الاحتفال وحده لا يكفي.. واقع المرأة اليوم

حيدر الجراح

2016-03-10 08:07

لا يأتي اليوم العالمي للمرأة الا وهناك الكثير من التناقضات في المكانة التي تحتلها، والدور الذي تلعبه في حياتنا.. فالمكانة رغم انها هي نفسها متعددة ومتنوعة، فهي الام والزوجة والحبيبة والصديقة والبنت والاخت، الا ان الدور يختلف مع تلك المكانة، في العديد من مواقع التعاطي معها من قبل الرجل سلبا او ايجابا.

ودائما ما تفرض مكانة المراة ودورها في المجتمع عددا من المقارنات بين اكثر من مجتمع وثقافة، تبعا للمرجعيات الاجتماعية والثقافية الحاكمة في تلك المجتمعات، في امريكا ومع اتجاه الحزب الديمقراطي إلى ترشيح هيلاري كلينتون، لرئاسة الولايات المتحدة، أظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة CNN بالتعاون مع مركز أبحاث "ORC" أن 80 % من الأمريكيين يشعرون أن بلادهم مستعدة لوضع امرأة في رئاسة البيت الأبيض.

وأضاف الاستطلاع أن 90% من الناخبين بين الديمقراطيين يوافقون على تولي امرأة رئاسة الولايات المتحدة، مقابل 68% بين الجمهوريين، لكن اغرب ما كشفه الاستطلاع هو أن الرجال على استعداد أكثر من النساء لتولي امرأة رئاسة البيت الأبيض، بنسبة بلغت 83% بين الرجال مقابل 76% بين النساء.

في اماكن اخرى من العالم، لازالت المرأة تكافح وتناضل من اجل المزيد من الحقوق لها، على الرغم من إن عدة دول اتخذت خطوات من أجل تحسين الحال، الا ان ذلك لم يحسن من وضعهن.

ففي الكثير من البلدان فإن الفروق والفجوات آخذة في الاتساع، من خلال التهميش الاقتصادي والسياسي والتعليمي، اضافة الى العنف الذي يستهدفها، مع قلة جودة ماتتلقاه من علاج طبي مقارنة بالرجال، في تقرير استعرض وضع الرجال مقابل النساء في 142 دولة، ما زالت اليمن في المرتبة الأدنى في العالم في حقوق النساء، وتعتبر أسوأ دولة تُولد بها امرأة، وعلى مستوى التعليم فشلت الدول التي وصلت إلى المراتب الأخيرة في تصنيف التقرير مرة تلو أخرى في منح الفرصة التعليمية للنساء، بدءا من المرحلة الابتدائية.

مثلا، في مالي، 25% فقط من النساء البالغات يعرفن القراءة والكتابة، مقابل 43% من الرجال. في تشاد، 28% من النساء تعرف القراءة والكتابة، مقابل 47% من الرجال، وفي ساحل العاج 30% من النساء مقابل 52% من الرجال.

الهوة الكبيرة بين المستويات التعليمية تؤدي بالضرورة إلى فجوات في التشغيل والسياسية، إذ أن في كل الدول العشر التي حلت في المراتب الدنيا في مقياس المساواة، حظي الرجال على 80% على الأقل من الوظائف الحكومية.

في اليمن، التي حلت في المرتبة الأولى كما هو معلوم في الفجوات، ليس لديها أية نائبة برلمانية، وفي إيران فقط 3% من أعضاء البرلمان نساء. في الدول العشر التي كان فيها للرجال ثلاثة أضعاف احتمال الدخول لسوق العمل، وأسوأها حالا كانت سوريا- 14% فقط من النساء في الدولة يعملن خارج المنزل، مقابل 76% من الرجال.

أما من تعمل فعلا فتكسب أجورا أقل- في إيران، مثلا، تكسب النساء العاملات حوالي 5,000 دولار في السنة، مقابل الرجال إذ يكسبون 26,000 دولار بالمعدل. في لبنان، يبلغ معدل أجور النساء حتى 7,106 دولارات، مقابل 26,000 دولار للرجال.

بعد اليمن، حلت باكستان، وفي المرتبة الثالثة تشاد. في المراتب التالية حلت سوريا، مالي، إيران، ساحل العاج، لبنان، الأردن، المغرب في المرتبة العاشرة، في ميدان العمل، تفيد دراسة دولية جديدة بأن النساء لم يشهدن إلا "تحسينات هامشية" في مجال العمل خلال العشرين سنة الماضية، وقالت منظمة العمل الدولية إن الفرق في معدل العاملين من بين النساء والرجال تضاءل بنسبة 0.6 في المئة منذ عام 1995.

