كيف نُربّي أبناءنا على الإنجاز؟

عزيز ملا هذال

2025-11-16 01:25

إنجاب طفل ليس إنجازًا للأبوين، وليس امتيازًا لهم، بل الإنجاز هو تربيتهم تربية سليمة وحديثة ومُلَبِّية لحاجاتهم المادية والمعنوية التي يحتاجونها في حياتهم. لذا، يجب على الوالدين أن يُحسِنوا صنيعهم بتربية أبنائهم تربية صحية لا يشوبها نقص ولا علة ولا خلل، وواحد من أوجه التربية السليمة هو تربية الطفل على الإنجاز، فكيف نُربّي أطفالنا على الإنجاز؟

مثلما يعلم الكثير ويخفى على الكثير من الناس أيضًا أن ما يكتسبه الإنسان في مرحلة الطفولة هو ما سيبقى مُحتَفَظًا به طيلة سنوات وأيام حياته؛ لكون خبرات الطفولة هي الأَمْضَى أثرًا والأكثر تأثيرًا في حياة الطفل. لذا، يجب الالتفات إليها في هذه المرحلة لتُصبح عادة سلوكية إيجابية وليس خبرة عابرة قد تزول مع الوقت.

من أخطاء التربية القديمة أنها تقدم عبر الوالدين والمربين كل شيء جاهز للطفل، بداعي أنه لا يزال صغيرًا على تحمل المسؤولية وأنه لا يعرف كيف يُنجز مهامه، وغير ذلك من الدواعي غير الواقعية التي تبقي الطفل معتمدًا على والديه في كل احتياجاته حتى البسيطة منها، وبالتالي ينشأ جيل انتهازي غير مُنجِز.

بينما تقوم التربية الحديثة على مبدأ (لا تُعطِه سمكة بل عَلِّمْه كيف يصطادها)، بمعنى تحميل الطفل مسؤوليات تتناسب مع عمره، وبالتالي سيصل إلى مرحلة من عمره يعتمد فيها كليًا على نفسه، وما يحتاجه ربما من الأهل هو الاستشارة والدعم المعنوي فقط.

أكد الباحثون في مجالات التربية وعلم النفس أن الأطفال الذين يتدخل آباؤهم في كل تفصيلات سلوكياتهم يواجهون صعوبة أكبر في إدارة مشاعرهم فيما بعد. وتُشير الدراسات إلى ضرورة أن يترك الآباء لبناتهم وأبنائهم فرصة حل مشكلات بسيطة بمفردهم دون تدخل.

وعندما يمنح الآباء أطفالهم الفرصة لقيادة تفاعلاتهم، فإنهم يمارسون قدراتهم على التنظيم الذاتي ويُطوِّرون استقلالهم، وهذا أمر بالغ الأهمية لمستقبلهم، والعكس هو المنطقي على اعتبار أنهم لا يُمنَحون الفُرَص الكافية لتحقيق ذواتهم، وذلك يتم عبر تربية الطفل على الإنجاز.

ما هي التربية على الإنجاز؟

تربية الإنجاز هي طريقة تعليمية تُرَكِّز على تطوير شخصية الطفل ليتحقق النجاح في مجالات متنوعة من الحياة، وذلك من خلال التشجيع، وضع الخطط، وتحديد الأهداف، مع اهتمام خاص ببناء الثقة بالنفس والمهارات الضرورية. وهذا يتضمن تحفيز الإنجازات في مجالات مختلفة مثل التعليم، المهارات، العلاقات، أو الجانب المهني، وليس مُقتَصِرًا فقط على التفوق في الدراسة.

ما هي سلوكيات التربية على الإنجاز؟

أولى سلوكيات التربية على الإنجاز هي تربية الطفل على وضع الأهداف والتخطيط لها، إذ يجب دعم الطفل في تحديد أهداف واضحة، سواء كانت قصيرة أو طويلة الأجل، أو اكتساب مهارة جديدة، وتدوين هذه الأهداف لمتابعة تقدمها وفاعليتها. وإذا لم يتحقق هذان الأمران يجب البحث عن أهداف أكثر فاعلية.

وثاني السلوكيات التي تدفع باتجاه التربية على الإنجاز هي سلوكية إدارة الوقت، حيث يجب على الأبوين تعليم أطفالهم كيفية ترتيب وقتهم وإدارة أولوياتهم لتحقيق أهدافهم، مثل تخصيص فترات للمذاكرة واللعب والراحة وغيرها، أما تركهم يعبثون بوقتهم كما يشاؤون فهو ضياع للوقت وللهدف وللإنسان بعد ذلك.

أما ثالث سلوكيات التربية على الإنجاز هي التركيز على نقاط القوة، التعرف على مواهب الطفل واهتماماته وتطويرها بتوفير كل ما يحتاجه من أجل الوصول إلى أعلى مستويات من الإنجاز في كل أنواع السلوكيات الحياتية هذا من جانب، ومن جانب آخر الابتعاد عن التركيز على نقاط الضعف، فعملية تقوية نقاط القوة هو من يُضعِف نقاط الضعف ويقتلها في النفس.

ورابع سلوكيات التربية على الإنجاز هي بناء الثقة بالنفس لدى الطفل، حيث يؤدي دعم الطفل إلى شعوره بالراحة عند تجربة أشياء جديدة والتفكير بشكل نقدي، وذلك يحدث عبر الاستماع إلى أفكاره وفهم مشاعره، وتقديم التوجيهات بأسلوب لطيف وحازم في ذات الوقت. هذه أهم السلوكيات التي يقوم بها الآباء حين يريدون تربية أبنائهم على الإنجاز.

ذات صلة

العلاقات العراقية–الصينية.. نحو شراكة استراتيجية في المجال التنموي والاستثماريالمواطن العراقي ودوره لما بعد صندوق الاقتراعانتخابات مجلس النواب والصناعة النمطيةمدينة تغرق قبل أن تُمطر… من يحاسب الأمانة؟كيف نبني عقلًا يُفكر بحكمة ويرى بشمول ويعمل بصدق؟