف وكيل نقابة الصيادلة أن القرار الوزاري سوف يجبر الصيدليات على شراء "مماثلات" عديدة للدواء الواحد بعد أن كان مقصورا على 12 نوع فقط من كل دواء، الأمر الذي يحتاج لميزنيات ضخمة تؤدي إلى تراجع قدرة الصيدليات على مجاراة السوق وفق تعبيره.
ويوضح سعودي "العملية ستكون متوقفة على صفقات الأعمال والتربيطات بين الأطباء وشركات الدواء للترويج للأصناف التي تنتجها" وهو ما يؤدي وفق رأيه إلى تكدس بعض الأنواع على أرفف الصيدليات واستفحال ظاهرة الأدوية منتهية الصلاحية. ويرد أسامة رستم نائب رئيس غرفة صناعة الأدوية على هذا التخوف بشأن تزايد نسبة الأدوية منتهية الصلاحية بأنه من حق الصيدليات إرجاع هذه الأدوية إلى الشركات المنتجة لها وتعويض الصيدليات عن هذه الأدوية وفق ضوابط لتطهير السوق ومكافحة الأدوية المغشوشة أو مجهولة المصدر، أو تلك التي تباع على الأرصفة كما نشاهد حاليا في بعض الأسواق الشعبية.
ويوضح رستم "من يقوم بهذه الممارسات دخلاء على مهنة ورسالة الصيدلة" محذرا من أن تداول هذه الأدوية منتهية الصلاحية هي جريمة تصل إلى حد القتل العمد، لأن الأدوية منتهية الصلاحية هي أدوية بدون فعالية حقيقة والمادة الخام فيها فسدت وليس لها أثر دوائي. كما يطالب المحامي الحقوقي محمد فؤاد من جمعية الحق في الدواء بأن تلزم الحكومة المصرية شركات الأدوية بسحب الأدوية "منتهية الصلاحية" من الصيدليات، ويجب اللجوء إلى الإسم العلمي لتداول الأدوية وهو أمر معمول به في أغلب دول العالم.
ووفقا لاحصائيات جمعية الحق في الدواء، فإن مصر مسجل بها 58.4 % من المواطنين على شبكة التأمين صحي التي يتم تداول العلاج فيها من خلال الاسم العلمي فقط بغض النظر عن الماركات التجارية أو شركات التصنيع. ويقول فؤاد إن التعامل بالإسم العلمي للدواء يحقق العدالة والمساواة للكل، لكن هذا القرار يواجه بعقبات كثيرة وعلاقات بين الشركات منتجة الأدوية والأطباء؟، ونحتاج إلى 15 سنة على الأقل من تطبيق قانون التأمين الصحي الشامل حتى تنضبط سوق الدواء على حد قوله.
أما الدكتور أحمد السواح من جمعية الدواء المصرية فيقول إنه لا يهتم كثيرا بالقرارات الحكومية الصادرة في هذا الشأن لكن المهم لديه هو توافر الأدوية الضرورية للمصريين. وحث السواح الحكومة المصرية على فتح السوق أمام الأدوية المستوردة مشيرا إلى أن الولايات المتحدة - التي كان يعيش فيها لفترة طويلة - "تفتح السوق تماما أمام الهنود الذين يوفرون ثلث احتياجات الأدوية المتداولة هناك، بينما نحن نترك المريض نهبا لصراع الشركات الكبرى". بحسب بي بي سي.
وانتهت ندوة نظمتها نقابة الصيادلة بالتعاون مع جمعية الحق في الدواء إلى أنه لابد من فتح الباب لتوفير احتياجات المريض من الانتاج المحلي أو الاستيراد من الخارج على أن يكون من حق الصيدلي صرف الدواء بالإسم العلمي وإجبار الشركات على سحب الأدوية منتهية الصلاحية. وأجمع المشاركون أن مصر تقوم باستيراد المواد الخام ومواد التغليف والتعبئة وخطوط الانتاج بالعملة الصعبة وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأدوية ويجبر الحكومة على استحداث منظومة لتوفير الدواء من خلال شبكة تأمين صحي معتمدة أو مراقبة الأسواق.
تكاليف الزواج
من جانب اخر بدأت نادية محمد سالم الادخار لزفافها قبل فترة طويلة من خطبتها. غير أن أعباء الزواج كانت أكثر إرهاقا بكثير مما تصورت عندما خطبها زوجها قبل نحو عام. وتقول بيانات رسمية إن عدد الزيجات في ربوع البلاد تراجع بنحو ثلاثة في المئة في العام 2017، ويبدو أن جانبا كبيرا من هذا يرجع إلى ارتفاع التكاليف. وقالت نادية (30 عاما) ”كل شيء كان باهظ الثمن“. وأضافت ”كنت أشعر بالتوتر والقلق“.
وتسببت إصلاحات اقتصادية قاسية شملت خفض قيمة العملة في أواخر 2016 في زيادة حادة في الأسعار، لا سيما أسعار السلع المستوردة التي يعتمد عليها الكثيرون لتجهيز منازلهم للزواج. وقالت رانيا سالم الأستاذ المساعد بقسم الاجتماع في جامعة تورونتو ”أسعار كل الضروريات المرتبطة بالزواج سترتفع“. وأضافت ”لذلك أتوقع أن تطول فترات العزوبية أو الخطوبة أكثر وأكثر“.
وقالت رانيا إن متوسط تكلفة الزواج في 2012 كانت 61 ألف جنيه مصري. في ذلك الحين كان سعر الجنيه يبلغ نحو 6.15 جنيه للدولار، مقارنة مع حوالي 18 جنيه للدولار حاليا. وأنفقت نادية هذا العام حوالي 80 ألف جنيه (4500 دولار) على ”الجهاز“ فقط، الذي يتألف من أدوات المطبخ وغيرها من الأغراض التي تشتريها العروس قبل الزفاف. ورغم المساعدة التي تلقتها من أسرتها، فقد كان عليها أن تدخر لسنوات. بحسب رويترز.
وفي يوم عقد قرانها، اكتفت هي وزوجها باحتفال صغير في الشارع بدلا من ترتيب حفل تقليدي. وخلال الزفاف بعد أسبوع من ذلك، ارتدت فستانا مُستأجرا وتجمع الزوجان مع عدد من الأقارب في حديقة حيث اكتفوا بالتقاط بعض الصور. وعبرت نادية عن أملها في أن يكون العبء المالي للزواج أقل على أطفالها. وقالت ”إن أنجبت بنتا، آمل أن تكون الأمور أسهل بالنسبة لها. أريدها أن تشتري كل ما ترغب فيه“.