وبحث تقرير المنظمة الدولية بيانات استقاها من 178 بلدا، وتبين منها أن معدل مشاركة النساء في القوى العاملة كان أقل بنسبة 25.5 في المئة من مشاركة الرجال في 2015 - وأن الهوة لم تتضاءل عما كانت عليه قبل 20 عاما إلا بنسبة 0.6 في المئة.

ولا تزال النساء - في كثير من مناطق العالم - عرضة - على أكثر الاحتمالات - لأن تبقى بلا عمل، وتبلغ نسبة بطالة المرأة في العالم 6.2 في المئة، مقارنة بنسبة 5.5 في المئة بين الرجال، وغالبا ما تضطر المرأة إلى قبول أعمال أقل جودة.

وتوصل بحث آخر أعدته شركة غرانت ثورنتون الأمريكية للتدقيق والضرائب إلى أن معدل تمثيل المرأة في الوظائف القيادية في العالم زاد بنسبة 3 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية، ليصبح هذا التمثيل الآن 24 في المئة.

وتصدرت روسيا مرة أخرى دول العالم بحيازتها على أعلى نسبة من النساء في الوظائف القيادية في مجال الأعمال، وتأتي بعدها الفلبين وليثوانيا، بحسب ما ذكره التقرير، أما اليابان، حيث لا توجد المرأة في المناصب القيادية إلا بنسبة 7 في المئة، فلا تزال في ذيل القائمة.

اما تقرير الاتحاد البرلماني الدولي (IPU) الذي يفحص تمثيل النساء في السياسة العالمية، فانه يشير الى ان نّ عدد النساء في العالم اللواتي يترأسن دولة أو يتولين منصب أعضاء برلمان سجّل ارتفاعا قليلا فقط، وما زال بعيدا جدا عن الهدف بأن يكون عددهن متساويا مع الرجال في المناصب السياسية الكبيرة.

وفقا لبيانات IPU، فإنّه حتى تاريخ 1 كانون الثاني/ يناير عام 2015، هناك 19 امرأة فقط ممن شغلن مناصب رئاسة دول وحكومات، من بين 193 الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ويظهر من التقرير أيضًا أنّه في عدد قياسي من 48 دولة، هناك تمثيل برلماني نسائي من 30% أو أكثر، في حين أنه في العام الماضي كان العدد 46. وسجّل متوسط نسبة النساء في البرلمانات في جميع أنحاء العالم أيضًا ارتفاعا محقّقا رقما قياسيّا جديدا: 22%. ومع ذلك، يشير التقرير إلى نموّ مخيّب للآمال للتمثيل العالمي للنساء بمعدّل يبلغ 0.3% فقط، وذلك بعد صعود مثير للإعجاب بنسبة 1.5% عام 2013.

ويشير التقرير أيضًا إلى أنه في حين أنّ عدد الوزيرات في العالم ارتفع من 670 إلى 715 خلال العام 2014، فهنّ يمثّلن 17.7% فقط من بين جميع الوزراء في العالم، وقد ارتفعت هذه النسبة بمعدل 3.5% في العقد الأخير فقط.

ولكن بنبرة أكثر تشجيعا يشير التقرير إلى أنّ الأرقام القياسية للوزيرات قد سُجّلت في الدول العربية، آسيا، أوروبا وفي منطقة دول المحيط الهادئ. بالإضافة إلى ذلك، ورد أيضًا أنّ هناك 8 دول في العالم فقط ليس فيها امرأة تتولّى منصب وزير، وهي البوسنة والهرسك، بروناي، هنغاريا، باكستان، المملكة العربية السعودية، سلوفاكيا، تونغا وفانواتو.

وتتصدّر رواندا قائمة البلدان التي فيها معدّل النساء هو الأعلى، والتي يوجد في برلمانها السفلي نسبة 63.8% من النساء. ووصلت بوليفيا إلى المركز الثاني، مع نسبة 53.1% من النساء في البرلمان، وبعد ذلك تظهر أندورا مع نسبة 50%. في آخر القائمة، مع انعدام أي تمثيل للمرأة في البرلمان، تقع ميكرونيزيا، وبالاو، وتونغا وفانواتو.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي